هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟.....11


محمد الحنفي
الحوار المتمدن - العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 19:12
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

المفيد في إنجاز عملية التغيير:

إننا عندما نعتبر أن الماركسية كفلسفة متطورة، وكعلم متطور، وكمنهج علمي متطور، باستمرار، هي المبتدأ، وهي المنتهى، في الانتماء إلى اليسار، وأن أية حركة، لا يمكن أن تعتبر يسارية، إلا إذا اقتنعت بالاشتراكية العلمية، وأن اليساريين، لا يمكن أن يكونوا كذلك، إذا لم يكونوا اشتراكيين علميين. وهو ما يطرح علينا السؤال:

ما المفيد في عملية التغيير، التي تنشدها الماركسية كفلسفة، والماركسية كعلم والماركسي كمنهج علمي، في العلاقة مع الواقع المستهدف بالتغيير؟

هل المفيد هو الماركسية كفلسفة؟

هل المفيد هو الماركسية كعلم؟

هل المفيد هو الماركسية كمنهج علمي؟

إن الماركسية، عندما تفعل في واقع معين، فإنها لا تجزأ في عملية التفعيل، مهما كانت مجحفة بالنسبة لواقع معين. فالماركسية واحدة، سواء كانت فلسفة، أو علما، أو منهجا علميا.

ونحن في إعمالنا للماركسية في الواقع، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، لا نستطيع أن نمييز في إعمالنا للماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي؛ لأننا نطرح السؤال الفلسفي، ونوظف العلم الماركسي، في إيجاد الجواب المناسب، ونمنهج عملنا في الواقع، وفق المنهج العلمي الماركسي، من أجل معرفة الأفيد من الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

ونحن، في تعاملنا، مع الواقع، نجد أن الفلسفة الماركسية، هي الأفيد في طرح السؤال، وأن العلم الماركسي، هو الأفيد في إيجاد الجواب العلمي، المتناسب مع السؤال الفلسفي المطروح، وأن المنهج العلمي الماركسي، هو الأفيد في عملية التحليل الملموس، للواقع الملموس. وهو ما يعني: أن الماركسية، في شموليتها، هي الأفيد في عملية تغيير الواقع.

غير أن عملية الفصل بين الفلسفة الماركسية، والعلم الماركسي، والمنهج العلمي الماركسي، تساعدنا على الوقوف على التفصيل القائم في الواقع، على مستوى الجوانب التي تفيد فيها الفلسفة الماركسية، والجوانب التي يفيد فيها العلم الماركسي، والجوانب التي يفيد فيها المنهج العلمي الماركسي، من أجل الوصول إلى أن الماركسية ككل، مفيدة في تغيير الواقع.

فالماركسية كفلسفة، تجعلنا نتدبر الواقع، ونتأمل تحولاته التي نفهمها، والتي لا نفهمها، من أجل طرح الأسئلة المفعلة في الواقع، والمحفزة على إعمال العقل فيه، والسعي إلى البحث عن الجواب المناسب، لكل سؤال جزئي، والعمل على تركيب الجواب العلمي المناسب، لمجمل الأسئلة الجزئية المطروحة، والذي لا يكون إلا علميا، خبيرا بالواقع، الفارز للأسئلة المطروحة على المستوى الفلسفي، الذي يتفاعل مع نتائج العلم الماركسي، من أجل طرح المزيد من الأسئلة التي تستهدف تحولات الواقع المادي، والمعنوي. وما يحصل فيه من تطور اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، من أجل إعمال العلم من جديد، في أفق إيجاد أجوبة علمية جزئية، يمكن اعتمادها لإيجاد جواب علمي مركب. وهكذا...

والماركسية كعلم، تفيدنا في إعمال العقل العلمي في الواقع، من أجل ترتيبه، أو إعادة ترتيبه، ترتيبا علميا، في أفق جعل الواقع الطبيعي، والاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي، والسياسي، خاضعا للخطوات العلمية الدقيقة، التي تجعل منه واقعا منتجا، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبار تلك الخدمة، هي الهدف الأسمى للعلم الماركسي، الذي وجد، في الأصل، لخدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

وانطلاقا من هذا الهدف الواقعي، الذي يسعى العلم الماركسي إلى تحقيقه، فإن العلم الماركسي، الذي يفهم الواقع فهما علميا، يجد نفسه، وجها لوجه، أمام ما يترتب عن تحولات الواقع، فهما علميا، يجد نفسه، وجها لوجه، أمام ما يترتب عن تحولات الواقع، في مختلف المجالات، مما يجعله يخضع، كل جديد، للممارسة العلمية، من أجل معرفة القوانين العلمية، التي تضبطه، حتى تصير جزءا لا يتجزأ من العلم الماركسي، المعتمد في تطوير الواقع، وجعله يتطور، تبعا لما يقتضيه الواقع المتحول، حتى يصير العلم الماركسي أفيد.

وإذا كانت الماركسية كعلم، أكثر فائدة في عملية التغيير، التي يخضع لها الواقع، فإن هذه الماركسية كعلم، لا يمكن أن تكون، كذلك، لولا الماركسية كمنهج، يمكن اعتماده في التحليل الملموس، للواقع الملموس، مما يفيد كثيرا في تعمق الماركسية كعلم في الواقع، الأمر الذي يترتب عنه: أن تفعيل قوالب العلم الماركسي، في تحليل الواقع المادي، وجعل الماركسية كعلم، تتعمق فيه، يؤدي، بالضرورة، إلى قيام تفاعل بين الماركسية كعلم، والماركسية كمنهج علمي، وهو ما يؤدي إلى تطورهما معا، وتطور فعلهما في عملية تغيير الواقع، في الاتجاه الصحيح، الذي يحول الواقع من خدمة الرأسمالية التبعية، بكل ذيولها، إلى خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي إطار تحقيق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كوسيلة، وكهدف.

والماركسية كمنهج، تحضر في تفعيل الماركسية كفلسفة، والماركسية كعلم، من أجل تطوير، وتطور الماركسية كفلسفة، والماركسية كعلم، والماركسية كمنهج، من أجل الوصول إلى تحقيق التحول النوعي في الفلسفة الماركسية، في مساءلة الواقع، بالإضافة إلى التحول النوعي في العلم الماركسي، الذي يبقى المنهج الماركسي، بدون إنتاج علمي دقيق، يستطيع أن ينفذ إلى الواقع، وأن يغيره تغييرا علميا دقيقا، يمكنه من عملية التحول في الاتجاه الصحيح، ليأتي دور الفلسفة الماركسية، في تفاعلها مع المنهج الماركسي، من خلال طرح السؤال المنهجي الواقعي، العلمي، والذي يستوقفنا، من أجل أن نتعمق في الواقع، وأن نعمل العقل في كل صغيرة، وكبيرة فيه، وصولا إلى استنتاج الأجوبة السليمة، والعلمية، عن تحولات الواقع، وعن إمكانية تغييره، حسب ما يقتضيه العلم الماركسي المتطور.

وبناء على ما رأينا، فإننا نجد: أن الماركسية كفلسفة، والماركسية كعلم، والماركسية كمنهج علمي، أكثر فائدة في عملية التغيير المادي، والمعنوي، من أجل جعله أكثر إنتاجا، وأكثر استجابة لحاجيات المجتمع، وأكثر خدمة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأكثر قدرة على إنتاج واقع مختلف، يضمن التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد المجتمع، في أفق تحقيق الاشتراكية، كنظام سياسي، يشرف على عملية التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد المجتمع، الذين يتساوون رجالا، ونساء، وأمام الدول،ة وأمام القانون، وأمام القضاء، وعلى أساس الفصل بين السلطة السياسية، والسلطة التشريعية، والسلطة القضائية، في إطار الدولة الاشتراكية، التي تقطع، بصفة نهائية، مع الاستعباد، ومع الاستبداد، ومع الاستغلال، في أفق التحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، وسعيا إلى الاستمرار في عملية التحويل، لصالح الكادحين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لإثبات أن الماركسية، في شموليتها، هي الأصلح في عملية تغيير الواقع.