يا أمريكا أريد أن أكون ملكًا للأردن وفلسطين 6


أفنان القاسم
الحوار المتمدن - العدد: 6364 - 2019 / 9 / 29 - 13:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

إسرائيل بين الاحتيال والخداع

مباشرة بعد النكبة 48 تزعم أبي أمين القاسم حركة اللاجئين، أتذكّر الاجتماع الشعبي الذي انعقد في مدرستنا الخاصة في نابلس، والذي كلف فيه المجتمعون والدي بالعمل على العودة، بعضهم قال خلال عدة أشهر، ولكن أمام التأفف العام، "عدة أشهر كتير!"، اتفقوا على عدة أسابيع، أن يعودوا خلال عدة أسابيع، ولم يعودوا خلال سبعين سنة! ولنشاطه كممثل للاجئين، اعتقل النظام الأردني أبي في سجن نابلس، ثم نفاه إلى القدس مع إجراءات جائرة تلزمه بالذهاب إلى مركز الشرطة كل يوم، وتبيح للشرطة حرية اقتحام فندقه في الليل. في يوم الجمعة، وآلاف المصلين يغادرون المسجد الأقصى، خطرت على بال أبي فكرة قضت مضاجع إسرائيل، وذلك ترجيعًا لصوت العودة "عدة أشهر كتير!"، فكرة الزحف المقدس، أن نمشي كلنا رجالاً ونساءً وأطفالاً وليس هناك أيّ شيء آخر معنا غير إرادتنا على العودة إلى بيوتنا. وفي الحال، استصحبني إلى دور الصحافة التي كانت مراكزها القدس، صحيفة الدفاع، صحيفة فلسطين، صحيفة الصريح... بوصفه صحفيًا سابقًا في يافا كان يعرف رؤساء تحريرها الذين تركوا له حرية نشر كل ما يريد، وبالبنط العريض، فكانت الضجة الكبرى التي حاول راديو إسرائيل إخمادها بارتداء ثوب الحمل الوديع الذي لا يريد غير السلام، ويا أمين القاسم، ويا أمين القاسم (كتب أبي عن هذه الواقعة في مذكراته "الأيام الفلسطينية" المنشورة في الحوار المتمدن)، استعملوا كل طرق الاحتيال معه التي لم تنفع منها إلا واحدة عندما تدخل النظام الأردني، فألغى قرار نفي والدي ليس حبًا له، ليبعده عن عاصمة الإعلام، وليهدئ الناس بتلبية مطالبهم الحياتية في المخيمات التي كان أبي يطالب بها لهم. احتال الإسرائيليون عليه "احنا سِلْمْ تعال وخلينا نتفاهم"، وخدعوه بإجراءات النظام الأردني وفتاته، وهم يسيرون على نفس الطريقة حتى اليوم. لم يفوا بالتزاماتهم في أوسلو، ولن يفوا بالتزاماتهم في غير أوسلو، فالأستاذ نتنياهو رغم كل ما يفعل من إجرام في السلام، يردد ليل نهار السلام، حتى صار الاحتيال والخداع والكذب مأكله ومشربه ومخراه.



فلسطين بين الاحتيال والخداع

كشفت في كتابي "كيف تمت فبركة ياسر عرفات" عن أسرار هذا اليهودي المراكشي الذي زرعوه هو وأسرته منذ كان طفلاً ليمرروا على ظهره كل ما عانته القضية الفلسطينية من مآسٍ منذ العام 1965 في مرحلة الثورة، المرحلة الثانية من عمرها بعد مرحلة النكبة التي كان يمثلها بابا، نعم إلى هذه الدرجة، فالاحتيال الإسرائيليون هم أربابه، وبالطبع بالنسبة لي ليس اليهودي الذي يهمني، فمن أصدقائي هناك اليهود، ومن تلاميذي، ومن جيراني، ما يهمني البرنامج الجهنمي الذي تم تنفيذه عبر هذا الشخص الذي خدعني وخدع الفلسطينيين وخدع العالم، أقول خدعني رغم أنني لم ألتق به سوى مرة واحدة في فندق كْرِيُّون عندما زار باريس لأول مرة، فكتبت عن تجربتي في تونس رواية السقوط الفلسطيني الموجودة في هذا الموقع "أربعون يومًا بانتظار الرئيس". المرحلة الثالثة مرحلة الثورة المضادة، يمثلها الأستاذ عباس، العميل الإسرائيلي الذي وقع اتفاقيات أوسلو، والذي قتل ياسر عرفات، "اللي أخد محلُّه قَتَلُه"، وبين الحدثين عاد هو وكل الذين كانوا في تونس "المقاومون" "الثوار" "الأبطال" إلى رام الله دون أن تمس إسرائيل شعرة واحدة من شعر رؤوسهم، فهم إما عملاء بقوة الطبيعة، وإما عملاء بقوة الأشياء.



الأردن بين الاحتيال والخداع

الاحتيال والخداع عند الهاشميين أبناء الجبن والخذلان عملة رائجة، الأستاذ عبد الله الأول جد الأستاذ عبد الله الثاني ويا حيا الله! هادوا مصدقين حالهم ملوك ومملكة يقولون أول وتاني وستوب يقفون لا يخجلون من أنفسهم وفي فرنسا هناك نابليون الثالث وهنري العاشر ولويس الثامن عشر! عندما جاء الأستاذ عبد الله الأول حافيًا من الحجاز إلى معان، احتال على مضيفيه، وخدعهم، فطردهم، وأخذ بيتهم، وبعد ذلك في السياسة احتال على العرب بتنصيبه أميرًا للأردن، وعلى الفلسطينيين بتنصيبه ملكًا للأردن وفلسطين، خدع العرب والفلسطينيين بالتفاهم مع "اليهود"، فلم تكن هناك إسرائيل، وكانت جولدا مائير تقوم وتقعد في قصره قصر رغدان يقولون العامر الله لا يعمره! حَذَّرَتْهُ من القتل بعد أن حصل على حصته من فلسطين، وبالفعل قتله المدعو "عشو" في المسجد الأقصى، أنا حتى اليوم في أذني أصداء طلقات الرصاص من الراديو، "عشو" قُتِلَ على التو، فأغلقت جولدا مائير الملف الذي فتحته. هذه الصفحة القذرة من التاريخ الهاشمي صفحة من مجلد بآلاف الصفحات... عندما قطعت الأمل في الأستاذ عرفات، في كتابي "أربعون يومًا بانتظار الرئيس" أشرح لماذا، قررت الاتصال بالأستاذ حسين، وفي رأسي تشكيل حكومة ائتلاف بعد فك الارتباط مع الضفة الغربية، تعمل على إعادة الارتباط بين الضفتين، فتلقف الملك اقتراحي، وطلب أن نلتقي في عمان. كتبت عن "المهمة التاريخية" للملك حسين عدة مقالات نشرتها البيادر السياسي التي كانت تصدر في القدس، وعندما ذهبت إلى عمان لم يستقبلني الأستاذ حسين، بينما أرسل أخوه الأستاذ حسن من يقول لي إنه يرغب في رؤيتي. عندما عرف هذا المستشار الصحفي أنني في عمان بطلب من "جلالته"، راح، ولم يعد ثانية، فاستنتجت أن حسين أعلم أخاه بالتروي، فالأمور كانت تدور كالتالي: مثلما كان عرفات يفاوض في أوسلو كان حسين يفاوض في تل أبيب، وكل ما أثرته عن "دوره التاريخي" في إعادة الارتباط لم يكن سوى ورقة ضغط على الإسرائيليين، عندما تم له ما أراد اتصل بي هاتفيًا في اليوم نفسه الذي كان يوقع فيه مع رابين وبيريس ليعتذر ويَعِد، لكني غادرت عمان. قلت لكم الخداع تعريفُهُ في القاموس هاشمي والتحايل هاشمي، كتبت حول الموضوع بعض الفصول من روايتي "أبو بكر الآشي" المنشورة في الحوار المتمدن.



أمريكا بين التحايل والخداع

الانحياز الأمريكي للربيبة ربه التحايل والخداع، قضم الأرض، تقطيعها، تبادلها، خربشتها، تصفية الحقوق، دعس الهوية، قمع الإنسان، قهره، خردقته، تخزيقه، الدين، التخلف، التغوط، الاحتقار، الاستصغار، الاستحمار، القفز على ظهور العملاء، الركض في دشادش الأمراء، اللهاث من حناجر المجرمين، آخر إجرامٍ بعلم الأمريكيين ذهب ضحيته خاشقجي رمز السعودية ليبتزوا ابن سلمان كما لم يبتزوا أحدًا في التاريخ، الأمر الواقع، الأمر، فقط الأمر بكل بساطة، الفهلوة السافلة على طريقة الأستاذ كوشنر، النازية الواطية على طريقة الأستاذ ليبرمان، الهمجية البائدة على طريقة "المنتصرين" في الانتخابات الأخيرة انتخابات التلفزيون والموساد. خطتك يا ترامب بالميتين صفحة أنا أرفضها قبل أن أقرأها، لأنها من أفكار مهلوسين ومفلسين، أفكار خسروا تاريخهم في كازينوهات قمار لاس فيجاس، وفقدوا عقولهم في مصحات مجانين نيويورك، وخردقوا إنسانيتهم في مصانع أسلحة شيكاجو. هل أنتم الأقوياء علينا وعلى الذي بين أفخاذكم أنتم الأضعف؟ نحن أقوى الأقوياء في العالم ما دمتم حائرين منذ العام 48 وحتى اليوم بنا! الحل سيكون حلي بمشيئة الأشياء وإلا لن يكون هناك أي حل، وإسرائيل خزقكم سيكون السلام عليها عاجلاً بمشيئة الأشياء، فلا تتباهوا بعجرفتكم يا طواويس الهمبرجر، ولا تتعالوا بعملائكم يا اللي من بره طلاء ومن جوه خراء، أنتم تحفرون بتكنولوجياكم الحفر التي ستقعون فيها، ببصركم الحسير وبغبائكم الرأسمالي ستقضون على أنفسكم، مديونيتكم ستقضي عليكم، وعسكريتكم ستقضي عليكم، وعولمتكم ستقضي عليكم، هناك خزوق في أدمغتكم يجب سدها بالبصاق.