جائحة كوفيد-19 وإعادة البريق للاشتراكية


النهج الديمقراطي العمالي
الحوار المتمدن - العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 09:47
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

الافتتاحية

كشفت جانحة كورونا آن شعبنا يعيش، على غرار شعوب العالم، مرحلة مفصلية في تاريخه، تأتي في خضم الموجة الثانية من السيرورات الثورية التي ألهبت المنطقة العربية والمغاربية والهبات الشعبية العارمة التي عمت مناطق عدة في المعمور وفي وقت كانت كل التوقعات تنبؤ بوقوع أزمة اقتصادية أخطر من أزمة 1929.

ومن البديهي أن المخزن والكتلة الطبقية السائدة سيحاولان استغلال هذا الظرف لخدمة مصالحهما:

– من خلال تبرير تحميل خسائر كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية العميقة للجماهير الشعبية )التسريح و/أو نشر الهشاشة وسط مئات الآلاف العمال والعاملات وتعميق هشاشة مئات الآلاف من الفلاحين وكادحي الأحياء الشعبية، إضافة إلى فئات واسعة من الطبقات الوسطى من تجار صغار ومقاولات صغيرة وموظفين صغار…) عوض أن تتحملها الكتلة الطبقية السائدة المسئولة عن الأزمة الاقتصادية والمخزن المسئول عن تخريب الخدمات الاجتماعية العمومية، وخاصة الصحة والتعليم.

– تبرير تقوية السلطوية والاستبداد والقمع بواسطة التضييق على الحريات، وخاصة على الطبقة العاملة والكادحين المتضررين الأساسيين من الوباء، وتنظيماتهم ونضالاتهم ضد ما يحاك ضدهم وكذلك محاولة إقبار المد النضالي الشعبي الذي أطلقته حركة 20 فبراير وتراجع الخوف واعتماد الجماهير الشعبية على نفسها من خلال بناء تنظيماتها الذاتية المستقلة وفقدان الوسائط الرسمية لمصداقيتها.

– تبرير تشديد التحكم في المواطنات والمواطنين باستعمال تكنولوجيات الاتصال المتطورة والألة الدعائية الضخمة.

وقد يلجأ المخزن إلي “إجماع وطني” لن يختلف عن سابقيه الإجماع الوطني حول الصحراء في أواسط السبعينات من القرن الماضي والتوافق والتراضي في نهاية عهد الحسن الثاني، وغني عن البيان أن هذه كانت مصائد للقوى اليسارية التي انخرطت فيها وكانت وبالا عليها، وخاصة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعلى الجماهير الشعبية واستفاد منها المخزن لتقوية أركانه وتغوله واستفادت منها الكتلة الطبقية السائدة المزيد من الإثراء.

في مواجهة هذه المخططات الرجعية فإن القوى المناضلة المدافعة عن مصالح الطبقة العاملة وكافة الكادحين، يجب أن تستغل الفرصة من أجل توحيد صفوفها ل :

– القيام بواجبها تجاه الفئات الكادحة المتضررة أكثر من غيرها لأنها معرضة للجوع والمرض والموت.

– فضح المخططات الرجعية والنضال ضدها .

– التداول الجماعي حول مغرب ما بعد كوفيد-19 لتحليل الفرص التي يتيحها والأخطار التي تتهددها ونقط الضعف التي يجب أن تعالجها ونقط القوة التي يجب أن تحصينها وتقويها.

من أهم ما كشفته الجانحة هو فشل الرأسمالية، رغم إمكانياتها الهائلة في التصدي بفعالية هذا الوباء وإدامتها وانفضاح ريائها وإفلاسها الأخلاقي، وهو ما يوفر إمكانية تصعيد الصراع الأيدولوجي والسياسي ضدها، هذا الصراع الذي يجب أن يتضمن جانبين:

– فضح الجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها ولا زالت من عبودية واستعمار واستعمار جديد وحروب لا تنتهي وتفقير الشعوب ونهب لخيراتها ووو…

– توضيح وتجديد البديل الاشتراكي الذي أعاد هذا الوباء طرحه بقوة، وخاصة أهمية الخدمات الاجتماعية العمومية للجميع وبالمجان وبناء اقتصاد هدفه الأساسي تلبية الحاجيات الأساسية للشعب التي لا يجب أن تخضع للاحتكار والمضاربات كما هو الحال في ظل الرأسمالية إن هذا الفيديل لا ينطلق من العدم، فهو يرتكز على تجارب بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والصين وكوبا وفيتنام…

– إرث فکري هائل للحركة الشيوعية والتنمية بشكل عام.

– كفاحات الشعوب من أجل تحريرها من الاضطهاد والاستبداد

– تجارب حركات تحاول أن تحدث القطيعة مع الرأسمالية ولو في فضاء جفرافي محدود (تجربة تشياباس مثلا) أو في مجال معين (البيئة، الاقتصاد التضامني، الدميقراطية المباشرة والتشاركية، القضية النسائية…)، وهذه الحركات مهمة لأنها تواجه أشكالا مختلفة من السيطرة الرأسمالية على المجتمع سيطرة اقتصادية أو ثقافية أو إيديولوجية أو سياسية أو جنسية وتفضح التدمير الخطير لشروط الحياة على كوكبنا الذي تمارسة الرأسمالية.

ويجب دراسة هذه التجارب وهذا الإرث بفکر نقدي ينهل من الماركسية، كمنهج للتحليل ونظرية في التغيير الثوري، هذا المنهج وهذه النظرية اللذان يتطوران، باستمرار، بارتباط بتطور الممارسة النضالية والمعرفة العلمية.

كما أن هذا البديل يتطلب، بدون تأخير أو تردد، بناه الحزب المستقل للطبقة العاملة باعتبارها الطبقة النقيض للرأسمالية والحاملة للمشروع الاشتراكي.