عشتار الفصول:111777 الجزيرة السّورية بمكوّناتها القومية والدينية وفصول مآسيها


اسحق قومي
الحوار المتمدن - العدد: 6396 - 2019 / 11 / 1 - 02:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

عشتار الفصول:111777
الجزيرة السّورية بمكوّناتها القومية والدينية وفصول مآسيها
عندما نقرأ المشهد البانورامي والمتحركات في الجزيرة السورية ، أمام ثوابتها الوطنية والواقعية ،والرؤية المستقبلية الضبابية . نتلمس أغلب الحقائق غير المصرح بها عبر الإعلام وسائل التواصل الاجتماعي .لاعتبارات أمنية وسياسية وعسكرية ودولية لها ارتباطات بالمشهد القادم على سورية والجزيرة السورية بشكل خاص...
لهذا لا نثق بالمتوازيات والمستطيلات، ولا بتجار الوطنيات المشروطة والمزيفة لأمور خارجة عن نطاق بروتوكولات الكذب المحلي والدجل الذي طالما أُتخمنا به مدة خمسين عاماً وأكثر..
وإذا ما أضفنا لأهل الجزيرة أغلب القبائل العربية في محافظتي دير الزور والرقة .
فإنّ توصيف الحالة للمشهد العربي في الجزيرة والفرات .يضعنا أمام حقيقة واحدة لاتقبل الجدل لمسلماتها الأولية التي ظهرت منذ ماقبل الحراك في سورية عام 2011م .ولازلنا في حالة من الانقسام بين مكوّنات القبائل العربية .فمنها المؤيد لبسط سيادة الدولة السورية على أرضها كاملة . وما بين الرافضين لهذه الحالة بذرائع مختلفة ولايخفون كرههم ورفضهم لدخول الجيش العربي السوري .
في الوقت الذي جاءنا رجل صاحب جاه منذ أجداده الأوائل .ونثق به حتى لو سار بنا أينما أراد. ألا وهو الأمير الجبوري الشيخ نوّاف عبد العزيز المسلط.ولكن دعوته الوطنية الرائدة والرائعة والتي جاءت في ظروف كنا نحتاجها جميعاً حين دعا جميع القبائل والعشائر والمكوّنات لغداء في قرية تل براك مع العلم أننا نحتاج لأهداف تلك الدعوة والداعي هونه جاء ليعمل توازناً لأنها نفسياً وواقعياً للمشهد العربي تجاه سيطرت ــ الأكراد بقوتهم العسكرية وأعلامهم المرفوعة .والتي كنتُ أتمنى أن يُسجلوا سابقة سياسية في أنهم رفعوا علماً يمثل المكوّنات الجزرية من عربية وكردية وسريانية أشورية كلدانية وأرمنية وششانية وشركسية وتركمانية وله ما يُشير إلى سوريته لكنهم لم يرفعوا سوى علم حزب البيككي ، وقسد ومسد ومنهم من رفع العلم السرياني والآشوري والكلداني ـــ فدعوة الأمير نوّاف عبد العزيز المسلط .لم تحقق كل الأهداف على الرغم من نبالتها وسموها . وذلك لما أظهرته بعض القبائل والعشائر العربية من رفضها لمشروع العودة لحضن الوطن السوري ومشروعية انتشار الجيش السوري على الرغم من أنّ بعض تلك القبائل والعشائر كانت قد نالت مانالته قد نالوا من همجية الغزاة الذين مروا بها خلال ثمانية أعوام ومع هذا فهم لايريدون لدمشق أن تعود إلى قسم كبير من الجزيرة السورية والفرات .وقد قال أغلبهم كلمته في هذا الجانب ومعهم أغلب من هم مع المعارضات ..
وأما المشهد الثاني .فهو المشهد الكردي:
فالأكراد في الجزيرة السورية تسود مجتمعاتهم الحالة التنظيمية والإيمان بقضيتهم التي يُناضلون من أجلها .لهذا نجدهم منذ بدء الحراك في سورية امتنعوا عن تأدية الخدمة العسكرية في الجيش السوري بل وظفوا جميع طاقاتهم لصالح تشكيل قوة عسكرية خاصة بهم .وفي الوقت نفسه .كانوا قد قسّموا أنفسهم إلى مجموعات كلها تعمل لصالح قضيتهم .فبعضهم مع الدولة السورية وفي مجلس الشعب السوري ،وبعضهم مع المعارضات بأنواعها وأطيافها وبعضهم الثالث يُقاتل تنظيم الدولة الإسلامية ورغم هذا التقسيم الظاهر إلا أن الأكراد في سورية والعالم يسعون لتحقيق حلمهم الذي لن يتنازلوا عنه مهما كانت التضحيات والعقبات ،على الرغم من المناورات التي يجرونها هنا وهناك.
ومن يُصدق الآن بعد دخول الجيش السوري إلى محافظة الحسكة بأن الحِراك الكردي سيترك الساحة للجيش السوري فهو واهم.مادامت أمريكا تتوعد وتتحدى الدولة السورية في استمرار استيلائها على منابع النفط في رميلان ،وما حولها أقل مايكون.
لهذا فالأكراد سيبقون يعملون بيقظة ونشاط في ثلاثة محاور . محور يُفاوض دمشق إن فشلت المساعي مع واشنطن والغرب. ومحور يقول نحن مع المكوّنات الجزرية والمحور الآخرلن يترك السلاح مهما كانت التضحيات.وأعتقد من حق الشعوب أن تُناضل في سبيل قضاياها والأقوى هو الذي سيكتب تاريخه بدماء تضحيات أبنائه .
المشهد الثالث:
هو مشهد المسيحية في الجزيرة السورية وربما في سورية بشكل عام.
المسيحيون في الجزيرة من سريان وأشوريين وكلدان وهم مكوّن قومي واحد .ومعهم المكوّن الثاني هو المكوّن الأرمني.
المكوّن الأول السرياني الآشوري الكلداني . كل المكتشفات الأثرية تقول بأنه هو صاحب الأرض والتاريخ ولايوجد من تلّ إلا ويشي بوجودهم وأنهم كانوا مستمرين على أرض الجزيرة السورية حتى قبل أربعمائة عام حيث جائهم الغزاة الهمج . فُقتل من قُتل .وهرب من هرب إلى الجبال شمالاً ليعود أحفاد هؤلاء في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الماضي بعد أن نالت منهم التصفيات الوجودية عبر مذابح قامت بها السلطنة العثمانية منذ ماقبل عام 1895وعام 1915م وأنهت منهم مايُقارب من ثلاثة ملايين إنسان وشردت مثلهم. وكانت أرض الجزيرة السورية قبل أن يتم تحديدها مع تركيا ومع العراق وجهت أغلب الفارين إليها. فبنوا حواضرها وكانوا سداها ولحمتها في الصناعات اليدوية والمهن والتعليم والوطنية وبناء الحضارة بكلّ أبجديتها. وقد تحملوا عبر مايزيد عن مئة عام الكثير من المعانات لكنهم وجدوا في الجزيرة بمكوناتها شركاء يبنون معهم جسور السلم والعيش المشترك.
وكانوا يُظهرون دوما حقيقتهم التي تقول: وطنك عرضك فحافظ عليه.وقد وهبهم الله أملاكاً وأرزاقاً وعلماً وثقافةً فخدموا مجتمعهم الجزري خير من خدمة.
وعلى الرغم من أنهم كانوا إلى قبيل عام 1980 م هم أغنى المكوّنات الجزرية ولكنهم في الجانب التنظيمي فأغلبهم كان قد انخرط في حزب البعث العربي الاشتراكي وبعضهم ينتمي للإجتماعي السوري والبعض الأخر للشيوعية عبر مدارسها الحزب الشيوعي السوري (خالد بكداش) وجماعة المشروع رياض الترك عام 1972م .وجماعة رابطة العمل الشيوعي (اليسار السوري).
وأما أغلب المسيحيين في الجزيرة يؤمنون بعدم خروجهم ضد الدولة السورية إلا القلة القليلة التي شكلت ملشيات عسكرية انضوت أغلبها تحت الراية الكردية .وأغلب المسيحيين فروا من الجزيرة مع السنة الأولى للحراك وانعدام الأمن لأنهم تعرضوا أولاً:
إلى الابتزاز ومن ثم بدأ مشروع الاختطاف والفدية وإكراه الصناعيين للعمل لصالح هذا الحراك أو ذاك .ففرّ من فرّ مع بقية المكونات التي لم ترغب بسلوكية هذا الحزب أو ذاك.
وتركوا ورائهم تعب أعمارهم. ومجموعة من أهلٍهم وذويهم لايقدرون على تكاليف المغادرة .وبعضهم تمسك بتراب الوطن ونذر نفسه في سبيله وسبيل مجتمعاته.فلم يرهبه الموت ولم تغريه الغربة بل فضل أن يبقى شاهداً على التاريخ ،وكلّ بذائته .وهنا نسجل لهؤلاء المسيحيين الباقيين على أرض الجزيرة بأنهم محط تقديرنا ،وسيكتب لهم التاريخ مافعلوه وما قدموه وما صمدوا من أجله .على الرغم من القهر والذل والهوان الذي يعيشونه من خلال المتسلطين .
وحتى الذين هاجروا لبلاد الاغتراب يؤمنون بوطنهم ويحبونه ولكنهم يفتقرون إلى حالة تنظيمية خاصة بهم أكثر فاعلية .مع علمي ومعرفتي بالمنظمة الآثورية والأحزاب السريانية والأشورية التي نشأت قبل الحراك وبعده .مع وجود بعض شخصيات منهم مع المعارضات السورية الداخلية والخارجية .كلّ هذا لايهمش التضحيات التي قدمتها المسيحية في الجزيرة السورية من شهداء للوطن سواء الذين قُتلوا في الجيش العربي السوري أو الذين قتلوا على أيدي الدواعش وأعوانهم. أومن قُتل من خلال المليشيات العسكرية السريانية ، الآشورية الكلدانية والأرمنية .
ننتهي إلى القول بأنّ الجزيرة السورية والفرات تمثل حالة كباقي المناطق السورية
بحاجة إلى تأهيل من النواحي.النفسية والمادية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والوطنية وواجبات المواطن وغيرها من حقائق لايمكن أن نغيبها ونكابر عليها.
كلّ ما نود قوله إن تشابك جميع المحاور السورية من أمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وموضوع التعليم والمناهج والمغتربين والمهجرين والنازحين ، إضافة إلى حالة حرب هنا وهناك وموضوع اللجان الخاصة بصياغة دستور سوري جديد ولقاء اللجان في جنيف المؤيد والمعارض منهم مع المستقلين قبل يومين. كل هذا يجعلنا غير جازمين برؤية سورية منجزة وكل الاحتمالات واردة
والساحة المحيطة بسورية غير مستقرة شعبياً وسياسياً وحتى أمنيا. لهذا نحن أمام عدة احتملات . فسورية التي عرفناها والتي عهدناها على مفرق طرق .
وللحديث لاصلة مع المراهقين والشوفينيين وتُجار الوطنيات والمزايدات والحمقى نحن مع وحدة التراب السوري وإعطاء كل المكوّنات نفس الحقوق والواجبات وتغيير جديد في المناهج والتربيات ، وتبديل في الخطاب الديني التكفيري لباقي المكوّنات فسورية ليست لقومية دون القوميات .وليست لديانة دون الديانات وإذا استمرت العنتريات والشوفينيين والإرهابيين بالكلمات فلن تُصلح سورية ولا الشرق ولو أراد الإنس والجن بفعل المعجزات.
اسحق قومي.
31/10/2019م.
مستشار المنتدى الدائم لأقليات الشرق الأوسط. المركز الأوروبي.