الفاشية الجديدة : الحلف الصهيوني لنتنياهو و ترَمپ و آل سعود 8-10


حسين علوان حسين
الحوار المتمدن - العدد: 6387 - 2019 / 10 / 22 - 23:25
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

بعض مميزات الفاشية الجديدة في عهد ترَمپ
بتاريخ 14 كانون الثاني من عام 2017 ، كتب "هنري جيرو" (Henry Giroux ) من جامعة ماكماستر تحت عنوان :
" عودة الفاشية و حرب ترَمپ على الشباب : فاشية ترَمپ هي النتاج المتفرد في عصرنا لثقافتنا التجارية و لوسائل الإعلام الخاضعة للشركات "
ما هو آت :

"غالبا ما يتم طوي كلمة الفاشية في بطون كتب التاريخ
تستحضر كلمة الفاشية تلك الفترة التاريخية الغابرة التي تعاملت فيها المجتمعات المتحضرة مع الديمقراطية بازدراء ، و انخرطت في أعمال العنف الممنهج ، و مارست الإبادة والتطهير العرقي ، و دعمت النزعة "الشعبوية المروّعة" ، و كبتت المعارضة ، و روّجت للقومانية المتطرفة ، و أبدت الازدراء للمرأة ، و احتضنت العسكرة كمثال مطلق ، و أصرت على وجوب طاعة نبي مُعلِن عن نفسه .
لكن البذور التي أنتجت مثل هذه الفظائع الفاشية ما لبثت و أن انتشرت مرة أخرى في الحياة الآن ، و عادت بأشكال اجتماعية و سياسية جديدة . اليوم ، أصبحت ثقافة الخوف هي المهيمنة على المجتمع الأمريكي ، و هي الثقافة التي تتسم بعدم المساواة الهائلة في الثروة ؛ و باتت السلطة لا تكتفي بدعم هياكل الهيمنة فحسب ، بل و تنظر إلى الاختلاف كتهديد ، و إلى الرأفة كضعف ، و إلى المسؤوليات المشتركة - إذا لم تكن المصلحة العامة نفسها - كأمراض تستوجب الاستئصال .
صحيح إن الفكر الفاشي آخذ في الازدياد في جميع أنحاء العالم ، و لكن ظهوره الأكثر وضوحاً و خطورة يتمثل بإدارة الرئيس ترَمپ .
إن الخوف و تفشي روح النزعة الاستهلاكية الجماعية - المقترنة بانعدام الأمن و تفشي الجهل على نطاق واسع - يدفعان الناس إلى احتضان الأفكار الخبيثة بصدد المتطلبات الأمنية ، و إلى اندحار الذات ، وإلى الارتماء بأحضان الديماغوجيين مثل ترَمپ . بالنسبة للعديد من الأميركيين ، فإن التفكير الناقد و الأمل يجب تنحيتهما جانباً لفسح المجال أمام معانقة بعث خطاب القومانية المتطرفة و التعصب.
صحيح أن ترَمپ ليس هتلر ، لكنه خطر رغم ذلك
ترَمپ ليس هتلر ، فهو لم ينشئ معسكرات الاعتقال ، و لم يغلق وسائل الإعلام الناقدة و لا اعتقل المنشقين ؛ علاوة على ذلك ، فإن الولايات المتحدة الأمريكية في اللحظة التاريخية الحالية ليست هي جمهورية فايمار. و لكن في عهد ترَمپ ، تتواجد مواصفات الفاشية بأشكال و أشكال مختلفة ، و التي تشمل الاحتفال بعبادة القائد ، و بالعنصرية المنتظمة ، و باحتضان الشعبوية الذكورية السامة ، و بدعم الدولة للقومانية المتطرفة ، و بالعنصرية و التهديد بممارسة العنف ضد ناقديها .
إن العلامة التجارية لشركة ترَمپ الفاشية الليبرالية الجديدة واضحة للغاية في سياسات الجناح اليميني للحزب الجمهوري التي تفضل إلغاء كل القيود التنظيمية التي من شأنها لجم هيمنة الشركات الاحتكارية و مصالح الأثرياء . فبدلاً من تجفيف مستنقع هذه الشركات ، فقد تبنت إدارة ترَمپ سياسة دمج الشركات مع القوة السياسية ، و بذلك تحولت الدولة إلى درع خبيث مصمم لخدمة أقوى و أغنى أفراد المجتمع .
إن طريقة ترَمپ الفاشية هي نتاج فريد لعصرنا و لثقافتنا التجارية و لسيطرة الشركات على وسائل الإعلام ، و كلها تستنزف أسس الديمقراطية القابلة للحياة . فالثقافة الأمريكية مشبعة بالإعلانات الدعائية ، و تستند إلى جماهيرية المشاهير ، و هو ما سمح للمروّج الثري الأناني ترَمپ بالتخلي عن أي ادعاء بالكياسة أو المساءلة أو النزاهة على حساب إثارة الضجيج و استخدام الاحتيال في تسويق طريقه إلى السلطة . كل هذا يبرر تسميتها بالفاشية ، إنما على الطريقة الأمريكية . لقد عادت الفاشية تحت أجنحة الليبرالية الجديدة ، مع احتفالها بالسوق كقالب يحكم المجتمع بأسره وتركيزها للقوة الاقتصادية و السياسية بأيدي قليلة نسبياً .
الود مع الطغاة
كيف يمكن تفسير دعم ترَمپ غير المعترف به وموقفه الودي من الرؤساء الدكتاتوريين اليمينين مثل القاتل المعترف علناً بالقتل و بإعجابه بهتلر ، رودريغو دوترتي ، رئيس الفلبين ، و الروسي فلاديمير بوتين ، و الصيني شي جين بينغ ، و كلهم منجذبون إلى ترَمپ ؛ في حين نجد أن إدارة ترَمپ لا تبدي إلا اهتماماً ضئيلاً جداً بانتهاكات هذه الدول الجسيمة لحقوق الإنسان ؟
كما تظهر فاشية ترَمپ بشكل كامل في تصعيده لسلطة الدولة البوليسية ، و في خطابه العنصري الذي لا يلين ، و في سخريته وسياساته التي تصور المواطنين السود والمهاجرين والمسلمين كأشخاص لا يستحقون الاحترام و التعاطف و الكرامة ، و كذلك في دعمه لثقافة الحرب . كما و قد تميز ترَمپ بتضخيمه لميزانية الولايات المتحدة العسكرية ، و باستفزازاته التي تستهدف كوريا الشمالية ، و بالسياسات المتهورة مثل الاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل - التي يدينها جميع زعماء العالم تقريبًا – و التي تزعزع استقرار الشرق الأوسط و آسيا و أجزاء أخرى من العالم .
و لكن هناك مؤشرات أكثر دقة ، إن لم تكن ناقصة ، تشير إلى عودة المبادئ الفاشية في الولايات المتحدة . و إحدى أقوى هذه المؤشرات هي حرب ترَمپ على الشباب . تقود الرأسمالية المالية الآن السياسة و الحكم و الإدارة بطرق فضيعة غير مسبوقة . إنها أكثر من راغبة بالتضحية بمستقبل الشباب من أجل تحقيق مكاسب سياسية و اقتصادية قصيرة الأجل ، إن لم تكن التضحية بالديمقراطية نفسها . و في حربها السافرة على الأطفال ، توفر إدارة ترَمپ مؤشراً مقلقاً للمجتمع في خضم أزمة سياسية و أخلاقية عميقة - ليس أقلها دعم الرئيس و دفاعه العلني عن ذلك الرجل الولوع بالاغتصاب المتسلسل للأطفال ، روي مور ، في محاولة فاشلة منه لتأمين فوزه بمقعد ولاية ألاباما لمجلس الشيوخ .
الأمل المحجوب
يعيش الكثير من الشباب الأمريكي اليوم في عهد فقدان الأمل ؛ في حقبة يصعب فيها تخيل الحياة التي يمكن أن تتجاوز عقيدة هذا الشكل الوحشي من رأسمالية الكازينو أو تتجاوز الخوف من كون أي محاولة للقيام بذلك من شأنها أن تؤدي إلى كابوس أكثر فظاعة فحسب . لا يعاني الشباب الأمريكي اليوم فقط من هشاشة الحاضر و انعدام اليقين ، بل ، كما جادل الفيلسوف البولندي الراحل زيجمونت باومان ، "إن أول جيل بعد الحرب سيواجه احتمال الحركة الهابطة حيث تمتد محنة المنبوذين لتحتضن جيلاً بأكمله" . إن الشباب الأمريكي ، و خاصة أولئك المهمّشين بسبب العرق و الانحدار الطبقي ، يخضعون لإملاءات الدولة العقابية حيث لا يتم تجريم سلوكهم في المدارس و الشوارع فحسب ، بل و يخضعون أيضًا لأشكال قمعية من التشريعات ؛ حيث ترعى عدة ولايات تشريعات من شأنها أن تجعل أشكال الاحتجاج القانونية تمامًا جريمة تستوجب فرض الغرامات الجسيمة ، أو تعرّض الشباب لتهم جنائية محتملة . النظرة الرسمية السائدة على نحو متزايد إلى الشباب هي أنهم المصدر للاضطراب العام . لقد تحول الحلم الآن إلى كابوس . المثال الأحدث على هذا واضح من مشاريع قوانين الإصلاح الضريبي والميزانية التي تحول ملايين الدولارات من البرامج الاجتماعية الحيوية لصحة الشباب الفقير إلى جيوب الأثرياء الذين لا يحتاجون إلى تخفيضات ضريبية أصلاً .
و كما تشير الناشطة الأمريكية في مجال حقوق الطفل ، ماريان رايت إيدلمان ، فإن مثل هذه الأعمال مثيرة للقلق و للقسوة بشكل خاص في الوقت الذي "يعاني فيه ملايين الأطفال الأمريكيين اليوم من الجوع و التشرد و اليأس ." و تضيف : "هناك قرابة 13.2 مليون طفل فقير - واحد من كل خمسة أطفال تقريبًا . و حوالي 70 في المائة منهم من الأطفال الملونين ، و الذين سيكونون غالبية أطفالنا بحلول عام 2020 . و هناك أكثر من 1.2 مليون شخص بلا مأوى . و يكافح حوالي 14.8 مليون طفل ضد الجوع في الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي ".
عقلية القسوة
إن إدارة ترَمپ أكثر من راغبة بتمرير التخفيضات الضريبية الهائلة للأثرياء ، في الوقت نفسه الذي ترفض فيه تمويل برنامج التأمين الصحي للأطفال الذي يدعم أكثر من تسعة ملايين طفل . في غضون ذلك ، نجد أن السناتور الجمهوري تشاك غراسلي يصرح علناً بالقول بأن التخفيضات الضريبية لا ينبغي لها أن تُخصص للفقراء لأنهم سيهدرون المال فقط على معاقرة الخمر و معاشرة النساء. لذلك إذا لم تكن غنيًا ، فهذا لأنك كسول . هل هذا الكلام صحيح حقا ؟ قل ذلك إلى ألـ 10000 شخص ، و بعضهم من الأطفال ، ممن قد يموتون كل عام نتيجة لفقدان التأمين الصحي بسبب مشروع قانون الضريبة المقترح في مجلس الشيوخ .
مثل هذه العقلية ، و التصريحات العلنية مثل تلك التي صرح بها غراسلي ، هي أكثر من قاسية ، لكونها تمثل نظامًا سياسيًا واقتصاديًا تخلّى عن أي شعور بالمسؤولية الأخلاقية و الاجتماعية . فبموجب هذا المنظور ، فأن الأطفال لا يستحقون الحصول على المساعدات لأن تقديم مثل هذا الدعم الحكومي يخالف الأيديولوجية النيوليبرالية الظالمة و التي تصر على أن المسؤولية الوحيدة للحكومة تتمثل في مساعدة الشركات الغنية و القوية فقط . و إذا كان الفقراء يعانون و يتعرضون للظروف القاسية ، وفقًا لمنطق غراسلي ، فإن ذلك حاصل بسبب افتقارهم إلى الشخصية .
و يمكن رؤية مثال آخر تم تحليله بشكل غير صحيح لحرب ترَمپ على الشباب ، ألا و هو إلغاؤه لبرنامج DACA (العمل المؤجل للوصول إلى الطفولة) ، الذي أنشأه الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2012 . بموجب هذا البرنامج ، فقد سُمح لأكثر من 800000 مهاجر غير شرعي تم جلبهم إلى البلاد كأطفال أو مراهقين قبل عام 2007 بالعيش و الدراسة و العمل في الولايات المتحدة دون خوف من خطر الترحيل . و بإلغائها لهذا البرنامج ، فقد انتهجت إدارة ترَمپ سياسة تجمع بين القسوة و العنصرية على حد سواء ، نظراً لأن 78 بالمائة من المشمولين ببرنامج DACA هم من المكسيكيين . هؤلاء هم ذات المهاجرين الذين يسميهم ترَمپ بالمغتصبين و مدمني المخدرات و المجرمين . إن ازدراء ترَمپ لحياة الشباب ، و دعمه لثقافة القسوة ، و شهيته للتدمير وللكارثة المدنية ، هي أكثر من مجرد أعراض لمجتمع تحكمه على وجه الحصر تقريبًا عقيدة البقاء على قيد الحياة في السوق كإرث أخلاقي أوحد .
التزييف المنظّم
يرتبط هذا بالتزييف الشامل للديمقراطية و بظهور السياسة الفاشية التي تحتفل بالملذات السامة للدولة الاستبدادية دون أي اعتبار لأطفالها . إن ترَمپ هو رسول العمى الأخلاقي والفساد المطلق الذي يكشف عن أسلوب للحكم يدمج بطرائقيته التي لا تنتهي بين الترويج للنفس والسياسة الاستبدادية العميقة . و من إحدى أكثر السمات المزعجة لفاشية ترَمپ هي تجاهله للحقائق ، و قسوته على الطفولة التي تظهر - للشباب - عدم وجود أي شعور حيوي بالفكر النقدي و العمل بالمعروف و الالتزام بالعدالة الاجتماعية و الاقتصادية.
و الأكثر من ذلك ، فأن ترَمپ قد أطلق العنان للشعبوية الفظيعة و للقومانية المتطرفة التي تغذيها العنصرية المحاكية للأشكال القديمة من الفاشية و التي تخلق ثقافة من القسوة التي تتسبب في التقليل من شأن أطفالها و تلغي ذلك المستقبل الذي يجعل الديمقراطية متاحة لهم – و بالتالي لنا كلنا . في الوقت نفسه ، فقد تبنى ترَمپ سياسة الدمج بين سلطة الشركات و بين السلطة السياسية الذي تميزت به جميع الأنظمة الفاشية ، و بذلك فقد عمد إلى تحويل الثروة و الموارد بعيدًا عن البرامج الاجتماعية الحيوية للشباب لتنتقل إلى أيدي النخبة المالية . و توجد في برنامجه هنا أكثر من مجرد سياسات الضرائب التراجعية ، فهناك أيضًا المحاولة لتعطيل الضمان الاجتماعي من خلال العمل على إلغاء تمويله .
الإرهاب الداخلي
و من إحدى النتائج لسياساته هي ما يمكن تسميته بإطلاق العنان لشكل من أشكال الإرهاب الداخلي - الإرهاب الذي يمارس في بلده ضد شعبه بالذات – و الذي يتعرض فيه الشباب لعنف الدولة المتفاقم إلى أشكال من الاستبعاد النهائي ، و إلى أوجه من التخلي عن المجتمع ، و إلى خلق وضعيات تغرق المواطن في حالة من الارتباك و اليأس . في ظل هذا الانبعاث الجديد للفاشية ، يُعتبر التفكير خطيرًا ، و تُدمَغ المجالات العامة التي تعزز الفكر النقدي كمؤسسات مرضية ، و يُنظر إلى الشباب كطبقة مشوهة مهددة ، و خاصة تلك المهمّشة بسبب العرق و التوجه الجنسي و الانحدار الطبقي . و هكذا ، فقد تسارعت رياح الفاشية في ظل إدارة ترَمپ لتتحول إلى إعصار و لتشكل أزمة مؤلمة للشباب و للمستقبل و للديمقراطية نفسها .
إن أزمة الشباب في ظل نظام ترَمپ هي كارثة سياسية من الدرجة الأولى تهدد كل المثل الأعلى الثقافية و السياسية الحيوية و المبدئية و التكوين الاجتماعي و المجال العام الذي يجعل الديمقراطية ممكنة . يتضح ذلك بشكل أفضل من خلال الدعم الانتخابي الذي قدمه ترَمپ لمور ، و هو المثلي جنسياً ، و العنصري بلا خجل ، و المتهم باغتصاب الأطفال ، و المتحرش و المعتدي جنسياً .
نعم ، الفاشية تعود مرة أخرى ؛ إنها بين ظهرانينا مرة أخرى - مع ذلك ، فإن هزيمة "مور" في ولاية ألاباما ذات التوجه الجمهوري العميق لصالح منافسه الديمقراطي تعطينا سبباً للأمل . هناك ، وقف الناخبون السود ، وخاصة النساء منهم و الشباب ليقولوا : "كفى".
إن الفاشية تتطلب من الذين يقدّرون العدالة و الإنصاف و المساواة و الأخلاق من بيننا أن يتكاتفوا لإلحاق الهزيمة بها . لوقف الفاشية ، من الأهمية بمكان أن نُظهر بأن الديمقراطية هي البديل الوحيد ، و أن العناصر الفظيعة للفاشية ستواجه التحدي . إن الأمل يحدونا في كون انتخابات ولاية ألاباما ليست هي سوى البداية لمثل هذا الصراع ."
ن
بعض من مميزات الفاشية الجديدة للكيان الصهيوني في عهد نتنياهو
في العاشر من الشهر الماضي ، كتب الاشتراكي البريطاني المعادي للصهيونية و للعنصرية : "توني غرينستاين" (Tony Greenstein) في مدونته على الانترنيت ما يلي :
"إسرائيل هي ليست فقط أكثر دول العالم عنصرية ، بل هي دولة قتلة .
ما هو الأمر الذي يجعل إسرائيل جذابة للغاية الآن لكل المعادين للسامية و للفاشيين و للعنصريين على سطح الكرة الأرضية من أمثال ترَمپ و بولسونارو و دوتيرتي ؟
إسرائيل هي الدليل على أن أي مجموعة من الناس ، بما فيهم اليهود ، يمكنهم ، في ضوء الظروف المناسبة ، أن يصبحوا عنصريين و فاشيين .
العنصرية ليست موروثاً جينياً ، بل هي النتاج للمجتمع و ليس لعلم الوراثة . و مثلما أن الألمان اليوم لم يرثوا جينة هتلر ، فإن الأمر نفسه ينطبق على يهود إسرائيل الذين لم يرثوا عباءة يهود أوروبا المضطهدين ؛ و لكن ما فعلته إسرائيل هو تحويلها للصورة التقليدية لليهود من مظلومين إلى ظالمين .
يرى الأستاذ زئيف ستيرنهيل - أحد الأطفال الناجين من محرقة النازي لليهود - في دولة إسرائيل الحالية نفس علامات مرحلة ما قبل المحرقة اليهودية في ألمانيا .
في مقابلة أجريت معه مؤخرًا ، نقل نورمان فينكلشتاين عن زئيف ستيرنهيل ، الأستاذ السابق في الجامعة العبرية في القدس ، و أحد الناجين في طفولته من محرقة اليهود في برزيميل ببولندا - و هو أحد الأساتذة المتخصصين المعتبرين في حقل الفاشية - أن الفاشيين و المعادين للسامية من أمثال ترَمپ لا يرون في إسرائيل دولة يهودية ، بل دولة فاشية . لقد كان الحلم الصهيوني دائمًا هو خلق أمة مثل كل الأمم الأخرى ، غير أنهم نجحوا فقط و بشكل جيد للغاية بإقامة أمة للمستوطنين هي الأكثر يمينية و عنصرية من أي أمة أخرى على وجه الأرض .
إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها دونالد ترَمپ بالشعبية في أوساط أكثرية السكان . و فيما كان اليهود يُنظر إليهم تاريخياً على أنهم أناس ليِّنون ، و مثقفون ، و عالميون ، و فنانون ، و متمردون من ذوي التوجه اليساري ، يُنظر الآن إلى إسرائيل كدولة معتدية ، و كحصن عسكري . كان النموذج الأصيل لليهود يمثلهم الأشخاص من أمثال وودي آلن و فرانز كافكا و آينشتاين و مارك شاغال - إعتبر هتلر أن كارل ماركس هو النموذج الأصيل لليهود - أما اليهودي الإسرائيلي النموذجي اليوم فهو المتعصب العنصري الممجد للقتل .
و وفقًا للزعيم الفاشي الهولندي خيرت فيلدرز ، فإن إسرائيل تمثل خط المواجهة الأول في معركة الدفاع عن الحضارة الغربية . و هي تحظى بإعجاب كل فاشي أو زعيم يميني متطرف على سطح هذا الكوكب - من بولسونارو في البرازيل إلى الرئيس دوتيرتي المحب لهتلر .
(صورة لخيرت فيلدرز ، الفاشي الهولندي و هو يلقي كلمة في تل أبيب عام 2010 . على العكس من رشيد طلايب و إيلهان عمر ، فإنه غير ممنوع من الدخول لإسرائيل )
في بريطانيا ، فإن اتحاد الدفاع الإنجليزي وتحالف تومي روبنسون لكرة القدم هم الذين يتمايلون بالأعلام الإسرائيلية. و يبدي كل من تومي روبنسون و كاتي هوبكنز إعجابهما بإسرائيل و بالطريقة التي تحارب فيها الإسلام . و لابد أن كاتي هوبكنز تتفهم هذا جيداً عندما تنبري لتبرير الهجوم بالقنابل على يهودي داعم للاجئين في مدينة بيتسبيرغ في نفس الوقت الذي تعلن فيه إخلاصها المطلق للدولة الإسرائيلية .
(صورة لنتنياهو مع صديقه ، فيكتور أوربان ، حاكم هنغاريا المعادي للسامية)
"لا يُلام ترَمپ" ، كتبت هوبكنز فيما يتعلق بإطلاق النار في بيتسبرغ ، بل "تطلع إلى الحاخام الأكبر و دعمه للهجرة الجماعية عبر البحر المتوسط" . "هناك ستجد الحقائق الخاصة بك."
و مثلما يقول فينكلشتاين ، فإن إسرائيل ليست مجرد دولة يمينية متطرفة ، بل هي أيضاً بلد يميني متطرف . إنها ببساطة ليست فقط مسألة حكومة يمينية متطرفة و إنما هي مسألة المواطن اليميني المتطرف . لا يوجد في إسرائيل اليسار و لا الوسط ؛ الموجود فيها هو فقط اليمين و أقصى اليمين و أقصى أقصى اليمين .
إن الجذب السياحي لإسرائيل لزعماء أقصى اليمين في العالم مبعثه هو كونها دولة قومية عرقية . ولهذا السبب يصف مؤسس النازية الجديدة لليمين في أمريكا ريتشارد سبنسر نفسه بأنه صهيوني أبيض و يعلن تأييده لقانون دولة إسرائيل اليهودية .
أن إسرائيل تقدم المثال لذلك النوع من الدولة القومية العنصرية المتعصبة التي يحاول سبنسر و ترَمپ و بانون بناءها في الولايات المتحدة نفسها . هنا ، إسرائيل هي التي توفر لهم النموذج المنشود لكونها تعمل على ترحيل الآلاف من اللاجئين العرب لأنهم ليسوا من مجموعة الأغلبية العرقية في إسرائيل و بالتالي فإنهم يهددون هوية إسرائيل اليهودية .
يصف فينكلشتاين إسرائيل بأنها أمة للقتلة و هو غير مجانب للحقيقة كثيراً بهذا الصدد . عندما تكون لديك مظاهرة في تل أبيب في عز الهجوم على غزة في عام 2014 و هي تهتف بنشيد : "لا توجد مدرسة في غزة غداً ، لم يتبق أي أطفال هناك " للتباهي بعدد الأطفال الذين قتلوا على يد إسرائيل ، ستدرك أن هذه ليست أمة طبيعية ، بل هي دولة مستعمرة استيطانية بكل معنى الكلمة . انظر عنوان : اليمين المتطرف ، الإسرائيليون الذين يحتفلون بمقتل أطفال غزة " .
المصدر :
azvsas.blogspot.com › israel-is-not-only-worlds-most-racist
يتبع ، لطفاً .