المثليّة الجنسيّة والبدع المتفق عليها -بساطة 14-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6567 - 2020 / 5 / 18 - 01:06
المحور: الادب والفن     

هلّا قلتم لماذا كل هذا الجدل و تنسون السبايا و المغتصبات باسم عقد ( شرعي)؟
كيف تتجاهلون علم القاعدة.. وتضعون علم المثليّة تحت المجهر؟
هل اقتصر الإيمان على مجاراة التيار، تمسيد تقاليد المجتمعات المثقوبة؟
هل أصبحت كلمة السلام لجميع الناس الذين خلقهم الله تهمة؟
هل أصبح حب الخير لكل أرواح الله في خلقه مثار شبهة؟

تمنيتُ لو شهدنا ذات الجدل حول موت الشباب العراقي في سعيه نحو الأفضل، أو قتله مؤخراً في تظاهراته المطالبة بحقوقه في وطنه.. لكن لا حوافرَ تدقّ حول موضوعاتِ حقٍ يُشَقُ!
*******

في الأزمنة الغابرة عندما كان من يقول بدوران الأرض حول الشمس مقتول بفعلته، كانت المثليّة الجنسيّة جريمة..
مع بدايات زمن العلم أصبحت مرضاً.. و مع تقدم العلم ودراساته الكثيرة أصبحت اختلافاً مقبولاً.

يوجد مثلية تقبع في جينات الشخص وتكوينه، ولا قدرة له على تغييرها.
ويوجد أنواع كثيرة من المثليّة التي تعدّ من بدع الجنس كمثليّة قوم لوط التي أسهمت في نشر التعميم الخطأ على المثليين الطبيعيين.

نعم، اليوم في عالم الطب لا تعتبر المثليّة القابعة في جينات الشخص وتكوينه مرضاً، بل شعور طبيعي ينتج عن شخص خلقه الله بشكل مختلف.

في إحدى محاوراتي مع طبيب مسلم حول موضوع المثلية في بلاد العرب قال لي:
أقول لعائلتي وأصدقائي دوماً: إن كان لديكم قريب أو صديق يعمل أويعيش في دولة غربية وقال لكم أن الطب أو القانون لا يعتبر هذا الموضوع طبيعي، أو أنه لا يتوجب على الجميع أن يحترم حقوق المثليين يجب أن تعلموا أنه منافق، ولولا ذلك لكان في السجن.

سألتهُ: ما رأيكَ أنتَ؟
أجابني: رأيي أنني لم أفكر في الموضوع كثيراً.. ولا أريد التفكير.
******

في بلاد العرب تخاف العامة من تأييد المثليّة خشية انتشارها!


في الحقيقة: لا تزيد المثليّة ولا تنقص بتأييد حقوق المثليين.. لأن من يخلقهم هو الله.. ليس رأي الناس.. وعلى العكس تماماً، تأييد حقوقهم يكفل مساهمتهم في المجتمع بطريقة سويّة.. الخفاء جلّاب المصائب.

إنّ المعادي بشكل مرضي للمثلية هو في الغالب أحد شخصين:
1- شخص مثلي خائف من أن يكتشف أمره في مجتمع لا يتقبله.
2- شخص مجبول بالمعاصي كالكذب، الزنى، والسرقة.. ففي محاربة المثليّة تبييض لصفحته أمام موروث عامة الناس.

قد نستطيع أن نتفهم وجود من لا يتمنى لولده أن يكون مثلياً، فطريقه شاق في دول كثيرة..
قد نسمع من يقول أن المثليّة تبقى أقليّة وليست ضامنة لبقاء الجنس البشري..
هو حرّ من ينادي بقناعاته الدينيّة.. على أن يعرف أن الأديان بكلها دعوة حب، خير وسلام…

لكن كيف نتفهم من ينادي بقتل و تجريم الناس الذي خلقهم الله لكونهم يختلفون؟

الحلّ لا يبدأ من محاولة تبسيط الموضوع، كمحاولات التفريق بين المثليّة التي لا يد لصاحبها بها.. وبين: البدع الجنسيّة التي ينتمي لها قوم لوط..
و التي في زمننا الملعون هذا تشمل أيضاً بزواج الطفلات.. بالسبايا.. بالاغتصاب تحت عقود زواج (شرعيّة): البدع الجنسيّة التي قبلتها أغلبية العامة وأقرت بها.. فأصبحت البدع المتفق عليها.

اسألوا أنفسكم كم مجزرة فعلها من حمل علم قوس قزح؟ وكم مجزرة قام بها من حمل علم القاعدة؟
عندها فقط ستعرفون أين تكون الفطرة السليمة؟ بدعم الأقليات التي خلقها الله وحمايتها أو بإشعال غرائز الجهلة حول بشر لا ذنب لهم في خلقهم؟

أين يجب أن ينصبّ جهد المدافعين عن الأسرة وعن سلامة المجتمعات: في تجريم المثليّة الأقليّة؟ أو في تجريم البدع الجنسيّة التي ينادي بها كثير من أصحاب اللحى و العمائم على رؤوس الأشهاد؟
لماذا وضع الله عقولاً فوق أكتافنا.. لنحمل الأمانة ونفكر؟ أم لنحمل الموروث ونعمم؟
******

يعادي الكثير من العرب الأقليات القومية، الدينية، العرقيّة و الجنسية الأخرى.. من دون تفكير أو تدبير.. من دون علم ولا معرفة…
يعتقد الكثيرون أنهم دوماً على حق في كل ما ينادون به.. بينما في الواقع تحتل سمعة العرب مكانة غير جيدة تسيء لحضاراتهم وحتماً لمستقبل أبنائهم…

ببساطة للأسف، سمعة العرب اليوم تبدأ بالقاعدة.. تمرّ بالنفط، و تنتهي بقتل وتجريم كل الأقليّات.

أيّة سمعة هذه لشعوب في غالبها أطيب من الطيبة، أذكى من الذكاء!

في الغرب يقولون عن العرب ما تقولونه عن اسرائيل.. هل خطر في بالكم هذا يوماً؟

في الغرب يعتقدون بشكل خاطئ عن العرب ما تعتقدونه بشكل خاطئ عن البربر والأقليات الأخرى.

نحن لا نحتاج لمن يوالي قطيعاً من القطعان.. نحن نحتاج من يخرج عن ثقافة الغلمان.
نحن لا نحترم من يعبد الأصنام، بل من ينادي بالعقل وسيلة لكسر القضبان.

حيّ على الصلاة وهي أساساً سلام للقلب ومن حوله..
حيّ على الفلاح و هو أساساً إشغال العقل..
حيّ على خير العمل.. وفي العلم علاج للكثيرين..

علّ تلك الشعوب تستيقظ من سباتها.. من التركيز في دعم الموروث ومحاربة من يكسر أيّ صنم..
علّنا نجد في روح الله فينا العلاج من الأمراض وليس آخرها معاداة خلقة الله وحكمته فيها والكورونا…

يتبع…

* بساطة : مجموعة مقالات في غاية البساطة..
تناقش مفاهيم بسيطة.. أفكار بسيطة.. أحلام بسيطة في عصر التعقيد.. التشريد و المفاهيم المتشعبة.