لِمَ قَبَرَ بكّيرْ تعليقيَ الصَّغيرْ ؟


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6469 - 2020 / 1 / 19 - 19:52
المحور: كتابات ساخرة     

في العدد : 6458 - 2020 / 1 / 7 من الحوار المتمدن ألأغر ، و ضمن محور "مقابلات و حوارات" ، جرت استضافة الأستاذ محمود يوسف بكير – الموصوف بعبارة " كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية" - لتقديم "حوار مفتوح مع القراء والقارئات" عنوانه المعلن هو : "بعض أفكار ماركس وهل للتطبيق وكعلاج لمشاكل الرأسمالية ". وقد جذبت انتباهي أولاً صيغة التساؤل التضميني المغرض فيها و الناص على : "هل تصلح أفكار ماركس للتطبيق وكعلاج لمشاكل الرأسمالية " والتي تشبه إلى حد ما مَنْ يسأل شخصاً في محمل عام : "هل تصلح أفكار سقراط كعلاج لقوادة القوادين" ؟ مع ذلك ، فقد تحاملت على نفسي ، فواصلت القراءة السريعة لمندرجاته علني أظفر منها بالمفيد ، فواجهني فوراً مشهد هذا الأستاذ المحاور المحترم و هو "يتأستذ" – كالعادة في شرقنا الحزين – بكلامه الإنشائي غير العلمي بالمطلق على أفكار أعظم عالم اقتصاد عرفه التاريخ لحد الآن : كارل ماركس و ذلك من دون أن يكلف نفسه مشقة اقتباس و لو حتى مجرد جملة واحدة فقط من بين ملايين الجمل التي تستغرق متن عشرات المجلدات التي سطرها كارل ماركس و رفيقه فردريك إنجلز ! كل هذا يحصل رغم أن المحاوِر المحترم يحلو له أن يصف نفسه بـ : "كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية" ! أي بحث هذا الذي يمكن تصور كتابته عن "بعض أفكار" ماركس من دون أيما استشهاد قط بنصوص المبحوث عنه كارل ماركس بالذات ؟ أم أن تخصص الباحث المحترم في الاقتصاد و في الإنسانية يحتمان عليه "الاقتصاد" في البحث عن أفكار الإنسان كارل ماركس بالقمع التام لكلام هذا الإنسان على نحو إنساني ؟ أم لعل الباحث الاقتصادي الإنساني المحترم يعتبر أن ماركس و إنجلز قد ماتا ، لذا فإن بإمكانه الحكم على جملهما عبر مقاربتها كجثث ميتة يحسن التعامل معها على طريقة :
دنوا فرقوھا واحدا بعد واحـد - و قالوا وجیزا لیس فیه فضول
فمن سابق كیلا یقال محـاذر ُ- و مستعجل كي لا یقال كسـول
عجبي !
و باختصار شديد ، فقد وجدت المحاور المحترم و هو ينعى على ماركس أمرين هما : فائض القيمة و المطالبة بالمساواة . في فائض القيمة يقول : (سأقتبس بشكل اقتصادي و إنساني من نصوصه نفسها ، عكس فعلته بماركس ) :
النص :
أن ماركس رأى أن هناك جزءا من وقت العامل مخصص فقط لتحقيق ربح للرأسمالي الطفيلي على حد تعبير ماركس، بمعنى أن عائد هذا الجزء يذهب إلى الرأسمالي دون أن يعمل شيئا بدلا من أن يذهب إلى العامل باعتبار أن العمل هو أساس القيمة بحسب نظرية ماركس. ولابد هنا أن نتمعن في آلية عمل عوامل الإنتاج الأربعة التي يقوم عليها البنيان الاقتصادي وهي الأرض ومواردها المختلفة، والعمل بأنواعه، ورأس المال المادي والنقدي وأخيرا الادارة والتنظيم وهي المسؤولية التي يتولاها الرأسمالي عادة.
وهنا نجد أن العناصر الثلاث الأولى تتقاضى دخولها قبل الرأسمالي وحتى قبل تحقيق أي أرباح حيث يكون المنظم الرأسمالي ملزم بسداد قيمة إيجار الأرض أو شرائها وبسداد أجر العمال والموظفين والمهندسين والمحاسبين...الخ وبسداد الفوائد والاقساط المستحقة على القروض التي قد يحصل عليها لشراء الآلات والمعدات والمواد الخام ....الخ هذا بالإضافة إلي تجنيب المخصصات الأخرى التي تتطلبها العملية الإنتاجية مثل التأمين والضرائب و الإحلال والتجديد....الخ وإذا ما تبقى أي فائض بعد سداد كل هذه الالتزامات أو تحققت خسائر فإنها تكون من نصيب الرأسمالي لأنه هو ألمسؤول عن العملية الإنتاجية ويخصص لها كل وقته وجهده وهو الذي يتحمل كل مخاطرها ولذلك فإنه آخر من يتقاضى عائده."
انتهى نص الأستاذ المحترم .
و الصحيح الذي يعرفه كل تلميذ في الماركسية هو أن كارل ماركس يرفض رفضاً قاطعاً احتساب نسبة أي فائض للقيمة إلا بعد تسديد كل أكلاف الإنتاج المباشرة و غير المباشرة و أولها دفع تمام أجور كافة العاملين عليه ، بضمنهم بالضبط كل المسؤولين عن التنظيم و مديري المخاطر ، سواء كانوا من أصحاب المشروع أم من غيرهم .
فه قه قه قااااااااااه !
و الأمر الثاني الذي يتحفنا به المحاور المحترم فهو المساواة في الدخل بين الناس :
نص الأستاذ المحاور المحترم :
" المساواة بين الناس شيء جيد بشكل عام ولكن عندما ندخل في التفاصيل نجد أن تحقيق المساواة الكاملة أمر صعب المنال. ومبدأ المساواة حلم قديم للبشرية منذ أيام آمون رع وكل الأنبياء ولكنه أخذ زخما كبيرا على يد ماركس و إنجلز في القرن 19 عندما أصدرا المانيفستو الشيوعي وفيه تصورا أن الطبقية والملكية الفردية سوف تزولا تماما في المرحلة الأخيرة من تطور الشيوعية.
والسؤال هل يمكن تصور حدوث هذا وأن يكون كل الناس سواسية أي القوي مثل الضعيف والمجتهد مثل الكسول والعبقري مثل المعتوه والمنظم مثل الفوضوي والعالم مثل الجاهل والعامل المنتج مثل العامل البلطجي؟ ألسنا بهذا نقتل الحافز الفردي للاجتهاد والتفوق؟ وفي هذا فإن لدينا في الاقتصاد نظرية تثبت أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من التداول بمعني أن العنصر السيء عندما يجاور العنصر الجيد في أي معادلة حياتية فإن العنصر الرديء يدفع العنصر الجيد إلى التقوقع والعزلة ثم الاختفاء. وهذا ما ينتج عادة من مساواة المجتهد بالكسول. وأيضا هل يمكن أن نقتل غريزة الطمع وحب التميز لدي البشر وأن نتحول إلى ملائكة كما تصور ماركس من خلال مقولته الشهيرة من كل بحسب قدرته ولكل بحسب حاجته؟ ولإيضاح صعوبة هذا لك عزيزي القارئ أن تتخيل مصنعا على وشك الافتتاح في ظل النظام الشيوعي، يفترض هنا أن نقوم بقياس قدرة كل عامل على العطاء وحجم احتياجاته قبل أن تبدأ العلمية الإنتاجية حتى نعرف حجم الإنتاج المتوقع وكيفية توزيعه بشكل عادل وفق معادلة ماركس."
انتهى النص .
و الصحيح والمعروف لكل تلميذ في الماركسية هو أن شعار ماركس القاضي : "من كل حسب عمله و لكل حسب حاجته" يحكم قطعاً و بالضبط على وجوب عدم المساواة في الدخل بين كل العاملين لاختلاف قدراتهم و قابلياتهم في الإنتاج بالضرورة و ذلك بربطه الدخل بحسب القابلية في العمل . اقرءوا تعليق ماركس حول هذه النقطة بالذات في نقده لبرنامج غوتا .
قه قه قه قاااااه !
من الواضح أن المحاور هنا تحلوا له مبارزة طواحين الهواء وسط الظلام الدامس و ليس مقارعة كارل ماركس الحجة بالحجة .
و عليه ، فقد كتبت له خلال الساعة الواحدة من فجر يوم 18/1/20 تعليقاً صغيراً بما هو آت :
نص تعليقي :
يا أخي على الأقل قل ولو جملة واحدة صحيحة !
الأستاذ محمود يوسف بكير المحترم
تحية ، و بعد :
يؤسفني جداً أن أقول لك بالحرف الواحد : لا توجد جملة صحيحة واحدة في كل خرطك هذا ، الذي يشع منه عدم قدرتك على الوعي لا لفكر ماركس و لا لطبيعة الاشتراكية و لا للشيوعية و لا للرأسمالية . و قد سبق للدكتور عصام الخفاجي و أن جرب طرح بعض ما تطرحه هنا في حوار له في نفس هذا الموقع قبل خمس سنوات ، و قد رددت عليه في سلسلة مقالات مفصلة - متوفرة على موقعي الفرعي في الحوار المتمدن لمن يرغب بالإطلاع عليها - لم تشفع لي صحتي بإنهائها لحد الآن رغم أن مادتها الخام حاضرة ، و لم يرد هو علي لحد الآن أيضاً . و في ضوء عمق ظلام الجهل في نصك هذا ، أجد أن قدري هو وجوب التحامل على نفسي لترك فراش المرض بغية التنقل بين ترك هذا المحاور من الأنبياء الجدد المبشرين بالزومبية على هذا الموقع الأغر و بين ذاك الذي يخلفه بنفس هذه الرسالة التبشيرية على نفس هذا المحراب الأعوج .
و عليه - و في ضوء دسامة و جسامة مقالتك هذه - فإنني سأرد عليك بسلسلة مقالات مكرسة لك بهذا الصدد على وجه الخصوص ، لأناقش مقالتك فيها جملة فجملة "حسب الأصول و بالتفصيل الممل كالعادة" ، و كلي رجاء من شخصكم الكريم أن تردوا على أقوالي في حينها جملة فجملة ، حسب الأصول ، و "تِعْمِل زَي ما بَعْمِل" ، و بعد عمر طويل .
سلم لي على ماما انغيلا ميركل و اسألها : ألله ، يا خواجاية ، إنتِ بتعملي إيه بأفواج المهاجرين دوّت ؟ يعني عاوزاهم ليه ؟
عشنا و شفنا ! والله يا زمن !

إنتهى نص تعليقي .
و بقيت أنتظر يوماً و يومين نشر تعليقي ضمن "حوار الطرشان" للسيد محمود يوسف بكير ، دون طائل ، على الأقل حتى ساعة إرسال هذا المقال .
للمقال بقية . و على الحب و الإخاء نلتقي .