عشتار الفصول:111923 رسالة مختصرة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 6456 - 2020 / 1 / 5 - 19:34
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

عشتار الفصول:111923
رسالة مختصرة إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
السيد دونالد ترامب الموقر.
سلام الذي لافناء لملكه ولا انقضاء لعهده ودهره آمين.
أمابعد.ياسيد البيت الأبيض رغماً عن العالم سأبقى أُحبُّ أمريكا كما وطني سورية أولاً وأحترمك كرئيس شُجاع وشفيف ثانيا.
لكن عواصف من الأفكار الهوجاء تجتاحني ولا أكتمك سراً فقد أفقدتني قدرتي على النوم غالب الأحيان. لكوني في أتون بئر من الأسئلة تبدو لي وكأنني لستُ من هذا العالم.وأول تلك الأسئلة يقول:1= هل من الضرورة أن يحدث التغيير الذري ومابعد الذري في العالم في السنوات القادمة مالم يكن قريباً؟!!
2= ماهي مستلزمات القدرة التدميرية التي يجب أن تتوفر لذاك التغيير؟!!
3= هل يجب أن نستعد نفسياً وعقليا لما سيحدث،لأنّ ما أراه لو تم سيكون هناك مايُرعب العالم قاطبة .فهل تم رسم خرائط ذاك التغيير؟!!
أعلم ياسيد البيت الأبيض لستَ أنتَ من يُقرر كل هذا .لكنني أعتقد أن الخبراء والعلماء والسياسيين والاقتصاديين والسايكولوجيين الأمريكيين يُتابعون بإرادة قوية ومثابرة نادرة لرسم خرائط جديدة للثورة القادمة التي تقتضيها التغيرات الحتمية لدورة الحياة وأعلم أن معالم الثورة الصناعية قد انتهى مفعوله. وهكذا مبادىء الثورة الفرنسية ،ولابدّ من حدوث ثورة معالمها مرعبة إن تمّ ما أفكر به .
فأفكاري تأخذني إلى أن وقود تلك الثورة لا بدّ أن يكون بالقضاء على ثلثي سكان المعمورة، بحرب سريعة خاطفة شاملة وسائلها أسلحة الدمار الشامل الذي اخترعتموه أنتم .ويبقى الثلث الثالث ليكون عنصر الحياة ومتابعها بعد أن تضع الحرب الكونية المجنونة أوزارها.فالعالم يقترب من حافة الهاوية والرقم قارب على ثمانية مليارات نسمة ولو حسبنا حساباً بسيطاً لوجدنا بأن الموارد المائية في طريقها للتصحر وهكذا كميات المواد السامة والبلاستيك الذي لوحده ماعاد يُطاق وجوده واستخداماته فكيف لو تحدثنا عن ما يُخلفه روث البقر لوحده وما تنفثه الطائرات والمصانع التي تنفث السموم وعوادم السيارات والآلات وما يُخلفه الإنسان من فضلات .فتلك يلزمها صفحات وصفحات أضف إلى أن الصراع الديني والمذهبي في العالم بلغ حداً مشبوها ووقحاً وأصبح المثقف رهينة الأفكار الجاهزة القادمة من منابر هذا الدين أو ذاك.…
أجل من هذا الازدحام والإنغلاق وعدم استخدام موارد الحياة كما يجب ومن ظلم الشعوب وقهرها ومن تناقضات النظام الرأسمالي ومحوره والأنظمة الاقتصادية الأخرى تستوجب ثورة هي قادمة بحكم الحقيقة التي تتدحرج يومياً.
وأعتقد أن طلائع تلك الثورة قد بدأ الإعداد له بشن حرب مجنونة لا محال وإلاّ لماذا تستعرضون جمع أساطيلكم وحاملات طائراتكم وروسيا تجمع قدراتها .والسبب ليس نظامكم ولا تلك الدول التي تمتلك السلاح النووي بل هناك أقطاباً أصبحت أكثر عدوانية وخطراً على الوجود من غيرها.فأنتم لم تتمكنوا من احتوائها ولا هي على استعداد للدخول في شراكة معكم ،ومع الغرب برمته إنها تشعر بقهر من جراء سياساتكم المتغطرسة.والكلام ياسيد البيت الأبيض يطول لكنني أقترح عليكم أن:
1= إعادة تقديم مشروع سايكس وبيكو جديد وحضاري ومدني لمنطقة الشرق الأوسط كأهم الملفات قاطبة .لأنّ هناك قوميات وشعوب تشعر بالغبن وترى نفسها مظلومة ويكفي أن تتحكم بها الغالبية مهما كانت ياسيد البيت الأبيض. وهي محقة فيما تشعر به ..
إنّ تقسيما توافقياً وعالمياً وملزماً .أراه أفضل من حروب طاحنة قادمة حتى مابعد الثورة العالمية الجديدة القادمة.
2=ما الضير في إعادة تقسيم الشرق ـ فما أوسع أرضه وما أكثر خيراته أؤكد وأجزم بأنه يكفي الجميع !! ـ وإعطاء كل المكوّنات القومية والدينية في الشرق حق تقرير مصيرها تقود نفسها بنفسها ـ هل الخرائط منزلة من عند الخالق حتى تكون سبباً في قهر الشعوب وسفك الدماء وتهجير الأقليات لضرورات المناهضة بأنواعها ـ لأنني أجزم بأنّ هناك غالبية لاتُريد إلا تطبيق المنهج السياسي الذي تريده هي. وهي محقة.تريد أن تُطبق مايُحقق لها شخصيتها الدينية لا كما تراه أمريكا والغرب ..لهذا لايمكن تطبيق الدولة المدنية في الشرق كافة . من هنا فالتقسيمات الجديدة ستتيح تحقيق لكل مكوّن ما يحلم به وهذه هي العدالة الحقيقية ؟!!تصوروا دافعتم عن حقوق البوسنيين والذين لايتجاوزون المليوني نسمة في إعطاء حق إقامة دولة ـ ونحن لسنا ضد هؤلاء وأولئك ـ لكن هناك أكثر من 15 مليون قبطي يعيشون يوميا الخوف والاضطهاد والقتل وتفجير كنائسهم وهكذا شعوب مسلمة في مكان أخر من العالم لهذا نرى تحقيق الحق لايكون بصنمية وحدة الأرض بل بإعطاء الشعوب حق إقامة دول تحفظها الشرائع الدولية .
3= الكف عن التعامل مع الشعوب المشرقية بشكل عام والفقيرة والمتخلفة على وجه الخصوص على أساس أنها غبية ولاتملك قدرة على قيادة نفسها بنفسها.
4= إذا أرادت الولايات المتحدة وفي زمن ولايتكم أن تُسجل حدثا عالمياً سيبقى مدى التاريخ البشري فلنا الأمل فيكم في أن .
لاتؤسسوا منظمات إرهابية للقضاء على أعدائكم لأنها سترتد عليكم. فكل سياساتكم ـ عُذراً ياسيد البيت الأبيض ـ أنا السوري قلتها منذ عام 1989 في إذاعة ساوث أورنج بأن سياستكم مع جلّ احترامنا لمن يضعها لاتتعدى سياسة الأطفال المشاكسين عندنا .
غيّروا في منهج تعاملكم مع الدول ،وأنتم أكبر وأقوى دول العالم في كل شيء تعاملوا مع بقية العالم بالمقايضة وليس بحسب مصلحتكم وحسب.
وتذكروا أن من تدعمونهم اليوم الشرق سينقلبون عليكم غداً والشواهد والتجارب التي مرت على أمريكا لا تُعد ولا تُحصى.
5= حافظوا على ثقافات العالم بكلّ تنوعها وغناها وعليكم أن تتبينوا المفيد منها .
6= دعوا الشرق لأهله ،وأوروبا للأوربيين لاتغرقوه بالمهاجرين من ثقافات مختلفة .حافظوا على الثقافة الأوروبية وتراثها لأنها هي التي ورثت كلّ ثقافات الشرق القديم بعد أن فقد الشرق إرادته السياسية .
7= كفوا عن صنع الحروب وتهجير الشعوب لتخلطوها مع بعضها فتستنسخوا بشراً وأجيالاً لاتعرف جوهر كينونتها. وبهذا فأنتم تُريدون تدمير الجينات لأسس المكوّنات القومية والدينية للشعوب قاطبة إنها مشروع تدميري لأسس التكوين .
8= ياسيد البيت الأبيض أستحلفك بالروح القدس أن تقف عندما يمر ذكر وطني سورية فهو أبجدية العالم في الحرب والسلم ومنه منطلقات الحياة الخالية من الرغبة الهوجاء ومعه بالتأكيد رحمه وخاصرته اليُمنى بلاد مابين النهرين (العراق الحالي).
يكفينا حروباً وعلينا أيضا أن نتوقف عن أفكارنا القديمة لأنها لاتجدي نفعاً.
9= إذا أردتُ أن أختصرفأقول:
أنتم من زود إيران قبل ستين عاما وأكثر، بالنووي ياسيد البيت الأبيض .وأنتم من دربتم الخميني في باريس ياسيد البيت البيض. وأنتم من تُساعدون تركيا وغيرها من أمثلة لاحصر لها .كفوا عن هذه السياسة العرجاء والعوراء وعاملوا الدول ليس بحسب مصلحتكم بل بطريقة تليق بالولايات المتحدة كقائدة للعالم الحر وتعمل بمبدأ العدالة والحرية فتمثال الحرية الموجود قرب نيويورك في نهر هدسن سيأتي اليوم الذي سيرجمه العالم مالم تستيقظون.إنّ شعوب العالم قد استفاقت ووالله قدرتها التدميرية تفوق قوتكم النووية وغير النووية .
اسحق قومي.
5/1/2020م.
شاعرٌ ,أديب وباحثٌ سوري مستقل.
مستشارالمنتدى الدائم للأقليات في الشرق الأوسط . ــ المركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط.