الحلقة الخامسة والعشرون: حراك الشعب السوري من الأمل بالتغيير إلى الكارثة


منذر خدام
الحوار المتمدن - العدد: 6420 - 2019 / 11 / 26 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الفصل الثامن
المسارات السياسية التفاوضية لحل الأزمة السورية
1-مقدمة:
في الفصل السابق استعرضنا اهم الأدوار الدولية في الأزمة السورية، من خلال المشروعات التي قدمت لحل هذه الأزمة. في هذا الفصل سوف نتوقف عند أهم المسارات السياسية التي تم الشغل عليها ومن خلالها لحل الأزمة السورية، وبصورة خاصة مسار جنيف ومسار استانا.
2- مسار جنيف التفاوضي ومآلاته
بدأ مسار جنيف التفاوضي بين النظام والمعارضة، تنفيذا لبيان جنيف 1 الذي اصدرته المجموعة الدولية لدعم سورية، بعقد مؤتمر دولي بتاريخ 1 حزيران 2012 ، دعت إليه الأمم المتحدة وترأسه امينها العام السيد بان كيمون، وحضره ممثلون عن الدول المشاركة في "المجموعة الدولية لدعم سورية"، وكذلك ممثلون عن النظام وعن بعض المعارضة الخارجية. غاب عن المؤتمر ممثلون عن المعارضة الداخلية، وكذلك عن الأكراد. صدر عن المؤتمر وثيقة أعدتها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى جامعة الدول العربية وألمانيا. نصت الوثيقة من بين ما نصت عليه، على ضرورة تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام، وعن المعارضة، على أن تتمتع هذه الحكومة بصلاحيات كاملة تخولها قيادة مرحلة انتقالية تؤدي إلى نظام ديمقراطي في سورية
وفي تفسير المعارضة للوثيقة قالت انها تعني تنحي الرئيس بشار الأسد ونقل صلاحياته إلى الحكومة. من جهته رفض ممثلو النظام مجرد التطرق إلى مسألة الرئيس، معتبرين أن هذا الموضوع يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع، كما أنهم شككوا في مصداقية تمثيل المعارضة المشاركة في المؤتمر( المجلس الوطني السوري). كما نص الاتفاق على وقف العمليات العسكرية، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين، والحفاظ على مؤسسات الدولة. ومن المعلوم أن الأطراف المعنية لم تنفذ قرارات المؤتمر، ولذلك بقيت حبراً على ورق.
بعد تدشين مسار جنيف التفاوضي لحل الأزمة السورية، بعقد مؤتمر جنيف 1، وبعد توقف طويل، نجح الأخضر الابراهيمي الذي حل محل كوفي عنان كمبعوث للأمم المتحدة، ولجامعة
الدول العربية إلى سورية، بعقد مؤتمر جنيف 2 في شباط 2014.
من حيث النتيجة لم يكن مؤتمر جنيف 2 أفضل من مؤتمر جنيف1، فلم ينجح مثلا في توسيع تمثيل المعارضة الذي اقتصر كما في المؤتمر الأول على ممثلين عن المجلس الوطني المعارض في الخارج(صار يعرف بمنصة الرياض)، ولم يحضره أيضا ممثلون عن الكرد. ومع ان المؤتمر كان قد تلقى دعما من الأمم المتحدة، وبذل الأخضر الابراهيمي جهودا كبيرة في التحضير له، بتعاون وثيق مع روسيا وأمريكا، إلا أنه فشل في انجاز المهمة الأساس على جدول اعماله وهي التوافق على تشكيل حكومة انتقالية في سورية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة، كما نص على ذلك بيان جنيف1.
تتالت بعد ذلك دورات انعقاد لقاءات جنيف بين ممثلي النظام والمعارضة حتى وصلت إلى الدورة الثامنة، ويجري التحضير للجولة التاسعة دون تحقيق أي اختراق. التقدم الوحيد الذي حصل هو في توسيع طيف التمثيل للمعارضة حيث شاركت هيئة التنسيق الوطنية من معارضة الداخل في الدورات الخامسة والسادسة والسابع، وفي الدورة الثامنة تم توسيع التمثيل من خلال توحيد منصات المعارضة الثلاث في الخارج، أي منصة الرياض ومنصة القاهرة، ومنصة موسكو. وأكثر من ذلك فقد تم اعادة تشكيل الوفد المفاوض بحيث تم اخراج من اعتبرتهم بعض الجهات الدولية بالمتطرفين من قوامه، والمقصود هنا ممثلو الاخوان المسلمين واعلان دمشق، كما تم تعديل الورقة السياسية التي تشكل مرجعية بالنسبة لها بحيث صارت اكثر اعتدالا وانسجاما مع المرجعيات الدولية وخصوصا مع القرار2254 الذي أقره مجلس الأمن بالإجماع.( الملحق 19)
اللافت أنه بعد إعلان الأمين العام للأمم المتحدة عن تاريخ المؤتمر الدولي من أجل سورية (جنيف2) في 22 ك2 2014. توصل الطرفان الراعيان، روسيا وأمريكا، يوم الجمعة 20/12/2013 إلى تثبيت هذا التاريخ بعد عام ونصف العام مضت على مؤتمر جنيف الأول. ثمانية عشر شهرا خسر الشعب السوري فيها أكثر من سبعين ألف ضحية إضافية، وتهديم في البنية التحتية جاوزت كلفته 200 مليار دولار بحسب بعض التقديرات، وزيادة في اعداد المشردين والنازحين واللاجئين قارب 3 ملايين إنسان.
ينبغي الاعتراف للتاريخ، بأن بعض قوى المعارضة الأساسية المعنية أصلا بالمفاوضات نتيجة الاعتراف الدولي بها ( المجلس الوطني السوري، إذ لم يكن قد تشكل بعد الائتلاف السوري) ،تتحمل مسؤولية كبيرة عن التأخير الذي حصل لعقد مؤتمر جنيف2 نتيجة عدم اعترافها ببيان جنيف1 الذي قام المسار على أساسه.
يعد الحل السياسي هو المخرج الوحيد من الحرب القذرة التي تعيشها سورية، على حساب الشعب والوطن ومشروع التغيير الديمقراطي، ومن الضروري التمسك بالمسارات الدولية لحلها، لأن القضية السورية لم تعد تخص السوريين وحدهم، فالمال والسلاح والمقاتلين غير السوريين صاروا الوقود الأساس لاستمرار العنف في سورية. ولا يمكن وقف هذا التدمير المنهجي للعباد والبلاد دون إغلاق منابع العنف وإبعاد كل المقاتلين غير السوريين عن سورية، ووقف عبور السلاح لأي طرف كان، وفتح الطريق لعبور الغذاء والدواء لكل السوريين، ورفع المظالم عن المعتقلين والمخطوفين.
لقد كان موقف الدول الغربية والخليجية متضاربا ومتناقضا من مؤتمر جنيف. فقد حضر المؤتمر الأول ستة عشر بلدا ومنظمة، منها الاتحاد الأوربي، ورغم ذلك دعمت بلدان عديدة منها الخيار العسكري في سورية، مما زاد نار الصراع المسلح سعاراً، واستنزف قدرات البلد الاقتصادية، عداك عن تمزيق النسيج الاجتماعي.
إن تدخل مئات المقاتلين الجهاديين من مختلف دول العالم للقتال في سورية إلى جانب المعارضة المسلحة دفع النظام للاستعانة بتدخل الميليشيات الشيعية وحزب الله والحرس الثوري الإيراني في القتال إلى جانب النظام، وهذا بدوره حفز من جديد تدخل عشرات الآلاف من المقاتلين الجهاديين من مختلف دول العالم في القتال إلى جانب مسلحي المعارضة، لان من يسمح بتدخل مسلحين من الخارج للقتال إلى جانبه، سوف يدفع الطرف الأخر بدوره للاستعانة بمقاتلين أجانب، خصوصاً إذا كانت الذرائع طائفية. فالخطاب الطائفي سوف يجعل المواجهات الطائفية المدمرة هدفا في ذاته، ومن أجل ذاته، عند كل الموتورين والمجرمين من داخل الحدود وخارجها.
من جهة أخرى، وكما تبين لاحقا، كان جر إيران وحزب الله إلى المستنقع السوري هدفا بحد ذاته لدى بعض الدوائر العربية والاقليمية والأجنبية، فيتم استنزاف ايران، ويتم القضاء على الهالة المعنوية الكبيرة لحزب الله التي كونها من خلال نجاحه في مقاومة اسرائيل، فيصير سهلا تصنيفه كحزب ارهابي عربيا ودوليا وهذا ما حصل.
عندما أطلق كوفي عنان مبادرته، بعد أن توافقت الأطراف الدولية الستة عشر (بمن فيها
الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن) على "إعلان جنيف"، كانت معادلة وقف إطلاق النار بسيطة في مكوناتها العسكرية، وكان ثمة هوامش أوسع لتحجيم العنف، والتطرف، والجرائم الطائفية، والسيطرة عليها من قبل السوريين لوحدهم. أما اليوم فنحن أمام عملية مركبة ومعقدة، فيها ساحات اقتتال بالوكالة، او بالأصالة، في مواجهات مفتوحة مدمرة لا أفق لها سوى إشباع غرائز متوحشة، وطموحات إقليمية ضيقة الأفق، وسرطان مذهبي مدمر للبلاد والعباد، تحت أنظار وسمع العالم وبصره. وصار من الصعوبة بمكان السيطرة عليها، بمجرد صدور قرار دولي أو إقليمي، أو حتى سوري بذلك.
منذ أيار 2013 صار واضحا أن الطرفين الأمريكي والروسي قد اتفقا على تقاسم الأدوار والمهمات. وكان من الواضح أيضا ربطهما للملف السوري بجملة ملفات إقليمية ودولية. ومع ذلك وبالتواصل معهما، ومع كل من له علاقة بالملف السوري سلبا أو إيجابا، حرصت على الحفاظ على مسلمات أساسية في النهج الوطني الديمقراطي، المدني والسيادي، يقوم على ضرورة التعاون بين كل أطراف المعارضة، من أجل تحقيق مطلب "إعلان جنيف" القاضي بتشكيل وفد وازن في تمثيله، يتمتع بالكفاءة ويستطيع دخول المعركة السياسية بالمستوى الذي تفرضه علينا تضحيات الشعب السوري. فالمهم ليس في عقد مؤتمر جنيف فحسب، بل في توفير الشروط الذاتية والموضوعية لإنجاحه. من هنا كان ينبغي على المعارضة ان تضغط، وأن تطالب المجتمع الدولي بمزيد من الضغط على النظام في المجال الانساني، لأن أي نجاح فيه سوف يسجل لها ويزيد من دعم الفئات الشعبية لها في مفاوضاتها على القضايا السياسية. لم تدرك للأسف أهمية تركيز المفاوضات على ايصال المساعدات الإنسانية إلى مختلف مناطق سورية، ووقف الاعتقال العشوائي من قبل الأجهزة الأمنية، و الإفراج عن المعتقلين السياسيين او لآرائهم، ، وبشكل خاص الجماعات المستضعفة من نساء وأطفال. كذلك رفع العقوبات الغذائية والدوائية الأمريكية والأوربية عن سورية، وإطلاق سراح المخطوفين والمخطوفات عند الجماعات المسلحة على اختلافها.
لم يلاحظ أي اهتمام جدي بهذه القضايا من قبل المعارضة، ولا حصلت أية ضغوط جدية للحصول على أي حق من هذه الحقوق. بل على العكس من ذلك يجري هدم مناطق كاملة في مدينة حلب ببراميل الديناميت، ويلاحظ صمت وتواطؤ أطراف في المعارضة مع عملية اختطاف راهبات، وجرائم قتل على الهوية المذهبية. وعوضا عن وضع التخوم واضحة بين أنصار الحل السياسي، وأنصار التأجيج العسكري، يختلط الحابل بالنابل، ويتراكض الطرف الأمريكي لإرضاء منظمات متطرفة بغية مشاركتها في مؤتمر جنيف، ولا تتورع عدة دول عن طرح مندوب لها في المؤتمر، ودول أخرى عن وضع قوائم للمشاركين بل وللوزارة القادمة؟
ويمكن القول اليوم دون تجنٍ على أحد، أن الدول الراعية وأخواتها الإقليمية تضع مصلحة الشعب السوري، والسيادة السورية في اعتبارها الأخير. ما يهمها هو تحقيق توازنات وصفقات، بدلا من الاستجابة لاحتياجات وضرورات يتوقف عليها مصير الشعب السوري ودولته.
إن محصلة اللقاءات الدولية التي تابعتها من خلال موقعي كمسؤول عن الاعلام في هيئة التنسيق الوطنية، وكعضو في المكتب التنفيذي، وفيما بعد كناطق رسمي باسم هيئة التنسيق الوطنية – حركة التغيير الديمقراطي ، ترسم صورة شاحبة غير مطمئنة لكل حريص على سورية وشعبها، فهناك توجه جدي لتحويل مؤتمر جنيف من مؤتمر لحل الأزمة السورية إلى مؤتمر لتقاسم النفوذ والمصالح الدولية في سورية وعلى حساب مصالح شعبها، في نطاق لعبة الأمم.
من النافل القول أنه لا يمكن الحديث عن تسوية سياسية تاريخية للأزمة السورية، والدول المتدخلة فيها يهمها مصالحها، والتأمين عليها لا مصالح الشعب السوري. ولا يمكن تحقيق حل يضمن مستقبل ديمقراطي حقيقي لسورية، وطرفا الصراع الرئيسيان النظام والمجموعات المسلحة وجهان لعملة استبداد واحد. فبدون الحضور الفاعل للقوى الوطنية الديمقراطية في أية تسوية قادمة لن يكون المستقبل الديمقراطي لسورية مؤكدا.
لقد سعيت ككثيرين غيري، إلى توحيد صفوف المعارضة، لقناعتي بأن انقسامها يخدم النظام أولاً، و يجعل منها مطية يستقوي الخارج بها، ويستقوي أغلبها بالخارج. إن توحيد موقف المعارضة على اختلاف ألوانها هو السبيل الوحيد لاستعادة السوريين لقرارهم وكرامتهم، التي عبروا عنها بهتافاتهم المدوية " الموت ولا المزلة " عندما كان الحراك سلميا، لتحولها الأطراف الاقليمية والدولية، من خلال الحرب القذرة التي يديرونها على أرضه إلى "موت ومزلة".
من الواضح لكل ذي بصر وبصيرة، أن فشل مؤتمر جنيف في ايجاد حل للقضايا ذات الطابع الانساني، سوف يعني بالتأكيد فشلا في حله للقضايا السياسية الأكثر تعقيداً، خصوصا إذا شاركت فيه المعارضة متفرقة كل فصيل منها يغنّي على ليلاه. سيكون ذلك نقطة ضعف قاتلة في المفاوضات، سوف يستغلها النظام لإفشال المؤتمر، وقد استغلها بالفعل إذ شكك دائما بتمثيل وفد المعارضة كنوع من المناورة لإفشال المؤتمر. لطالما كان شعار "وفد واحد، وبرنامج واحد، وصوت واحد" ضروريا على أمل بأن يتغلب الشعور الوطني والشعبي المسئول لدى المعارضة، على الالتزام الحزبي والفئوي الضيق، من أجل خوض المعركة السياسية بكل ما تطلبه من تكاتف وتعاضض، يسمح بإعادة الاعتبار لدورها كقوة فاعلة لصالح الشعب السوري وليس لصالح النظام . وإذ نجحت المعارضة السورية بمنصاتها الثلاث الرئيسة أخيراً عقد اجتماع مشترك في مدينة الرياض في المملكة العربية السعودية، يبقى عليها واجب توحيد رؤيتها للحل السياسي التفاوضي، وان تركز على القضايا التي تحتويها السلال الأربع التي طرحها ديمستورا، وخصوصا سلة الدستور والانتخابات، وسلة هيئة الحكم الانتقالية.
3- مقترحات للمساهمة في تحسين احتمال نجاح مسار جنيف التفاوضي.
لا أحد يتحدث اليوم، علنا وبصورة رسمية، عن حتمية الحسم العسكري سوى التنظيمات العسكرية التابعة لداعش أو القاعدة، مع أن جميع المتقاتلين على الأرض سواء من المعارضة المسلحة، أو النظام وحلفائهما لا يزال خيار الحسم العسكري خيارا رئيسا لديهم، يخفونه تحت ستائر غير كتيمة من خطاب سياسي مسالم، ينشد الحل السياسي. وإذا كان النظام قد راهن منذ البداية على القوة والعنف لقمع الحراك الشعبي ضده، فإن كثير من المعارضين السياسيين راهنوا أيضاً على إسقاطه بالقوة، فكانت النتيجة أن سقط الشعب والبلاد في أتون كارثة غير مسبوقة في التاريخ.
بعد نحو سبع سنوات من العنف المعمم صارت الأزمة السورية على درجة عالية من التعقيد، فسورية اليوم ساحة صراع لمصالح وأجندات خارجية يصعب التوليف بينها، وان كثيراً من السوريين الذين يؤدون أدوارا في الصراع، أو التفاوض ليسوا متحررين من هذه الأجندات الخارجية، وهذا ينطبق على النظام، والمعارضة.
من المعلوم أن منصة جنيف التفاوضية كانت خيارا دوليا قبل أن تكون خيارا سوريا، بل لم تكن خيارا سوريا حراً للأسف في يوم من الأيام، فقد شارك السوريون فيها مكرهين بضغط دولي. لقد غيبوا، منذ البداية، عن جميع اللقاءات الدولية التي وضعت الأسس القانونية لحل أزمة بلادهم، انطلاقا من بيان جنيف1 وانتهاء بقرار مجلس الأمن 2254 مرورا بأكثر من ستة عشر قرار دولي آخر. ومع أن النظام والمعارضات المختلفة تقول اليوم بمرجعية هذه القرارات الدولية لحل الأزمة السورية، فهي تختلف فيما بينها على قراءاتها وتفسيرها، مما يعقد كثيرا من عملية التفاوض الجارية في جنيف اليوم برعاية دولية، وبإشراف ومتابعة من قبل روسيا وأمريكا. فكيف لهم أن لا يختلفوا على قراءتها وتفسيرها، رغم وضوحها الشديد، وهم ينظرون إلى بعضهم البعض كأعداء وليس كخصوم سياسيين، في استجابة لصيقة لمواقف الدول الداعمة لهم. و أن تحولهم من وضعية العداء إلى وضعية الخصومة السياسية، سوف يظل رهن بتحول إيران والسعودية، ومصر وتركيا وقطر، وربما روسيا وأمريكا معهم، من حالة العداء إلى حالة التفاهم السياسي حول الأزمة السورية، وعلى ما يبدو أن ذلك لن يحصل قريبا، إلا إذا امتلك السوريون قرارهم.
لقد برهن السوريون للأسف، نظاما ومعارضات، على عدم أهلية بامتياز، فلم يحسنوا استغلال الفرص التي أتيحت لهم لوضع نهاية لهذه المأساة، وإنقاذ ما تبقى من بلدهم وشعبهم. وإذا كان الحديث يجري على النظام والمعارضات السورية المختلفة في الوقت ذاته، فإن ذلك لا يعني أنهم يتساوون في المسؤولية عما حل بسورية وشعبها، ولا عن استمرار تعثر المفاوضات الجارية في جنيف. النظام هو من يتحمل المسؤولية الكبرى عن حصول هذه المأساة، وعن تعثر المفاوضات الجارية لحلها.
فمنذ انطلاق انتفاضة الشعب السوري في آذار عام 2011 والنظام يعمل على قمعها بالقوة، ولا يزال يراهن اليوم على الحسم العسكري، مستفيدا من الدعم الروسي والإيراني الكثيف له. لذلك فإن وفده المفاوض في جنيف الذي يتلقى التعليمات مباشرة من دمشق لم يفعل شيئا لإنجاح المفاوضات، بل ظل يناور في مجال محاربة الإرهاب، وفي مجال المبادئ العامة للتسوية التي قدمها لدي مستورا، وهي مبادئ عامة ومشتركة بين جميع السوريين. لا يختلف السوريون على وحدة سورية أرضا وشعبا، ولا على تحرير الجولان، ولا على سيادة الدولة على كامل أراضيها، لكنهم يختلفون وبقوة على طبيعة النظام السياسي القائم، وضرورة الانتقال منه إلى نظام ديمقراطي. ورغم المطالب المتكررة لدي مستورا لوفد النظام بتقديم إجابات خطية، على أسئلته لكنه لم يقدم واستمر في نهجه الاستفزازي لوفد معارضة الرياض دافعا إياه إلى الانسحاب، وهذا ما قام الوفد بتلبيته بدون تبصر.
بدورها معارضة الرياض( صارت المعارضات السورية تعرف بدلالة العواصم التي استضافتها وتدعمها، فهناك معارضة الرياض، ومعارضة موسكو، ومعارضة القاهرة، وأخيرا صار لدينا معارضة حميميم)، هي الأخرى لا تزال تراهن على إسقاط النظام بالقوة، ولذلك نراها ( للدقة بعض المتطرفين فيها، وهم المقررون) تركز دائما في خطابها السياسي على شخص "الأسد وزمرته"، فهي لا ترضى بديلا عن إسقاطهم ومحاكمتهم.
بداية الفشل بالنسبة للمعارضة تعود إلى مؤتمر الرياض للمعارضة السورية الذي نظمته السعودية بتكليف من مجموعة العشرين( مجموعة دعم سورية)، وكان من المفترض أن يشمل جميع المجموعات المعارضة، لكن ضغوطا دولية حالت دون ذلك. في هذا المؤتمر لم يكن للسوريين أي دور يؤدونه سوى التوقيع على البيان الختامي الذي قدم لهم، وان يشكلوا ما صار يعرف بالهيئة العليا للمفاوضات، التي بدورها شكلت وفدا للمفاوضات ترأسه المتشددون، وسمته في حينه وفد "الجكارة"،( انتبه وفد الجكارة؟!!). بتشكيل هكذا وفد يتقدمه متطرفون، وغير مؤهلين سياسياً، وجاء بعضهم من رحم النظام، وجهت المعارضة رسالة خاطئة للشعب السوري، استفاد منها النظام كثيراً. وبالمناسبة طالبت دول غربية عديدة، تقدم نفسها عادة بأنها صديقة للمعارضة، بضرورة تغيير الوفد المفاوض.
أخطأت معارضة الرياض أيضا بمحاولة احتكار تمثيل المعارضات السورية، سيرا على نهج ارتضته لنفسها منذ تشكيل المجلس الوطني السوري، ومن بعده الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، لطالما كان خاطئا. فهي لم تعالج الموضوع، كما غيره للأسف، من زاوية مصلحة الشعب السوري، و بما يخدمها في المفاوضات، فتركت المجال واسعا لمناورة النظام بين مختلف منصات المعارضة. ويبدو لي أن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي التي قامت أصلا على نهج مختلف تماما لم تستطع أن تغير من هذا الواقع شيئا، بعد أن صارت جزء من منصة الرياض.
إن الأزمة السورية، بلا شك، على درجة عالية من التعقيد، وان المفاوضات بشأن الحل السياسي لها تحتاج إلى الصبر، وإلى توافر الإرادة السياسية، و إلى تغيير في النهج السياسي التفاوضي.
بداية؛ ينبغي على المتفاوضين أن يؤمنوا حقا بالحل السياسي كخيار وحيد لحل الأزمة، وثانيا؛ عليهم أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة بلادهم وشعبهم، وثالثاً؛ عليهم الانتقال من وضعية العداء لبعضهم البعض إلى وضعية الخصومة السياسية، بما يعني ذلك الإقرار بأن كل منهم هو طرف في الحل، كما هو طرف في الأزمة، ورابعا عليهم الاعتراف بأن كل منهم يمثل بعض الشعب وليس كله، وخامساً؛ ينبغي على النظام أن يدرك أن إعادة نظامه صار مستحيلاً، وأن لا بديل عن تغييره بصورة جذرية وشاملة إلى نظام ديمقراطي حقيقي. وسادسا؛ على المعارضة أن تتوحد في وفد واحد، وان تمايز نفسها عن المجموعات الإرهابية المصنفة دوليا، وأن تتخلى عن وهم إسقاط بشار الأسد بالقوة، وان تقبل به كمنافس لها في الانتخابات، شريطة تنظيمها والإشراف عليها من قبل الأمم المتحدة بما يوفر لها الشفافية والنزاهة والمصداقية.
في ضوء ما تقدم من الأهمية بمكان أن تجري المفاوضات في مسارات متعددة، ومتزامنة، بحيث يخصص لكل جانب من جوانب الأزمة مسارا خاصا به.
ينبغي التركيز في المسار الأول على حل المسائل الإنسانية، ومنها الإفراج عن المعتقلين وتطبيع الحياة السياسية، والعمل على تنفيذها بجدية ومصداقية باعتبارها مسائل ما فوق تفاوضية نصت عليها القرارات الدولية المعنية بالأزمة، وتشكيل لجنة مشتركة لحلها بالتعاون مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية الراعية للمفاوضات.
وفي المسار الثاني يمكن البحث في طبيعة النظام السياسي المستقبلي لسورية، والدستور والقوانين المكملة له مثل قانون الأحزاب وقانون الإعلام، وقانون الانتخابات وغيرها وإحالتها إلى لجان متخصصة لإعدادها.
وفي المسار الثالث يمكن البحث في قضايا محاربة الإرهاب وكيفية العمل سويا في هذا المجال.
وفي المسار الرابع يمكن البحث في تشكيل الجسم السياسي الذي سوف يقود المرحلة الانتقالية، وكيفية اتخاذ القرارات فيه، والهياكل الإدارية التي سوف يشكلها لمساعدته في عمله ( تجربة بولونيا مفيدة في هذا المجال).
وفي المسار الخامس يمكن البحث في قضايا المصالحة والعدالة الانتقالية من منطلق مصلحة الشعب السوري، وطي صفحة الأزمة بالسرعة الممكنة( تجربة جنوب أفريقيا رائدة في هذا المجال).
كلمة أخيرة لا بد من قولها للتاريخ، أن انهيار الدولة هو انهيار للوطن وللشعب، وان عماد بقاء الدولة هو الجيش السوري، وعلى المعارضة بصورة خاصة، أن تتعظ مما يجرى في ليبيا، وفي العراق و في اليمن. وإن القول بإعادة بنائه على أسس وطنية احترافية وإبعاده عن السياسة، وهذه مسألة تحتاج إلى وقت طويل نسبيا، لا ينبغي أن تكون ذريعة للعمل على إضعافه، أو عدم التعاون معه في محاربة الإرهاب، أو في بسط سلطة الدولة على كامل أراضي سورية.
ملحق 19
النص الكامل لقرار مجلس الأمن2254
إن مجلس الأمن،
إذ يشير إلى قراراته 2042 (2012)، و2043 (2012)، و 2118 (2013)، و2139 (2014)، و2165 (2014)، و2170 (2014)، و2175 (2014)، و2178 (2014)، و2191 (2014)، و2199 (2015)، و2235 (2015)، و2249 (2015)، والبيانات الرئاسية المؤرخة 3 آب/أغسطس 2011 (S/PRST/2011/16)، و21 آذار/مارس 2012 (S/PRST/2012/6)، و5 نيسان/أبريل 2012 (S/PRST/2012/10)، و2 تشرين الأول/أكتوبر 2013 (S/PRST/2013/15)، و24 نيسان/أبريل 2015 ((S/PRST/2015/10و17آب/أغسطس2015 (S/PRST/2015/15)،
وإذ يؤكد من جديد التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، وبمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه،
وإذ يعرب عن أشد القلق إزاء استمرار معاناة الشعب السوري، وتدهور الحالة الإنسانية الأليمة، واستمرار الصراع الدائر والعنف الوحشي المتواصل الذي يتسم به، والأثر السلبي للإرهاب والأيديولوجية المتطرفة العنيفة في دعم الإرهاب، وما تخلفه الأزمة من أثر مزعزع للاستقرار في المنطقة وخارجها، بما يشمل الزيادة المترتبة على ذلك في أعداد الإرهابيين الذين يجتذبهم القتال في سوريا، والدمار المادي الذي لحق بالبلد، وتزايد النزعة الطائفية، وإذ يؤكد أن الحالة ستستمر في التدهور في ظل غياب الحل السياسي،
وإذ يشير إلى مطالبته بأن تتخذ جميع الأطراف كل الخطوات الملائمة لحماية المدنيين، بمن فيهم أفراد الجماعات العرقية والدينية والمذهبية، وإذ يؤكد في هذا الصدد أن السلطات السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية عن حماية سكانها،
وإذ يكرر التأكيد أنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سوريا إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران/يونيو 2012، الذي أيده القرار 2118 (2013)، وذلك بسبل منها إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة، وتعتمد في تشكيلها على الموافقة المتبادلة، مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية،
وإذ يشجع، في هذا الصدد، الجهود الديبلوماسية التي يبذلها الفريق الدولي لدعم سوريا (الفريق الدولي) للمساعدة على إنهاء النزاع في سوريا،
وإذ يثني على التزام الفريق الدولي، على النحو الوارد في البيان المشترك عن نتائج المحادثات المتعددة الأطراف بشأن سوريا الصادر في فيينا بتاريخ 30 تشرين الأول/أكتوبر 2015 وبيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 (المشار إليهما في ما يلي بـ «بياني فيينا»)، بكفالة الانتقال السياسي تحت قيادة سورية وفي ظل عملية يمتلك السوريون زمامها، على أساس مجمل ما جاء في بيان جنيف، وإذ يشدد على الحاجة الملحة لأن تعمل جميع الأطراف في سوريا بشكل حثيث وبنّاء في سبيل تحقيق هذا الهدف،
وإذ يحث جميع الأطراف في العملية السياسية التي تتولى الأمم المتحدة تيسيرها على الالتزام بالمبادئ التي حددها الفريق الدولي، بما في ذلك الالتزام بوحدة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية وطابعها غير الطائفي، وكفالة استمرارية المؤسسات الحكومية، وحماية حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن العرق أو المذهب الديني، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلد،
وإذ يشجع على مشاركة المرأة على نحو هادف في العملية السياسية التي تتولى الأمم المتحدة تيسيرها من أجل سوريا،
وإذ يضع في اعتباره الهدف المتمثل في جمع أوسع نطاق ممكن من أطياف المعارضة، باختيار السوريين، الذين سيقررون من يمثلهم في المفاوضات ويحددون مواقفهم التفاوضية، وذلك حتى يتسنى للعملية السياسية أن تنطلق، وإذ يحيط علما بالاجتماعات التي عقدت في موسكو والقاهرة وبما اتخذ من مبادرات أخرى تحقيقا لهذه الغاية، وإذ يلاحظ على وجه الخصوص جدوى اجتماع الرياض، المعقود في الفترة من 9 إلى 11 كانون الأول/ديسمبر 2015، الذي تسهم نتائجه في التمهيد لعقد مفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة بشأن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، وفقا لبيان جنيف و «بياني فيينا»، وإذ يتطلع إلى قيام المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا بوضع اللمسات الأخيرة على الجهود المبذولة تحقيقا لهذه الغاية،
1 ـ يؤكد من جديد تأييده لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران/يونيو 2012، ويؤيد «بياني فيينا» في إطار السعي إلى كفالة التنفيذ الكامل لبيان جنيف، كأساس لانتقال سياسي بقيادة سورية وفي ظل عملية يمتلك السوريون زمامها من أجل إنهاء النزاع في سوريا، ويشدد على أن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سوريا؛
2 ـ يطلب إلى الأمين العام أن يقوم، من خلال مساعيه الحميدة وجهود مبعوثه الخاص إلى سوريا، بدعوة ممثلي الحكومة السورية والمعارضة إلى الدخول على وجه السرعة في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي، مستهدفا أوائل كانون الثاني/يناير 2016 كموعد لبدء المحادثات، عملا ببيان جنيف وتماشيا مع بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة؛
3 ـ يقر بدور الفريق الدولي باعتباره المنبر الرئيسي لتيسير الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة لتحقيق تسوية سياسية دائمة في سوريا؛
4 ـ يعرب عن دعمه، في هذا الصدد، لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015؛
5 ـ يسلّم بالصلة الوثيقة بين وقف إطلاق النار وانطلاق عملية سياسية موازية، عملا ببيان جنيف لعام 2012، وبضرورة التعجيل بالدفع قدماً بكلتا المبادرتين، ويعرب في هذا الصدد عن تأييده لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، وهو ما التزم الفريق الدولي بدعمه والمساعدة على تنفيذه، على أن يدخل حيز النفاذ بمجرد أن يخطو ممثلو الحكومة السورية والمعارضة الخطوات الأولى نحو انتقال سياسي برعاية الأمم المتحدة، استنادا إلى بيان جنيف، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، على أن يتم ذلك على وجه السرعة؛
6 ـ يطلب إلى الأمين العام أن يقود، من خلال مكتب مبعوثه الخاص وبالتشاور مع الأطراف المعنية، الجهود الرامية إلى تحديد طرائق وشروط وقف إطلاق النار، ومواصلة التخطيط لدعم تنفيذ وقف إطلاق النار، ويحث الدول الأعضاء، ولا سيما أعضاء الفريق الدولي لدعم سوريا، على دعم وتسريع كل الجهود المبذولة لتحقيق وقف لإطلاق النار، بسبل منها الضغط على جميع الأطراف المعنية للموافقة على وقف إطلاق النار والتقيد به؛
7 ـ يشدد على الحاجة إلى آلية لرصد وقف إطلاق النار والتحقق منه والإبلاغ عنه، ويطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى مجلس الأمن تقريراً عن الخيارات المتاحة بشأن إنشاء آلية تحظى بدعم المجلس، وذلك في أقرب وقت ممكن وفي موعد لا يتجاوز شهرا من تاريخ اتخاذ هذا القرار، ويشجع الدول الأعضاء، بما في ذلك أعضاء مجلس الأمن، على تقديم المساعدة، بسبل منها
الخبرة الفنية والمساهمات العينية، لدعم هذه الآلية؛
8 ـ يكرر دعوته الواردة في القرار 2249 (2015) والموجهة إلى الدول الأعضاء لمنع وقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (المعروف أيضا باسم داعش) وجبهة النصرة، وسائر الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطين بتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات الإرهابية، على النحو الذي يعينه مجلس الأمن، وعلى نحو ما قد يتفق عليه لاحقا الفريق الدولي لدعم سوريا ويحدده مجلس الأمن، وفقا لبيان الفريق الصادر في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، والقضاء على الملاذ الآمن الذي أقامته تلك الجماعات على أجزاء كبيرة من سوريا، ويلاحظ أن وقف إطلاق النار المذكور أعلاه لن يطبق على الأعمال الهجومية أو الدفاعية التي تنفذ ضد هؤلاء الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي لدعم سوريا الصادر في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015؛
9 ـ يرحب بالجهود التي بذلتها حكومة الأردن للمساعدة في إيجاد فهم مشترك داخل الفريق الدولي لدعم سوريا للأفراد والجماعات الذين يمكن أن يحددوا بوصفهم إرهابيين وهو سينظر على وجه السرعة في التوصية التي قدمها الفريق لغرض تحديد الجماعات الإرهابية؛
10 ـ يشدد على ضرورة قيام جميع الأطراف في سوريا باتخاذ تدابير لبناء الثقة من أجل المساهمة في فرص القيام بعملية سياسية وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، ويدعو جميع الدول إلى استخدام نفوذها لدى حكومة سوريا والمعارضة السورية من أجل المضي قدماً بعملية السلام وتدابير بناء الثقة والخطوات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار؛
11 ـ يطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرا إلى المجلس، في أقرب وقت ممكن وفي موعد لا يتجاوز شهرا واحدا من تاريخ اتخاذ هذا القرار، عن الخيارات المتاحة للقيام بالمزيد من تدابير بناء الثقة؛
12 ـ يدعو الأطراف إلى أن تتيح فورا للوكالات الإنسانية إمكانية الوصول السريع والمأمون وغير المعرقل إلى جميع أنحاء سوريا ومن خلال أقصر الطرق، وأن تسمح فورا بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها، لا سيما في جميع المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، والإفراج عن أي محتجزين تعسفيا، لا سيما النساء والأطفال، ويدعو دول الفريق الدولي لدعم سوريا إلى استخدام نفوذها على الفور تحقيقا لهذه الغايات، ويطالب بالتنفيذ الكامل للقرارات 2139 (2014) و2165 (2014) و2191 (2014) وأي قرارات منطبقة أخرى؛
13 ـ يطالب بأن توقف جميع الأطراف فورا أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك من خلال القصف المدفعي والقصف الجوي، ويرحب بالتزام الفريق الدولي لدعم سوريا بالضغط على الأطراف في هذا الصدد، ويطالب كذلك بأن تتقيد جميع الأطراف فورا بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حسب الاقتضاء؛
14 ـ يؤكد الحاجة الماسة إلى تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك الأحكام الواجبة التطبيق من الاتفاقية والبروتوكول المتعلقين بمركز اللاجئين، وأخذ مصالح البلدان التي تستضيف اللاجئين بالحسبان، ويحث الدول الأعضاء على تقديم المساعدة في هذا الصدد، ويتطلع إلى مؤتمر لندن بشأن سوريا الذي سيعقد في شباط/فبراير 2016 وتستضيفه المملكة المتحدة وألمانيا والكويت والنرويج والأمم المتحدة، بوصفه إسهاما هاما في هذا المسعى، ويعرب كذلك عن دعمه لتعمير سوريا وتأهيلها بعد انتهاء النزاع؛
15 ـ يطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرا إلى مجلس الأمن في غضون 60 يوما عن تنفيذ هذا القرار، بما في ذلك عن التقدم المحرز في العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة؛
16 ـ يقرر إبقاء المسألة قيد نظره الفعلي.