قطبا الفاشية الاسلاميون والعسكر


صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن - العدد: 6493 - 2020 / 2 / 17 - 00:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

دائما ما كانت العلاقة بين السلطة الحاكمة والجيش في العراق يشوبها الكثير من عدم الثقة، خصوصا أن العراق ومنذ تأسيس السلطة فيه 1921 قام بتأسيس قوة عسكرية لحماية السلطة، فبقيت العلاقة مرتبكة فيما بينهما، يتحالفون في بعض الاحيان " انتفاضة اذار 1991 " كأبرز تحالف، رغم الازمة الخانقة التي مرت بها السلطة آنذاك، او يختلفون حد الموت في اخرى "انقلاب 1958" وفيها قام الجيش بإعدام السلطة.
بعد احداث 2003 وقيام سلطات الاحتلال الامريكي بحل المؤسسة العسكرية، وتأسيس بدلا عنها مجموعة ميليشيات وعصابات مسلحة، رجعت سلطات الاحتلال عن قرارها وقامت بتأسيس الجيش مرة اخرى، لكن على اساس طائفي وقومي، وبتسليح هش، حتى تستطيع ان تضمن سلامة السلطة التي شكلوها، رغم كل ذلك فقد بقيت العلاقة بين سلطة الاسلام السياسي، المشكلة من الامريكان وبمساعدة بعض دول الجوار، وبين المؤسسة العسكرية، علاقة يسودها الشك والريبة وعدم الامان، أي لا ثقة مطلقا بين هذين القطبين الفاشيين، وما زالت تؤرق سلطة الاسلام السياسي فكرة الانقلاب، التي من الممكن ان يقوم بها احد قيادات المؤسسة العسكرية، وهذه السلطة ما برحت تحذر هذه المؤسسة من مغبة أي فعل قد يجر البلاد "للمجهول" حسب قولهم.
في فترة انتفاضة اكتوبر واثناءها، اضحت هذه العلاقة اكثر وضوحا، وبدأ العسكر بالتحالف مع هذه السلطة، خصوصا بعد ان عرف هذان القطبان الفاشيان حقيقة هذه الانتفاضة، والتي هي ازالة كل هذا النظام ومنتجاته، لهذا فأن المؤسسة العسكرية اليوم هي اكثر مدافع عن هذا النظام، بل انها قد سخرت كل امكاناتها للميليشيات والعصابات، بل انها اصبحت تأخذ اوامرها من قادة هذه الميليشيات ورجال الدين، فلم تتدخل هذه المؤسسة بشكل مباشر الا بعد خطبة جمعة، حث فيها الخطيب المؤسسة العسكرية بحصر القمع بيدها.
ان انتفاضة اكتوبر كانت ولا زالت تعري القوى التي كانت تخدع الجماهير بأنها "وطنية"، بل ان هذه الانتفاضة قد ازالت جميع الاقنعة عن كل المؤسسات التي عولت عليها بعضا من الجماهير. ان المؤسسة العسكرية وسلطة الاسلام السياسي الحاكمة، هما اليوم في حالة زواج كاثوليكي وفي خندق واحد، ضد قوى الجماهير المتطلعة للحرية والعيش الرغيد، وما على هذه الجماهير الا ان تمضي قدما بإسقاط هذا النظام البغيض وكل مؤسساته القمعية.