ثمن باهظ لفضائح الفساد / سلوفاكيا: الناخبون يعاقبون الديمقراطيين الاجتماعيين


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 23:45
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

29 شباط الفائت جرت الانتخابات البرلمانية الجديدة في سلوفاكيا، وعكست نتائج بها تحولا نحو اليمين في المجتمع السلوفاكي. فقد استطاع رجل الأعمال إيغور ماتوفيتش، الذي يتزعم حزب "الشعب العادي والشخصيات المستقلة" الفوز والحصول على 25 في المائة من اصوات الناخبين، متقدماً بوضوح على حزب "الاتجاه" الديمقراطي الاجتماعي الذي قاد التحالف الحاكم، والذي حصل على 18.3 بالمائة. وكانت نسبة المشاركة في التصويت عالية حيث بلغت 65.8 في المائة.
وكان المراقبون قد توقعوا خسارة الحزب الذي قاد البلاد منذ 2006، مع انقطاع قصير، وانه سيدفع ثمناً باهظاً لتورطه الواضح في فضيحة فساد بلغت ذروتها بمقتل الصحفي الشاب يان كوتشياك في عام 2018. وبدا واضحا ان ملف الفساد سيتقدم الملفات الاخرى في الحملة الانتخابية. وقد نجح الحزب الفائز توظيفه بشكل جيد.
وفشل الشركاء الصغار في التحالف الحاكم؛ الحزب القومي السلوفاكي والحزب "الهنغاري السلوفاكي" الليبرالي في تحقيق العتبة الانتخابية (5 في المائة) وبهذا أصبحا خارج البرلمان الجديد. وحصل الحزب الفاشي "حزب الشعب، سلوفاكيانا" بقيادة ماريان كوتليبا على 8 في المائة، وبهذا تبددت مخاوف تصدره للمشهد الانتخابي.
وتعليقا على نتائج الانتخابات قال إيغور ماتوفيتش: "الناس يريدون منا أن ننظف سلوفاكيا، إنهم يريدون منا أن نجعل سلوفاكيا دولة عادلة تطبق فيها القوانين على الجميع". وفي حملته الانتخابية ركز في المقام الأول على النضال من أجل "صورة عائلة تقليدية" وضد الفساد وضد الأحزاب التقليدية. وخاض الانتخابات في حزب هو بمثابة منبر انتخابي وبدون برنامج موحد واضح المعالم.
وفي يوم الاثنين، أعلن ماتوفيتش في البرلمان، انه يسعى الى تحالف حاكم من 4 احزاب. وحسب وكالة الأنباء السلوفاكية، إنه يتفاوض مع الحزب الليبرالي الجديد "ساس"، الذي انشق من حزبه، والحزب الليبرالي الجديد "من أجل الشعب" بزعامة رئيس الجمهورية السابق أندريه كيسكا. ويقول ماتوفيتش إنه يهدف إلى تجميع أغلبية الثلثين في البرلمان، لتنظيف القضاء من سيطرة كوادر الديمقراطيين الاجتماعيين، لذلك سيبدأمفاوضات مع حزب "نحن العائلة" المعروف بكراهية الأجانب. وبخصوص رئاسته للحكومة المقبلة ترك ماتوفيتش الأمر مفتوحًا، الى حين اتضاح نتائج الحوارات، وكذلك نتيجة الاجتماع المغلق مع رئيسة الجمهورية سوزانا كابوتوفا.
وفشل بشكل مفاجئ حزب "سلوفاكيا التقدمية" الليبرالي المدعوم من الغرب، والمتحالف مع حزب "معا"، والذي حاولت رئيسة الجمهورية ممارسة التأثير على قرارات البرلمان بواسطته، في دخول البرلمان الجديد. وقالت قيادة الحزب بعد اعلان النتائج، سندرس في الايام المقبلة ما يجب اتخاذه. وبالمقابل عرض قادة الشركاء الصغار في التحالف الحاكم السابق استقالتهما على الفور.
قوى اليسار الجذري غابت عن المشهد الانتخابي، فالحزب الشيوعي لم يشترك اصلا في الانتخابات. ومن جانبه أعلن إدوارد تشميلار، زعيم الحزب الاشتراكي، وهو حزب يساري صغير حصل على 0.55 في المائة، عدم ترشحه لرئاسة الحزب مستقبلا. وبخصوص نتائج الانتخابات قال: إنها "أهم ثورة محافظة في تاريخ سلوفاكيا". وفي مقابلة صحفيه قدم تقيما للنتائج: أن "مجموعات الأصوليين المسيحيين والقوميين المتطرفين والمحافظين المتطرفين" قد عززوا مواقعهم، في حين تم القضاء على المعسكر الليبرالي عملياً. وعاش اليسار، "أكبر هزيمة له منذ عام 1989" (عام تفكك النظام الاشتراكي. ويعود سبب ذلك حسب تشميلار الى "السياسة المتعجرفة" لحكومة الديمقراطيين الاجتماعيين، لقد "شوهوا مفهوم اليسار الاجتماعي".
وعلقت صحيفة برافدا اليسارية الليبرالية يوم الاثنين، بشأن الفائزين والمهزومين، لقد استبدل "الشيطان بإبليس". واكدت الجريدة صعوبة تقييم الحزب الفائز، لأن قائمة مرشحيه ضمت كل شيء بدءًا من المحافظ المتطرف إلى المدافع عن البيئة إلى الليبرالي. ومع ذلك، يمكن للمرء أن يفترض بالتأكيد أن "طالبان المسيحية" في الحزب "سوف تحدد النبرة بلا شك" في المستقبل. "إنه التيار الذي يقع على اقصى حافة السياسة، ولكن لديه شعور بالتفوق الأخلاقي على الآخرين، وبالتالي سوف يسمع الناس الصوت الاعلى". وتوقعت صحيفة ليبرالية اخرى، ان الدورة التشريعية المقبلة سوف لن تكون جيدة، وسوف يتم التوسع في التضيق على حقوق الاقليات، وكذلك حقوق النساء، وعموم خيارات الافراد المتعلقة بحياتهم الشخصية.