هل الإسلام ضد الغرب؟


عبدالرزاق دحنون
الحوار المتمدن - العدد: 6363 - 2019 / 9 / 28 - 14:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

قرأتُ هذا السؤال في أحد مقالات مجلة "الكتب وجهات نظر" التي كانت تصدر شهرية في القاهرة ثمَّ توقفت عن الصدور. وكان الجواب بأن السؤال في حد ذاته لا معنى له في المطلق، لأنه يشير إلى وضع الدين الإسلامي في مقابل مكان جغرافي. غير أنه من خلال التعمق ومحاولة فهم محتوى هذا السؤال والنظر إلى تفسيراته الجزئية نجد أن هذا الموضوع يتعلق بقضية "الفصل" بين الدين والدولة، أي قضية العلمانية. وهو الأمر الذي يشير إلى ضرورة التنبيه إلى وجود اختلاف جوهري يحتاج للفهم ويتعلق بأن الإسلام يفتقد بوضوح "الفصل" بين الحياة الدينية والحياة المدنية. فحتى رئيس الدولة في المجتمعات الإسلامية لم يستطع التخلص من هذا التأثير فتراه يمعن في التزلف إلى رعاياه بحضور مناسباتهم الدينية، كما يفعل تماماً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية حيث يتلطف معها لينال رضاها وبركاتها.

يعتبر الإسلام بالنسبة لغالبية المسلمين الأساس لحياة المسلم على مدار اليوم, مع العلم أن هناك ضرورة بالنسبة للجيل الحالي والأجيال القادمة بأن تعترف بأن الإسلام في البلدان الإسلامية هو المعيار الأساسي لهوية المرء الثقافية والسياسية والاجتماعية بغض النظر عن وجود درجة من التسامح والاتفاق مع القيم والأحكام غير الإسلامية ولذلك فإن الغرب سوف يفشل -أو قل فشل حقيقية- في فهم الطبيعة الحقيقية للإسلام وسوف يخلط بينه وبين الانحرافات الأصولية ومقاومة الشر بالشر. ومع ذلك يتابع الأمريكان والروس إعادة إنتاج الشر وزيادته، بحجة تدميره. وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تنوعات غريبة على غرار ما قاله صامويل فيليبس هنتنجتون في صراع الحضارات.

لمزيد من إيضاح الفكرة رأيت أن انقل لحضراتكم هذه الحكاية الحقيقية الظريفة التي تبين اختلاف الثقافات بين شعوب الأرض، أُقدمها هنا بتصرف، وكان قد رواها الأستاذ أنور ياسين في الصفحة الأخيرة من مجلة العربي في العدد427 تحت عنوان: عولمة الجلد بالخيزرانة.

مايكل فاي طالب أمريكي، ضبطته شرطة سنغافورة -وسنغافورة ليست دولة إسلامية- وهو يقوم بتخريب عدد من السيارات وسرقة أدوات من سواها, فحكمت عليه بغرامة مالية صغيرة, وأضافت إلى حُكمها ست جلدات بالخيزرانة على قفاه. وقامة قيامة أمريكا وفار التنور. مواطن أمريكي يُجلد على قفاه. يا غيرة الحضارة وحقوق الإنسان. كتب الرئيس الأمريكي مستنجداً بالرئيس السنغافوري.

ولكن المفاجأة - بعد شيوع الحادثة في وسائل الاعلام العالمية- جاءت من بلدة الطالب نفسه التي قالت أغلبيتها بصوت مرتفع "اجلدوه" وفي استفتاء نظمته صحيفة البلدة قالت أحدى السيدات : لو أن الجلد يُطبق هنا, فعندئذ كنا نضمن أن صوت الخيزرانة يجعل صوت الآباء مسموعاً لدى الأبناء.

قالت صحف اليمين المتطرف: كرامة الأمريكان في الميزان. أن يُجلد أمريكي في العالم الثالث فهذا الجلد جلداً لكل مواطن في أمريكا. ويُعلق أنور الياسين:

وبالطبع، ليس هناك أية شبهة حول أهمية "القفا الأمريكي" ولكن في هذا السياق يمكن لكثير ين من شعوب العالم الثالث الذين يجلدون على رؤوسهم ليل نهار, بل إن بعض حكوماتهم لا توفر حتى جلدة رؤوسهم, فتسلخها. يمكن لهؤلاء أن يطالبوا منظمات حقوق الإنسان أن تساوي بين رؤوسهم وبين ذلك القفا الأمريكي المحترم.

تعليق:

هل جُلد قفا الطالب؟ نعم، بكل تأكيد، جلد وبقوة، لأنه أمريكي, ولأن الجلاد موظف حكومي و ليس هاوياً، والحكومة السنغافورية تدفع له ثلاثة دولارات عن كل جلدة. وهو لا يُميز -أي الجلاد- بين أقفية البشر , فتحت الخيزرانة كلهم سواء.