تصاعد عضوية الاشتراكيين الديمقراطيين في الولايات المتحدة


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 22:33
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

استخدم وبشكل متزايد نشطاء وقياديون من الاشتراكيين الديمقراطيين في والولايات المتحدة، التي تعتبر واحدة من منظمات اليسار الأكثر تأثيرا في البلاد، وناشطون يساريون، " التويتر" في الاسابيع الماضية، للتعبئة ولتقييم الأحداث السياسية والتعليق عليها. وكان آخرها حملة "انتمى الى الاشتراكيين الديمقراطيين"، التي اعطت نتائج ملموسة. فمنذ بداية العام، انتمى قرابة 5 آلاف عضو جديد، في عموم البلاد الى المنظمة. وفي الايام التي أعقبت انطلاق لانتخابات التمهيدية، في بداية اذار الحالي، لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي لخوض السباق الانتخابي الرئاسي في تشرين الثاني المقبل. وحسب متحدث باسم المنظمة، تضاعفت عضويتها 5 مرات.
وتقول ناتاليا ميديري رئيسة اللجنة الوطنية للاشتراكين الديمقراطيين إن مؤسسة الحزب الديمقراطي السياسية قامت خلال الانتخابات التمهيدية بـ” حملة للحفاظ على الوضع الراهن" وحاولت "انتزاع قوة ناخبي بيرني ساندرز". وبخصوص تصاعد القوة التنظيمية لمنظمتها، قالت رئيسة اللجنة الوطنية "هذه تجربة جذرية بشكل لا يصدق، وخاصة بالنسبة للشباب". وإن حملة المؤسسة ضد ساندرز تظهر "القيم الحقيقية للحزب الديمقراطي" وقصورها فيما يخص "التحول" الاجتماعي للولايات المتحدة. واضافت” في هذه اللحظة ينتمي الناس الى الاشتراكيين الديمقراطيين لأننا جزء من حركة متنامية للعاملين ضد سلطة المليارديرية". وحاليا تضم المنظمة قرابة 60 ألف عضو. والمنظمة لا تنشر بانتظام قوامها التنظيمي بدقة.
يربط الاشتراكيون الديمقراطيون في الولايات المتحدة العمل في الحركات الاحتجاجية، والنقابات والسياسة الانتخابية، لذا قرر مؤتمر المنظمة المنعقد في آب 2019 في اتلانتا، والذي يمثل اعلى هيئة ديمقراطية فيها، تبني الاستراتيجية المزدوجة، اي دعم حملة ساندرز الانتخابية بحدود معينة، وتبني المشاريع السياسية الأخرى. وفي بداية حملة ساندرز، ربط نشطاء المنظمة صراحة بين التزامهم بدعم الحملة الانتخابية، وتوسيع بنيتهم التنظيمية. ونفذ النشطاء في سياق حملة ساندرز حملة لطرق الابواب لتحقيق الهدفين. ويبدو أن النجاح كان حليفهم. وتشير الزيادة الكبيرة في قبول طلبات الانتماء في الأسبوعين الفائتين، الى امكانية استمرار النمو في الأسابيع القليلة المقبلة. ومنذ تراجع حملة سأندرز بدءا من نتائج الولايات فيما يسمى بالثلاثاء الكبير وفق السيناريو المتوقع، لعدم وجود نقطة شروع عادلة بين المتنافسين، وللتراكم الكبير لهيمنة راس المال، كما حدث في عام 2016، فان النشطاء الجدد بدأوا يبحثون عن بيت سياسي دائم، لا ينحصر بالحملات الانتخابية على اهميتها الفائقة، وخصوصا أولئك الذين خيبت المؤسسات التقليدية في الحزب الديمقراطي الامريكي أملهم.
وبعد حملة ساندرز الرئاسية الأولى، كانت هناك زيادة قوية في عضوية المنظمة بعد النجاح المدهش للحملة. لقد غير الناشطون الشباب قبل ثلاث سنوات طابع المنظمة، التي كانت في السابق ناديًا للنقاش بين أساتذة الجامعات اليساريين وقدامى اليسار، وكانت تضم في صفوفها قبل عام 2016 قرابة 10 آلاف عضو فقط، لكن الشبيبة الساعية الى "ثورة سياسية" حققوا زيادة غير مسبوقة في عضوية المنظمة بلغت في الصيف الفائت قرابة 56 ألف رفيقة ورفيق.
تنشط المنظمة في أكثر من 200 مدينة أمريكية في شكل تنظيمات محلية الى جانب منظمات طلابية في الجامعات واخرى للشبيبة، وتتصرف بشكل متزايد كحزب مستقل، وتمتلك الآن قرابة 100 ممثل منتخب في بلديات المدن وبرلمانات الولايات، فضلا عن تمثيلها في الكونغرس، بالنائبة الشابة الكسندرا أوكاسيوكورتيز، والتي اصبحت من المع وجوه اليسار الأمريكي، ورفيقتها رشيدة طليب وهي اول امريكية –فلسطينية تدخل مجلس النواب الامريكي.
وتعتمد المنظمة علاقات واقعية إستراتيجية - تكتيكية بالديمقراطيين. ويرشح أعضاؤها على القوائم الانتخابية للحزب الديمقراطي، لكنهم يحتفظون بتنظيمهم المستقل، ووفقًا لإستطلاعات الرأي يصنف قرابة 10 بالمائة من الديمقراطيين الأمريكيين في الولايات المتحدة على أنهم "اشتراكيون ديمقراطيون". وهذا يعني ان المنظمة تمتلك رصيدا جماهيريا يقدر بالملايين. وفي مؤتمرها الأخير وضعت المنظمة هدفا لإيصال قوامها التنظيمي الى 100 ألف منتم، وتقول المتحدثة باسم المنظمة "نحن نواصل العمل لتحقيق هذا الهدف".
ان ما حققه الاشتراكيون الديمقراطيون هو انجاز مهم لليسار في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك لليسار العالمي، لان هذا التطور يحدث في مواجهة النظام السياسي الأشد عداءً للشيوعية واليسار، وخصوصا في عهد رئيس أمريكي يمني متطرف يعتمد الكراهية العنصرية والخطاب الشعبوي.
ولم تعد مفردة الاشتراكية تثير مخاوف الأمريكيين، كما كان عليه الحال في سنوات الحرب الباردة، وعقود حملة المكارثية المعادية للشيوعية، فهي اليوم تعني بالنسبة لكثير من الامريكان عدالة توزيع الثروة وتساوي الفرص الاقتصادية