العودة الى لينين 11


طلال الربيعي
الحوار المتمدن - العدد: 6497 - 2020 / 2 / 23 - 03:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

كما ذكرت في الحلقة السابقة, يثير Chattopadhyay بعض القضايا الأساسية ذات الصلة بممارسة الماركسية اليوم, وذلك من خلال العودة إلى نصوص ماركس وكشف بعض "الانحرافات" عن أفكاره الحقيقية في الممارسة اللينينية. في حين أن هذا النهج الأكاديمي الذي يضفي القداسة على النص الماركسي, يجادل Gohain , قد ينجح بشكل ملموس في الغزو الخطابي لعوالم مثل خيالات التحرر الجنسي, إلا أنه غير مناسب تمامًا ومضلل في مجال تكون فيه وحدة النظرية والممارسة ذات أهمية حاسمة لتغيير المجتمع وتحرير الجوهر الاجتماعي للإنسان.
(دعاة التحرر الجنسي قد يلجأون الى النصوص المقدسة لتبرير تحررهم الجنسي, مثل استخدام النصوص الانجيلية لتفسير ظاهرة التحول الجنسي من ذكر الى انثى او بالعكس او بوجود الجنس الثالث, لا ذكر ولا انثى, وهو جنس معترف به رسميا في دول مثل المانيا والنمسا. حول التحرر الجنسي باستخدام الانجيل, يمكن مراجعة المقالة
How To Make The Bible Support Any Sexual Practice In 3 Easy Steps
https://thefederalist.com/2016/08/30/make-bible-support-sexual-practice-3-easy-steps/
ليس لدي معلومات عن استخدام نصوص القران لنفس الغرض, ولكن هذا موضوع لايتعلق بصلب المقالة.
اما على صعيد الخيال, فاضفاء القدسية على النص ثم الزعم بالعمل بموجب هذا النص هو ليس ممارسة فجة للاحتماء وراء نصوص يزعم انها مقدسة, نصوص دنيوية او دينية, ولكنه يشكل ايضا وسيلة لحل عقدة الاخصاء الاوديبي بالتماهي مع الله-الاب, او ماركس! والقدسية ستبرر هنا المازخية التي تكون سادية السلطة وجه العملة الآخر لها, مما قد يؤدي الى الاستبدادية الستالينية او الفاشية باشكالها العديدة)

من المعلوم ان لينين طبق أفكار ماركس على بلد لم يجسد التصور اللاحق لظروف الثورة الاشتراكية (في الواقع, كان لينين قد سلّم في نهاية حياته, عندما بدا أن البرجوازية عززت قبضتها في دول أوروبا في مواجهة تعاظم نضال الطبقة العاملة, ان جموع الفلاحين قد تشكل أساس المجتمع الاشتراكي هناك فقط إذا نجح تعاظم نضال البروليتاريا في الدول الغربية في قصم ظهر الرأسمالية).

الصعوبة الهائلة التي واجهها لينين عند الشروع في بناء الاشتراكية يعود الى اقتصار القطاع الرأسمالي على طبقة عاملة صغيرة على خلفية واسعة من الفلاحين الذين كانوا لا زالوا منغمسين في التقاليد المنهكة المتمثلة في القنانة والعبودية الروحية. اما الطبقة العاملة الواعية والمنضبطة والمتفانية فقد قضت عليها فعليًا الحرب الأهلية الطويلة التي شنتها العناصر الرجعية مثل الملاكين المدعومين من القوى الرأسمالية الأجنبية, وكذلك القادة الاناركيين الإقليميين الذين قادوا جيوشا غير نظامية. وتفاقم الوضع المأساوي بسبب ضعف البرجوازية الليبرالية الروسية التي لم تكن قادرة على إقامة دولة ديمقراطية سليمة على الرغم من أوهام المناشفة, وكذلك بسبب استمرار وجود عناصر إقطاعية قوية كانت حريصة على استعادة النظام الإقطاعي بالتحالفً مع الرأسماليين. (وهذا كله يعري تخرصات الستالينيين الوقحة والمجانبة بالكامل للحقيقة بحق لينين واعتباره هو المسؤول عن الوضع الحرج و الصعب للاتحاد السوفيتي بعيد ثورة اكتوبر)

Eric Hobsbawm هو اكبر مؤرخ في القرن العشرين قاطبة (1917 – 2012) والذي احتفظ بعضوية الحزب الشيوعي البريطاني طوال حياته بالرغم من شعور الكثير من زملائه الكبار بالخيانة وتنازلهم عن عضويتهم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. يقول Hobsbawm
"لم يتم تصميم التجربة السوفيتية كبديل عالمي للرأسمالية, ولكن كنوع محدد من الاستجابة للحالة الخاصة لبلد واسع ومتخلف بشكل هائل في لحظة تاريخية معينة وغير قابلة للتكرار.
صفحة 497 , من كتابه الضخم AGE OF EXTREMES والذي يستطيع قراءته بالكامل من يمتلك الوقت والقدرة على التحمل في
http://libcom.org/files/Eric%20Hobsbawm%20-%20Age%20Of%20Extremes%20-%201914-1991.pdf

يتهم Chattopadhyay لينين بأنه فرض اثنين من ابتكاراته الجديدة على مفاهيم ماركس. أولاً, قام بتلفيق فكرة الدولة الاشتراكية في حين رأى ماركس أن الاشتراكية-الشيوعية هي المرحلة النهائية في الحضارة الإنسانية حيث تضمحل الدولة. ثانياً, إنه يلفق الانتقال على مرحلتين إلى الشيوعية, دولة اشتراكية تحمي هيمنة البروليتاريا حتى تصبح مهيأة للمرحلة الشيوعية حيث سيسود اتحاد حر للأفراد وسيتبع إنتاج وتوزيع البضائع مبدأ "من كل حسب قدرته إلى كل حسب حاجته (ماركس: نقد برنامج غوتا).

يبدو في الظاهر, يؤكد Gohain , أن الأدلة النصية تؤيد الاتهام الموجه ضد لينين!
يتبع