حراس الأمن الخاص عرضة للتجويع. لا مناص من بناء أدوات النضال والمقاومة، ح.ح.


المناضل-ة
الحوار المتمدن - العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 23:28
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

تدفع البطالة المعممة وانسداد آفاق التشغيل مقهورين كثر إلى مزاولة "مهن" سمتها العامة الهشاشة، أجور بالغة الهزالة، الحرمان مما يضمنه قانون الشغل من حقوق.. إنها سمات تنطبق بالكامل على حراس الأمن الخاص، التابعين لشتى شركات تعتصر الأرباح الطائلة من دمائهم بعديد من المؤسسات الخاصة، بعد تهافت مستثمرين جشعين مغاربة وأجانب على الفوز بفرص اغتناء سهل وسريع حقيقية، على حسابهم [يد عاملة رخيصة، عزلاء ومحرومة من الحقوق]. ومنذ اصدار الدولة القانون 05. 54 المتعلق بالتدبير المفوض، الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 16 مارس 2006، تسابقت شركات متعددة الجنسية [فرضها علينا البنك الدولي وحكامنا فرضا] لنهب المال العام بعد التفويض لها بتدبير خدمات عمومية كنظافة الشوارع، التطهير السائل والماء والكهرباء. أو تدبير مهام كالحراسة والتنظيف والطبخ والبستنة بقطاعات كالتعليم والصحة والعدل... وهي خدمات عمومية جرى تفويتها للخواص توفيرا لسبل اغتنائهم إثر خصخصة الوظيفة العمومية وتخريبها، وعلى حساب المكتسبات التاريخية لشغيلة الدولة [ضرب الترسيم]. يجري كل هذا الدمار انصياعا لإملاءات نيوليبرالية خارجية شبه استعمارية.
جزء مهم من خدمات حراس الأمن الخاص، كانت في السابق مناصب شغل قارة لدى الشركات والمؤسسات (مصانع، أبناك، وكالات...). وقد جرى التخلص من هذه الشغيلة، بفعل شركات سمسرة أصبحت تُشَغِّلُ الحراس بعقود محددة المدة، حسب مقتضيات مدونة الشغل ذاتها. ينطبق الشيء نفسه على الوظيفة العمومية، إذ كان الأعوان يتمتعون بحق الترسيم، الترقية، السكن الوظيفي بالنسبة للحراس الليليين.. رغم تَغَيُّرِ في الأسماء [من "أعوان" إلى "مساعدين تقنيين واداريين"، في التعليم مثلا] إلا أن الدولة قررت أخيرا، وضع حد للتوظيف وفتحت المجال للسمسرة..
الأغلبية الساحقة من حراس الأمن الخاص تعمل 12 ساعة كل يوم. لا حق في الراحة الأسبوعية أو السنوية ولا تعويض عن العمل خلالها أو خلال الأعياد الوطنية والدينية. لا وثائق شغل. امتناع دائم عن تسليم وثائق إدارية. أجور هزيلة ولا تؤدى في وقتها: تتراوح في الغالب بين 1300 و2300 درهم. لا مكان للسميك وكل ما يضمنه قانون الشغل من حقوق. بعض الشركات تمارس النصب والاحتيال؛ بإرغام مستخدميها على توقيع وصولات بِتَسَلُّمِ مبالغ أعلى من المبلغ الحقيقي المُسَلَّم، شعارها: قبول شروط الاستغلال أو الطرد من العمل.
أتت جائحة كورونا فلجأ أرباب العمل إلى تحميل المستخدمين كلفة الأزمة: الطرد التعسفي، المطالبة بتوقيع استقالة أو توقيع الموافقة على عطل سنوية غير مؤدى عنها ولآجال غير محددة.. كما أن حراس أمن خاص تلقفهم الوباء بمقرات عملهم، بمتاجر كبرى ومستشفيات... وعند توجه المطرودين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يُحرمون من التعويض، كونهم غير مصرح بهم، مثلما يحرمون من الدعم المخصص للقطاع غير المهيكل. لهؤلاء المطرودين أسر وأبناء عرضة للتجويع والتشريد وجها لوجه مع "مول الكراء" و"مول الحانوت" وفواتير الماء والكهرباء، فيما الدولة، راعية مصالح الأثرياء، تعمق بسياساتها تلك المآسي والمعاناة.
لا سبيل للتحرر من بطش أرباب العمل ودولتهم غير توحيد صفوف كافة حارسات وحراس الأمن، وكافة عاملات وعمال النظافة والحراسة والطبخ والبستنة... في كتلة واحدة متراصة، وتقوية أدوات نضالهم- هن وآليات مقاومتهم- هن. لقد سبق لبعض فئات حراس الأمن أن أسسوا بضعة مكاتب نقابية تابعة لنقابات وخاضوا معارك واحتجاجات في إطارها، دفاعا عن حقوقهم.
لا مناص من بناء أدوات مقاومة ونضال جمعوية أو نقابية مستقلة عن الدولة والباطرونا، مسيرة ديموقراطيا حيث القرارات تتخذها الأغلبية بعيدا عن النزعة الفردية، بروح كفاحية ووحدوية، في تحالف وطيد مع كافة الأقسام الأخرى للطبقة العاملة.
"بالوحدة والتضامن لي بغيناه اكون اكون".