علاء اللامي يكتب في رحيل هادي العلوي


عبدالرزاق دحنون
الحوار المتمدن - العدد: 6372 - 2019 / 10 / 7 - 11:21
المحور: سيرة ذاتية     

علاء اللامي مناضل وكاتب عراقي وأحد الأصدقاء المخلصين للمجاهد الكبير هادي العلوي البغدادي. وهذا ما كتبه:

مرت الذكرى الحادية والعشرين لرحيل الباحث والمعجمي والمناضل المشاعي العراقي هادي العلوي، وبهذه المناسبة، أقدم هذه المساهمة المتواضعة تحية لذكراه ولإنجازه الفكري والنضالي الكبير.


نادرا ما تتطابق حياة وأفكار مثقف ومفكر معاصر حدَّ التماهي، تماهي الذات والموضوع وصولا إلى تماهي الذات والمعنى. من قلب هذا التماهي النادر المفترض، يطلُّ علينا أبو الحسن هادي العلوي البغدادي بكل بهائه الإنساني وحزنه وشجاعته ورقته وأصالة منجزه الفكري. غير أنَّ هذا التطابق الذي لم يخفَ على كلِّ مَن عاشر أو تعرف على هادي عن كثب، لا يسهل على الباحث أو المقارِب لتراثه المكتوب تصنيفَهُ بحثيا. ولا يجيب إجابة قاطعة على ما يمكن أنْ يثار من أسئلة وتساؤلات في هذا المضمار ومنها: هل يمكن الركون إلى وضعه ضمن قائمة الباحثين أم المفكرين أم المثقفين أم المناضلين الاجتماعيين؟ وهل يمكن ان نصنف أبحاثه ومؤلفاته ضمن باب التاريخ أم السياسة أم اللغة أم المجتمع؟ هو ذاته – مع أنه أكثر زهدا مما يمكن أن يعتقد المرء بهذه التصنيفات ذات البعد الذاتي الذي طالما هرب منه هروبه من الطاعون- هو نفسه، لا يسهل علينا هذه المهمة. دون قصد منه طبعا، لا عبر سيرته الحياتية، ولا بما تركه من منجز مكتوب في مؤلفاته ورسائله. فهو – على سبيل المثال لا الحصر - وإنْ كان خصما عنيدا للأصوليين الدينيين فهو خصم لا يقل عنادا للعلمانيين المتغربنين.


بهذا الصدد يمكن أن نذكر بإجابته سؤال للصديق خالد سليمان في كتابه حوار الحاضر والمستقبل والذي نشر بعد وفاة هادي العلوي حيث قال:

في ما يخص العلمانيين، بجملة اعتراضية أقول لك: لا يمكنك إدراجي بينهم فأنا لست علمانيا ولا أصوليا. ولي منهجي الذي يبعدني عن الفريقين. كما بينتُ أني أفرِّق بين الدين والحضارة الإسلامية. و يسأله خالد في مطرح آخر من الكتاب: أفهم من هذا أنك لست علمانيا ولست أصوليا؟ فماذا أنت؟ فيجيبه هادي: هذا هو ما أعلنُهُ عن نفسي فعلا وما قصدته بهذه المعادلة الصعبة الحرجة هو الخروج على الثوابت والتحرك في فضاء أوسع. ولي أسوة في ذلك بشيخنا الأكبر -يقصد كارل ماركس- الذي صرح يوما بأنه ليس ماركسيا لأنه في الحقيقة أكبر من النظرية.


يقول المناضل علاء اللامي:
إن العلوي وإنْ كان شيوعيا "مشاعيا" صارما في الدفاع عما يسميه "مشاعية القواعد" كحركة اجتماعية غير سياسية ومُبَشِّرا بالمنظومة الآيديولوجية التي يدعو إليها وساهم بتأصيلها وتأثيل أقانيمها الثلاث" ماركسية الرواد والصوفية الإسلامية القطبانية والحكمة الصينية متجوهرة في التاوية" فهو أيضا خصم لا يلين للشيوعية التقليدية التي يسميها "الشيوعية المترجمة عن الغرب" والتي يصفها بأنها شيوعية لا قلب لها. إنه باختصار يلخص بسلوكه المتناقض هذا، ما كان المفكر الشيوعي الهنغاري المتميز جورج لوكاش قد قاله ذات يوم مخاطبا رفاقه (فضيحة حياتي هي أنني معكم وضدكم في الوقت نفسه).


ومع أن العلوي يَنْشَدُّ إلى ماركس وجيل الرواد الماركسيين الأوائل لكنه -حتى بالمعنى الذي أحاله إلى شيخه الأكبر- لم يكن ماركسيا تقليديا، أو منسجما أيديولوجيا، ولذلك عدة أسباب منها أنه يخلع مشروعه من ربقة الآيديولوجيا تماما، ويعطي الأولوية للانحدار الطبقي والممارسة العملية - شيء قد يذكرنا بما كان غرامشي يسميه في دفاتر السجن فلسفة البراكسيس- إضافة إلى المواصفات العاطفية والروحية والحالة النفسية والمعنوية للشخص بما يجعله أقرب إلى القلبية الإنسانية أو أبعد، ولا يعطي الأولوية للولاء الطبقي الفكري أو السياسي الحزبي مع أنه، كما قلنا يرفض الشيوعية السياسية البحتة والتقليدية، ويستعيض عنها بما يسميه: الموقف الجذري الوطني المعادي للغرب الاستعماري.


ليس في الشيوعية التي يدعو إليها العلوي سياسة بالمعنى السائد لكلمة سياسة، بل أنَّ فيها، أو لنقل إنها برمتها عملية بناء اجتماعي اقتصادي تراكمي يلغي الفوارق الطبقية مباشرة وعمليا، ويعيد الحقوق المسلوبة لأصحابها الفقراء والمنتجين المحرومين من ثمار إنتاجهم، مع مواصلة العمل لتجسيد المساواة الطبقية سلميا إن أمكن ذلك. وقد وضع تصوراته العملية و العاجلة لهذا البرنامج في ما يخص العراق ضمن ما أسماه "برنامج الحركة المشاعية العراقية في نهاية كتابه ( مدارات صوفية: تراث الثورة المشاعية في الشرق) وثانيا لأنه أخذ ينحاز -خصوصا في كتاباته المتأخرة- إلى نوع من اليسار الخاص والمتمايز عن الشيوعية التقليدية أو المترجمة والأحادية المصدر كما يسميها، وكان قد كرر أنه يفضل استعمال كلمة مشاعية ومرادفاتها بدلا من الشيوعية ومرادفاتها لأن هذه الأخيرة - في اعتقاده - أصبحت مبتذلة في نظر من لهم مصلحة فيها- الفقراء والمنتجين المحرومين - قبل غيرهم. وقد وردت شذرة مكتوبة تشير إلى هذا المفهوم لليسار الجديد في معرض كلامه عن الأصولية الدينية حيث قال: جماهيرنا لا تتحرك بالدين المجرد. وهذه حقائق ميدانية عشناها ونعيشها. وجماهيرنا لا تتحرك بالفكر المترجَم الذي يُطرح عليها بالتعارض مع وعيها التأريخي[1] المتبلور. يمكن لليسار أن يعود إلى الساحة ويسحب البساط من تحت الأصولية إذا استلهم تجربة الشيوعيين الصينيين واستفاد من طروحات غرامشي -استيحاءً لا استنساخا- ويعني ذلك إنشاء شيوعية محلية تبدأ من التراث المشاعي والتقاليد المشاعية الشاخصة وتدمجها في الماركسية بعد نزع القداسة عن الطرفين بحيث يكون اليساري حرا في التعامل مع تراثه وماركسيته في آن واحد. أتذكر تلك المغامرة النبيلة التي قام بها رفيقي خالد احمد زكي لقد جاء من لندن بعد أن عمل في معية الفيلسوف برتراند راسل وانتقل فجأة إلى الأهوار فلم يفهم الفلاحون منه شيئا ولم يفهم هو من الفلاحين شيئا وبقي سنتين لم يزد أتباعه فيهما على الثمانية وهذه هي مأساة نضالنا المترجم.


ربما يتحفظ البعض، بداعي التساؤل النظري أكثر مما بداعٍ ذاتي آخر، على إطلاق صفة المفكر على العلوي، خصوصا وأن هذه الكلمة ابتذلت كثيرا فصار يَدَّعِيها حتى دكتاتور جاهل ومتحذلق كالعقيد القذافي، ولكن التحفظ له ما يبرره لناحية النظرة التصنيفية العلمية الببيليوغرافية والبيو غرافية[2] معا.

الواقع صفة المفكر لا يمكن أن تطلق على أي مثقف أو كاتب ألَّفَ كتابا أو عدة كتب في مجال عملي ما، وربما كانت صفة الباحث أكثر انطباقا عليه في هذه الحالة. فإذا قَصَرْناها على المثقف الذي أنتج نظريات متكاملة في ميدان من ميادين العلوم الإنسانية أو التجريبية البحتة، فالعلوي لم ينتج شيئا من هذا القبيل -ربما باستثناء دراسته المعمقة والأكاديمية عن الحركة الجوهرية لدى الفيلسوف الشيرازي- لدرجة أن تسجل تلك النظريات باسمه. وعموما، فقليلون هم أولئك المفكرون الذين ينطبق عليهم هذا الشرط. ولكنَّ صاحبنا من الناحية الواقعية باحث في التاريخ والتراث والفلسفة ومؤرخ محترف كما وصف نفسه ذات مرة في معرض تفريقه بين الانضباط العلمي والدقة العلمية وسنأتي على ذكر هذا التفريق في قادم الصفحات. ويمكن أن نقرر أن أهم كتبه في ميدان التأرخة البحتة هو كتاب (فصول من تاريخ الإسلام السياسي) ويقع في 480 صفحة من القطع الكبير ويتضمن بعضا من كتب سابقة راجعها ونشرها مجددا. وهذا هو كتابه الرئيس في ميدان التاريخ البحت، وبعده يأتي كتاب (محطات في التاريخ والتراث) وكتاب (شخصيات غير قلقة في الإسلام) وأخيرا كتاب (من قاموس التراث) .


أما في ميدان الفلسفة، فله كتاب لا يقل أهمية عن كتب التاريخ إنْ لم يكن قد فاقها مع انه من بواكير أعماله ويحمل عنوان ذكرناه قبل هنيهة وهو (نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي) صدر في بغداد عام 1971. ويمكن أيضا احتساب الدراستين المهمتين اللتين كتبهما حول الفلسفة الصينية كمقدمة لترجمته -وهي الوحيدة في لغة الضاد على حد علمنا، اعتمد فيها على معرفته الطيبة باللغة الصينية وعلى ترجمة جيافو فنغ الشهيرة إلى الإنكليزية- لكتاب التاو الأول أي كتاب تاوتي تشينغ (لاوتسه) أما لترجمة كتاب (التاو) الثاني أي تشوانغ تسه فقد اعتمد العلوي ترجمة العلامة الصيني فونغ يولان[3] إلى الانكليزية أيضا. وضمن هذا الغرار، ويمكن اعتبار هاتين الدراستين لضخامتهما ودقتهما الأكاديمية كتابا مستقلا، فالدراسة الأولى وعنوانها: مدخل إلى التاوية والثانية وعنوانها: التاو في المجتمع. إضافة إلى المقدمات الخاصة والشروح الوفيرة لغوامض النص التاوي، وكل ذلك يقارب ثلث صفحات الكتاب تقريبا. أما في ميدان الدراسات والكتابات السياسية والاجتماعية والتراثية فكتبه بلغت 18 كتابا إضافة إلى مئات المقالات المبعثرة في الصحافة العربية والعراقية.

من جهة أخرى، وبطرح فوبيا التناقض[4] جانبا، يمكننا – تصنيفيا- احتسابه مفكرا ومؤسسا لحركة اجتماعية، إذا ركزنا على المفاهيم والآراء الجديدة التي جاء بها كمفهومه لمشاعية القواعد أو الشيوعية الاجتماعية "غير السياسية" القائمة على الثالوث الذي تقدم ذكره، وكما نظر لها في كتابه الشهير (مدارات صوفية) والذي تضمن برنامج حركته الجديدة الاجتماعي ونظامها الداخلي و قد نُشر في خضم إطلاقه وتأسيسه للحركة التي تحمل الاسم ذاته "الحركة المشاعية العراقية " ولكن رحيله المفاجئ حكم على هذه المحاولة شبه الفردية ككل بالانتهاء.


يضاف إلى ما سبق، أن العلوي لغوي ومعجمي ذو مشروع مهم. ألَّفَ سلسلة من القواميس تحت اسم "المعجم العربي المعاصر" ولم يمهله الأجل إتمامه، فاكتفت منه المكتبة العربية بثلاثة قواميس من سبعة كان يشتغل عليها في وقت واحد. وكان قد قدم لهذا المشروع بعدد من الأبحاث المنشورة. وحتى في هذا المضمار كان مُنْتَجُ العلوي جديدا ورياديا، فلأول مرة يدمج ويوائم لغوي عربي معاصر في مشروعه المعجمي بين العربية الفصحى واللهجات العربية المعاصرة ضمن ما أطلق عليه: تفصيح العامي و تبسيط الفصيح، بهدف ردم الهوة بين اللغة العربية المنطوقة اللهجات والمكتوبة الفصحى. قد يبدو البحث في ما إذا كان يصح وصف العلوي بالمفكر أم لا، شأناً لا يخلو من البطر أو الهامشية في نظر البعض ومنهم -كما رجحنا في مبتدأ كلامنا- العلوي ذاته. ولكنني أرى في هذا الشأن، أهمية لا تخفى، لتأكيد شيء قريب منه وليس هو ذاته، وهو: إن العلوي ربما يكون قد أوجد بديلا اصطلاحيا ومضمونيا لمفردة مفكر السائدة ألا وهو المثقف الكوني. ومثلما كان العلوي صاحب و مؤثل ومطلق مفهوم ومصطلح المثقف الكوني فهو أيضا، كما سنحاول أن نؤكد تحليليا، أول من ينطبق عليه هذا المصطلح والصفة التصنيفية.


إن العلوي من حيث أصالة وجِدة انجازاته الفكرية، ومن حيث سجاياه الممارساتية الحياتية، أكبر بما لا يقاس من بعض مَن يصح أن تطلق عليهم صفة مفكر، مع أن هذا البعض قد لا يستأهل إلا بالكاد صفة الباحث العادي. غير أن هذا القول يبقى في إطار العصبية الذاتية والانحياز المسبق إنْ ظل في حدود الوصف العام، ولم ينتقل إلى استعمال المنهجيات التحليلية التي تستهدف بالحساب والتفكيك العميق والدقيق كل ما قدم من أفكار وتجارب فكرية وحياتية متميزة و تلك مهمة كبرى موضوعا و وسائلَ ليس لنا إلا أن نقاربها مقاربة خاصة ومتواضعة تسمح بها المناسبة والإمكانيات.


وإذا كان المستشرق والمستعرب الفرنسي ومترجم القرآن إلى الفرنسية "جاك بيرك" قد وصف هادي العلوي بأنه واحد من أهم عشرة مفكرين في القرن العشرين، كما وثق ذلك عدد ممن رثوه بعد وفاته أو حاوروه في حياته، ومنهم مثلا نجلاء بكري في حوار خاص معه نشر بعد وفاته" الخليج الثقافي عدد 7113/ 1998، فهو لا شك كذلك بالمعنى العام والسائد للكلمة، مع إنني لا أميل إلى هذا النوع من التقييمات المبتسرة والتي تختزل الشخصيات بمأثور الأقوال ومنها مقولة بيرك ذاته وتحجبها عن الناظر والباحث أكثر مما تكشف عنها كما هي في حقيقتها الفعلية والتاريخية. ومع كل ذلك، فليكن ما تقدم من نقاش بابا لاستيضاح مفهوم مهم من المفاهيم الثقافية التي اشتغل عليها العلوي ألا وهو مفهوم ومصطلح المثقف الكوني.. وسنجعل الفصل التالي من الكتاب ميدانا لمناقشته وتحليله ضمن مجموعة أو شبكة من المفاهيم والمصطلحات المتفرعة منه أو المشتبكة أو المتقاطعة معه.


[1] - يفرق العلوي بين " التأريخي " المحيل إلى التأرخة البحتة بما هي تسجيل أحداث التاريخ بحياد ودون تدخل، وبين " التاريخي" ذي الدلالات المختلفة ومنها ما يتمازج مع توصيفات من قبيل البطولي والاستثنائي والنادر في التاريخ.. للتوضيح، إن قولنا "جلكامش" ليس ملكا تأريخيا ولكنه بطل تاريخي يعني أن جلكامش ليس شخصية حقيقية وجدت في التاريخ كملك موثق السيرة، ولكنه بطل تاريخي من حيث المأثرة التي اجترحها ببحثه ومغامراته عن سر الخلود في الأسطورة الرافدينية المعروفة باسمه.


[2] - ببليوغرافيا كلمة مركبـة من كلمتين الأولى: ببليون Biblion ومعناها كتيب صغير. والثانية: غرافيا Graphia ومن معانيها النسخ والكتابة والوصف. فيكون معناها الحرفي استنساخ الكتب أو كتابة الكتب ومعناها الآخر هو فهرست كتب المؤلف المعني أو مجموعة مؤلفين معينين. أما البيوغرافيا فهي أيضا كلمة يونانية الأصل وتتكون من مقطعين بيو bio ومعناها حياة وجرافيا Ghraphia تعني وصف، فهي إذن وصف حياة ومعناها السائد اصطلاحيا هو السيرة الذاتية لشخص ما.


[3] - للعلوي ذكريات مؤثرة عن الفيلسوف والمؤرخ والمترجم الصيني الكبير فونغ يولانغ المولود في 1895. و مع أن يولان لم ينزج في النشاط السياسي ولكنه، كما يقول العلوي: واجه محنة قاسية على يد الغوغاء أيام الثورة الثقافية. وقد اتهمه صبيان الحرس الأحمر بأنه رجعي ويميني وأخرجوه إلى ساحة جامعة بيجينغ لإرغامه على الإقرار علنا بهذه التهمة مع الركوع ثلاث مرات أمام جمهور الطلبة والأساتذة كان يكرر في كل واحدة منها " أنا رجعي . وفي الحملة الغوغائية على كونفشيوس عام 1973 أرغم فونغ يولان على إصدار بيان يهاجم كونفشيوس بلغة مبتذلة على النقيض من منهجه الصارم في تناوله لتاريخ الفلسفة الصينية. ويضيف العلوي: التقيت فونغ يولان أواخر 1982 في منزله البسيط بجامعة بيجنغ وأجريت معه حوارا كنت مضطرا إلى اجتزائه بسبب ضغط الشيخوخة عليه. ونشرت الحوار أوائل 1983 في بيروت . وقد توفى يولان وأنا خارج الصين فحرمت من شرف المشاركة في تأبينه، من المحزن أن يأتي تكريم فونغ يولان وإعادة الاعتبار لأعماله العلمية القيمة على يد ثورة الردة التي ألغت النظام الاشتراكي وفرطت بالكرامة الوطنية للصين وهذه واحدة من المفارقات الموجعة التي يسببها الصبيان لذويهم في المنعطفات التاريخية الحرجة.


[4] - يخشى بعض الكتبة والباحثين التقليديين التناقض، ويعتبرونه سُبَّة ونقيصة بحثية وشخصية في الحياة العامة، وليس منبعا للإبداع الفكري والأدبي كما هو في واقع الحال، أعني في الحياة الطبيعية، وعليه بصيغته المعروفة " وحدة الأضداد" ترتكز الرؤية الديالكتيكية بوصفه أحد ركائزها التأسيسية منذ هيغل، مثلما ترتكز عليه الفلسفة التاوية قبل تحولها إلى دين أو ما يشبه الدين .