القطاع العام، والقطاع الخاص: أية علاقة؟.....9


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 14:30
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

خلاصة عامة:

وما نستخلصه مما رأينا، أن القطاع العام ضروري، وأساسي، في مجتمع نام كالمغرب، وفي مجتمع متخلف، كالمجتمع المغربي، وأن القطاع الخاص، يعيش على الهامش، ولا يمكن أن يقوم إلا بدور ثانوي، بالنسبة إلى الدور الذي يقوم به القطاع العام، إلا أن ما هو قائم، بالفعل، في الواقع المغربي، الذي نعيشه، في ظل دولتنا الفاسدة، هو: أن القطاع العام، أصبح في خدمة القطاع الخاص، ودعمه، وإعداد المجتمع، من أجل اعتماد خدمات القطاع الخاص، وحتى تكون المفاهيم، وخاصة مفهوم القطاع العام، والقطاع الخاص، واضحة في الأذهان، فإننا نكون قد تناولنا، في هذه الأرضية، عن (القطاع العام)، و (القطاع الخاص)، والعلاقة بينهما.

وهل هي علاقة جدلية؟

أو علاقة عضوية؟

وهل هي علاقة إيجابية؟

أو علاقة سلبية؟

مع رصد اتجاه العلاقة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، إلى تحقيق التوازن الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، أو رصد اتجاه تلك العلاقة، إلى تغليب ما هو عام، على ما هو خاص، لحسابات معينة، أو تغليب ما هو خاص، على ما هو عام، لحسابات أخرى، مع مراعاة ما تقتضيه مصلحة الشعب، أو ما يقتضيه تغليب العام، على الخاص، أو تغليب الخاص، على العام، في جميع القطاعات، أو ما تقتضيه مصلحة الطبقة الحاكمة، من تغليب العام على الخاص، أو تغليب الخاص على العام، في جميع القطاعات، مع الوقوف على رأي حقوق الإنسان، في العلاقة بين القطاع العام، والقطاع الخاص، مع رصد ما يقتضيه هذا الرأي، من أن تسييد القطاع العام، ينتج لنا احترام حقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، أو أن تسييد القطاع الخاص، ينتج لنا نفس الاحترام، أو أن القطاع العام، والقطاع الخاص، معا، لا ينتجان أي شكل من أشكال احترام حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ومعلوم أن النقابات، تناضل من أجل تسييد القطاع العام، من منطلق أنه يتوفر على إمكانية الاستجابة للمطالب النقابية، بخلاف القطاع الخاص، الذي يمتنع مسؤولوه عن الاستجابة للمطالب النقابية، ويعملون على توقيف كل عامل، أو أجير، ينخرط في نقابة ما، مهما كانت تحريفية، أو في النقابة المعروفة بنضاليتها، وإخلاصها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وقد تعمل بعض النقابات، على تسييد القطاع الخاص، باعتباره هو الذي ينتج الاستجابة للمطالب الشغلية: المادية، والمعنوية.

وبعيدا عن النقابة، والعمل النقابي، والعمل على تسييد القطاع العام، على القطاع الخاص، أو العكس، نجد أنفسنا، أمام ملاءمة القوانين المعمول بها، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى نتحدث عن تسييد القطاع العام، أو القطاع الخاص.

كما أن النقابات، يجب أن تناضل من أجل تفعيل السلم المتحرك، حتى تطمئن على مستقبل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سواء كانت في ظل تسييد القطاع العام، أو في ظل تسييد القطاع الخاص.

إن الأمر، مهما كان، يتعلق باحترام القوانين المعمول بها وطنيا، ودوليا، كما أنه يتعلق بقيام الدولة بفرض احترام حقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها دوليا، بالإضافة إلى كونه متعلقا بقيام الدولة المغربية، بفرض احترام السلامة البدنية، والروحية، لكافة المواطنات، والمواطنين، على حد سواء، بدون تمييز فلان، عن علان، كما أنه يجب على الدولة، بجميع أجهزتها، بما فيها جهاز القضاء، أن لا تتحرك إلا في إطار القانون، وأن لا تنحاز إلى أي جهة كانت، وكيفما كانت، وأن يعتبر المواطنون أنفسهم سواء، أمام القوانين المعمول بها، وأمام الدولة، وأمام القضاء. وهو ما يعني: أن من واجب كل مواطنة، وكل مواطن، أن تحرص، وأن يحرص على حماية حقوق الإنسان، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من الانتهاكات الجسيمة، وغير الجسيمة. وما دام من واجبهم ذلك، فمن حقهم أن يعرفوا حقوقهم الإنسانية، وحقوق الشغل.

والدولة، يجب أن تتحمل مسؤوليتها، في جعل كل مواطنة، وكل مواطن، مستعدة، ومستعد لحماية الحقوق الإنسانية، والشغلية، ومواجهة كل من ينتهك تلك الحقوق، مهما كانت؛ لأن الانتماء إلى الوطن، انتماء إلى الدولة، والانتماء إلى الدولة، انتماء إلى الوطن، والانتماء إليهما معا، يقتضي التمتع بحقوق الإنسان، وحقوق الشغل.

والدولة، باعتبارها، هي التي تحكم الوطن، وتحكم الشعب، من واجبها أن تضمن الحقوق الإنسانية، والشغلية، لكل أفراد الشعب، مهما كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو لغتهم، لأن قيام الدولة بواجبها، تجاه المواطنات، وتجاه المواطنين، من عوامل تقدم الشعب، وتطوره، والشعب المغربي، معني بما تكون عليه دولته. واحترام القوانين المعمول بها، تكريس للاحترام المتبادل بين الدولة، والشعب.

فهل نكون قد أتينا على تناول كل ما يتعلق بمفهوم القطاع الخاص، وبمفهوم القطاع العام، والعلاقة بينهما؟

أم أن تناولنا للمفهومين، معا، وللعلاقة بينهما، قد خالطه شيء من القصور؟

إننا عندما نطرح موضوعا للنقاش الواسع، والمتأني، والهادئ، كما هو الشأن بالنسبة لموضوع القطاع العام، والقطاع الخاص، فلأننا لا نطرحه من أجل ادعاء المعرفة به، إلى درجة الإحاطة؛ بل لأن درجة المعرفة، تبقى قاصرة، ونسبية، ودرجة قصورها، ونسبيتها، تحتاج إلى مساهمة الجميع في النقاش الواسع، وصولا إلى أن تكون الأمور واضحة، في مختلف مستويات الأذهان، حتى يساعد ذلك، على أن الشعب المغربي، المعني في علاقته بالقطاع الخاص، وبالقطاع العام، سعي إلى تحرير القطاع العام، من خدمة الحكام، بصيرورته وسيلة للإثراء السريع، عن طريق النهب الممنهج لثروات الشعب المغربي، وعن طريق الإرشاء، والارتشاء، اللذين يترتب عنهما إلحاق الأضرار بشرائح عريضة من المجتمع، مهما كان، وكيفما كان، بسبب ضياع حقوق تلك الشرائح، التي صارت ضحية التلاعب، والتحايل على القانون، الذي يمارسه الحكام المرتشون، الذين ينخدعون بما يدعيه الراشون، مما يؤدي، بالضرورة، إلى ضياع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

فما تستفيده المواطنات، والمواطنون، من خدمات القطاع العام، يصير في ذمة التاريخ، بسبب نهب ثروات الشعب المغربي، من قبل المسؤولين عن القطاع العام، وبسبب سيادة الإرشاء، والارتشاء، في هذا القطاع، أو القطاع الخاص، الذي صار القطاع العام في خدمته، مهما كان، وكيفما كان، فلا يستفيد من تلك الخدمة المواطنون، وخاصة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلا الانتهاكات الجسيمة للحقوق الإنسانية، والشغلية، مما يقتضي إعادة النظر، في كيفية التعامل مع القطاعين معا، سعيا إلى جعل المواطنات، والمواطنين، يحددن، ويحددون الموقف منها، في أفق صياغة أسلوب جديد، للتعامل معهما، في أفق جعلهما في خدمة الإنسان، وبعد توقفهما، نهائيا، عن إنتاج الانتهاكات الجسيمة، وغير الجسيمة، للحقوق الإنسانية، والشغلية، في أفق صيرورة القطاع العام، متحررا من التبعية للقطاع الخاص، سواء تعلق الأمر بالتعليم، أو بالصحة، أو بالإدارة العمومية، أو بالمحكمة، أو غير ذلك، حتى يصير قولا، وعملا، في خدمة مصالح المواطنات، والمواطنين، وخاصة منه، ما يتعلق بالإدارة الجماعية، التي تلجأ إليها المواطنات، والمواطنون، في معظم الخدمات، بالإضافة إلى النضال المستميت، من أجل ممارسة الضغط اللازم، على القطاع الخاص، من أن يصير محترما للحق، والقانون، وأن لا يستغل شراء قوة العمل العضلي، أو الذهني، من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يستعبدهم جميعا، بسبب حاجتهم إلى بيع قوة عملهم العضلي، أو الذهني.

فهل عملنا على جعل مفهوم القطاع العام، واضحا في الأذهان؟

وهل عملنا على جعل مفهوم القطاع الخاص، واضحا كذلك؟

وهل وقفنا عل طبيعة العلاقة القائمة بينهما بالفعل؟

وهل استطعنا أن نضع تصورا لما يجب أن تكون عليه العلاقة بينهما؟

وهل وقفنا على أن القطاع العام، لم يوجد إلا من أجل أن يصير في خدمة المواطنات، والمواطنين؟

وهل عملنا على جعل القطاع الخاص، ملتزما بالقوانين المعمول بها، وبحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبالحقوق الشغلية؟

وهل وفقنا، في اقتراح جعل القطاع الخاص، في خدمة القطاع العام، وتحت وصايته، وفي ظل مراقبته؟

إننا، ونحن نطرح موضوع القطاع العام، والقطاع الخاص للنقاش العام، لا نسعى إلا إلى تسليط الضوء على القطاع العام، وعلى القطاع الخاص، على حد سواء، من أجل أن يصيرا معا، في خدمة الإنسان، مهما كان هذا الإنسان. وفي خدمة مصالح الشعب، فليتنافس القطاع العام، والقطاع الخاص.

ابن جرير في 24 / 06 / 2019