سياسة الهجرة لدى الولايات المتّحدة أثناء جائحة فيروس كورونا : التعجيل بالترحيل و تصدير الموت


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 19:00
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

جريدة " الثورة " عدد 644 ، 20 أفريل 2020
https://revcom.us/a/644/immigration-policy-during-a-pandemic-en.html
مع نهاية مارس و تفاقم أزمة فيروس كورونا عالميّا ، أعلنت الولايات المتّحدة أنّها ستشرع في ترحيل كافة المهاجرين و المطالبين باللجوء السياسي على الحدود بين الولايات المتحدة و المكسيك بما في ذلك الأطفال و ذلك دون جلسة سماع ( أنظروا مقال ، " لغة الإبادة الجماعيّة " ). و جرّاء هذه السياسة ، خلال ال18 يوما الأولى ، وقع طرد 10 آلاف إنسان منهم ما لا يقلّ عن 400 " طفل بلا مصاحب " في غضون ساعات من وصولهم إلى تراب الولايات المتّحدة ، وفق إحصائيّات وكالة الجمارك و حماية الحدود . و غالبيّة هؤلاء الناس وُضعوا في طائرات و أرسوا إلى أمريكا الوسطى . و ببلوغهم أوطانهم يبعثون إلى " مآوى وقتيّة ". و بعضهم إلتقوا أقرباء لهم و آخرون عادوا إلى " الحجر الصحّي الطوعي، غير المفروض بالقوّة " .
و قال ناطق رسميّ باسم المسؤولين عن الهجرة و الجمارك لقناة تلفزيّة هي أخبار أ ب س إنّ الولايات المتّحدة لا ترحّل الناس الذين تبدو عليهم علامات المرض . لكن هيغو منروى ، وزير الصحّة بغواتيمالا ، أشار إلى أنّه تبيّن بفضل التحاليل التي أُجريت بالمطار في غواتيمالا لمسافري طائرة ترحيل من الولايات المتّحدة إلى بلده ، أنّ أكثر من 75 بالمائة من الركّاب يحملون فيروس كورونا . كم هو عدد الذين أصيبوا بالعدوى أثناء تلك الرحلة و غيرها من الرحلات ، و كم هو عدد الذين أصيبوا بالعدوى في غواتيمالا حينما نتشر المرحّلون في البلاد ، هذا أمر يظلّ غير معلوم .
نشر متعمّد للعدوى
و إثر إحتجاج الحكومة الغواتيماليّة على إرسال مصابين بفيروس كورونا ، أمضى ترامب أمرا يهدّد بموجبه بفرض عقوبات قاسية على أيّ بلد لا يتعاون مع سياسة الترحيل التي تتوخّاها الولايات المتّحدة ، و يخلق " مخاطر غير مقبولة للصحّة العامة للأمريكيين " .
و قال ترامب إنّ نظامه يتّخذ هذه الإجراءات المميتة تماما لأنّ " المسؤولين السامين عن الرعاية الصحّية الأمريكيّة منشغلين منتهى الإنشغال بالتداعيات العامة للحركة الجماهيريّة غير المراقبة عبر الحدود ."
و فلا ، داخل هذه البلاد ، العذاب الهائل الذى يسلّط على الناس جرّاء هذا الفيروس قد تزايد إلى درجة لا تقاس بفعل سير هذا النظام و هذه الإجراءات – أو عدم إتّخاذ إجراءات مغايرة – من قبل نظام ترامب / بانس .
يموت المئات في دور الرعاية و تراكم جثثهم في شاحنات مبرّدة ، و قسم ضئيل من السكّان أجرى تحاليل و ثمّة نقص في التجهيزات الطبّية الحيويّة كآلات التنفّس ، و تفشّى العدوى عبر الغيتوات و في الأحياء الشعبيّة و السجون عبر البلاد .
لكن هذه الفظائع ستكون أشدّ وطأة بدرجة كبيرة لو إنتشر الفيروس إلى مدن الصفيح و المناطق الريفيّة المعدمة في الهندوراس و غواتيمالا و السلفادور و المكسيك . و مثلما وضع كريستى ثورنتون ، وهو أستاذ بجامعة جونس هبكينس ، على تويتر ، " حكومة الولايات المتّحدة تنشر بنشاط و عمدا الفيروس إلى أمريكا الوسطى بواسطة الترحيل ".
إبادة جماعيّة كامنة
لعقود ، موّلت الولايات المتّحدة الحروب التي خلّفت وفاة مئات الآلاف في أمريكا الوسطى . و قد دمّرت أرضيها الزراعيّة و تسبّبت في كوارث بيئيّة لبلدان تلك المنطقة . كما ساندت أنظمة قمعيّة بخبث ، مدعومةبقوّأت شرطة و جيش إجراميّتين. و قد مات آلاف لا حصر لهم و لا عدّ موتا شنيعا و هم يحاولون عبور منطقة الموت أي الحدود بين الولايات المتّحدة و المكسيك . و الآن ، و نظام ترامب / بانس في السلطة ، تستغلّ الولايات المتّحدة الأزمة الناجمة عن فيروس مورونا لتشدّد من قمع المهاجرين بدرجات طاحنة غير مسبوقة .
و بالفعل قد أغلقت الولايات المتّحدة حدودها الجنوبيّة وهي تعيد الناس إلى جهنّم لا مفرّ منها . إنّها تجبر الناس على حمل فيروس يمكن أن يتسبّب في الموت إلى مدن مكتضّة و مفقّرة و إلى مناطق ريفيّة ، في بلدان في أفضل الأحوال تملك خدمات صحّية غير مناسبة بشكل فظيع. هذه جريمة لا تتصوّر في مستوى إبادة جماعيّة ممكنة و فظيعة .
إنّنا نواجه تحدّيات . فالنظام الفاشيّ و النظام الإمبريالي الذى يتراّسه هذا النظام الفاشيّ يقترفان جرائم شنيعة ضد المهاجرين. و كلّ إنسان يرفض الحياة في هذا العالم يجب أن يقف إلى جانب المهاجرين و أن يطوّر المقاومة و المعارضة إلى أبعد حدّ ممكن .
أوقفوا شيطنة المهاجرين و تجريمهم و ترحيلهم ، و أوقفوا عسكرة الحدود !
---------------------------------------------------------------------------------