الإسلاميون ورثة البعثيين ... التربية والتعليم مثالاً القسم الثاني


صادق إطيمش
الحوار المتمدن - العدد: 6363 - 2019 / 9 / 28 - 00:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

الإسلاميون ورثة البعثيين ... التربية والتعليم مثالاً
القسم الثاني
تطرقنا في القسم الأول من هذا الموضوع الى إبتذال التعليم وكل ما يتعلق به في البحث العلمي والدراسة في مراحلها المختلفة بحيث اصبح مستوى المعاهد العلمية العراقية صفراً بين المستويات العالمية.
حينما استثمرت البعثفاشية المقيتة المنابر العلمية والمؤسسات البحثية والتدريسية لمهامها الحزبية وافرادها العاملين رغم ابتعادهم عن العملية العلمية ومتطلباتها ، فإن احزاب الإسلام السياسي الحاكمة في العراق اضافت وجهاً جديداً لإبتذال العلم والبحث العلمي والشهادات العلمية في وطننا العراق.
لقد وظفت عصابات هذه الاحزاب عامل الدين هنا كعامل اضافي لإبتذال العلم من قِبَل الأغبياء الجهلة بكل ما تتطلبه المقومات العلمية من رصانة وحصافة ومعرفة. وشاركتها في هذا النهج الذي تبلور عن المحاصصات السياسية المقيتة الأحزاب الأخرى التي اوغلت في هذا التوجه سواءً من الأحزاب الدينية الأخرى او الأحزاب التي انتهجت طريق القومية الشوفينية والتعصب العشائري الأهوج.
لم تكتف عصابات هذه الأحزاب باستمرارها بانتهاك العلم عبر توظيف الدين بكل ما اوتيت به من اساليب التزييف والتأويل والتجهيل واستغباء الناس ، بل انها اضافت عاملاً آخراً عمق من سقوط العملية العلمية في وطننا حينما جرى استغلال المعاهد العلمية للتجارة وغسيل الأموال من خلال ما اسسته الأحزاب الحاكمة ورجالها المتنفذون مما يسمى بالجامعات والكليات والمعاهد الأهلية.
لا اريد ان ان استند الى دعايات من هنا وهناك لإثبات هذا النهج التجاري الإستغلالي للعلم ومؤسساته، بل انقل هنا تقريراً رسمياً بثته على العلن والهواء الطلق المحطة الفضائية NRT عربي، ويمكن التأكد منه عبر الإنترنت ، حيث جاء فيه:
" تضع اليد السياسية على مقدرات البلد وكل شيئ يدُّر لأحزابها المال حتى باتت تلك الأيادي السياسية متوغلة في ملف التعليم في العراق من خلال هيمنتها على عقارات الدولة او المساحات الخضراء وتحويلها الى مشاريع استثمارية تطلق عليها الجامعات الأهلية حيث طفت على سطحها منافع مادية على حساب الغايات التعليمية يعود معظمها الى احزاب سياسية ودينية ومن بينها :
• جامعة التراث التي يمتلكها عضو حزب الدعوة علي العكيدي
• كلية العلوم الإقتصادية التابعة لأحد رجالات عصائب اهل الحق
• كلية الآمال لرئيس المجلس الأعلى همام حمودي
• كلية الشرق الأوسط التي يمتلكها طلال الزوبعي
• كلية النسور التابعة لكل من عبد جواد والنائب عمار الشبلي
• كلية الهادي للقيادي في بدر ابو مريم الأنصاري
• كلية الإسراء التي يمتلكها عبد الرزاق الماجدي
• كلية الرشيد التابعة لطالب فرحان الربيعي
• كلية الرافدين التي يمتلكها جعفر الجميلي الذي ينتمي للعصائب

إن هيمنة الجامعات الأهلية على الحكومية قد ضيقت الخناق على مصير الطلبة في حقهم من التعين بعد ان فضل القرار السياسي شمول طلبة الكليات الأهلية من اقسام الهندسة التقنية الطبية حصراً بالتعين وحرمان المتفوقين من الكليات الحكومية الذين باتوا يفترشون الطرقات خلال التظاهرات . وبما ان الغاية الربحية هي السامية في العراق فقد دخلت على الأوقاف الدينية بافتتاح جامعات كبرى ولجميع الأقسام:
• جامعة الإمام جعفر الصادق والإمام الكاظم تابعتان الى الوقف الشيعي التي يمتلكهما محمد الشامي
• جامعة الإمام الأعظم للوقف السني التي يمتلكها صديق الجميلي
وغيرها من جامعات تابعة لرجال الدين
• كلية صدر العراق لرجل الدين اسماعيل الصدر
• مدينة العلم لرجل الدين جواد الخالصي
• معهد المعلمين لأولاد السيد محمد بحر العلوم
• جامعة السلام لغاندي الكزنزاني
• كلية المزايا لأبناء محمد باقر الناصري

وللأحزاب الكوردية حصة ايضاً
• الجامعة الأمريكية في السليمانية التي يمتلكها برهم صالح
• الجامعة الأمريكية في دهوك يمتلكها مسرور البرزاني
• جامعة كوردستان في اربيل يمتلكها نيجرفان برزاني

ومن المفارقات العجيبة ان عدد الجامعات الحكومية في العراق لم يتجاوز 35 جامعة بينما تعدت الجامعات والكليات الأهلية 45 موقعاً تتبع ملكية اغلبها لأحزاب سياسية . ويقول مراقبون ان معظم تلك الجامعات الأهلية جاءت كبوابة لغسيل الأموال وتدر منافع مادية على واردات تلك الأحزاب ، فضلاً عن مخالفات قانونية لبعضها في الإستيلاء على الأراضي التي أُنشئت عليها تلك الجامعات "
لقد قيل سابقاً :
لا يمكن للمرء أن يحصل على المعرفة إلا بعد أن يتعلم كيف يفكر

فمتى سنفكر بمستقبل وطننا الذي يُهان فيه العلم وينشر تجار الدين فيه الغباء والجهل يحثون الخطى والتسابق فيما بينهم في مباراة اللصوصية التي اصبحت اكسير حياتهم والسبيل الى تجويع الشعب ؟ الى متى ؟

الدكتور صادق إطيمش