الكورونا فايروس والحاجة إلى إعادة تنظيم المجتمع اشتراكيا!


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 6506 - 2020 / 3 / 5 - 14:42
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية     

كتبت مدونة الاشتراكية العالمية مقالا بعنوان
"ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية ، وقلة الإجازة المدفوعة الأجر ، يجعل العمال الأميركيين عرضة لتفشي الكورونا فيروس."
High cost of health care, lack of paid time off, leave US workers vulnerable to coronavirus outbreak
https://www.wsws.org/en/articles/2020/03/04/work-m04.html

ادناه ترجمتي للمقال
-------------
مع إقرار المسؤولين الامريكيين بأن شخصين توفيا الأسبوع الماضي قد أصيبا بفيروس كورونا COVID-19 ، وصل العدد الرسمي للوفيات في الولايات المتحدة إلى تسعة ، مع كل الوفيات في ضاحية كيركلاند في سياتل بواشنطن. هناك الآن أكثر من 115 حالة معروفة من فيروس كورونا في أكثر من عشر ولايات أمريكية. على الصعيد الدولي ، يقترب عدد الحالات المعروفة من 100000 حالة مع 3000 حالة وفاة على الأقل.

سعت إدارة ترامب ، التي تهتم بشكل أساسي بتأثير فيروس كورونا على سوق الأوراق المالية ، إلى التقليل من خطورة التهديد على الصحة العامة. ومع ذلك ، فمن الواضح أن المجتمع الأمريكي غير مستعد وغير مجهز للتعامل مع الفيروس المنتشر.

مثل كل الأزمات الأخرى ، سواء كانت ناجمة عن الأعاصير أو الهزات الارضية أو الكوارث الطبيعية الأخرى أو الانهيار المالي العالمي لعام 2008 ، فإن الطبقة العاملة هي الأكثر تأثراً بفيروس كورونا. اقترن عدم وجود شبكة ضمان اجتماعي أساسي في الولايات المتحدة ، وارتفاع مستويات الفقر وانتشار العمالة منخفضة الأجر والمحفوفة بالمخاطر، بنمو عدد السكان غير المؤمن عليهم والذين يعانون من نقص التأمين الصحي وعجز العمال في الحصول على الإجازة حتى عند المرض ، بامكانية لخلق كارثة مثالية.

احتجاجات المعلمين في ديترويت في عام 2016 جرت للمطالبة بتحسين الظروف المدرسية في أماكن العمل. لم يقدم المشرفون إلا القليل من التعليمات ، إن وجدت ، ومن الواضح أنه لا توجد خطط معمول بها. إذا تم إغلاق المدارس ، مثل الإغلاق لمدة شهر واحد في اليابان ، فإن العمال ليس لديهم فكرة عن من سيعتني بأطفالهم أو كيف يمكنهم تحمل تكلفة ذلك. مع القليل من الإجازات المدفوعة أو عدم القدرة على اخذ إجازة ، ليس لدى العمال أي فكرة عن مصدر دخلهم إذا تم إقصاؤهم. قد يواجه عشرات الآلاف من العاملين في شركات الطيران التسريح بسبب تقلص السفر إلى جانب عمال التصنيع في حالة نضوب مكونات سلسلة التوريد العالمية.

أعرب العمال الذين تحدثوا إلى موقع مدونة الاشتراكية العالمية في ديترويت عن قلق خاص إزاء الخطر. بدأ الوباء في ووهان ، مركز التصنيع الرئيسي ، المعروف باسم "موتور سيتي-مدينة المحركات" في الصين.

وقال مايكل ، وهو عامل شاب من شركة فيات كرايسلر في مصنع ستيرلنج هايتس في ضاحية ديترويت، "لم تعطنا الإدارة أية تعليمات تتعلق بفيروس كورونا". "آخر إشعار للشركة وصلنا كان يتعلق ببناء الطرق السريعة ، ولكن هذا كان مجرد تعليمات لتحاشي ظهورنا في وقت متأخر للعمل."

"إذا ضرب فيروس الكورونا هذا المجمْع فانه سيحصل عليه الجميع. وقال "من المفترض أن نغسل أيدينا ولكن الحمامات في المصنع قذرة ونجهد دائمًا لمجرد الحصول على الصابون في المرافق الصحية ".

قال أنتوني ، وهو عامل شاب من شركة فيات كرايسلر في مصنع جيفرسون في ديترويت: "إذا وصل هذا الفيروس إلى المصنع ، فليس بمقدور أحد قضاء يوم عطلة عندما يكونون مرضى." انه جنون. عامل وجبات سريعة يصاب بالفيروس ويأتي إلى العمل ، ولدينا فرصة صفر في عدم الإصابة به."

" تنطيف اليد امر جيد ، لكنه لا يستطيع حل المشكلة عندما تكون المشكلة الأساسية هي أن الماء ملوث بالرصاص. هناك الكثير من الأمريكيين غير المؤمن عليهم ، حتى أن الناس لن يذهبوا إلى الأطباء لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بالفايروس لأن ذلك يكلف الكثير. كانت هناك مزحة في وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي تقول إن كنت ترغب في معرفة ما إذا كان لديك فيروس كورونا قم بالسعال على شخص ثري ورؤية ما يقوله الطبيب لهم."

بعد عقود من تحطيم التصنيع وخفض الأجور بمساعدة وتحريض من النقابات ، يعيش حوالي 220000 من العاملين تحت خط الفقر ، أو واحد من كل ثلاثة من سكان المدينة ، ونصف أطفال المدينة هم تحت خط الفقر الرسمي للحكومة. في ميشيغان ، كان ما يقرب من 535،000 من السكان غير مؤمن عليهم في عام 2018 ، بزيادة قدرها 25000. هناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من نقص التأمين ، أي أنهم مشمولون بخطط التأمين التي يرعاها صاحب العمل ولكنهم لا يستطيعون تحمل أقساط التأمين والخصومات والمدفوعات المشتركة والتكاليف الأخرى غير المباشرة.
ارتفعت تكاليف الرعاية الصحية التي يدفعها العامل نفسه بشكل مطرد حتى مع ركود الأجور (المصدر: مؤسسة Kaiser Family Foundation)

وجدت دراسة استقصائية أجرتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز ومؤسسة كايزر فاميلي عام 2019 أن 40 في المائة من الأميركيين ممن لديهم تغطية صحية برعاية صاحب العمل ما زالوا يواجهون صعوبة في اعتماد الخطة أو العلاج الصحي. تضاعف متوسط ​​الخصومات للتغطية الفردية التي يرعاها صاحب العمل ثلاث مرات من 584 دولارًا في عام 2006 إلى 1655 دولارًا في عام 2019 ، وفقًا لدراسة منفصلة أجرتها كايزر.

كم هو عدد السكان الذين سيتنازلون عن زيارة الطبيب ، حيث يمكن اكتشاف الفيروس ، لأنهم لا يستطيعون تحمل كلفته؟

بينما يقول المسؤولون الحكوميون للناس إن أفضل طريقة لمنع انتشار العدوى هي غسل أيديهم ، قطع المسؤولون في ديترويت الماء الجاري في العام الماضي عن 23500 شخص بسبب عدم قدرتهم على دفع فواتيرهم. اعتبارا من 15 يناير ، كان 9500 من هؤلاء لا يزالون بلا مياه، وفقا لسجلات المدينة.

في الأسبوع الماضي ، رفضت حاكمة ميشيغان الديمقراطية ، جريتشن ويتمر ، نداء من اتحاد الحريات المدنية الأمريكي ومجموعات ديترويت المدنية بأن تستخدم سلطات الطوارئ لوقف قطع الماء.

في يوم الاثنين ، أرسل نيكولاي فيتي ، المشرف على مقاطعة ديترويت العامة للمدارس المجتمعية ، رسالة بريد إلكترونية روتينية للمدرسين وموظفي الدعم يحاول فيها تهدئة المخاوف من التأثير المحتمل على المنطقة التعليمية التي تضم 50000 طالب. "لا يزال مسؤولو الصحة العامة ينصحون بأن الخطر على الجمهور لا يزال منخفضًا" ، يكتب فيتّي، قبل توجيه العمال وعائلاتهم إلى "ممارسة عادات النظافة الجيدة" ، بما في ذلك "غسل يديك لمدة 20 ثانية على الأقل" و"البقاء في المنزل عندما تكون مريضا."

وعلق أحد معلمي ديترويت قائلاً: "المشكلة مع المعلمين والطلاب الذين يُطلب منهم غسل أيديهم هي أن العديد من المدارس لا تحتوي على صابون. هذا معروف على نطاق واسع وكان أحد أسباب مرض المرضى في عام 2016. لم يتم حل مشكلة نقص الإمدادات بعد."

"لا نعرف أي من العائلات تملك أو لا تملك الماء الجاري. لذلك ، علينا أن نتوقع أن الكثير من الطلاب يأتون إلى المدرسة دون غسل اياديهم لأن مياههم مقطوعة . في المدرسة ، نصر على غسلهم أيديهم ، لكن الماء مسمم بالرصاص. لذا ، مهما كانت المزايا التي يحصلون عليها من خلال التخلص من الجراثيم والفيروسات ، علينا الآن أن نقلق بشأن امتصاص جلدهم للرصاص من خلال بشرتهم ، خاصة إذا كانت لديهم سحجات أو جروح."

"الآباء والأمهات يعملون في كثير من الأحيان وظيفتين أو ثلاث ولا يمكنهم التمتع بإجازة مرضية أو غيرها من إجازة مدفوعة الأجر وغالبا ما يرسلون أطفالهم المرضى إلى المدارس. ليست كل المدارس لديها ممرضات. حتى بالنسبة للمدارس التي تمتلك ممرضات, إذا قامت الممرضات بفحص الطفل بحثًا عن الحمى أو أي مرض آخر، فلا يمكن ضمان أن يكون الوالد قادرًا على الخروج من العمل والتقاط طفله. إذا كانت هناك مدرسة تضم 500-1000 طالب وكان لديك طالب واحد مصاب بفيروس الكورونا ، فمن المحتمل أن ينتشر إلى جميع الطلاب وعائلاتهم ، وأن ينتشر بشكل كبير. هذا صحيح بشكل خاص في مدينة فقيرة مثل ديترويت حيث لا يمكن الوصول إلى مركز رعاية عاجلة أو غرفة طوارئ في المستشفى أو ليس من السهل الوصول إليها."

في مقال نشر في 29 فبراير بعنوان "إذا اجتاح فيروس كورونا أمريكا ، ألقي باللوم على ظروف عملنا الوحشي وثقافة الرعاية الصحية" ، أشار مايكل هيلتزيك ، كاتب عمود في صحيفة لوس أنجلوس تايمز، عندما أصاب فيروس أنفلونزا H1N1 الولايات المتحدة في عام 2009 ، فقد أصيب ما يقدر بنحو 26 مليون شخص خلال أشهر الذروة. من بين هؤلاء واصل 8 ملايين شخص العمل أثناء مرضهم. وكتبت التايمز "بحلول شهر فبراير التالي ، أدركت سلطات الصحة العامة أن هؤلاء ناقلي المرض أصابوا حوالي 7 ملايين من زملائهم في العمل" ، مضيفة "كانت المشكلة حادة بشكل خاص في القطاع الخاص ، حيث كانت الإجازات المرضية مدفوعة الأجر نادرة نسبيًا".

إن ظاهرة العمل أثناء المرض شائعة جدًا لدرجة أن الشركات الأمريكية لديها مصطلح لها ، Presenteeism- يحضر العامل للعمل ولا يستطيع للانتاج كالمعتاد". الشاغل الرئيسي الذي أعربت عنه إدارة الشركات هو كيف تقوض الكورونا أو الأمراض الجسدية الأخرى الإنتاجية في مكان العمل.

خلصت دراسة أجرتها جامعة ولاية بنسلفانيا ، استشهدت بها التايمز ، إلى أن "الحضور في العمل أثناء المرض" بين موظفي القطاع الخاص دون أيام مرضية مدفوعة الأجر ربما يكون قد مدد فترة تفشي [أنفلونزا 2009]. "

لا يحق لربع العمال الأميركيين الحصول على إجازة مرضية ، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل. تشير التايمز إلى أن 58 في المائة فقط من العاملين في الخدمات ، أقل من نصف العاملين في أدنى 25 في المائة من نطاق الدخل ، وأن ثلاثة فقط من كل 10 في أقل 10 في المائة من مستوى الاجور لهم الحق بإجازة مرضية مدفوعة الاجر.

على عكس البلدان الأخرى ، حيث يتلقى العديد من العمال إجازة مرضية مدفوعة الأجر ، فإن الإجازة في الولايات المتحدة غالبًا ما تكون غير مدفوعة الأجر. في بريطانيا ، "يحق للعمال الحصول على أجر مرضي لا يقل عن 120 دولارًا في الأسبوع لمدة تصل إلى سبعة أشهر ، على نفقة صاحب العمل. في فرنسا ، تغطي الحكومة وأرباب العمل معًا 90٪ من أجر العامل لمدة تصل إلى 30 يومًا من الإجازة المرضية ، أي 67٪ بعد ذلك ".

"في الصين ، مركز التفشي النامي ، يُضمن للعمال 60٪ إلى 100٪ من رواتبهم لمدة تصل إلى ستة أشهر ، حسب الأقدمية ، ومن 40٪ إلى 60٪ لمدة تصل إلى ست سنوات بعد ذلك. ربما تكون هذه المعايير الليبرالية قد خففت من الوطأة على العمال عندما فرضت السلطات الحجر الصحي الصارم في مقاطعة ووهان ، حيث يعتقد أن الفيروس قد نشأ. "

كشفت حالة طوارئ فيروس الكورونا عن الطابع غير العقلاني للنظام الرأسمالي ، الذي يخضع كل جوانب الحياة للسعي الدؤوب لتحقيق الربح من جانب الشركات العملاقة ويمنع المجتمع من تنظيم موارده العلمية والتكنولوجية والبشرية في جميع أنحاء العالم لمكافحة هذا التهديد للصحة العامة. وهذا يؤكد على الحاجة إلى إعادة تنظيم المجتمع اشتراكيا ، على أساس الحاجة الإنسانية ، وليس الربح.

وقد أعلن أحد عمال شركة فيات كرايسلر المخضرمين في ديترويت أن "شركات صنع الادوية الكبيرة ستحمي أرباحها بأي وسيلة ضرورية". "يجب على جميع البلدان أن تتحد لمعالجة هذا الأمر. نحن بحاجة إلى رعاية صحية عالمية.