بواء كورونا فيروس – كوفيد - 19 : نظرة شيوعية ثوريّة


شادي الشماوي
الحوار المتمدن - العدد: 6516 - 2020 / 3 / 17 - 13:52
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات     

منذ أسبوع تقريبا ، ترجمنا و نشرنا على صفحات الحوار المتمدّن مقالا عنوانه " فيروس كورونا و الهيمنة الإمبريالية على العالم " ورد في الأصل بجريدة " الثورة " ، لسان حال الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، كانت بؤرة تركيزه شرح أبرز الجوانب الطبّية لهذا الفيروس و فضح تعاطى القوى الإمبرياليّة المهيمن على العالم مع البواء الذى ما إنفكّ ينتشر و إستهانتها بحياة البشر و المتاجرة به .
و قد صدرت في العدد الجديد من ذات الجريدة ، العدد 639 ، بتاريخ 16 مارس ، و في صفحة خصّصت بالموقع لمتابعة مستجدّات الوباء و تقديم الحقيقة حوله ، مقالات غاية في الأهمّية ، نقترح على المنشغلين بالأمر و المشتغلين عليه الإطّلاع عليها عن كثب و مباشرة وهي على التوالي :
- " الحقيقة الفعليّة حول فيروس كورونا : ما هو هذا الفيروس و كيف نواجهه ."،
و رابط المقال على الأنترنت هو :

https://revcom.us/a/639/real-truth-on-the-coronavirus-what-it-is-and-how-to-confront-it-en.html

و قد شُفع هذا المقال بمساحة أفردت للإجابة على الأسئلة المتواترة بشأن وباء فيروس كورونا وهو قسم في منتهى الأهمّية العمليّة أيضا .

- " ترامب حول غوغل و كورونا فيروس : نشر الأكاذيبب و جهل ." ،
و رابط المقال على الأنترنت هو :
https://revcom.us/a/639/trump-on-google-and-the-coronavirus-spewing-lies-and-ignorance-en.html

و فضلا عن نقد التعاطي الرجعي الإمبريالي مع هذا الوباء لقيام الأنظمة الإمبريالية و الرجعية السائدة في العالم على مبدأ الربح ثمّ الربح فالربح عبر إستغلال معظم الإنسانيّة و إضطهادها ، للتعريف الدقيق و الواضح بالبديل الشيوعي الثوري إصطفينا تقديم كامل مقال " كيف ستتعاطى الثورة [ الشيوعية ] مع الرعاية الصحّية ، بما فيها الأوبئة ". و مضنونه مقتطف من " دستور الجمهوريّة الإشتراكية في شمال أمريكا " الذى نقلنا إلى العربيّة منذ سنوات الآن و نشرنا ضمن العدد 10 من " الماويّة : نظريّة و ممارسة " تحت عنوان " الثورة البروليتارية فى أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة و فى البلدان الإمبريالية – تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية." ( متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن )
"
ح – الصحّة و الطبّ :
1- هدف الجمهورية الإشتراكية الجديدة فى شمال أمريكا فيما يتصل بالصحّة و الطبّ هو تشجيع الصحّة و الرفاه الشاملين للناس و كبعد مفتاح فى هذا ، أن توفّر للناس فى المجتمع ككلّ الرعاية الصحّية بكلفة منخفضة و فى النهاية مجانا – و أن تطوّر بإستمرار الرعاية الصحّية و تحسّنها. و تعمل حكومة هذه الجمهورية كذلك على ضمان تلبية الحاجيات الغذائية للسكّان.
و ستقام البحوث و الأعمال لتوقّع قدر الإمكان ، إندلاع أمراض و أوبئة و منع هذا الإندلاع بأكبر قدرة ممكنة ، و إكتشاف مثل هذه العدوى و الأوبئة و معالجتها بأسرع و أكثر فعالية ممكنة أينما و كلّما لا يمكن منع إندلاعها.
2- و بإتفاق مع هذا التوجه العام ، بينما يُولى الإنتباه لمعالجة المرض ، بما فى ذلك المعالجة العالية الإختصاص ، و للبحث العلمي ، ( و بهذا الصدد ستكرّس المبادئ المناقشة أعلاه فيما يتصل بالعلم و البحث العلمي ) و سيقع التشديد على الوقاية من المرض عبر التشجيع على التغذية الصحية و الرياضة و كذلك وسائل أخرى و على إكتشاف قبلي و معالجة المرض بأكبر قدر ممكن.
3- متشبّثين بالمقاربة العلمية و كذلك بالتوجه الأممي ، يجب تقاسم البحث و التطوير، و التطويرات العملية ، فى الحقل الطبّي ، أتمّ تقاسم ممكن مع الناس فى هذا الحقل ( و الحقول المرتبطة به) فى نواحي أخرى من العالم ، و يجب تشجيع التعاون و تفعيل إكتشاف و مواجهة إندلاع أمراض و أوبئة و الوقاية منها و كذلك معالجة المرض، و التطوّر الشامل للعلم الطبّي و تطبيقاته العملية عبر العالم.
4- و التوجه الذى يجب تشجيعه و تركيزه كمعيار للمحترفين و غيرهم فى المجال الطبّي هو خدمة الشعب. وفى معالجة المرض و فى مظاهر أخرى من الطبّ يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الأحاسيس و كذلك تجارب معرفة المرض لدى الناس بصورة أوسع و إعتمادها تماما كأساس لازم و مصدر أساسي فى ممارسة الطبّ و تطوّر علم الطبّ و تطبيقه. "
--------------------------------------------
و على من يرغب / ترغب في الإطّلاع المباشر و عن كثب على مواقف الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) بشأن إستشراء الوباء و ما يجرى بإيطاليا ، أن يتوجّه إلى بياناته الصادرة على الأنترنت و أحد روابطها هو :
https://maoistroad.blogspot.com/
------------------------------------
و أدناه نعيد نشر مقال :
فيروس كورونا و الهيمنة الإمبرياليّة على العالم
"COVID-19 العنوان الأصلي للمقال هو " أفكار قارئ حول وباء فيروس كورونا
جريدة " الثورة " عدد 637 ، 2 مارس 2020
https://revcom.us/a/637/thoughts-from-a-reader-on-the-coronavirus-en.html

كنت من المتتبّعين للأخبار و التحاليل المتّصلة بتطوّر أزمة فيروس كورونا [ أو كوفيد- 19] و أودّ أن أسوق ملاحظاتى بهذا المضمار . و قد سعيت إلى أن أقيّم التطوّرات على ضوء المسال الثلاث التالية :
ما الذى يحدث ؟
لماذا يحدث هذا ؟
أين تكمن مصالح الإنسانيّة ؟
و إليكم بعض أفكاري بشأن هذه الأزمة البارزة ، وهي مقسّمة إلى قسمين كبيرين : بعض المعلومات الأساسيّة و أفاق ازمة فيروس كورونا ؛ و نظام ترامب / بانس الفاشي يجعل هذه الأزمة تزداد سوءا -و الخطر قد يكون يخطو خطواته الأولى لا غير .
بعض المعلومات الأساسيّة و أفاق ازمة فيروس كورونا
فيروس كورونا الجديد ظاهرة طبيعيّة لكن كيفيّة التعاطى معه تجرى في إطار إجتماعي . إنّ الفيروس الذى ظهر في الصين معروف بأنّه كوفيد 19 وهو من عائلة فيروسات مترابطة بيولوجيّا تطلق عليها تسمية فيروسات كورونا . و ظهور هذا الفيروس في الصين و غنتشاره هناك ما كان متوقّعا و لا منتظرا . فقد كان " خرج مجال النظر " ، و بهذا المعنى هو شبيه بكارثة طبيعيّة أو بحادث طبيعي . و من الممكن تشبيهه بالإعصار . و في هذه الحال ، هو كارثة طبيعيّة بعدُ على نطاق واسع ، إن لم يصبح إلى حدّ الآن وباءا عالميّا تماما .
و شأنه شأن الكوارث الطبيعيّة ، كيفيّة تاثيره في الناس و كيفيّة التعاطى معه تجريان في إطار إجتماعي . إنّنا نعيش في مجتمع منقسم إلى طبقات كما يعرف عديد الإنقسامات الإجتماعيّة الهامة الأخرى . على نطاق الكوكب ، العالم منقسم إلى حفنة من البلدان الإمبريالية – كالولايات المتحدة و اليابان و بلدان غرب أوروبا – و عديد الأمم حول العالم تضطهدها تلك البلدان و يشار إليها عامة على أنّها العالم الثالث . و بوجه خاص ، يجرى هذا في إطار اليوم حيث أمم و شعوب العالم وثيقة الترابط و في إطار وجود حركات فاشيّة في السلطة ، أو تنازع من اجل السلطة في الكثير من البلدان . و كافة هذه العوامل أرست إطار كيفيّة تفحّص هذا و كيفيّة نشر الكلمة و كيفيّة التعاطى مع الناس – و في نهاية المطاف ، من يظلّ على قيد الحياة و من يموت .
إنّ عائلة فيروس كورونا معروفة لدى العلماء و الأخصّائيين في الصحّة ؛ إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّ العلماء بوسعهم أن يتوقّعوا كيف و متى سيتطوّر الفيروس و ما هي تمظهراته الخاصة ، أو أين و متى يمكن أن يظهر . ظهور سندروم ضيق التنفّس الحاد ( سارس ) سنة 2002-2003 تسبّب فيه نوع مختلف من فيروسات كورونا . و بالرغم من انّه كان لسارس نسبة قتل عالية في صفوف من أصيبوا به ، لم ينتشر بسهولة كبيرة ، لذلك مات أقلّ من ألف إنسان عبر العالم قاطبة . و تقريبا 3000 قد لقوا حتفم بعدُ جراء فيروس كوفيد -19 .
و الطابع الكامن وراء هذه الفيروسات كان و لا يزال قيد دراسة العلماء . كيف يظهر و يتطوّر ، كيف يتغيّر ، كيف يُصيب أناسا مختلفين ، و كيف ينتشر – أحيانا من نوع إلى آخر من الكائنات الحيّة – هي بعض المسائل موضوع الدراسة . و بعدُ قد درس العلماء كيف تتفاعل العوامل الإجتماعيّة مع تطوّر الفيروس و إنتشاره . في هذه الحال ، يشمل هذا صلة الفيروسات المماثلة ل كوفيد -19 بالتغيّر البيئي ،و بدوس البشر على أوساط الحياة البرّية ،و بأنماط هجرة البشر، و العولمة ذات الإندماج العالى المرتبطة بالنظام الرأسمالي . و مع ذلك ، في الواقع ، الأسباب و الديناميكيّات الأعمق و العامة الكامنة وراء هذه الأمراض الجديدة ، و كذلك كيفيّة تفاعلها مع المجتمع ، قابلة للمعرفة العلميّة غير أنّ هذا لا يعنى أنّه من الممكن أن نتوقّع متى و أين سيحدث هذا الظهور .
كوفيد-19 ينتشر بسهولة . يحذّر العاملون الأخصّائيّون بالمجال الطبّي من أنّ هذا الفيروس يبدو سريع الإنتشار نسبيّا من شخص إلى آخر ( مثلما تنتشر الأنفلونزا و ينتشر الزكام ) . و وفق افضل فهم لديهم لهذه النقطة ، إلى 80 بالمائة من الذين أصيبوا بالفيروس لن تبدو عليهم أعراض أو سيصبحون مرضى بلطف . و هذا من شأنه أن يُسرّع في إنتشاره .
و مع ذلك ، عتمادا على ما تمّت معاينته إلى الآن ، في صفوف الشيوخ و الناس ذوى الأمراض المزمنة أو الذين يشكون من مشاكل صحّية أخرى ، يكون الفيروس مميتا أكثر من الأنفلونزا بعدّة مرّات. ففي يوهان بالصين، أين إنبعث الفيروس ، تعرّض أخصّائيّو الصحّة و العاملون بالصحّة لضربة قويّة . و نسبيّا ، لحق الموت أطبّاء و ممرّضون شبّانا. وفي الصين ، ثمّة نقص حاد في معدّات حماية الذين يعالجون المرضى الأكثر تعكّرا في الصحّة ، و صدرت نداءات لممرّضين من بلدان أخرى لتقديم المساعدة . و قد يكون هذا مؤشّرا على أنّ عديد المزوّدين بالخدمات الصحّية في الخطّ الأمامي يتعرّضون للإصابة بالمرض و هم غير قادرين على مواصلة الشغل .
كوفيد-19 يزداد سوءا بفعل الهيمنة الإمبريالية . ففي حين هناك إنشغال كبير في الولايات المتحدة لتمكّن المرض من موطئ قدم هنا - و يبدو أنّ الموظّفين الرسميين للصحّة هنا يعتقدون أنّ هذا صحيح فعلا – لا يوجد تقريبا إهتمام كافى و لا إعتمادات حكوميّة ، و لا لجوء إلى مختصّين ، أو بذل ايّة جهود لتعبئة المساعدة لبقيّة العالم الذى يصارع بعدُ إنتشار كوفيد -19 .
تصوّروا ما الذى سيحصل في إيران ، مثلا . فإيران الآن تشهد إنتشارا كبيرا لكوفيد-19 وهي بلد حيث " عقوبات " الولايات المتحدة – حصار المعاملات التجاريّة و الماليّة من و إلى إيران بُغية جعل إيران تقبل بإملاءات سياسة الولايات المتحدة – قد عطّلت بعدُ سير الاقتصاد . و قد تسبّبت العقوبات في نقص في الأدوية و في أزمة صحّية واسعة النطاق حتّى قبل ضربة كوفيد-19 . و بعدُ قد نجمت عن هذه العقوبات وفايات كثيرة ؛ و الآن مالذى سينجم عنها ؟
إنّ الهيمنة الإمبريالية على العالم بما في ذلك ن الإمبريالية الأمريكيّة ، قد أفرزت في أنحاء أخرى من العالم – بلدن أفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينيّة – مواجهة منتهى الفقر ، و الحياة في ظروف إكتظاظ ، و أنظمة رعاية صحّية هشّة . و هذا ما يجعل مليارات البشر أكثر عُرضة لهذه الآفات المعاصرة أكثر ممّا يحتاجون إليه و النتيجة وفاة غير ضروريّة لا يمكن وصفها . و يمكن رؤية هذا في الإنعكاس المريع و تفشّى الكوليرا في هليتى و الإيدز / السيدا و إيبولا في أفريقيا ، و في الردّ العالمي البطيئ و الضعيف تجاه هذه الأوبئة . و في حين أنّ الفيروسات لا تعترف بالحدود أو القوميّات ، البلدان الإمبريالية – بغناها و بمستواتها الأرقى في الدخل و التعليم و خاصة الرعاية الصحّية و البنية التحتيّة المتطوّرة – بوسعها أن تتخذ مقاربة تكون نسبيّا أكثر فعاليّة في التعاطى مع الفيروس في " بلدانها الأصل " ، فيما يتمّ ترك بلدان ذات موارد صحّية أدنى لكن عادة الأسوأ إصابة ، لوحدها لفترة زمنيّة طويلة ز
و رغم بذل العلماء و الأخصّائيين الطبّيين و عمّال الصحّة و العديد من الناس العاديين جهودا بطوليّة في معالجة هذا الفيروس و في محاولة إنقاذ أكبر قدر من اكثر الناس مرضا ، فإنّ الجهود الصريحة للناس في محاولة إيقاف هذه العدوى الوبائيّة ستضيع بعمق و ستتراجع بفعل نظرة النظام الإمبريالي العالمي و علاقاته الاقتصادية و أولويّاته السياسيّة . و بعدُ ، بضعة بلدان تُغلق الحدود و تضع حواجزا امام الموارد التي يحتاجها سكّانها أنفسهم ( من مثل المعدّات الطبّية الحامية التي تحتاجها مناطق من الصين و غيرها عبر العالم حاجة يائسة الآن ) و بدلا من التركيز على كيفيّة إلحاق الهزيمة بالوباء عالميّا .
في البداية ، موظّفو الولايات المتّحدة المسؤولون عن مقاومة الفيروس لم يكونوا ليعدوا حتّى بصنع أي لقاح أو دواء لجميع من يحتاجونه في هذه البلاد ،و أقلّ بكثير في أي مكان آخر. سكرتيرة الصحّة و الخدمات الإنسانيّة ، آلكس آزار ، حاججت بأنّه إلى جانب إعتمادات الحكومة لتطوير لقاح و غيرها من الإجراءات ن ستوجد بعض الإستثمارات الخاصة و سيحتاج هؤلاء المستثمرين إلى حصد ربح . و سيفعلون – في ظلّ هذا النظام . تذكّروا كيف أنّ لعديد السنوات رفضت الولايات المتحدة توفير أدوية تنقذ الحياة من السيدا / الآيدز لأفريقيا حينما دمّر القارة المرض و مات عشرات الملايي موتا غير ضروري .
إنتشار فيروس الكوفيد -19 و بعض الإجراءات المتّخذة لإيقافه بعدُ قد شوّشت السير العادي للكثير من المجتمعات . ( حكومة الصين التي ليست فعلا شيوعية ، ، بلرغم من كلّ ما يدّعيه قادتها و غيرهم (1) ) فرضت حجرا غير مسبوق على 45 مليون إنسان في المناطق الأكثر تضرّرا من الفيروس .و غدت التضييقات على السفر إلى و خارج بلدان بلفيف من الحقائب أوسع إنتشارا .و فيما ضربت إنبعاثات الفيروس أنحاءا أخرى من أوروبا و جنوب كوريا و إيران إلخ و حاولت الحكومات أن تقلّص أو تقلّل من سرعة إنتشاره ، شهد السير العادي للمجتمع تشوّشا أو تعطّلا غير مسبوق له إنعكاس على ملايين الناس و مناطق واسعة من لمباردى ( ميلانو ، المدينة الأكبر الثانية بإيطاليا ) و محافظات أخرى شمال إيطاليا " مغلقة " ... و كافة المدارس و المعاهد مغلقة في اليابان لشهرين ... و أغلقت أماكن مقدّسة إسلاميّة في العربيّة السعوديّة في وجه الزوّار الأجانب .
هذا الإنقطاع ضرب أيضا الاقتصاد العالمي . الرأسمالية – الإمبرياليّة هي الإطار الاقتصادي لكامل الاقتصاد العالمي ؛ وهي تلج أنحاء الكوكب جميعها . و العالم وثيق الإرتباط و يرتهن بسلاسل التموين العالميّة لإنتاج و توزيع الحاجيات الأساسيّة للحياة ، حيث تجميع شيء مثل هاتف الأيفون يمكن أن يجري في معامل هشّة في الصين لكن بمكوّنات ألكترونيّة و أجزاء تنقل بحرا من عدّة نقاط من العالم ، والمنتوج النهائي يُستهلك عبر العالم قاطبة ز كلّ شيء من الأدوية إلى المصنوعات الألكترونيّة إلى أجزاء الآلات تصنع في بلدان أين يمكن للشركات أن تستخرج اوفر الأرباح . ثمّ تُنقل هذه المنتوجات عبر العالم بواسطة سلاسل التزويد " في الوقت المناسب " التي تتعرّض هي الأخرى إلى تقطّع نشاطاتها بطرق شتّى . و تشهد البورصة عبر العالم بما فيها تلك في الولايات المتّحدة إنهيارا وهذا مؤشّر على تاثير الفيروس على الإقتصاد العالمي .
في الولايات المتّحدة ، يوجد عدد ضئيل من الحالات المتأكّدة في الوقت الراهن . و مع ذلك ، يشير الأخصّائيّون إلى أنّه لا يقع تقريبا إجراء أيّة فحوص طبّية . في غرّة مارس، مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها ( CDC -السي دى سي ) أكّدت أنّها أجرت أقلّ من 500 فحص رغم مرور سبعة أسابيع عن الإعلام عن أوّل حالة كوفيد-19 في الولايات المتّحدة. و بالمقابل ، أجرت كوريا الجنوبية مائة ألف فحص . و في الواقع ، إلى حود بضعة أيّام سابقة ، لم يفحص السى دى سى سوى الناس الذين سافروا إلى منطقة يوهان في الصين أو إقتربوا من شخص كان هناك ن بدلا من فحص كلّ الناس الذين أنزلوا المستشفيات و يشكون من أمراض تنفّسيّة مثلما طالب بذلك الأخصّائيّون في الأمراض الوبائيّة . طوال أسبوع ، لم يفحص السى دى سى مريضا في كاليفرنيا كان تحت عناية موظّفى الصحّة لأنّه مصاب بفروس كوفيد-19 . و كما تبيّن ، كان ذلك المريض مصابا بالفعل – ما يعنى أنّه كان يحمل الفيروس . و في قمّة ذلكالتعاسة أنّ أدوات الفحص التابعة للسى دى سى و التي أرسلت حول الولايات المتّحدة كانت معطّبة و لم يتمّ التمكّن من إستخدامها . لذا عند هذه النقطة ، نظرا للفشل شبه التام للفحص ، لا أحد يعلم عدد الحالات المصابة بفيروس كوفيد-19 في الولايات المتّحدة ،و لا مدى و سرعة إنتشاره مستقبلا .
نظام ترامب / بانس جعل من هذه الزمة أسوأ – و الخطر يمكن أن يكون يخطو خطواته الأولى فقط
لقد إتّخذ نظام ترامب / بانس الفاشي إجراءات قد تجعل تبعات فيروس كورونا كوفيد-19 جدّيا أسوأ . فعقب المسك بالسلطة ، شدّد نظام ترامب / بان الخناق على البنية التحتيّة للأمراض المعدية في الولايات المتحدة و ابعد بالقوّة قادة مفاتيح فيها و حاول ( بلا طائل ) أن يقتطع من ميزانيّة السى دى سى . و عندما واجهت أزمة الكوفيد-19 ، أعلنت إدارة ترامب في البداية أنّها ستمنح 2.5 بليون دولار للتعاطى مع وباء ممكن في الولايات المتّحدة . و هذا إلى درجة كبيرة أقلّ من الأدنى المتوقّع ممّا يشعر الأخصّائيّون أنّه ضروري . و أنكى من ذلك ، لم يتعهّد ترامب بأي شيء مساعدة للناس في أنحاء أخرى من العالم هم في هذه اللحظة تحت التأثير الواسع لإنتشار هذا الفيروس .
و أكثر إجراما و جوهريّة ، خاض نظام ترامب / بانس حربا ضد العلم و ضد المنهج العلمي و العلماء إلى حدّ بعيد .و بعدُ ثمّة تقارير تفيد بأنّ أوامرا صدرت للأخصّائيين من السى دى سى و موظّفيه بأن لا يتدخّلوا في المنابر العموميّة . و عمّال الصحّة و الخدمات الإنسانيّة أُرسلوا دون تدريب أو معدّات حماية للتعاطى مع الذن وقع حجزهم حجزا صحّيا في القواعد العسكريّة الأمريكيّة لعدوى ممكنة بفيروس كورونا . ثمّ ، حينما كُتبت تقارير عن الأمر ن إتّهموا بأنّهم ليسوا " لاعبى فريق " !
لقد عيّن ترامب مايك بانس ، الأصولي المسيحي الفاشيّ ، نائبا للرئيس ، ليتولّى قيادة الجهود الأمريكيّة . و بانس من الذين يفهمون الإنجيل فهما نصّيا . فهو لا يعتقد في أنّ نظريّة التطوّر صحيحة . و قد كان من جماعة الحملة الصليبيّةضد العم . و مثلما ردّ أحد المختصّين في الأمراض المعدية على موقف بانس ، على تويتر : " آه يا إلاهي ّ " هذا إجرامي في حقّ الإنسانيّة . و خلال الندوة الصحفيّة حيث جرى أعلن موقفه ، ما من أحد تساءل عن هذا حتّى . "
في كتابها " علم التطوّر و أسطوريّة فكر الخلق : معرفة ما هو واقعي و لماذا يهمّنا " ، صاغت آرديا سكايبراك إشارة إلى عائلة الكرونا فيروس ، مفيدة للغاية بالنسبة لوضع اليوم بصدد الكوفيد-19 : " إنّه ببساطة حال أنّ ليس بوسع أي كان أن يفهم أي شيء أساسي حول فيروس السارس (sars) و الوباء ( و أفضل طريقة لمعالجته ) دون الإعتماد على بعض المعطيات الأساسيّة المتّصلة بالتطوّر البيولوجي . إنّ المبادئ الأوّليّة للتطوّر البيولوجي هي ، قبل كلّ شيء ، المساعدة على تشخيص الهيكلة الجينيّة لهذا الفيروس الخاص و إكتشاف علاقته بالفيروسات الأخرى ...و هذه المعرفة التطوّريّة بدورها هامة في محاولة إدراك ما هي الأدوية و / او ما هو اللقاح الممكن أو غير الممكن للتأثير على فيروس سارس..."
نظام ترامب / بانس بصدد شيطن المهاجرين ، وهو على رأٍ الشوفينيّة القوميّة المعزّزة بالإمبريالية بصورة أعمّ ، و قد خلق جوّا لنشر الخوف اللامعقول من الأجانب ، لا سيما من ذوى الأصول تعود إلى الصين ، أو كوريا الجنوبيّة و غيرها من البلدان الآسيويّة من أين إنطلق الفيروس . ففي مدن كشيكاغو ، مطاعم المدينة الصينية – شيناتاون فارغة بلا سبب وجيه ! و يمكن لهذا أن يغدو حتّى أتعس بسرعة كبيرة . ما نحتاج إليه هو الدفع و العمل المشترك من أجل التعاطى مع الأزمة الصحّية العامة .
و في الوقت نفسه ، واضعو إستراتيجيا ترامب الفاشي مثل ستيف بانون و سكرتير التجارة ولبارد روس ينظرون إلى هذا على أنّه فرصة لإضعاف منافسهم الإمبريالي ، الصين ، من الداخل بما نّ الحكومة الصينيّة تتخبّط في صراع مواجهة تحدّيات أزمة صحّية جدّية .
و يتّهم أعضاء من نظام ترامب الفاشي من على شاشات التلفاز معارضيهم من الحزب الديمقراطي و وسائل الإعلام بتعمّد محاولة خلق هلع لإلحاق الضرر بالإقتصاد و بإدارته . و في الوقت الراهن بالذات ، ينسجم مع مصالحهم أن يتمّ الإزدراء بما يعتقد العلماء بصورة عامة أنّه تهديد جدّي . لكن لو أخذ الفيروس في الإنتشار بطريقة جديّة في هذه البلاد ، ليس من الصعب تصوّر أن يحاول ترامب و الفاشيّون توظيف ذلك لقطع خطوات جبّأرة في توطيد الفاشيّة في الولايات المتّحدة ، متّخذين إجراءات قمعيّة و المزيد من دفع الرعب و الكره تجاه المهاجرين و الناس من البلدان الأخرى .
---------------
(1)هُزمت الثورة في الصين و أعيد تركيز الرأسماليّة عقب وفاة القائد الثوري ماو تسى تونغ سنة 1976 . و تمّ تحويل الصين إلى معمل هشّ عملاق تستغلّه القوى الإمبرياليّة ، حتّى و الصين اليوم هي ذاتها قوّ’ إمبرياليّة صاعدة . و في الوقت نفسه ، لأسباب متنوّعة ، حافظوا على نعت " الشيوعي " . و للمزيد بهذا المضمار ، أنظروا " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعيّة و الطريق الحقيقيّ للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " حوار صحفي مع ريموند لوتا ، [ كتاب نقله إلى العربيّة و نشره على موقع الحوار المتمدّن و بمكتبته ، شادي الشماوي – " الماوية نظرية و ممارسة " عدد 23 ).
" لا ظهور النوع الإنساني و لا تطوّر المجتمع الإنساني إلى الوقت الحاضر كانا محدّدين مسبّقا أو إتّبعا مسارات محدّدة مسبّقا . لا وجود لإرادة أو عامل فائقين قد صوّرا و شكّلا كلّ مثل هذا التطوّر ، و الطبيعة و التاريخ لا يجب أن يعاملا على هذا النحو - كطبيعة و تاريخ . بالأحرى يحدث مثل هذا التطوّر من خلال التفاعل الجدلي بين الضرورة و الصدفة و فى حال التاريخ الإنساني بين القوى المادية الكامنة و النشاط و صراع الناس الواعيين ."
بوب أفاكيان،" إختراقات - الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة ؛ خلاصة أساسيّة ".
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++