نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية.....8


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 20:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

اعتبار كل مسؤولية حكومية أو سلطوية أو برلمانية أو جماعية تستلزم التصريح بالممتلكات:.....3

4) والمرشحون إلى المسؤوليات الحكومية، أو البرلمانية، أو الجماعية، يمتنعون عن التصريح بالممتلكات. وإذا تم التصريح بها، فإن ذلك التصريح يكون مزورا. والتزوير صار يطال نتائج الانتخابات، كما يطال الشواهد، وكل ما يجري في المجتمع، بما في ذلك النتائج المعلنة عن الدراسة، وعن كل شيء في هذه الحياة، بما في ذلك، أيضا، البضائع. ولعل عدم الرغبة في التصريح بالممتلكات، أو تقديم تصريح مزور إلى المسؤولين، عن تلقي طلبات الترشيح إلى المسؤوليات الحكومية، أو البرلمانية، أو الجماعية. وذلك يرجع إلى:

ا ـ تربية معظم أفراد المجتمع، على ممارسة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهو ما يجعلهم قابلين بالفساد الإداري، والسياسي، ويعملون على بيع ضمائرهم إلى المرشحين، الذين يراهنون على شراء الضمائر، رغبة في الفوز في الانتخابات، التي يعتبرونها مجرد سوق للبيع والشراء، من أجل الفوز في الانتخابات. فهنا العارضون ضمائرهم للبيع، وهناك البسطاء بين البائع لضميره، وبين المرشح المشتري، الذي يخصص لذلك عشرات الملايين، إن لم تكن المئات، يشتري بها معظم نا خبي دائرته ،دون أن يقدم أي برنامج يعمل على إقناع الناخبين به، مما يؤدي، بالضرورة، إلى فوزه، وسقوط جميع المنافسين له، رغم أنهم كانوا يتقدمون إلى الناخبين ببرامجهم الانتخابية، ويعملون على إقناعهم بها، إلا أن فساد المجتمع، جعل النتيجة الانتخابية، تؤول إلى الفاسدين، الذين ينتمون، في معظم الأحيان، إما إلى الحزب الذي صنعته الدولة المخزنية، وإما إلى الأحزاب الإدارية، التي قام بصناعتها، في عهد الحسن الثاني، وزير الداخلية: إدريس البصري.

والفساد، عندما يسود في مجتمع معين، فإن جميع العمليات التي تجري فيه، لا تكون إلا مزورة، بما فيها الانتخابات. وكل من يتولى مسؤولية معينة، يصير فاسدا، وما تنتجه المؤسسات الفاسدة، لا يمكن أن يكون إلا فاسدا، خاصة، وأن نهب ثروات الشعب المغربي، الذي يمارسه العديد من المسؤولين، فساد، وسيادة الإرشاء، والارتشاء في الإدارة المغربية، فساد، والمحسوبية، والزبونية، والوصولية، والوساطة، في العلاقة مع الإدارة، فساد، والمجتمع الذي يعمه الفساد، والفاسدون، لا يمكن أن يكون إلا مجتمعا فاسدا، والأمور، كيفما كانت، في أي مكان، وفي أي زمان، لا يمكن أن تستقيم، إذا لم يتم وضع حد للفساد، وبكل مظاهره، وخاصة، الإداري، والسياسي.

ب ـ العمل على وضع حد للفساد، كيفما كان نوعه، ومهما كان مصدره، كمدخل لاستقامة ما يجري في المجتمع، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ومنها إلزام، والتزام المرشحين إلى المسؤوليات الحكومية، والبرلمانية، والجماعية، بالقطع مع كل أشكال الفساد، ويكتفون في برناجهم الانتخابي، بالشرح، والتحليل، وأن لا يتجاوز ذلك إلى أمور لها علاقة بالفساد الإداري، والسياسي.

وأي قطع مع الفساد، لا يعني بالنسبة إلينا، إلا:

أولا: عدم التفكير في الحصول على المال، بطرق غير مشروعة، كما هو الشأن بالنسبة للاتجار في الممنوعات، والتهريب، والتمتع بامتيازات الريع المخزني، وغير ذلك، مما يسيء إلى المرشح، ويجعل منه مجرد مرشح فاسد، لأن التمتع بالأموال، وبالاغتناء السريع، يجعل المرشح، مجرد مرشح فاسد. والمرشح الفاسد، عندما يصير عضوا في الحكومة، أو في البرلمان، أو في أي مجلس جماعي، من الجماعات الترابية، لا يمكن أن يعمل إلا على ممارسة الفساد الحكومي، أو الفساد البرلماني، أو الفساد الجماعي. ونحن نعرف أن المدخل لأي عمل جاد، ولصالح المجتمع، لا يمكن أن يكون إلا قاطعا مع الفساد، الذي يدر الثروات الهائلة على ممارسه.

ثانيا: عدم الترشيح للانتخابات، إلا إذا كان المرشح متأكدا من أنه قد يصبح مسؤولا حكوميا، أو برلمانيا، أو في إحدى الجماعات الترابية، حتى يستطيع تقديم الخدمات إلى الشعب، من موقع المسؤولية الحكومية، أو من موقع المسؤولية البرلمانية، أو من موقع المسؤولية الجماعية. أما إذا ترشح، وهو فاسد، فلا يمكن أن ينتج إلا الفساد. ولذلك اعتبرنا: أن على الإنسان الفاسد، أن لا يفكر في الترشيح، لأن تربيته على الفساد، لا يمكن أن تنتج إلا الفساد، حتى وإن كان في موقع المسؤولية.

ثالثا: عدم نسيان: أن عين الرقيب ترصده، باستمرار، آناء الليل، وأطراف النهار، سواء كان هذا الرقيب لجهة حراسة الأموال، وتتبع حركتها، وبالطرق العلمية، وعبر مراقبة الحسابات المالية، او عبر تتبع العلاقات، أو رصد ما يجري في أي إدارة، من أجل تسجيل التجاوزات، التي وقعت عن قصد، أو عن غير قصد، لاستحضار كل ذلك، عندما تكون هناك مساءلة إدارية، أو قضائية، أو من أجل المحاسبة في نهاية كل سنة، أو عند انتهاء مدة تحمل المسؤولية.

والمسؤولون عندنا في هذا البلد، لا يضعون في اعتبارهم: أنهم مراقبون، ولا يراقبون هم أنفسهم ممارستهم، مما يجعلهم يتمادون في النهب، وفي الارتشاء، وفي تفويت ممتلكات الدولة، أو الجماعة، بطرق غير مشروعة، معتبرين المسؤولية مدخلا للتعامل مع دائرة المسؤولية، وكأنها ضيعة يملكونها، يفعلون بها ما يشاءون ،دون حسيب، أو رقيب.

رابعا: عدم اعتبار أن الشعب يراقبهم، ويتتبع خطواتهم، سواء كانوا مسؤولين حكوميين، أو برلمانيين، أو جماعيين، خاصة، وأن المسؤولية تعمي الأبصار، والأبصار عندما تصير عمياء، تفقد القدرة على الرؤيا النظرية، أما البصرية العينية، فلا تفيد شيئا، إذا كانت الرؤيا النظرية غير قائمة أصلا، عند أي مسؤول حكومي، أو برلماني، أو جماعي، ولا يدركون أن الشعب، لا ينام أبدا، فهو مستيقظ باستمرار، من أجل تتبع زلات المسؤولين، ويحصي عليهم ما يقومون به، سواء كان إيجابيا، أو سلبيا، ولا يسعون، أبدا، إلى استحضار أهمية تقديم الخدمات، للشعب المغربي، ولا يضعون في اعتبارهم إعداد المجال، على المستوى المحلي، والإقليمي، والجهوي، والوطني، إعدادا جيدا، يمكن الشعب من التمتع به، وما يستحضرونه في أذهانهم، هو كيف ينمون ثرواتهم الخاصة، عن طريق نهب ثروات الشعب، وعن طريق الإرشاء، والارتشاء، وعن طريق الامتيازات الريعية، التي يحصلون عليها، لهم، ولأقاربهم، وقريباتهم، وعن طريق الانخراط في الاتجار في الممنوعات، وعن طريق التهريب، من، وإلى المغرب.

ومعلوم، أن الشعب المغربي، لا يترك صغيرة، ولا كبيرة، إلا ويحصيها، حتى يستحضرها في اليوم الموعو، الذي لا بد أن يأتي ليفرض الشعب إرادته، بقوة الواقع.

ج ـ الحرص على تصفية كل مظاهر الفساد، القائمة في المجتمع، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، أو إدارية. ونحن نعلم أن تصفية كل مظاهر الفساد، ليست عملية سهلة، بل هي عملية صعبة كثيرا، وصعوبتها آتية من الفساد، الذي صار متجذرا في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهذا التجذر، يشبه كثيرا ضخ الدم في أنسجة الجسم. والفساد بكل أنواعه، تم ضخه في المجتمع، إلى درجة فساد كل الخلايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وهو ما يترتب عنه: أننا إذا طلبنا من المسؤولين الحكوميين، أو البرلمانيين، أو الجماعيين، الحرص على تصفية كل مظاهر الفساد، فإن هذا الحرص، قد يأتي على معظم أفراد المجتمع، الذين يمارسون شكلا معينا، من كل أشكال الفساد، المنتشرة في مختلف الخلايا القائمة في المجتمع، سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية.

ومن أجل العمل على استئصال كل مظاهر الفساد في المجتمع، لا بد من:

أولا: القيام بحملة إعلامية، عن طريق وسائل الإعلام السمعية / البصرية، والمقروءة، والإليكترونية، من أجل بث الوعي في صفوف الجماهير الشعبية بصفة عامة، وفي صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي صفوف التلاميذ، في المدارس الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، والجامعية، من جهة أخرى، من أجل أن يدرك الجميع، خطورة الفساد، على جميع المستويات، في الحياة العامة، والخاصة.

ثانيا: تحرك أجهزة الأمن المختلفة، والمختصة، على المستوى الوطني، من أجل ضبط حالات الفساد الاقتصادي، أو الاجتماعي، أو الثقافي، أو السياسي، المتمادية في ممارسة الفساد، ليل نهار، ومن أجل إجراء التحقيقات الضرورية، من أجل وضع اليد على الواقفين وراء بث الفساد في المجتمع، وانتشاره فيه، وإعداد التقارير اللازمة، وعرضهم على أنظار المحاكم، التي يجب أن تكون في حالة انعقاد مستمرة، من أجل إنزال أقسى العقوبات اللازمة، بالمتمادين في إنتاج الفساد في المجتمع، وخاصة منها ظاهرة الاتجار في المخدرات، وتهريب البضائع، والاتجار في ممنوعات أخرى، والإرشاء، والارتشاء، وغيرها، مما يعتبر فسادا واضحا في الواقع، ومضرا بمستقبل الشعب المغربي، ومستقبل الوطن.

ثالثا: سحب كافة امتيازات الريع، وما ترتب عنها من استغلال مادي، ومعنوي، وما تراكم لديهم من ثروات، وضم كل ذلك إلى خزينة أموال الشعب، التي يجب أن تكون في خدمته، لا في خدمة الخواص، من أصحاب الامتيازات الريعية، والذين رفضوا التنازل عن تلك الامتيازات، ورفضوا تسليم ما راكموه من ثروات، في أفق إرغامهم على الالتزام بالتخلي عن امتيازات الريع، والعمل على مصادرة ممتلكاتهم، التي تكونت عندهم من الريع المخزني، الذي كانوا يتمتعون به.
رابعا: تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع، ذكورا، وإناثا، من منطلق: أن المساواة بين الناس جميعا، هي الأصل، وأن عدم المساواة بسبب اللون، أو اللغة، أو المعتقد، أو الملكية، أو الانتماء إلى القبيلة، أو الطائفة، أو الجنس، مسألة عارضة، حتى يصبح الحق، والقانون، هو الوسيلة المثلى لتنظيم المجتمع، على أساس المساواة بين الأفراد جميعا. والذين يرفضون المساواة، بين جميع الأفراد، يحرصون على التفرقة بين أفراد المجتمع، على أساس اللون، أو اللغة، أو المعتقد، أو الملكية، أو الانتماء القبلي، أو الطائفي، أو الجنس؛ لأن سيطرتهم على المجتمع، وتحكمهم فيه، قائمة على أساس مبدإ: فرق، تسد. أما المساواة بين جميع أفراد المجتمع، فيحقق الوحدة فيما بينهم، والوحدة، لا يمكن أن تكون السيادة فيها إلا للشعب.

خامسا: تجريم أدلجة الدين الإسلامي، التي أثبتت الشروط الموضوعية القائمة، أنها تلحق الأضرار الكبيرة بالمجتمع، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خاصة، بعد أن وصلوا إلى السلطة، في بعض البلدان، ومنها المغرب، بعد ما صار يسمى بالربيع العربي، وعن طريق صناديق الاقتراع، التي تتحكم فيها أمور أخرى، من غير الاقتراع المباشر، في البلدان ذات الأنظمة التابعة، ليبرهنوا، بممارستهم، ضد الشعوب، وضد حقوق الإنسان، وضد المرأة، وضد حرية المعتقد، التي نناضل من أجلها، ومع الليبرالية الجديدة، التي تكرس الاستغلال الهمجي للمجتمع، وخاصة، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والهجوم على الشعب المغربي، من خلال الزيادة في الأسعار، والتراجع على المزيد من المكتسبات، بما فيها مكتسب التقاعد، وشرعنة التعاقد في التوظيف بصفة عامة، وخاصة في قطاع التعليم، مما لا تستفيد منه إلا الطبقة البورجوازية، والإقطاع، والتحالف البورجوازي الإقطاعي. وهو ما يعني ضرورة تجريم أدلجة أي دين، وخاصة أدلجة الدين الإسلامي، نظرا لما تجره من كوارث على المجتمع المغربي، كما على المجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

د ـ السعي إلى إعادة البناء، على أسس سليمة، وانطلاقا من الاختيارات البديلة، الديمقراطية، والشعبية، والعلمانية، يسود فيها الشعب على نفسه، في إطار ملكية برلمانية، يسود فيه الملك، ولا يحكم، وتجري فيها انتخابات حرة، ونزيهة، لفرز برلمان بغرفة واحدة، أو بغرفتي مجلس النواب، ومجلس المستشارين، وتتكون الحكومة على أساس أغلبية مجلس النواب، التي تكون للحزب الواحد، أو لتحالف الأحزاب، ويترأسها الحزب الذي يأتي الأول، على مستوى عدد المقاعد من مجلس النواب، الذي تصير له سلطة الحكومة، يقترح التشريعات، وينفذ منها ما يستعجل تنفيذه، على أساس القبول بالمساءلة أمام مجلس النواب، والمستشارين، قبل أن يساءل من طرف الشعب، في الانتخابات المقبلة التي تكون حرة، ونزيهة، تجري تحت إشراف هيأة حرة، ومستقلة.

وتعمل الحكومة المنتخبة، على أساس عرض برنامج معين، اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، مبني على أساس ما ورد في برامج أحزاب الأغلبية، حتى تتم المصادقة عليه في البرلمان، ولا بأس أن يراعي ما ورد في برامج أحزاب المعارضة، التي تم الترويج لها في الانتخابات البرلمانية، نظرا للدور الذي تلعبه المعارضة، في تقويم اعوجاج البرنامج الحكومي، ونظرا للدور الذي تقوم به تلك البرامج، في رفع مستوى وعي المواطنات، والمواطنين، الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والحقوقي، بالإضافة إلى مستوى الوعي بالذات، وبعلاقات الإنتاج، وبالوعي الطبقي، حتى إذا تمت المصادقة على ذلك البرنامج، يصير مرجعا في العمل الحكومي. وتساءل الحكومة عن كل قراراتها، أمام البرلمان بغرفتيه، على أساس البرنامج المصادق عليه في البرلمان: (مجلس النواب ومجلس المستشارين).

ذلك أن الالتزام بالبرنامج الحكومي، والالتزام ببنوده، وبكل فقراته العامة، والفرعية، وعدم الإرشاء، والارتشاء الذي يختفي من المجتمع بصفة نهائية، وعدم الاتجار في الممنوعات، وعدم تهريب البضائع، من وإلى المغرب، يعطي الشرعية للممتلكات المضافة، إلى الممتلكات المصرح بها.