الثورة بالغرب الإفريقي من خلال تجربة الشهيد إبراهيم صيكا - 6


الأماميون الثوريون
2019 / 10 / 6 - 16:00     

لقد أصبحت قضية الصحراء الغربية متداولة في المحافل الدولية بقوة مما أجج الصراع المتواصل بين النظام الملكي الدموي، الذي يرى فيها شماعة يعلق عليها جميع تناقضاته الداخلية والخارجية من أجل عرقلة الحركة الثورية المغربية، والجبهة التي حققت مكاسب سياسية واقتصادية منذ نونبر 1984، لما انسحب النظام بالمغرب من منظمة الوحدة الإفريقية وترسيم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في الاتحاد الإفريقي في يوليوز 2002 باعتبارها أحد المؤسسين للاتحاد، مما أعطى للجبهة قوة سياسية جديدة، بعد فشل الأمم المتحدة منذ اتفاق 1991 من إنجاز مهامها ـ الاستفتاء على تقرير مصير الشعب الصحراوي، وتوقيف المفاوضات حوله.

وأصبحت قضية الصحراء الغربية ذات بعد دولي جديد خاصة بعد انتقال الحركة الثورية من الغرب الإفريقي إلى الشرق الإفريقي في 2011 وإجهاضها من طرف التحالف الإمبريالي ـ الصهيوني ـ الرجعي العربي، بعد إشعال الحروب بالخليج العربي وشمال إفريقيا استمرارا للحرب الأمريكية ـ البريطانية على الشعب العراقي في 1991 وامتداداتها بعد احتلال العراق في مارس 2003، وبروز ملامح المشروع الجديد للحروب اللصوصية بالغرب الإفريقي بعد تحويل المشروع الاستعماري العسكري الأمريكي أفريكوم من طنطان إلى النيجر بحكم موقعه في الحروب الإمبريالية المستقبلية بالساحل الإفريقي، الشيء الذي أجل التسوية السياسية بالصحراء الغربية وفتح الغرب الإفريقي على أبواب المشروع للحروب الإمبريالية بإفريقيا انطلاقا من الخليج العربي عبر دول الساحل الإفريقي الغني بالطاقة والمعادن الثمينة من الشرق إلى الغرب.

لم تكن الحرب بالصحراء الغربية منفصلة عن الأساس الاقتصادي للسياسة الاستعمارية الإمبريالية بالغرب الإفريقي خاصة وأن المنطقة غنية بالطاقة والمعادن الثمينة التي ترى فيها الإمبريالية خاصة الفرنسية كنزا يجب السيطرة عليه، وترى في النظام الملكي الدموي أداة لحروبها بالغرب الإفريقي : الحرب الفرنسية بمالي، فكان لابد من دعم هذا النظام التبعي اقتصادية خاصة وأن البعد الاقتصادي الذي اتخذه في المرحلة الجديدة للملكية التي اتجهت إلى الاستثمار في الشعب المغربي وخيرات بلادة، بعد توقيع اتفاقيات التجارة الحرة ومناطق التبادل الحر وفتح المغرب على السمسرة التجارية العالمية عبر عرض البلاد للبيع : الأرض، البحر، المعادن الثمينة، من أجل تنمية الرأسمال التجاري للملك وإدماجه في الرأسمال الإمبريالية عبر الهولدنغ الملكي الذي يقدر رأسماله ب6 مليارات من الدولار التي تستثمر في الطاقة والمعادن، المجموعة البنكية التابعة له، الأملاك العقارية الفلاحية وغيرها، وتشكيل البرجوازية التجارية والملاكين العقاريين الكبار الذين يملكون رساميل أقل تدعم الهولدينغ الملكي وعلى رأسهم وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، وتشكل التحالف الطبقي الحاكم والمتحكم في الرأسمال المالي عبر التجارة في خيرات البلادة والسوق التجارية الداخلية.

وكان لسيطرة الرأسمال المالي الإمبريالية على الرأسمال التجاري بالمغرب عبر السيطرة الفرنسية التي تربطه بها اتفاقيات استعمارية على شكل ضرائب/جزية على الشعب المغربي يؤديها من صلب الأساس الاقتصادي الوطني : التحكم في صادرات المعادن : الفوسفاط، الذهب، الفضة، الكوبالط، المنغنيز وغيرها، التحكم في صادرات الصيد البحري، التحكم في صادرات الإنتاج الفلاحي : الحوامض، البواكير، الكروم، القنب الهندي وغيرها، مما حول بلاد المغرب إلى مقاطعة استعمارية للإمبريالية الفرنسية التي تتحكم في اقتصاده عبر البنك المركزي الفرنسي والشركات الإمبريالية الفرنسية التي فتحت هامشا من الاستثمار بإفريقيا للبرجوازية التجارية الحاكم بالمغرب جزاء لخدماتها العسكرية بإفريقيا : الحرب بالكونكو ومالي، لكن سرعان ما اصطدمت بقرارات الاتحاد الإفريقي في ظل موازين قوى اقتصادية جديدة تشكلت بالقارة بعد تجربة التبادل التجاري الإفريقي مع الصين واليابان، مما حول الاتحاد الإفريقي إلى قوة سياسية ضاغطة أمام المستثمرين الرأسماليين الذين يلزمهم الاتحاد بتوقيع الاتفاقيات التجارية تحت إشرافه.

وفي عز الحراك الشعبي بالحسيمة في 2016/2017، الذي اندلعت احتجاجاته بعد طحن التاجر الصغير الشهيد محسن فكري في الشارع العام، وما يسمى البلوكاج الحكومي، اصطدمت البرجوازية التجارية المغربية في رحلتها الاستثمارية بإفريقيا بالشروط الاستثمارية الجديدة للاتحاد الإفريقي، فقامت بانعقاد أول اجتماع للبرلمان الجديد وتشكيل مكتبه المسير في ظل ما يسمى حكومة تسيير الأعمال من أجل مناقشة نقطة واحدة : المصادقة على القانون الأساسي للاتحاد الإفريقي، من أجل الالتحاق بهده المنظمة القارية الأساسية في تسوية وتدبير الشؤون الأفريقية السياسية والاقتصادية ومن بينها وضعية الصحراء الغربية، فأصبح المغرب عضوا بالاتحاد جنبا إلى جنب مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي يعترف بها الاتحاد عضوا مؤسسا له، إنه الأمر الواقع الذي تمليه المصلحة الاقتصادية للتحالف الطبقي الحاكم بالمغرب والمتحكم في السياسة والاقتصاد.

وبعد تنصيب حكومة العثماني في أبريل 2017 تم قمع الحراك الشعبي بالحسيمة : سقوط شهداء، اعتقالات في صفوف الشباب ومحاكماتهم، وتمت محاصرة المنطقة في شبه حالة استثناء نتجت عنها ظاهرة الهجرة السرية والمنفى هروبا من جحيم غليان بركان ثورة الريف الذي لطالما ينتفض من حين لآخر، وتم تركيز التناقضات الأساسية بين الريف الثوري والنظام الملكي الدموي الذي فشل في مشروعه التصالحي مع الريف، وحظر الرئيس الفرنسي في حينه إلى الرباط من أجل دعم القمع الدموي وتوقيف حراك الحسيمة ومن خلاله دعم البرجوازية التجارية الحاكمة ودعم المشروع الاستعماري الفرنسي بالمغرب، فصدرت أحكام قاسية تذكرنا بأحكام الستينات والسبعينان من القرن 20 في حق اليسار الثوري والماركسيين اللينينين في استمرارية ملموسة للطبيعة الدموية للنظام الملكي بالمغرب.

وهكذا يعيد التاريخ نفسه بشكل مأساوي بين مغرب ثورة الريف وثورة الجنوب وتناقضاتهما مع النظام الملكي الدموي الذي يتحكم في الوضع السياسية بالحديد والنار وقوة الاستعمال الأيديولوجي للدين خاصة بعد انتفاضة 20 فبراير 2011، التي فسحت المجال للتيارات السياسية الأصولية للوصول إلى الحكومة وتركيزها سندا لتمرير السياسات الاقتصادية الطبقية الجديدة في ظل الاستراتيجية الامبريالية الجديدة التي ركزت التناقضات بين الاتجاهات السياسية الأصولية بالخليج العربي وشمال إفريقيا وامتداداتها بالغربي الإفريقي، مما أعطى الثورة بالغرب الإفريقي بعدا جديدا وأعطى للصراع بالصحراء الغربية أهمية قصوى في تحديد المسار الثوري بالغرب الإفريقي في علاقته بالحروب اللصوصية بالخليج الغربي وشمال إفريقيا عبر دول الساحل التي تعتبر فيها النيجر مركزا أساسيا للإمبريالية الأمريكية والفرنسية.