في علاقة التنازع بين الحد الادنى والأعلى للأجور


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 13:07
المحور: الحركة العمالية والنقابية     


اغلبية العاملات والعمال لا يحصلون على الحد الادنى القانوني للأجر. يضطرون لخوض اضرابات عن العمل من اجل المطالبة بهذا الحق الذي يتهرب المشغل من تطبيقه. وقد يكون هذا المشغل قطاعا خاصا او قطاعا عاما او مصلحة من مصالح الدولة. يتم اشغال العمال والعاملات ومجمل الشغيلة بحرمانهم من هذا الحق حتى لا ينتبهوا لحقوق اساسية اخرى. يجوعون يعطشون ويسكنون في الزرائب ولا يعالجون ويحرمون هم وأبناؤهم من التعليم وينقلون مثل البهائم. اكثر من 80 في المائة من طبقتنا العاملة تحشر في ظروف لا تليق بالإنسان، تعاني من الفقر والمرض والجهل. تقبع الطبقة العاملة في وضعية مستدامة وكأنها القدر المحتوم. وضعية تحكمها سياسة جهنمية تقول “جوع كلبك يتبعك ولكن حذار يعضك” بمعنى التنفيس عن الغليان والسخط بإقرار زيادات شكلية في الحد الادنى للأجور مع كثير من الدعاية والبهرجة وطبعا زيادات لن تطبق في حق اشعار يرفعه الجميع وتطالب به الطبقة العاملة لكنه يبقى شعارا ومطلبا غامضا ومجالا لتلاعب الحكومات والقيادات النقابية العاجزة.

قبل الكلام على مطلب الحد الأدنى للأجور، يجدر بنا الكلام عن المعنى الذي يجب أن نعرفه به. ان الحد الادنى للأجر اليوم هو اجر لا يسمح للعامل والعاملة إلا بسد رمق الجوع والعطش ولا يستجيب للمطالب والحاجيات الاساسية في حدها الادنى المقبول. لذلك لا بد من اعادة النظر في قيمته الاساسية وهي القيمة التي تضمن للعامل والعاملة تحقيق الحد الادنى من العيش الكريم. وهذه مهمة لا بد ان تكون من شغل واهتمام الطبقة العاملة والنقابات في مفاوضات مع الدولة والباطرونا. ومن اجل مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار وتلاعبات الباطرونا في نهب العمال وجب ربط الحد الأدنى للأجور الجديد بالغلاء وارتفاع الاسعار عبر تطبيق ما يسمى بالسلم المتحرك للأسعار، هذا من جهة ومن جهة ثانية لابد من الانتباه الى طرف المعادلة الذي غالبا ما يتم اخفاؤه وهو سياسة الدولة والقطاع العام والخاص في منح الاجور العالية وبدون سقف أو تحديد اجتماعي يأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي برمته. لذلك لا بد من خفض الحد الاعلى للأجور بما يضمن توفير المصادر المالية للرعاية الاجتماعية من تعليم وصحة ونقل وخدمات عمومية ضرورية. السماح بحرية الحد الاعلى للأجور هو السماح بالريع وتفاقم الفوارق الاجتماعية وسرقة فائض القيمة الذي تنتجه الطبقة العاملة.

لكي تفرض الطبقة العاملة تطبيق حق تحسين الحد الادنى للأجور كما نوهنا به يتطلب أن ترقى لدرجة طبقة لذاتها تعرف مصالحها الخاصة وكيفية انتزاعها. احد شروط ذلك هو حيازتها لتنظيمها المستقل حزبها السياسي الموجه والمرشد للأغلبية الساحقة من العمال.