حركة الحلو - فشل في التحالفات والمفاوضات


سعد محمد عبدالله
الحوار المتمدن - العدد: 6477 - 2020 / 1 / 30 - 17:41
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية     

من المعروف أن التحالفات السياسية تبنى لخدمة أهداف ومصالح وطنية مشتركة تمثل الهم الشاغل للمكونات المتحالفة، وهنالك تحالفات قائمة علي مشتركات إيدلوجية حتم الفكر المشترك قيامها، وأيضا نجد التحالفات الإنتهازية والتكتيكية الساعية لتحقيق مصالح معينة تخدم مكوناتها أكثر من خدمتها للبلاد، والساحة السودانية شهدت تحالفات كثيرة متعددة المقاصد والمرامي، ولكن نلاحظ أن الساحة أفرزت مؤخرا تحالف المتناقضين سياسيا وفكريا وهو شكل من أشكال الإنتهازية إذاما دققنا التحليل ونظرنا للظروف السياسية التي أدت لقيامها، فحركة الحلو ومنذ إنقلابها المعلوم خرجت من الجبهة الثورية ونداء السودان ولم تكن حاضرة في الحرية والتغيير وفشل مسعى الحلو في إستكمال التحالف مع حركة/جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد، كما فشل تحالف الكتلة التاريخية الذي خرج منه الطاهر حجر بعد أيام من توقيعه ورقة تفاهم مع الحلو، وكان بديل الحركة الإنقلابية هو إبرام إتفاق مع محمد جلال هاشم وجعله علي رأس المفاوضات لسد "فراغ الكادر المفاوض" داخل حركة الحلو.

لقد فشل الحلو في معركة المفاوضات بعد أن قدم فريق تفاوضي قليل الخبرة وفقير المهارات وخاوي الروئ يتحكم فيه شخص من خارج حركة الحلو، وإعتماد الحلو في المفاوضات علي نظريات محمد جلال هاشم أدخل حركته في حالة "تخندق سياسي" فلم يستطيع تحقيق أدنى تقدم في المفاوضات، وترك الحلو حركته تختطف من قبل جهات لا تهتم لمعاناة المواطنيين داخل المناطق التي يسيطر عليها وبل في سجونه عشرات الأسرى ينتظرون السلام، ومفاوضي هذه الحركة يتحدثون عن السلام المشروط اما بتقرير المصير او العلمانية وإذا تعذر ذلك يكون البديل هو العودة للحرب مرة آخرى، والسلام لا يمكن أن يتحقق "بالتهديد وكسر الرقاب"، والعلمانية ليست شرطا لتحقيق السلام وذلك لا يلغي علمانية الحركة الشعبية، فالإنسانية قبل الإيدلوجيا، وحق الحياة والطعام أقدس من السياسة والإيدلوجيات، وتقرير المصير في السودان لا يخدم مصالح الشعوب في المنطقتين وبل سيقسم البلاد مجددا ويكرر ما حدث في جنوب السودان وهذا بغض النظر عن مسألة الإمكانيات الداخلية لقيام دولة جديدة وتقبلها من قبل العالم الخارجي الذي يعج بالمشكلات، فالحل الأمثل هو بناء دولة السلام العادل والمواطنة المتساوية وتوحيد السودان علي أسس جديدة يكون فيها الحكم الذاتي للمناطق المهمشة مع التمييز الإيجابي.

عندما فشل الحلو في المفاوضات قفز منها سريعا ليجري مناورات عسكرية وسياسية من بينها محاولة هجوم جيشه علي مناطق سيطرة الجيش الشعبي ولقائه "البهلواني" بالنيل الأزرق وبحثه عن حليف تكتيكي جديد، وشاهدنا خروج حركة الحلو بتحالف مع الحزب الإتحادي "الأصل" الذي كان شريكا للنظام البائد حتى لحظة سقوط النظام، وواضح أن أسباب تحالف عبدالعزيز الحلو وجعفر الميرغني هو الصفات المشتركة بينهم، فالأول إنقلب علي قيادة الحركة الشعبية وأصبح بلا حليف ويريد ملئ الفراغ السياسي الذي يحيط به وكذلك الثاني فصل قيادات تنظيمه وإنفرد بالحكم وإنفض الإتحاديين من حوله وهو يسعى لإعادة إنتاج نفسه وحزبه، فالتناقض هنا يكمن في تركيبة وطموح الحليفيين، ولا يمكن موائمة وملايقة الطرح العلماني بالطائفية كما لا تتماشى الأفكار الإتحادية مع الإنفصالية، لذلك نرى أن هذا التحالف إستعراطي وتكتيكي أكثر من كونه إستراتيجي وإنتهازي قابل للتلاشي متى ما إنتهت المصلحة من تكوينه او توفرت بدائل لطرف من الأطراف.

المرحلة الحالية تحتاج لطرح سياسي رصين يركز في الأساس علي تحقيق السلام الشامل والمستدام ويؤسس لبناء دولة المواطنة بلا تمييز وتمتيين الحكم المدني الديمقراطي، فالسلام هو المدخل الأساسي لمعالجة الأزمة الإقتصادية الطاحنة ورفع الوعي بضرورة التعايش السلمي وإنهاء عزلة السودان الدولية، وقد حققت الحركة الشعبية بقيادة الرفيق القائد مالك عقار تقدما في المفاوضات، وتم التوقيع علي إتفاق وقف العدائيات وتقديم المساعدات الإنسانية الأمر الذي لم تحققه بقية الحركات ونتمنى أن يتحقق قريبا ووجد ذلك ترحيب واسع من داخل وخارج السودان، وتقدمنا أكثر فأكثر ووقعت الحركة الشعبية الإتفاق الإطاري الذي كان الإنجاز الأكبر في مسار ومسعى تحقيق السلام الشامل، والحركة الشعبية ستواصل الكفاح من أجل السلام الشامل الذي يخاطب تطلعات الجماهير ويحل مشكلات السودان من جزورها، وفي كل جولة سيكون شعار الشعب يريد بناء سودان جديد وحرية سلام وعدالة حاضرا في مقدمة الأجندة وراسخة في ضمائر وأذهان المفاوضيين، لأن هذه الشعارات تنبع من روح الثورة، والثورة منتصرة.

30/1/2020