نصائح ثورية


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 6453 - 2020 / 1 / 2 - 19:29
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية     

للثوار

أعتقد أن الابتعاد عن بث الأمل بانتصارات سهلة و قريبة من قبيل أن النظام , الاستبداد , الفساد , الاستغلال , قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط , لا أعتقد أن هذه هي اللغة التي تفيد الجماهير الثائرة و لا الثورة .. أعتقد أن محاولة وصف الواقع كما هو بكل آماله و إحباطاته , أفضل بكثير للناس كي تفهم و تقرر بنفسها الأنسب لها , ربما الأفضل ألا تبالغوا أو تبخسوا من احتمالات الانتصار و الهزيمة , أن تكونوا واقعيين ما أمكن ..
إذا كنتم تعرفون طريقة يستطيع الناس بها أن يحلوا كل مشاكلهم , أن يحصلوا على كل ما يريدونه دون تعب , فإن من الواجب عليكم أن تقولوها لنا جميعا على الفور , هذا إذا لم تكونوا قد فعلتم المستحيل لتنفيذها و وضعها موضع التنفيذ .. لكن إذا كنتم فقط تعتقدون و لست واثقين فالأفضل أن تصارحونا و تصارحوا "الجماهير" بذلك , قولوا لنا ما هي احتمالات الفشل و ما هي خطتكم رقم اثنين , الأهم اقبلوا أن يناقشكم الآخرون و أن ينتقدوكم و يحاوروكم .. إذا كان ما تعتقدون به هو وحي قد أوحى إليكم بها فقولوا ذلك "للجماهير" , هذا سيوفر عليها و علينا الكثير .. إما إذا لم يكن وحيا , فكونوا أقل يقينا و أكثر شكا .. الشك هو أيضا ثوري بل قد يقول قائل أنه هو الثورة .. تذكروا , كلما تحدثتم بيقين و ثقة و حسم أكثر كلما كنتم تدعون أنكم كالأنبياء و كانت أقوالكم و أفكاركم أديانا و كتبا مقدسة جديدة … أعتقد أنه من الأفضل أن تدعوا النبوة أو الألوهية مباشرة دون تردد إذا أردتم أو إذا كنتم تطمحون للعب دور الآلهة على الأرض كسلاطين بني عثمان و ورثتهم اليوم ( كتب أحد هؤلاء على أحد قصورهم السلطان هو ظل الله على الأرض , سلاطين عثمان ليسوا أفضل منكم ) .. أيضا هذا سيساعد الناس على أن تفهمكم بشكل أفضل , أن تحسب خطواتها بشكل أفضل و أن تعرف ما يحدث و سيحدث معها بشكل أفضل .. أرجوكم , لا تتحدثوا عن الحرية إذا كنتم تريدون زج الجماهير في سجونكم الجديدة بعد انتصار الثورة , لا تعدوا الناس بالمن و السلوى إذا كنتم تريدون زجهم في معسكرات العمل القسري و أن تجبروهم على العمل بجد و أن تعاقبوهم على جريمة التسكع ..

للناس العاديين

لا أنصح أبدا بقمع أي شيء , أية فكرة أو أي انتقاد , مهما بدا سخيفا , غير منطقي , غريب و خاصة لأنه غير شعبي .. عندما تقمعون أو تقبلون بقمع من يخالفكم أو تعتقدون أنه يستحق القمع فإنكم لا تقمعون فقط من تعتقدون أنه خصمكم اليوم , إنكم تقمعون و تخسرون فرصة انتقاد و السخرية من الأفكار التي تدافعون عنها اليوم لدرجة قمع من ينتقدها , هكذا ستخسرون فرصة انتقادها في المستقبل حتى لو قتلتم أو قمعتم أنتم باسمها .. قمع الأفكار , خاصة التي لا تعجبنا , سينتهي فقط بالقمع الجسدي و السياسي .. أكثر من ذلك : لا يوجد في العالم فكرة أو شعار يمكن أن تبرر قتل أو قمع إنسان واحد على هذا الأرض و لا جماعة يحق لها أن تطبق عدالتها بقتل أو قمع إنسان واحد .. إن قتل الناس بعضهم البعض و نهب بعضهم البعض الآخر أسهل و أتفه من أن يحتاج إلى شيء ليبرره
لا تثقوا أبدا أن هناك شخصا يمكنكم أن "تستأمنوه" على المليارات التي تعتقدون أنكم تملكونها , على حياتكم و على مصائركم .. للأسف لا يوجد مثل هذا الإنسان , لم و لن يوجد ..
لا تثقوا بمن يستطيع أن يبرر بسهولة مجازر هائلة كالهولوكوست , لا علاقة للموضوع باليهود , القصة على الشكل التالي : من يستطيع تبرير مجازر كالهولوكوست أو معسكرات الموت أو الاعتقال الجماعي ذات اليافطات المختلفة و من يمكنه تبرير قتل شعوب أو جماعات بالجملة حتى لو قالوا لكم أنهم أعداؤكم أو اعتقدتم كذلك , هؤلاء بشر خطيرون جدا خاصة إذا أصبحوا أو كانوا حكاما عليكم .. هؤلاء الذين يؤمنون أنهم على حق مطلق مهما فعلوا و مهما اعتقدتم أنتم أو غيركم , عندها ربما تكونون أنتم ضحايا الهولوكوست الجديد على يد هؤلاء ..
لا تثقوا أو تخضعوا لأنظمة أو حكومات "شرعية" .. أي شرعية يحصل عليها أي حاكم تعني أن موافقتكم لا لزوم لها و أن اعتراضاتكم هي خروج على الشرعية ..
حاولوا ألا تجعلوا مهمة أولادكم في التخلص من الحاكم الذي تختاروه اليوم صعبة و دموية ..
لا تثقوا كثيرا بمن لا يأبه لموتكم و "شهدائكم" و يطالبكم بالمزيد .. المزيد و المزيد من الموت و الشهداء .. من لا يشعر بأي شيء لموتكم أو "استشهادكم" لست واثقا ما إذا فرق عنده إذا استغلكم أو استعبدكم أحد ما أو لا ..