إلى عالم جديد , لا يختلف كثيرا عن العالم القديم


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 6555 - 2020 / 5 / 5 - 02:00
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

إخواني الثوار و الشباب المحترمين , نعيش في أيام عصيبة , فساد الأنظمة و الحكومات التي تحكمنا انكشف بسهولة متناهية بسبب فيروس سموه كوفيد , الأمر الذي فتح شهية كثيرين , ممن لا يصح إلا تسميتهم بالثوار السلطويين , على تغيير العالم و استبدال الأنظمة القائمة بأخرى , العالم الذي يستغلك و يضطهدك بعالم جديد .. على أعتاب أحداث قادمة و كأحد أبناء الثورة السورية يمكنني أن اقدم نصائح لا تقدر بثمن لكل من سيعيش تلك الأحداث الواعدة .. تعرفون بكل تأكيد أن بناء أي نظام جديد هو عملية مؤلمة و صعبة تتطلب التضحيات منا نحن الجماهير أو الشعب أو المضطهدين , و أن كل ثورة و أي نظام جديد سيواجه بأعداء كثر حقودين أشرار لا بد من ردعهم و محاربتهم بلا هوادة و بالتأكيد القضاء عليهم و سحقهم و سحق كل أفكارهم , المعادية للثورة و للنظام الجديد .. إني لا أرجو لك أن تعاني كما حدث لكثيرين , من آلام بناء هذا العالم الجديد و لا أن تلصق بك تهمة معاداة الثورة , أو في حالة إخوتنا الثوار الإسلاميين , تهمة الكفر أو الردة أو الشرك أو العمالة للغرب أو الإلحاد و العياذ بالله .. في كل الأحوال و من واقع خبرتي مع سوريا الأسد ثم في سوريا الحرة , كشيوعي سابق و كابن لشعب أو شعوب متمسكة بتراثها حتى النهاية مهما حدث و مهما جرى , أعتقد أني أملك بعض النصائح التي لن تقدر بثمن لكل من كتب عليه أن يعيش ثورات سلطوية و تحت حكم ثوار سلطويين .. إياك أيها الأخ أن تنتقد الثوار أو أن تتحدث جهارا عن أخطائهم , هذا سيجعلك معاد للثورة , برجوازي أو إقطاعي و ربما رأسمالي حتى لو كنت أفقر من عليها , و ربما مرتد و كافر و مشرك بإله من جاء ليحررك من عبودية الطاغوت إلى حرية العبودية لإله أجدادك و حكامك .. إذا اختلف الثوار السلطويون فيما بينهم انتظر لكي تتأكد جيدا من الذي انتصر منهم على خصومه من خونة الثورة , تأكد من اسم القائد الثوري الذي تدين له أجهزة الأمن الثورية المسؤولة عن حماية الثورة و حمايتك من أعداء الثورة و خونتها و من دعايتهم الهدامة , هذا هو الذي يجب أن تهتف باسمه دون أي علامة على التردد و أن تشتم كل خصومه من أعداء و خونة الثورة و الوطن .. إن التمرين الذي مارسناه في أوقات الاستبداد سيفيدك في هذا , ألا يبدو عليك أية علامة على التردد في الهتاف أو التذمر من تصرفات بعض الثوار أو التكرار الغبي لشعاراتهم و خاصة التي تتعلق بك و بحريتك و حقوقك التي منحتها لك .... إياك أن تطالب بما يسمى بحق الرأي للخونة و أعداء الثورة أو حتى لمن يدعي الحياد , هؤلاء المحايدون هم أعداء للثورة أيضا و كبقية أعداء الثورة لا يستحقون إلا السجون و المنافي و بالتأكيد المشانق .. بل إياك أن تطالب بما يقول لك أعداء الثورة أنها حقوقك , فالثوار السلطويون ليس من واجبهم إطعامك أو توفير العلاج لك و لأولادك و لا الماء أو الكهرباء , كل ما ستعيشه من صعوبات و أزمات و نكد هو بسبب الخراب الذي خلفه النظام السابق و بالتأكيد بسبب تخريب الخونة و العملاء , أخي اعرف جيدا أن وظيفة الثوار السلطويين هو أن يضمنوا أن البرجوازية لن تستغلك أو تضطهدك أو أن الغرب الكافر لن ينسيك إلهك و نبيك و صحابته و آل بيته و زوجاته و خليفته , أما الكهرباء و الماء و الدواء و الطعام أيضا فهو ما عليك أن تنتجه و تبحث عنه بنفسك و لا تنسى رفاقك و إخوتك من حماتك و حماة الثورة الذين يحتاجون كل هذا مما ستنتج و تصنع و تزرع .. قد يستغل بعض أعداء الثورة أخطاءها و يتصيدون في الماء العكر فيقولوا لك مثلا أن هذا الوضع الجديد يشبه جدا الوضع السابق , أن الحرية التي سيمنحك إياها هؤلاء الثوار , الذين هم من أبناء طبقتك أو أبناء دينك , تكاد تشبه تماما الاستبداد الذي خلصوك منه .. لكن هذا بكل بساطة مجرد دعاية رخيصة من دعايات أعداء الثورة الذين قد يزعمون أن الحرية التي يتمتع بها السوريين في ادلب الثورة و الصمود و الحرية تشبه تلك التي تمتع و يتمتع بها إخوتهم المفترضين في ظل الأسد الأب و الابن .. و أن الحرية التي يتمتع بها الليبيون في ظل خكومة السراج هي نفسها التي يعيشونها في ظل نجوم الجنرال حفتر أو أن الحرية التي يتمتعون بها و هم يعيشون اليوم على كتاب الله و شرعه و سنة نبيه هو نفسه الاستبداد الذي عاشوه في ظل كتاب القذافي الأخضر ..