باربارا فيغيروا ساندوفال، بطلة شيوعية: رغم تعرضها لمحاولات اغتيال واصلت قيادة الحركة النقابية بشجاعة


جهاد عقل
الحوار المتمدن - العدد: 6546 - 2020 / 4 / 25 - 10:29
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

أعلنت لجنة جائزة أرثر سفنسن الدولية للحقوق النقابية * يوم 13 نيسان/أبريل 2020 في بيان لها ، أنها قررت منح الجائزة النقابية رفيعة المستوى هذا العام للنقابية التشيلية الشابة بربارا فيغيروا ساندوفال رئيسة اتحاد عمال تشيلي التي تعرف يإسم "المركزية الوحدوية للعمال " ((CUT ، وذلك تقديرًا لدورها القيادي الشجاع في قيادة هذا الإتحاد وتحقيق العديد من الغنجازات النقابية الهامة لجمهور العاملين من ابناء الطبقة العاملة في تشيلي ، ومواجهة السياسات الحكومية الحكومة النيوليبرالية المعادية للطبقة العاملة.



أصغر وأول إمرأة تقود اتحادا نقابيا

ومما جاء في البيان الصادر عن لجنة الجائزة :". تريد لجنة الجائزة منح جائزة هذا العام للمساهمة في زيادة الوعي بالوضع في تشيلي ، والمساهمة في تعزيز نضال النقابات العمالية من أجل حقوق العمال في البلاد.

في عام 2012 ، تم انتخاب باربرا فيغيروا ساندوفال رئيسة CUT ، لتصبح أصغر وأول امرأة تقود أهم مركز نقابي في تشيلي. قبل ذلك كانت ناشطة في نقابة المعلمين «كوليجيو دي بروفيسور» حيث قامت بدور قيادي في المظاهرات الكبرى عام 2011 ضد خصخصة التعليم وتسويقه. من خلال هذا العمل تم بناء تحالف قوي بين الحركات الطلابية والنقابات."



وأضافت اللجنة في قرارها :"خلال خريف عام 2019 ، واجهت تشيلي أعمق أزمة اجتماعية وسياسية منذ الديكتاتورية ، مع مظاهرات حاشدة جديدة. كانت كل من بربارا فيغيروا ساندوفال و CUT أساسيين في تشكيل "التحالف الاجتماعي" الواسع «Mesa Unidad» الذي جلب مع المنظمات الأخرى ملايين التشيليين إلى الشوارع. طالب هذا التحالف الواسع بين النقابات والطلاب ومنظمات المجتمع المدني الأخرى ، من بين أمور أخرى ، بزيادة الحد الأدنى للأجور ، وإصلاح المعاشات التقاعدية ، وخفض أسبوع العمل ، وتعزيز حقوق العمال والجمعية التأسيسية الوطنية.

لقمع الانتفاضة الشعبية ، أعلن الرئيس بينييرا حالة الطوارئ واعتمد ونفذ تدابير قمعية شديدة. سجن آلاف المتظاهرين وجرحوا ، وقتل ما لا يقل عن 26 متظاهر على أيدي قوات الأمن. أفادت منظمات حقوق الإنسان أنه تم وضع عن قيود على حقوق الإنسان ووسائل الإعلام. الا أن باربارا فيغيروا ساندوفال والعديد من قادة النقابات العمالية الأخرى واجهوا بشجاعة التخويف والمضايقة ، وتم رصد أنشطتهم بشكل منهجي من قبل وكالات الاستخبارات.

حقق المركز النقابي CUT الحد الأدنى للأجور وخفض أسبوع العمل على الرغم من المقاومة السياسية الكبيرة من خلال مزيج من التعبئة الجماهيرية والمفاوضات. باربرا فيغيروا ساندوفال هي القائدة الوحيدة لمركز نقابي في المنطقة ، وقد جعلت CUT رائدة في الشفافية والمساءلة النقابية."



وجاء في نهاية البيان :" فازت باربارا فيغيروا ساندوفال بجائزة "جائزة آرثر سفينسون الدولية للحقوق النقابية". لقد أظهرت شجاعة وكفاءة عظيمة وهي نموذج يحتذى به للكثيرين. لقد قادت الطريق في إنشاء نقابة عمالية أكثر انفتاحًا وحيوية وشفافية ، بينما قامت في نفس الوقت بتعزيز CUT كنقابة اجتماعية سياسية ذات روابط وثيقة مع منظمات المجتمع المدني الأخرى. وقد تمهد الطريق أمام القيادات النسائية الجديدة في الثقافة التي يهيمن عليها الذكور للغاية ، بالإضافة إلى تعزيز الدعم للنقابات بين النساء في المنطقة."



تلقت الخبر الجائزة وهي في خضم النضال

يوم الإعلان عن الجائزة كانت النقابية بربارا فيغيروا ساندوفال تتواجد في جلسة مع ممثلي الحكومة وأصحاب العمل في البرلمان ، لمناقشة قضية حقوق العمال الذين أُخرجوا لعطلة قسرية بسبب جائحة الكرونا ، ومن مراجعه للبيان الصادر عن هذه الجلسة تتجلى لنا صلابة عود هذه النقابية ن التيةتظهر في الصورة مع الكمامة الواقية ، وتقارع مواقف أصحاب العمل بدعم من الحكومة ، بخصوص ضرورة التفاوض ووضع حل لحقوق العمال في ظل جائة الكرونا.

وعندما تلقت الخبر من اللجنة وبعدها من زميلتها شاران بورو الأمين العام لإتحاد النقابات العالمي ، قامت بتوجيه رسالة شكر عبر الفيديو لأعضاء اللجنة مؤكدة على أنها فخوره بهذا التقدير ، وأنها ستواصل طريقها النضالي خدمة للطبقة العاملة في بلادها خاصة وفي العالم عامة.



في البيان الصادر في 18/4/2020 عن CUT في تشيلي جاء ما يلي :"حصلت بربارا فيغيروا ، رئيسة CUT على هذه الجائزة الدولية المرموقة لمسيرتها المهنية المتميزة في نضالها من اجل تعزيز القوة النقابية والحقوق الجماعية ، ومساهمتها في تعزيز نضال النقابات من أجل حقوق العمال في البلاد".ويشير البيان الى معالم شخصيتها القيادية الشجاعة، ودورها في رفع المكانة القيادية النسائية في النقابات العمالية .

كما تطرق البيان الى تلقي النقابية بربارا فيغيروا التحية والتهنئة من مختلف المنظمات النقابية في جميع أنحاء العالم ، مثل الأرجنتين وكولومبيا وكوستاريكا وإسبانيا والمكسيك وتركيا ، كذلك وصلتها تهاني من النقابات والاتحادات النقابية من دول أخرى بما فيها تهنئة من اتحاد نقابات امريكا اللاتينية، وبرزت تهنئة النقابية شاران بورو ، الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال ، الذي يمثل 200 مليون عامل وعامل من المنظمات في 163 دولة ، التي جاء فيها :"إن باربرا تنتمي إلى جيل جديد من النقابيين وهي ملتزمة بشدة بتنظيم ومحاربة الظُلم جنبًا إلى جنب مع العاملين.إن تشيلي تقف على مفترق طرق حاليًا ، وتمثل هذه الجائزة اعترافًا مستحقًا لقائده تكرس نضالها لتحقيق مجتمع عادل ومتساوٍ من خلال تعزيز قوة العاملين" .



مسيرة نضاليه كلها عنفوان شيوعي

ولدت بربارا فيغيروا ساندوفال بتاريخ 13/4/1979 في العاصمة التشيلية سانتياغو، أي في خضم سيطرة الحكم الفاشي الدكتاتوري بقيادة الدكتاتور أوغستو بينوشية الذي قام بإنقلاب دموي بدعم وتخطيط المخابرات الامريكية والبيت الأبيض على الرئيس المنتخب سلفادور اليندي في الحادي عشر من أيلول 1973، اي قبل ولادة بربارا بست سنوات ، تخرجت بربارا فيغيروا ساندوفال بتخصص بعلم النفس ، وضمن نشاطها في الحزب الشيوعي لعبت دور قيادي في نقابة إتحاد المعلمين في تشيلي ، وبرز نشاطها النقابي من خلال دورها القيادي في تنظيم وقيادة المظاهرات الكبرى التي خاضها المعلمون ونقابتهم عام 2011 ، في المعركة التي خاضوها ضد خصخصة جهاز التعليم وتحويله لقطاع السوق.

كان لبربارا فيغيروا دور القيادي في هذه المظاهرات أثر بالغ على الحركة النقابية في تشيلي ، حيث إستطاعت منع عزل المعلمين ونقابتهم في هذا النضال كما أرادت الحكومة ، بل قامت ببناء تحالف قوي بين كل من نقابة المعلمين وجميع النقابات العمالية ومنها الاتحاد الذي ترأسه اليوم ، وضم الحركات الطلابية لهذا النضال ، بهذه الوحدة المنطلقة من فكرها الشيوعي يا عمال إتحدوا ، إستطاعت إفشال المخطط الحكومي لخصخصة جهاز التعليم.



في العام 2012 تم إنتخاب النقابية بربارا فيغيروا ساندوفال رئيسة اتحاد ال CUT في تشيلي وعمرها 33 عام ، وبذلك كانت أصغر قائدة لإتحاد نقابي عمالي وأول امرأة تقود إتحاد عمالي نقابي في دول أمريكا اللاتينية.

وضمن برنامجها للعمل على مساواة المرأة والرجل في الاجور وشروط العمل ن وحتى في القيادة النقابية قامت بإفتتاح أول معهد نقابي خاص بتأهيل قيادات نقابية نسائية في الأول من تموز 2019 بهدف " تقوية النساء اللواتي يعملن في نقابات اليوم ، وتزويدهن بالأدوات حتى يتمكنن من الوصول والتفاوض بشأن ظروف أفضل لممثليهن".

نضال مستمر ومازال

ومن محطاتها النضالية البارزة ، النضال الذي خاضته الجماهير العمالية والشعبية في خريف العام الاخير 2019 والذي ذكرته لجنة الجائزة في تسويغها لمنح الجائزة، في الخريف الماضي، إنطلق بقيادة النقابية بربارا فيغيروا وأُطلق عليه إسم "التحالف الإجتماعي" ،إنطلقت المظاهرات في 18 تشرين أول 2019 تطالب حكومة سيباستيان بينييرا بوقف سياساتها الاقتصادية - الإجتماعية النيوليبرالية، ورفع أجر الحد الادنى للأجور ، وإصلاح المعاشات التقاعدية التي تآكلت قيمتها وخفض ساعات العمل وتعزيز حقوق العمال وغيرها من القضايا المطلبية، كما طالب "التحالف" بالغاء الدستور الذي خلفه حكم الدكتاتورالفاشي أوغستو بينوشيه ، إعلان حكومة سيباستيان بينييرا حالة الطوارئ وقيامه بالتنكيل بالمتظاهرين واطلاق النار عليم والكلاب لم يردع المتظاهرين وأستمرت المظاهرات قرابة شهرين ، حتى تراجعت الحكومة عن خطواتها القمعية وإعترفت ببعض المطالب ، لكن تبعات هذا النضال ما زالت قائمة وتجري مفاوضات مع الحكومة حول ما تبقى من مطالب عالقة تحت وطأة التهديد بالعودة للتظاهر مجددًا.

تبدي قيادات في الحركة النقابية العالمية تخوفها عن قيام جهات مخابراتية حكومية بمحاولة إرتكاب إعتداء على حياتة بربارا فيغيروا ، كما حدث خلال مظاهرات الخريف الماضي ، عندما خرجت من مقر الاتحاد ومحاولة الإعتداء عليها ، وبفضل يقضتها ويقضة زملاء لها تم إفشال المحاولة.

نتمنى للنقابية المناضلة الشيوعية بربارا فيغيروا ساندوفال مواصلة النجاح في نشاطها النقابي الطبقي ، ونبارك لها فوزها بهذه الجائزة القيّمة.