لينين: مسيرة حافلة من النضال والكفاح الثوري على درب الاشتراكية (5-5)


خليل اندراوس
الحوار المتمدن - العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 10:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     


اظهر لينين في بيتروغراد نشاطا فياضا، ففي الرابع من نيسان نشر "موضوعات ابريل" ("مبادئ ابريل - نيسان) وفي هذه الموضوعات بسط لينين في مبادئه هذه مشروع النضال في سبيل الانتقال من الثورة الدمقراطية – البرجوازية التي اعطت السلطة للبرجوازية الى الثورة الاشتراكية التي من شأنها ان تضع السلطة في ايدي الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين، وبين لينين ان الحكومة المؤقتة تدافع عن مصالح الرأسماليين وكبار ملاكي الاراضي وان الحرب (أي الحرب العالمية الاولى) تظل كالسابق حرب اغتصاب وسلب وطرح لينين شعاري: "لا تأييد للحكومة المؤقتة"، "كل السلطة لمجالس السوفييت".

وقد بيّن ان لا سبيل الى تأمين السلم للشعب، والارض للفلاحين، والخبز للجياع، الا سبيل انتقال السلطة بأكملها الى مجالس السوفييت، وأكد ان على البلاشفة (الشيوعيون) ان يكتسبوا جماهير العمال والجنود والفلاحين الى جانبهم وان يحصلوا على الاكثرية في مجالس السوفييت وان يجعلوها بلشفية. وكان لينين يعتبر انه في حالة تحقق هذا الظرف يمكن للسلطة ان تنتقل بصورة سلمية الى ايدي العمال وفقراء الفلاحين. وقد بين ان نجاح الثورة الاشتراكية يتوقف على تحالف مكين بين العمال وفقراء الفلاحين، واشار الى اهمية القيام بعمل توضيحي واسع بين الفلاحين.



ان مبادئ (موضوعات) ابريل اللينينية هي وثيقة انارت الطريق، اما البروليتاريا الروسية طريق النضال الثوري في الظروف التاريخية الجديدة في ذلك الوقت أي مرحلة التحضير لثورة اكتوبر الاشتراكية وتحقيقها. وفي ذلك الوقت أي بعد نجاح الثورة البرجوازية التي حدثت في روسيا في فبراير عام 1917 اتجهت مساعي الحكومة المؤقتة البرجوازية الى ابقاء الحزب البلشفي (الشيوعي) بدون قيادة، فقد اعلنت لينين خارج القانون، واصدرت امرا باعتقاله واتخذت جميع التدابير للقبض على لينين وقتله.

وشنت الصحف البرجوازية حملة افتراء على البلاشفة ودعت الى التنكيل بهم، وردا على افتراءات البرجوازية قال لينين معتزا بحزب الطبقة العاملة الباسل العظيم: "نحن نؤمن به، ونرى فيه عقل العصر وشرفه وضميره"، وقد خبأ الحزب الشيوعي، العمال الثوريون زعيمهم الكبير لينين في مكان امين، فبناء على قرار صدر عن اللجنة المركزية اختبأ فلاديمير ايليتش لينين، وقد عاش وعمل مئة واحد عشر يوما مختبئا ومتعرضا في كل لحظة الى الوقوع في ايدي جواسيس الحكومة المؤقتة.



اختبأ فلاديمير ايليتش لينين عدة ايام في شقات عمال بيتروغراد بصفة عامل من عمال معمل سيستروريتسك، ثم عاش في خُص على ضفة بحيرة رازليف بقرب بيتروغراد، بصفة حصاد فنلندي، ومع حلول البرد انتقل الى فنلندا بهوية العامل ايفانوف، الوقاد في قاطرة، وبصفة كاتب روسي اختبأ لينين عند العمال الفنلنديين بقرية قريبة من هيلسينغفورس، ثم انتقل الى هيلسينغفورس وبعد ذلك الى فيبورغ. وكان خلال تواجده في هذه الامكنة المختلفة يشرف على عمل الحزب من خلال اعضاء اللجنة المركزية الذين كانوا يجيئون اليه باستمرار، ونذكر منهم سفيردلوف واورجينيكيدزه وستالين ودزرجينسكي، وفي تلك الفترة سحب حزب البلاشفة بصورة مؤقتة شعار: "كل السلطة لمجالس السوفييت"، لأن مجالس السوفييت في تلك المؤلفة من الاشتراكيين "الثوريين" والمناشفة تحولت بصورة نهائية الى ملحقات للحكومة المؤقتة.

وقد طرحت مسألة الانتفاض المسلح على بساط البحث، وقاد لينين من مخبئه المذكور اعلاه المؤتمر السادس لحزب البلاشفة الذي التأم في اواخر تموز عام 1917 في بيتروغراد، في ذلك الوقت كان حزب البلاشفة يضم في قوامه 240 الف عضو، وانتخب المؤتمر لينين رئيسا فخريا له، وأقر المؤتمر جميع اقتراحات لينين واتخذت هذه الاقتراحات صفة قرارات حزبية ووجه المؤتمر الحزب وجهة تحضير الانتفاض المسلح واسقاط سلطة البرجوازية وكبار ملاكي الاراضي.



رأى اقتراب الثورة العمالية الاشتراكية

رأى لينين ببصره الثاقب اقتراب الثورة العمالية الاشتراكية وأعد الحزب لاستقبالها، وبعد ارفضاض المؤتمر قام الحزب تحت قيادة زعيمه بعمل توضيحي وتنظيمي كبير بين العمال والجنود والبحارة والفلاحين تحضيرا للانتفاض المسلح، وجرى تشكيل فصائل الحرس الاحمر (الذي اصبح لاحقا الجيش الاحمر الذي انتصر على النازية)، واخذ العمال يقتنون الاسلحة ويتدربون على استخدامها.

ان التحضير للثورة الاشتراكية قد طرح بصورة ملحة مسألة موقف حزب الطبقة العاملة من الدولة البرجوازية وكذلك مسألة ما ينبغي للدولة ان تكون عليه حين تتسنم البروليتاريا السلطة، وقد اعطى لينين اجوبة على ان مؤلف لينين "الدولة والثورة" قد سلح الحزب والطبقة العاملة بفهم واضح لما ينبغي ان تكون عليه دولة العمال والفلاحين وللبرنامج الذي ينبغي لسلطة السوفييت ان تحققه.



في هذه الاثناء كان وضع البلاد ما ينفك يتفاقم، اشتد الخراب واشتد نقص الخبز واللحم والسكر، واحدق خطر المجاعة، وكان غلاء المعيشة في تصاعد مستمر، وكانت البرجوازية تتعمد تشديد الخراب املا منها، كما اعلن ممثلوها، ان تُخنق الثورة "بيد الجوع العجفاء"، وكان لينين يتتبع مكائد اعداء الثورة بانتباه، وقد نبه الحزب والشعب الى ان البرجوازية وكبار ملاكي الاراضي والضباط الرجعيين يحضرون مؤامرة على الثورة ودعا الى اليقظة والاستعداد للوقوف بوجه العدو. وقد وقع ما تنبأ به لينين وقامت البرجوازية بمحاولة التنكيل بالثورة فتنفيذا لأوامر الاستعماريين الروس والاجانب نظم الجنرال كورنيلوف في 25 آب عام 1917 عصيانا معاديا للثورة وزحف بجيوشه على بيتروغراد، وكان يريد تحطيم الثورة والاستيلاء على السلطة في يديه وتنصيب نفسه ديكتاتورا عسكريا. وترأس حزب البلاشفة (الحزب الشيوعي) نضال الجماهير الشعبية ضد عصيان كورنيلوف وتم تحطيم عصيان كورنيلوف في غضون بضعة ايام، واتضح للعمال بخبرتهم ان لينين والبلاشفة هم الوحيدون الذين يدافعون حقا وصدقا عن مصالحهم الاساسية، وانعطفت الجماهير الشعبية بقوة نحو البلاشفة واخذت تنتخبهم في مجالس السوفييت، وفي شهري آب – ايلول عام 1917 اصبح مجلسا بيتروغراد وموسكو بلشفيين وارتفع نفوذ مجالس السوفييت واصبحت ذات قوة كبيرة وبناء على ارشادات لينين طرح الحزب من جديد شعار "كل السلطة لمجالس السوفييت" الشعار الذي كان بمثابة نداء الى الانتفاض المسلح على الحكومة البرجوازية والى ديكتاتورية البروليتاريا.

وذكر لينين في مقالته "لقد استقرنت الازمة" بعد ان قيم الاحداث الجارية في البلاد في روسيا، من كافة جوانبها: "لقد استقرنت الازمة، لقد جرى الرهان بمستقبل الثورة الروسية كله"، وبحث لينين في هذه المقالة وغيرها من المقالات الصادرة في اكتوبر عام 1917 تناسب القوى الطبقية في البلاد واخذ يكرر مرة تلو الاخرى: ان انتصار الثورة الاشتراكية مضمون، وبالفعل فقد سارت الطبقة العاملة وراء البلاشفة ورفض اسطول البلطيق كله الخضوع للحكومة اللمؤقتة واصبح 14 الف جندي من حامية موسكو البالغ قوامها 17 الفا يؤيدون البلاشفة. وتم اثناء اجتماع اللجنة المركزية لحزب البلاشفة اصدار قرار: "عرض اقتراح على ايليتش لينين لكي يصل الى بيتروغراد من منفاه في فنلدا حتى تتوفر الصلة الوثيقة الدائمة".



وهكذا في 7 تشرين الاول انتقل لينين سرا من فيبور غالى بتروغراد، وجعل يشرف مباشرة بنفسه على تحضير الانتفاض المسلح، وتم اثناء جلسة اللجنة المركزية التي عقدت بعد عودة لينين اختيار مركز ثوري – عسكري لقيادة الانتفاض يتألف من بوبنوف ودزرجينسكي وسفيردلوف وستالين واوريتسكي، وقالت كروسكايا تتذكر تلك الايام: "لقد كان لينين متجها الى الانتفاض بكل افكاره فسرت الى الرفاق عدوى نفسيته ويقينه".

ودمغ لينين بوصمة خيانة الطبقة العاملة كامينيف وزينوفيف اللذان عارضا الانتفاض المسلح وأفشيا للبرجوازية قرار الحزب الذي كان يجب ان يبقى في طي الكتمان بنشرهما في جريدة المناشفة "نوفايا جيزن" بيانا يعلنان فيه انهما لا يوافقان لجنة حزب البلاشفة المركزية، وشجب لينين كذلك سلوك الخيانة الذي سلكه تروتسكي اذ طلب بإصرار تأجيل الانتفاض المسلح، الامر الذي كان يفضي عملا الى اخفاقه. (وللأسف هذه الاسماء بقيت داخل الحزب الشيوعي لا بل في مراكز قيادية بعد انتصار ثورة اكتوبر واقامة الاتحاد السوفييتي د.خ)، وبناء على اقتراح لينين بدأ الانتفاض المسلح في 24 اكتوبر عام 1917.

وفي الساعة العاشرة من صباح 25 اكتوبر اصدرت اللجنة الثورية العسكرية لدى مجلس السوفييت بيانا كتبه لينين جاء فيه: "ان القضية التي ناضل الشعب من اجلها... مضمونة". وأذاعت الصحف والاذاعة والتلغراف نداءا الى مواطني روسيا: "لقد تمت الاطاحة بالحكومة المؤقتة وانتقلت سلطة الدولة الى ايدي جهاز سوفييت نواب العمال والجنود في بيتروغراد، وهو اللجنة العسكرية الثورية التي بروليتاريي وحامية بيتروغراد، واثناء النهار اجتماع سوفييت بيتروغراد في جلسة طارئة في سمولني، واعلن لينين وسط عاصفة طويلة من تصفيق النواب المهللين:

ان ثورة العمال والفلاحين التي تحدث البلاشفة عن ضرورتها طول الوقت قد حدثت.. ومن الآن تبدأ صفحة جديدة في تاريخ روسيا، وينبغي ان تؤدي الثورة الروسية الثالثة في المحصلة النهائية الى انتصار الاشتراكية".
وكان اول مرسوم اصدرته السلطة الجديدة، بعد انتصار ثورة اكتوبر خلال المؤتمر الثاني لمجالس السوفييت في سمولني هو مرسوم السلام الذي صدر في تاريخ 26 اكتوبر، وفي نفس الجلسة صدر مرسوم الارض.

وأقر المؤتمر الحكومة الجديدة للعمال والفلاحين وهي سوفييت (مجلس) مفوضي الشعب، وعين لينين رئيسا له، وفي الخامس عشر من نوفمبر وقع لينين "اعلان حقوق شعوب روسيا"، واعلنت فيه المساواة الكاملة بين كافة الاقوام (كان عددها اكثر من 100)، القاطنة في البلاد الهائلة وتم القضاء الى الابد على ظلم وقهر غير الروس من السكان.



كان قوي البنية واستطاع الشفاء من الرصاص

في 11 آذار سنة 1918 انتقلت الحكومة الى موسكو التي اصبحت عاصمة الدولة السوفييتية، وانتقل لينين الى الكرملين وفي 30 آب عام 1918 وبعد احد الاجتماعات توجه لينين الى سيارته مواصلا حديثه مع العمال. وفي ذلك الحين صدر صوت عدة طلقات.. لقد اصيب لينين بجراح خطيرة من جراء الرصاصات التي اطلقتها عليه الارهابية كابلان، واصبحت حياة المناضل الكبير قائد ثورة اكتوبر في خطر، ولحسن الحظ كان لينين قوي البنية وساعده ذلك على الشفاء بسرعة من جراحه.

كان فلاديمير لينين يتحدث كثيرا اثناء اجتماعات وحشود العمال وكانت الكلمة اللينينية الحية الواضحة تنفذ الى اعماق جماهير الشعب وتحثها على الكدح والنضال المتفاني. كان اعداء ثورة اكتوبر الاشتراكية وخاصة الدول الامبريالية وطبقة رأس المال العالمي يقيمون حساباتهم على الافلاس والانهيار السريع للسلطة السوفييتية لكن النشاط الدؤوب من جانب الحزب الشيوعي وقائده والبطولة الغفيرة من جانب المقاتلين والقادة في الجيش الاحمر الذين ذادوا بصدورهم عن الثورة والعمل المتفاني في الجبهة الداخلية قد قوضت مخططات الدول الامبريالية، وانتهت الحرب الاهلية في روسيا بالانتصار التام لثورة اكتوبر وبالانتصار التام للشعب الروسي الثائر.



وكان لينين قد اطلق تسمية "المبادرة الكبرى" على ايام السبت الشيوعية وهي عمل البروليتاريا طواعية بالمجان من اجل شعبها، وكان يرى فيها براعم الموقف الجديد من الكدح، وشارك لينين في اول عمل يوم السبت لعموم روسيا وكان ذلك في الاول من مايو عام 1920. لقد قطع لينين خط حياته قبل الاوان بتواتر جهده وقواه باستمرار على نحو لا يطاق، كان ذلك في الحادي والعشرين من يناير عام 1924 في الساعة السادسة وخمسين دقيقة مساءا.

من اقوال لينين: "ان مصالح التضامن البروليتاري والوحدة الرفاقية في نضال العمال الطبقي تتطلب أكمل ما يكون من المساواة في الحقوق بين الأمم". (لينين المؤلفات الكاملة المجلد 25 ص 145 ("إفساد العمال بالقومية المتأنقة").

وكتب يقول: "اننا سنبذل قصارى جهودنا للتقارب مع المونغوليين والفرس والهنود والمصريين والاندماج بهم، ونحن نعتقد ان من واجبنا ومصلحتنا ان نفعل ذلك، وإلا تكون الاشتراكية في اوروبا غير وطيدة"، (لينين المؤلفات الكاملة، المجلد 30 ص 120 ("بصدد الكاريكاتور عن الماركسية وبصدد الاقتصادية الامبريالية").

لا شك بان عصرنا الحالي يتطلب تعزيز الوحدة بين القوى المناهضة ضد الامبريالية والصهيونية العالمية والرجعية الوهابية، بجميع الوسائل في هذا النضال العام من اجل السلام والدمقراطية وحرية الشعوب، والاخلاص لهذه المبادئ على اساس الاممية البروليتاريا شرط من اهم الشروط – كما قال لينين – "لكي لا نضيع في تعرجات التاريخ وانعطافاته ونحتفظ بالافق العام لكي نرى الخيط الاحمر الذي يربط كل تطور الرأسمالية وكل الطريق الى الاشتراكية" (لينين المؤلفات الكاملة المجلد 26 ص 47). "ان اطلاق الجمل الطنانة، هو من خصائص المثقفين البرجوازيين الصغار المتفسخين طبقيا، ويقينا ان البروليتاريين الشيوعيين المنظمين سيعاقبون على هذه "الطريقة" بالسخر منها وبطرد انصارها على الاقل، من كل منصب مسؤول". (من مقال حول الصبيانية "اليسارية" والنزعة البرجوازية الصغيرة).

"فان امبرياليي انجلترا والمانيا لم يترددوا في سبيل قضيتـ"هم" أي من اجل الظفر بالسيطرة العالمية، في خنق عدد من البلدان، وإنزال الخراب التام بها، ابتداء من بلجيكا وبلاد الصرب، واستمرارا بفلسطين وبلاد الرافدين". (لينين – من رسالة الى العمال الامريكيين. لينين من مقاله "بصدد كاريكاتير عن الماركسية وعن المذهب الاقتصادي الامبريالي" (هذه المقالة هي واحدة من المقالات التي كرسها لمسألة القوميات). "... ستصل جميع الأمم الى الاشتراكية، فهذا محتوم ولكنها ستصل جميعها تماما وسوف تسهم كل منها بمفرداتها في هذا الشكل او ذاك من الدمقراطية وهذا التنوع او ذاك من ديكتاتورية البروليتاريا، وفي هذه الوتيرة او تلك من وتائر التحولات الاشتراكية لمختلف جوانب الحياة الاجتماعية" (آب عام 1916 - المؤلفات الكاملة المجلد 30 – ص 122 – 123).





ملاحظة من كاتب هذه المقالات:
والد لينين إليا اوليانوف، كان رجل تربية حقيقي في اعماق نفسه، فعل الكثير لتأمين جو من الدمقراطية والانسانية في العائلة، وهو مع زوجته اعطى الحنان التام لاولاده، ومارس الدمقراطية في تعامل الاكبر سنا مع الاصغر، وكذلك علم افراد العائلة وحفزهم وشجعهم على حب العمل، كل ذلك خلق جوا ملائما كي تنمو بذور الافكار المحبة للحرية التي قد تقع في هذا الحقل، وهذا ما جعل فلاديمير ايليتش لينين وأخيه الكساندر ينتهجان نهجا فكريا ثوريا.

فالأب والأم ربيا في اولادهما المقدرة على التغيير، على الاحساس بضرورة التغيير، كنت اتمنى ان تكون هذه الروح وهذه الرسالة موجودة في كل بيت وكل عائلة. من الكلمة التي القيت اثناء المؤتمر الاول للعاملات ولعموم روسيا – 19 نوفمبر عام 1918 من اقوال لينين:



"لا يمكن ان يكون هناك انقلاب اشتراكي اذا كان الجانب الاعظم من النساء الكادحات لن يشاركن فيه مشاركة كبيرة".

"إن وضع النساء في كافة البلدان المتحضرة بما في ذلك اكثرها طليعية صعب جدا حتى انهم يطلقون عليهن تسمية إماء المنزل، وليس هناك مساواة تامة للمرأة في اية دولة رأسمالية، وحتى في اكثر الجمهوريات حرية" – المؤلفات الكاملة المجلد 37 – ص 185.

"... إن البروليتاريا الدولية هي الحليف الوحيد لكافة الكادحين ومئات الملايين من الواقع عليهم الاستغلال من شعوب الشرق" (المؤلفات الكاملة المجلد 39 – ص 327 – 331 – من تقرير اثناء المؤتمر الثاني للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق لعموم روسيا في 22 نوفمبر عام 1919).

"الامبريالية هي اعلى مراحل تطور الرأسمالية، فقد تجاوز الرأسمال في البلدان المتقدمة نطاق الدولة القومية، وأحل الاحتكار محل المزاحمة، مؤمنا جميع المقدمات الموضوعية لتحقيق الاشتراكية، ولهذا توضع في جدول الاعمال في اوروبا الغربية والولايات المتحدة مسألة نضال البروليتاريا الثوري في سبيل اسقاط الحكومات الرأسمالية، وفي سبيل مصادر ملكية البرجوازية، فالامبريالية تدفع الجماهير الى هذا النضال دفعا، شاحذة حدة التناقضات الطبقية على مقاييس كبيرة، مشددة من خطورة وضع الجماهير سواء من الناحية الاقتصادية – تروستات وغلاء – او من الناحية السياسية تفاقم النزعة العسكرية، تواتر الحروب، اشتداد الرجعية، تقوية وتوسيع الاضطهاد القومي ونهب المستعمرات، ولا بد للاشتراكية الظافرة من ان تحقق بالضرورة الدمقراطية الكاملة، ومن ان تحقق بالتالي لا المساواة التامة في الحقوق بين الامم وحسب، بل ان تطبق ايضا حق الامم المضطهدة المظلومة في تقرير مصيرها بنفسها، أي حقها في حرية الانفصال السياسي، فاذا لم تثبت الاحزاب الاشتراكية بكل نشاطها، الآن، وابان الثورة وبعد انتصارها انها ستحرر الامم المظلومة وتقيم علاقتها معها على اساس حرية الاتحاد – مع العلم ان حرية الاتحاد تظل مجرد ادعاء باطل دون حرية الانفصال – فان هذه الاحزاب تخون الاشتراكية". (الثورة الاشتراكية وحق الامم في تقرير مصيرها – لينين، كتاب ملاحظات انتقادية حول المسألة القومية، حقق الامم في تقرير مصيرها – ص 137).

"وبالضبط من اجل نجاح النضال ضد كل انواع التعصب القومي في جميع الامم، ينبغي صيانة وحدة نضال البروليتاريا والمنظمات البروليتارية، وضمان اندماجها اوثق اندماج في تكتل اممي، رغم ميل البرجوازية الى الانفرادية القومية" (نفس المصدر ص 135).

"ان المساواة التامة في الحقوق بين الامم، وحق الامم في تقرير مصيرها واتحاد عمال جميع الامم: ان جميع هذه الاشياء هي البرنامج القومي الذي تلقنه الماركسية للعمال" (نفس المصدر ص 135).



"فليس بماركسي، حتى ولا دمقراطي من لا يقر بالمساواة في الحقوق بين القوميات واللغات ولا يدافع عنها، ومن لا يناضل ضد كل اضطهاد قومي وضد كل عدم مساواة قومية" (لينين – ملاحظات انتقادية حول المسألة القومية – حق الامم في تقرير مصيرها – ص 16).

"ولم يرتفع قط أي صوت ضد التمثيلية من جانب خيرة اليهود، الذين مجدهم تاريخ العالم، والذين قدموا للانسانية مرشدين متقدمين في طريق الدمقراطية والاشتراكية. ولا يرتفع ضد التمثلية غير صيحات المعجبين المتولهين بـ "الدبر" اليهودي" (نفس المصدر السابق ص – 17-18).

"ان الجيل الصاعد لا يستطيع ان يتعلم الشيوعية الا اذا ربط كل خطوة يخطوها في دراسته وتربيته وتعليمه بالنضال الدؤوب الذي يخوضه البروليتاريون والشغيلة ضد مجتمع المستثمرين القديم" (لينين في الايديولوجية والثقافة الاشتراكية ص – 144).

"اننا لن نؤمن بالتعليم والتثقيف والتربية اذا انحصرت في المدارس وانفصلت عن الحياة المتدفقة" (نفس المصدر – ص 145).

"فيستحيل فعلا قهرنا الا اذا تعلمنا كيف نتحد وكيف نعمل بقلب واحد وهكذا، ان يكون المرء شيوعيا، فهذا يعني تنظيم وتوحيد كل الجيل الصاعد، هذا يعني اعطاء المثال على التربية والروح النظامي في هذا النضال، وإذ ذاك تستطيعون ان تباشروا وتتمموا بناء صرح المجتمع الشيوعي" (لينين في الايديولوجية والثقافة الاشتراكية – ص 145 – 146).

كتب لينين في عام 1921 بخصوص قوة المثال: "اننا نبدي تأثيرنا الرئيسي على الثورة العالمية بسياستنا الاقتصادية.

ان جميع الانظار موجهة نحو الجمهورية الروسية السوفييتية، انظار جميع الشغيلة في جميع بلدان العالم بدون أي استثناء وبدون أي تهويل، لقد تحقق ذلك. والرأسماليون لا يستطيعون السكوت عن شيء ما او اخفاءه وهم لذلك اكثر ما يكشفون عن اخطاءنا الاقتصادية ونقاط ضعفنا. والى هذا المضمار نقل النضال على النطاق العالمي. وان حللنا هذه المسألة، سنربح عندئذ على الصعيد الدولي حتما والى الابد".

وقال ايضا: "لا يمكن للاشتراكية ان تنتصر على الرأسمالية الا اذا اصبحت انتاجية المجتمع الاشتراكي ضعفي انتاجية المجتمع الرأسمالي"، من هنا نستطيع ان نقول بان العالم الرأسمالي كان يعرف الكثير عن اخطاء الاقتصاد في الاتحاد السوفييتي وكان يرى الفشل الاقتصادي السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي. والفشل الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي سابقا كان اساسا لكل الانهيارات الاخرى والسبب في تفكك المنظومة الاشتراكية وتفكك وفشل تجربة بناء الاشتراكية داخل الاتحاد السوفييتي سابقا.

في مقال حرب الانصار كتب لينين يقول: "لنبدأ من البداية، ما هي المقتضيات الاساسية التي يترتب على كل ماركسي ان يبديها اثناء البحث في مسألة اشكال النضال؟ اولا، ان الماركسية تختلف عن جميع الاشكال البدائية للاشتراكية لأنها لا تربط الحركة بشكل وحيد محدد من اشكال النضال. انها تقبل بأكثر اشكال النضال تنوعا، ولا "تخترعها"، بل تقتصر على تعميم اشكال نضال الطبقات الثورية، الاشكال التي تنبثق بصورة عفوية في مجرى الحركة بالذات، على تنظيم هذه الاشكال، على بث الوعي فيها. ان الماركسية التي تعادي اطلاقا جميع الصيغ المجردة وجميع وصفات المذهبيين الجامدين، تتطلب النظر بانتباه الى النضال الجماهيري الجاري الذي يولد بلا انقطاع اساليب جديدة للدفاع والهجوم تزداد تنوعا يوما بعد يوم، وذلك بقدر ما تتطور الحركة ويتقدم وعي الجماهير وتتفاقم الازمات الاقتصادية والسياسية، ولهذا لا تنبذ الماركسية سلفا، وبصورة مطلقة أي شكل من اشكال النضال. وهي لا تقتصر في أي حال من الاحوال على اشكال النضال الممكنة والقائمة في فترة معينة، وهي تقر بان التغير في الاوضاع الاجتماعية يؤدي حتما الى ظهور اشكال جديدة للنضال لا يعرفها مناضلو الفترة المعنية. ومن هذه الناحية تتعلم الماركسية اذا جاز القول، في مدرسة الجماهير العملية، وهي ابعد من ان تدعي تعليم الجماهير اشكال نضال يخترعها "صانعو المناهج" في زوايا مكاتبهم".

ثانيا، ان الماركسية تقتضي اطلاقا البحث في مسألة اشكال النضال من الناحية التاريخية، ان وضع هذه المسألة خارج الظروف التاريخية الملموسة يعني جهل المادية الديالكتيكية، ففي مختلف فترات التطور الاقتصاد وتبعا لمختلف الظروف السياسية والقومية والثقافية والمعيشية الخ..، تحتل مختلف اشكال النضال المرتبة الاولى وتغدو اشكالا رئيسية للنضال، وتبعا لذلك تتغير بدورها اشكال النضال الثانوية التابعة. فاذا حاولنا الاجابة بنعم او لا بصدد وسيلة محددة للنضال دون ان نبحث بالتفصيل الظروف الملموسة للحركة المعنية، عند درجة التطور التي بلغتها هذه الحركة، فهذا يعني اننا تركنا تماما الميدان الماركسي" (بروليتاري، العدد 5، 30 ايلول عام 1906 – لينين المجلد 14، ص 1-2).

كتب الكاتب مكسيم غوركي عن لينين "وحتى البعض من معسكر اعدائه يعترفون بصراحة: لقد خسر العالم في شخص لينين انسانا هو "اكثر من تجسمت فيه العبقرية من جميع العظماء المعاصرين له".

"ان هذا الانسان كان ألمعيا وحكيما".

"وبشكل عام كان بمجموعه بسيطا جدا، لا تحسس فيه أي شيء من "الزعيم"".

وعلق مكسيم غوركي عن احد خطابات ليلا قائلا: "ولأول مرة سمعت ان في الامكان التحدث عن اعقد القضايا السياسية بمثل هذه البساطة، انه لم يحاول ان يدبج العبارات الجميلة، بل اعطى لكل كلمة وضوحها، كاشفا بصهولة مذهلة عن معناها الدقيق. ومن الصعب جدا وصف الانطباع غير الاعتيادي الذي اثاره".

"يده الممتدة الى الامام، والمرتفعة قليلا الى الاعلى، وراحة كفه، وكأنما تزن كل كلمة مغربلة عبارات الخصوم، مستبدلة اياها بآراء لها وزن، وبراهين على حق وواجب الطبقة العاملة في السير في طريقها الخاص – كل ذلك كان غير اعتيادي، وكأن ما نطق به لينين لم يكن من نفسه، بل بارادة التاريخ بالفعل".

في خريف عام 1918 سأل غوركي ديمتري بافلوف العامل من سورموفو ما هي حسب رأيه، احدّ صفة في لينين، - "البساطة. انه بسيط كالحقيقة".

وكتب غوركي عن لينين "ان تفكيره كمؤشر البوصلة كان دائما يتجه برأسه نحو المصالح الطبقية للشعب العامل".

قال عن لينين الصياد الايطالي جيوفاني سبادارو خلال فترة وجود لينين في جزيرة كابري عندما زار غوركي هناك: "لا يستطيع ان يضحك هذا الضحك الا الانسان الشريف".