حول الوضع في العراق بعد مقتل سليماني


سمير نوري
الحوار المتمدن - العدد: 6471 - 2020 / 1 / 22 - 09:41
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية     

مقاابلة نحو الاشتراكية مع سمير نوري سكرتير اللجنة المركزية حول الوضع في العراق بعد مقتل سليماني
نحو الاشتراكية:
كيف تقيم الوضع في العراق الان بعد مقتل سليماني على يد القوات الامريكية والاحداث التي تسارعت وشبه - انتهت باسقاط ايران للطائرة الاوكرانية؟
سمير نوري:
تطورت بسرعة اصبح من الصعب ملاحقتها لتحليلها في بعض الأحيان. قتل قاسم سليماني تقريبا اصبح من الماضي، وخاصة بعد القصف الصاروخي الأيراني لمعسكر عين الاسد تقريبا انتهت سخونة الموضوع. حاولت الجمهورية الأسلامية والأحزاب الاسلامية استغلال قتل سليماني ومهدي المهندس لجر المظاهرات والثورة في العراق خلفهم. لكن الجماهير واجهتهم بقوة ورفضوا رفضا قاطعا جرهم. حتى انهم منعوا تشييع جنازاتهم بشكل رمزي في المدن. كل المحاولات لوضع الثورة تحت ظل الأحداث مرت بسرعة البرق وانتهى مفعول تلك المحاولات بهمة الثوريين و رفضهم للاحزاب وسلطتهم .


نحو الاشتراكية:
اعلنت الجماهير بسرعة موقفها المستقل من نفوذ هذين القطبين الارهابيين وقالت ان ايران وامريكا وجهان لعملة واحدة. كيف تقيم موقف الجماهير ازاء موقف سلطة الميليشيات التابع للجمهورية الاسلامية ؟


سمير نوري:
الجماهير لم تؤيد الهجوم على السفارة الأمريكية و لم ترفع شعار "كلا كلا لامريكا". الجماهير تعرف هذا الشعار وشعار" الشيطان الأكبر" هي شعارات للخميني وخامنئي والجمهورية الأسلامية والأحزاب الأسلامية الموالية لها. الثورة ثورة جماهيرية ضد هذا الأسلام السياسي والحكومة الطائفية القومية ولانهاء سلطة الأحزاب الاسلامية. كل المحاولات لجر الجماهير لخروجها عن مسارها الثوري يضر بالثورة.
ان الحركة القومية- ألاسلامية المعادية للامبريالية والانتي امريكية او الانتي امبريالية هي حركة رجعية و شعارها" كلا كلا لامريكا" شعار ينتمي الى التيارات الرجعية في المجتمع. ان اي سعي لجر المجتمع وراء هذا الشعار يخدم بشكل مباشر القوى الرجعية وألاسلامية ويشكل طوق نجاة للسلطة القومية – الطائفية.


ثورة اكتوبر هي ثورة ضد الأسلام السياسي والقوى الأسلامية و الجمهورية الأسلامية و السلطة القومية- الطائفية. الجماهير لا تفرق بين الأحزاب الاسلامية وميليشياتهم و بين رأس الأفعى اي رأس الأسلام السياسي - الجمهورية الأسلامية، لا في العراق فحسب، بل في لبنان و ايران. اي ان الثورة اوسع من العراق، لكنها في العراق تلعب دورا اقوى في الوقت الحاضر لانه الاكثر راديكالية وصلابة.


نحو الاشتراكية:
ثورة الجماهير في العراق تزداد تأججا. خرجت مظاهرة مليونية الجمعة الماضية. ساحات المدن في الجنوب تلتهب بالغضب والاحتجاجات. كيف تقيم مسار الثورة في ظل التجاذبات والصراعات بين اجنحة السلطة ؟


سمير نوري:
مرت الثورة بمراحل مصيرية و لكن الأن وصلت الى نقطة حاسمة ووضعت السلطة في مأزق لا تحسد عليه. اجبر عادل عبدالمهدي وحكومته على الأستقالة ورمي برهم صالح استقالته على طاولة البرلمان وبين الحين والاخر تستقيل شخصيات "العملية السياسية" سيئة الصيت من مناصبها. في اول وجبة استقالة رائد فهمي وهيفاء الأمين من البرلمان وهذا الأسبوع استقالة اياد علاوي وايضا استقالات بعض قيادات حزب الدعوة. دون ساحة التحرير و ساحات النضال اذن فان تشكيل الحكومة اصبح محالا. وقد اعلنت شخصيات السلطة و خاصة برهم صالح، ان الثورة تتحكم بالأمور، وان الهيئة الحاكمة في تخبط وتجاذبات شديدة وبدأت تتفكك يوما بعد يوم وكما يقولون وصلوا الى" نفق مظلم".


الآن وصل الوضع الى مرحلة على الثورة انهاء سلطة الخضراء واحتلالها. ان ساحة التحرير كرمز للثورة هي السلطة مقابل سلطة الخضراء. اليوم نحن نعيش مرحلة تصعيدية للثورة. يجب اسقاط العدو.


نحو الاشتراكية:
هل برأيك هناك وضوح في الاهداف الثورية للجماهير؟ كيف؟ وماهي الشعارات التي برأيك تحدد هذا المسار؟


سمير نوري:
نعم اهداف الثورة واضحة وهي انهاء العملية السياسية والسلطة المحاصصاتية والسلطة الطائفية والقومية وانهاء سلطة الأحزاب الاسلامية والقومية والغاء البرلمان وقطع يد ايران في العراق تحت شعار "ايران برة برة بغداد تبقى حرة". ان اهداف الثورة بشكل كلي هي اهداف نافية لكل النظام (negation) . تريد الجماهير الثورية حياة كريمة ومجتمع امن و مرفه. الشباب والشابات يقولون " نريد وطنا" والناس تعرف بان تحقيق هذه الأهداف ليس شيئا مستعصيا. عبرنا نحن عن هذه الأهداف في ادبياتنا بشعار " حرية ، مساواة ، رفاه ". وتعبر الجماهير عن تلك الاهداف في الشارع بلغة بسيطة ومفهومة للجميع.


نحو الاشتراكية:
مقتدى الصدر زعيم التيار الاسلامي الشيعي اعلن انه يقف الى جانب ايران ويهدد بتخريب ثورة الجماهير بما يسميه مليونية تحت شعار كلا كلا امريكا. هل هذا الشعار الديماغوجي البائد يمكن ان يعمل شئ الان كما كان يفعل ابان الاحتلال الامريكي للعراق؟


سمير نوري:
انتهت قدرة التيار الصدري على تعبئة الشارع. في العام 2015 استطاع تهدئة الوضع ولعب نفس دور التيار الأصلاحي في ايران و لكن الوعي الجماهيري الان تجاوز هذه التيارات القومية – الاسلامية. في ايران يقولون ان هناك "اصوليين واصلاحيين ولكن المسألة وصلت الى نهايتها". ولكن في العراق فان الجماهير تعلق على سائرون ب"حائرون" كونهم مثل (بلاعة الموس)، فهم مع السلطة ولكن يبحثون عن موطئ قدم بين الجماهير. وبرأيي فأن هذه المرحلة انتهت. فلا مقتدى الصدر و لا تياره يستطيعان لعب دور بين الجماهير. قبل فترة، عندما رجع مقتدى من ايران طردته الجماهير من مظاهرة في مدينة كربلاء وبشعارات معادية " لا مقتدى لا هادي حرة تبقى بلادي".


برأي الثورة افشلت خطة مقتدى الصدر" المظاهرة المليونية". ان التصعيد منذ يوم الأحد الماضي سد بوجه مقتدى الصدر قدرته على لعب اي دور. اي محاولة له لن تكون سوى مهزلة وخزي له. الثورة افشلت هذه الاساليب عن بكرة ابيها. فشعار " كلا كلا امريكا" هو شعار خامنئي والعالم يعرف ذلك ولن تستسلم لاعدائها ومصادر شقائها. لا يرفع هذه الشعار الا الاسلاميين و اليسار المتحالف مع الأسلام السياسي.


نحو الاشتراكية:
بيان الحزب طرح شعار ”كل السلطة للتحرير“. هل لك ان توضح كيف ان السلطة تكون بالتحرير؟ وما هو المعنى السياسي لهذا الشعار وكيف للجماهير ان تستفيد منه؟


سمير نوري:
كل السلطة للتحرير ليس لغز و لا فبركة من احد بل اصبحت واقعا سياسيا في العراق. الان لا اي شخص حكم العراق الا بان يحصل على موافقة التحرير؛ لا من طهران و لا من امريكا و لا من الأحزاب القومية والطائفية العراقية بامكانها الحصول على التأييد من التحرير. الان بغداد تعيش سلطة مزدوجة، الخضراء من طرف والتحرير في الجانب المقابل. اننا نشير الى التحرير كرمز لثورة تشرين.
التحرير هو استعراض لسلطة مصغرة وادارة جماهيرية مصغرة تعكس الأنسانية والتمدن والرقي الفني والادبي والحضاري؛ عرض النظافة واعطاء الشباب و الشباب معنى لحياتهم و تطلعاتهم، وتنظم العلاقات بين الناس على اساس انساني، عرض للتفكير الجمعي والقرار الجمعي وارجاع الأحترام للمرأة واعطاء فرصة متساوية للمراة لكي تلعب دورها في المجتمع. ان قدسية الأنسان في التحرير تشكل المحور.


الآن التحرير بحاجة الى تنظيم نفسها كسلطة سياسية لكل البلد وبشكل منظم و جماهيري. الثورة ليست بحاجة الى تقديم ممثل الى البرلمان و رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة بل يجب تشكيل هيئة تشريعية وتنفيذية في اطار اللجان الثورية او المجالس او مجلس في ساحة التحرير منتخب من قبل المتظاهرين وتشكيل حكومة تحت انظار مجلسها. هناك الان دعوات في التحرير وفي الناصرية الى تشكل المجالس الثورية ، هذه الدعوات خطوة جبارة و تفتح افاق واسعة امام الثورة.


نحو الاشتراكية:
هل ثمة كلمة اخيرة للجماهير في ساحات التحرير في كل العراق؟ ان كانت هناك نقطة واحدة تشدد عليها. ماهي؟


سمير نوري:
اهم شيء في التحرير و للجماهير الثورية هي اسقاط النظام و تأسس دولة المواطنة؛ دولة مدنية علمانية، هذه العملية لا تمر عبر تشكيل حكومة موقتة من قبل برلمان العراق ورئيس الجمهورية و الدعوة الى انتخابات مبكرة. هذه الجعبة هي تراجع عن مطاليب الجماهير و فرض تراجع على الثورة. كما اشرت من قبل على التحرير و كل الساحات" في الحبوبي ، ثورة العشرين ، ساحة الاحرار، و كل الساحات النضالية والثورية ان ينظموا انفسهم كسلطة و تشكيل حكومة منبثقة من الثورة. يجب الاصرار على ازاحة كل الأحزاب الاسلامية والقومية من السلطة ونزع سلاح كل الميليشيات و طرد الجمهورية الأسلامية الايرانية. بدون هذه الأجراءات الثورية ستتوقف الثورة عند نصف الطريق. نحن نريد ادامتها و تطويرها و ايصالها الى اهدافها من اجل الحرية و المساواة والحياة الكريمة والعيش الكريم.