نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية.....10


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6535 - 2020 / 4 / 11 - 23:56
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

الإهداء إلى:

ـ اليسار المغربي المناضل.

ـ فيدرالية اليسار الديمقراطي، في سعيها إلى توحيد اليسار، على أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ـ كل داعمي اليسار المناضل، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ـ في أفق بناء حزب يساري كبير.

ـ من أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

ـ من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، كدولة للحق، والقانون.

محمد الحنفي

اعتبار كل مسؤولية حكومية أو سلطوية أو برلمانية أو جماعية تستلزم التصريح بالممتلكات:.....5

6) وعدم قبول التصريح بالممتلكات، دليل على أن المسؤوليات المختلفة عندنا، تفوح كلها برائحة الفساد، الذي يمارسه المسؤلون عن تلك المسؤوليات، والمسؤولون، عندما تصير لهم ممتلكات، كانوا لا يحلمون بملكيتها، إما لأنهم فقراء، وإما لأن دخلهم، لا يمكنهم منها، فإنه من الطبيعي، جدا، أن يمتنعوا عن التصريح بالممتلكات، من أجل تجنب المساءلة أمام الإدارة، وأمام القضاء. أما الرأي العام، فإنه يدرك، جيدا، ما مصدر الممتلكات، التي تتوفر لدى كل مسؤول كان، أثناء تحمله للمسؤولية، يمارس الفساد، ويترشح للمسؤولية الحكومية، أو الرلمانية، أو الجماعية، من أجل الاستمرار في ممارسة الفساد المادي، أو المعنوي. أما إذا كانت المسؤولية نظيفة من الفساد، وممارس تلك المسؤولية، لا يرضى لنفسه أن يمارس الفساد، فإنه يبادر بالتصريح بما يمتلكه بطرق مشروعة، حتى يبرئ ذمته، من أي شبهة للفساد.

ولذلك، نرى أن الدولة، تتحمل مسؤوليتها في وجود الفساد الإداري، والسياسي، الذي يمارسه المسؤولون، يجنون من ورائه الثروات الهائلة، التي تمكنهم من شراء العديد من الممتلكات، ومن استثمارها، أمام الجميع، ودون أي مساءلة، مهما كان مصدرها. وقد كان يجب أن تقوم الدولة ب:

ا ـ الإعلان عن أن ممارسة أي شكل من أشكال الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والإداري، والسياسي، يعتبر جريمة ، وأن استغلال المسؤولية لممارسة الفساد، بأنواعه المختلفة، يعتبر، كذلك، جريمة، وأن على الدولة أن تضع قوانين لممارسة مختلف المسؤوليات، يتضمن عقوبات، تختلف من مسؤولية، إلى مسؤولية أخرى، ومن مسؤول، إلى مسؤول آخر، وأن للدولة كافة الإمكانيات، التي تمكنها من ضبط جريمة الفساد، ومن ضبط المسؤولين، أثناء ارتكابهم لجريمة الفساد، والتلبس به، وضبط من يساهم في فساد الإدارة، وفساد المسؤولين عنها، حتى وإن كانوا أناسا عاديين، كما هو الشأن بالنسبة لمن سعى إلى إرشاء المسؤولين، أثناء ممارستهم لمهام المسؤولية، من أجل مخالفة الحق، والقانون، و بسبب الوقوف وراء ضياع حقوق الغير.

ب ـ للحرص على أن تكون مختلف المسؤوليات المختلفة، خالية من ممارسة الفساد، ومن أي نوع منه. والمسؤولون، كيفما كان مستواهم، غير ممارسين للفساد، سواء كان اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو إداريا، أو سياسيا، حتى يتجنبوا أن يوصفوا بالفاسدين، وأن على هؤلاء المسؤولين، أثناء ممارستهم للمسؤولية، أية مسؤولية، أن يضبطوا كل شخص حاول إغراء المسؤولين، بالقبول بممارسة الفساد، مقابل إرشائهم، سعيا إلى إعادة تربية الشعب، على الامتناع عن تشجيع ممارسة الفساد.

ج ـ دفع أفراد الشعب المغربي، إلى عدم تحمل مسؤولية إفساد المسؤوليات، والمسؤولين عنها، في مختلف مستويات المسؤولية، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية. والمبادرة بفضح الفساد القائم، في أي إدارة، والتصريح باسم المسؤول الممارس للفساد، مهما كان مستواه في المسؤولية، ومهما كانت المسؤولية التي يمارسها، سعي إلى جعل أبناء، وبنات الشعب المغربي، مساهمين في محاربة الفساد، في مختلف المسؤوليات، وفي صفوف مختلف المسؤولين، الذين يجب أن يتعدوا على عدم التفكير، في ممارسة أي شكل، من أشكال الفساد، حتى لا تهدر كرامتهم.

د ـ الاهتمام بتشريح مظاهر الفساد، في المستويات المختلفة، وخطورته على المسؤولين، وعلى مستقبل الشعب المغربي، وعلى سمعة الدولة المغربية، لأن الفساد، يبقى فسادا، ولأن الفساد، لا ينتج إلا الفساد. والحياة عندما تكون فاسدة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، فإن أمرها يصير بيد الفاسدين، والفاسدون عندما يتمكنون من البلاد، ومن الشعب، ومن المواطنات، والمواطنين، يسخرون البلاد، والشعب، والمواطنات، والمواطنين، لخدمة مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ولا يخطر على بالهم: أن البلاد في حاجة إلى من يخدم مصالحها، وأن الشعب في حاجة إلى من يخدم مصالحه، وأن المواطنات، وأن المواطنينن في حاجة إلى من يخدم مصالحهم. وهم جميعا محرومون من التحرير، تحرير الأرض، وتحرير الإنسان، ومن الديمقراطية بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من الشعب، وإلى الشعب، ومن العدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

فالاهتمام بتشريح الفساد، يقود إلى الوقوف على تعدد سلبياته، وعلى عمق تلك السلبيات، مهما كانت، وكيفما كانت، والتي لا تجني البلاد منها إلا الخراب، وسوء السمعة. ولا تجني الدولة منها إلا فقدان المصداقية، ولا يجني الشعب منها إلا دوس المصالح الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمدنية، ولا تجني المواطنات، والمواطنون منها، إلا الجهل، والأمية، والمرض، وانعدام العمل أمام الشابات، والشباب، واحتقار الفساد، وتكريس الدونية، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى درجة فقدان الإنسان في الواقع، بعدم احترام الحقوق العامة، والخاصة، وبعدم احترام حقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وعدم الاهتمام بتشريح الفساد، الذي أصبح سمة العصر، الذي نعيش فيه، وعدم مساءلة الواقفات، والواقفين وراء انتشار الفساد، أدى إلى تماديهم في إنتاج الفساد، والعمل على نشره من الشرق، إلى الغرب، ومن الشمال، إلى الجنوب، من هذه البلاد، وفي صفوف هذا الشعب، وبين المواطنات، والمواطنين، والحرص على أن يضرب بجذوره في أعماق الأرض، وبعروشه في عنان السماء، حتى يخالط الماء، والهواء، لتصير التغذية، التي نتغذى بها فاسدة، والماء الذي نشربه فاسد، والهواء الذي نستنشقه فاسد.

ولكن عندما نقوم بتشريح كل أشكال الفساد، وتبخيس مظاهره المختلفة، وعندما نجعل سلبياته واضحة للعيان، وعندما يدرك الناس خطورته على بلادنا، وعلى دولتنا، وعلى الشعب، وعلى المواطنات، والمواطنين، فإنهم يمسكون عن ممارسة الفساد، ويتجنبون القيام به، مهما كانت شروط العيش قاسية؛ بل يشرعون في مقاومته، ومحاربته، في أفق استئصاله، واجتثاث جذوره من البلاد، والقضاء عليه في صفوف الشعب، والحيلولة دون استمرار تفاعل المواطنات، والمواطنين، مع مظاهره المختلفة.

ه ـ الوقوف في وجه أدلجة الدين الإسلامي، باعتبارها من مظاهر الفساد، الذي يستهدف الدين الإسلامي، مما يجعل المؤمنين به، ينخدعون بتلك الأدلجة، التي صاروا يعتبرونها هي الدين، مع أنها هي مجرد إفساد للدين، الذي تحول بفعل الإفساد، من شأن فردي، إلى شأن جماعي، يعطي، لأي فرد، الحق في التدخل في شؤون الغير:

هل هو مسلم؟

هل هو غير مسلم؟

وإذا كان مسلما: لماذا لا يحضر إلى المسجد، لأداء الصلاة في وقتها؟

ولماذا لا يتصدق؟

ولماذا لا يزكي؟

ولماذا لا يصوم؟

ولماذا لا يؤدي فريضة الحج؟

ناسين، أن الإيمان بالدين، أي دين، أو عدم الإيمان به، شأن فردي: (فمن شاء فليومن، ومن شاء فليكفر)، كما جاء في القرءان. فالإيمان، والكفر، شأنان فرديان، وفي الحديث: (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فلا صلاة له).

ومعلوم أن المومن، لا يومن بدين معين، إلا إذا اقتنع به، والاقتناع بالدين، يجعل الملتزم بالإيمان به، يطمئن، لا من أجل ضمان الدخول إلى الجنة، أو تجنب الدخول إلى جهنم، بل لأن الإيمان بدين معين، بمثابة الدخول إلى مدرسة معينة، من أجل تلقي أصول التربية، كما يراها الدين الذي آمن به، أو إعادة التربية على ممارسة قيم ذلك الدين، في العلاقات العامة، وفي العلاقات الخاصة.

ه ـ رفض انتشار الفساد في المجتمع، بانتشار أدلجة الدين الإسلامي، من منطلق، أن كل مؤدلج للدين الإسلامي، يعتبر نفسه هو المومن بالدين الإسلامي، ومن لا يتفق معه في أدلجته للدين الإسلامي، يعتبر كافرا، وملحدا، وعلمانيا، حتى وإن كان إيمانه بالدين الإسلامي صحيحا، وبالتالي: فإنه يفتي فيه بالقتل، أو السبي، وتجريده من الأموال، التي يملكها، ويصير عبدا مملوكا لمؤدلجي الدين الإسلامي. والمرأة التي لا تقبل رأيهم، فيما يخص ما يسمونه (حجابا)، فإن هذه المرأة، تتعرض للتشهير، والتحقير، وتهان في كرامتها، ويجوز سبيها، هي وأسرتها: (زوجها وبناتها وأبناؤها)، لتصير أسر كاملة، مملوكة الرقاب للمؤدلجين، الذين يعاشرون محظياتهم من الإماء، متى شاءوا، ومع أي محظية شاءوا.

ولذلك، اعتبرنا أن أدلجة الدين الإسلامي، مفسدة له، وأن الدين الفاسد، لا يمكن أن يصلج المجتمع، بقدر ما يعمق فساده الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يصير موجها من قبل المؤدلجين، الذين يبيعون صكوك الغفران.

وانطلاقا من التعامل مع أدلجة الدين الإسلامي، على أنها إفساد للدين الإسلامي، فإن هذا الإفساد، يصبح جزءا لا يتجزأ من الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ بل إن الإفساد الديني، يتجاوز كل أشكال الفساد، التي يتقوى بها مؤدلجو الدين الإسلامي، وما الفتاوى التي يصدرها مؤدلجو الدين الإسلامي، في حق المومنين بالدين الإسلامي، إيمانا حقيقيا، سواء كان المومنون ينهجون نهج العلمانيين، أو يعتبرون أن الإيمان، أو عدم الإيمان، شأن فردي، أو يعتبرون أن المرأة إنسان، يجب أن تحظى باحترام الجميع لها، كإنسان، أولا، وأخيرا، لها نفس الحقوق، وعليها نفس الواجبات، التي للرجل، وعليه في المجتمع. وهي كالرجل في تحمل جميع المسؤوليات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ونحن عندما نعتبر: أن أدلجة الدين الإسلامي فساد، فلأننا نرى: أن الفساد ينتشر بشكل مهول، في اي مكان، يصير فيه المؤدلجون للدين الإسلامي، متمكنين من كل شيء، وخاصة السلطة، يصير الفساد ضاربا بأطنابه، ويصير فساد الاقتصاد منتشرا، وفساد الاجتماع متمكنا من العقول، والممارسات، وفساد الثقافة، التي تصير كافرة، إن لم تكن مؤدلجة للدين الإسلامي، منتشرة في منتوج مختلف القيم، التي تلتصق بسلوك الناس، وفساد السياسة، يصير مؤصلا في جميع أفراد المجتمع، وفساد الإدارة يصير هو المتحكم في العلاقة مع الإدارة في القطاعين: العام، والخاص.

وانطلاقا من هذا الارتباط القائم، بين انتشار أدلجة الدين الإسلامي، وانتشار الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، فإننا نعتبر: أن فساد الإدارة أيضا، يرتبط بأدلجة الدين الإسلامي، وفساد المدرسة العمومية، مرتبط بأدلجة الدين الإسلامي، وفساد الصحة، أيضا، مرتبط بأدلجة الدين الإسلامي.

وهذا الارتباط العضوي، أو الجدلي، أو التبعي، لا يزول، وبالتالي: فإن زوال الفساد، بأنواعه المختلفة، مرتبط كذلك، بزوال أدلجة الدين الإسلامي. وهذا الزوال: رهين بمدى انتشار الوعي بالذات، وبالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالموقع من علاقات الإنتاج، وبالإنسان في العامل، ولأجير، والكادح، وبخطورة الفساد، وخطورة أدلجة الدين الإسلامي على المجتمع، وعلى الإنسان فيه.

ولذلك، نرى: أن محاربة أي شكل من أشكال الفساد، يجب أن ترتبط بمحاربة أدلجة الدين الإسلامي، ومحاربة أدلجة الدين الإسلامي، لا يمكن أن تتم إلا بتجريم أدلجة الدين الإسلامي، واعتبار كل من يستغل الدين الإسلامي: أيديولوجيا، وسياسيا، مجرم في حق الدين الإسلامي، والعمل على حل الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي: أيديولوجيا، وسياسيا، باعتبارها مجرد منظمات إرهابية، واعتبار أن السماح بقيام المنظمات الإرهابية، إساءة إلى المجتمع، الذي تصير حرمة أفراده منتهكة، بفعل ذلك. وأي محاربة للفساد، بدون محاربة أدلجة الدين الإسلامي، لا يتجاوز أن يكون صبا للماء على حجر صلد.

وهذا الفساد، الذي يعرفه المغرب، بعد إقراد دستور فاتح يوليوز 2011، استفحل، وبلغ أشده، في ظل حكومة بنكيران، وفي ظل حكومة بنكيران الثانية، التي لم تخرج إلى الوجود، وفي ظل حكومة العثماني الأولى، والثانية، ما لم يتم اعتقال ممارسي الفساد، بأشكاله المختلفة، وحل جميع الأحزاب، والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، ومنع ظهور أي حزب، أو أي توجه مؤدلج للدين الإسلامي، سواء كان ذلك في السر، أو في العلن، ومحاكمة كل من يقبل على ذلك، في أي مكان، وفي أي زمان، والتنصيص، في الدستور الذي يجب أن يصير علمانيا، على ذلك، وإصدار قانون يجرم أدلجة الدين الإسلامي، مهما كان مستوى الأدلجة، حتى يتخلص المجتمع من أدلجة الدين الإسلامي، ومن الفساد، في نفس الوقت.