الجماهير تحب المملكة 7 وأخير


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 6427 - 2019 / 12 / 3 - 14:01
المحور: الادب والفن     

يا أحبابي الجماهير عليكم أن تفهموا أن زمن الثورات انتهى في زمن التكنولوجيا، فالتكنولوجيا ثورة الإنسان الأخيرة، ثورتكم التي لم تقوموا بها، وقام بها غيركم عنكم، ولكم، إبداعاتها لكل الإنسانية، وهي بقوتها الهادئة، تصنع من باريس ولندن وواشنطن قدرًا بعدَ قدر ٍمن آمالاكم، لكنكم في عدم صبر مبرر لما نزلتم إلى الشوارع ووضعكم السياسي يراوح في مكانه منذ قرون، وحالكم الاقتصادي لا يسير وما تفرضه التكنولوجيا عليكم من تقدم في شتى ميادين التطور . قفزة استثنائية، هذا كل ما يلزمكم، فيكون لكم ما يكون للفرنسي والإنجليزي والأمريكي، وتغدو حضارة اليوم حضارة شرطها الذي يوحدنا تحت راية العولمة على أرض الاستثمار والاستثمار والاستثمار ولا شيء غير الاستثمار، استثمار المواهب بتعدادها في ثقافاتنا الواحدة، واستثمار العقول بتمايزها في علومنا الواحدة، واستثمار الثروات بتكاثرها في مشاريعنا الواحدة. التكنولوجيا تفرض علينا العمل من أجلنا جميعًا، فهي بنية التواشج للإنتاج العالمي، وهي بالتالي إستراتيحيا هذا الإنتاج العالمي للنفوذ. تحت هذه النظرة، إستراتيجيا مواقع النفوذ العالمي التي يختطها لنفسه النظام العالمي تصبح في خبر كان، وهو لهذا فشل فشلاً ذريعًا عندما عمل في بنية جديدة بوسائل قديمة تسيرها عقلية الحروب، وببساطير ألبستها الإدارة الأمريكية أقدام البعير، وخاصة بزنق الواقع في قنانٍ ألقتها في البحر، فلوت عنق الأشياء، وجعلت العالم يسير بالعرض، فتعثرت والعالم بالأزمات، بينما حلول هذه الأزمات آه ما أكثرها وما أسهلها. يلزم أول ما يلزم أن تعلم الجماهير أن استقرارها لن يكون والنطام العالمي اليوم إلا بقرار منه أعمل منذ سنين طويلة على اتخاذه، إنه "السستم" الذي يحكم الكون، إلا أنه لقرار مكين، قوامه أن تدرك الإدارة الأمريكية حيثياته التي لم أكل عن طرحها وعرضها وشرحها، وأن تقف على أبعاده في مستقبلها هي قبل مستقبلنا بالتداخل والتخارج الجدليين الحركيين العمليين. عندئذ، سيفهم أساطين البيت الأبيض أين تكون مصالحهم التي هي اليوم في حالة "تعطيل" خطير لحركة الجماهير ستزول حتمًا مع سياسة القمع "الناعم" لكن دلالاتها البنيوية ستظل تقطع في العمق، أين تكون مصالحهم، وكيف تكون مصالحهم، وبالشكل الذي رسمته، الشكل الوحيد المثمر لإنتاج التاريخ، مملكة الأردن وفلسطين. يوم أمس قالت لي زوجتي منرفزة "أنت تعيش بعيدًا عن الواقع!" أجبتها "إينشتاين رأى الضوء في الحجر، فقالوا له الشيء ذاته، وكان محقًا، الأَخَوَان لوميير حققا حلم السينما، غاغارين حقق حلم الفضاء، هرتزل وكنج ومانديلا حققوا حلم السياسة". أصرت "أنت حلمك لن يتحقق"، وهي تمنع دمعة من دموع صبرها الطويل معي، بينما أرى كإينشتاين الضوء في الحجر.