محمّد السنيد يربطُ حذاءه ليواصل المشي..


سعود قبيلات
الحوار المتمدن - العدد: 6334 - 2019 / 8 / 28 - 11:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     





ها هو محمّد السنيد ينتقل، مجدَّداً، من السجن الكبير إلى السجن الصغير. الذريعة التي اُستُخدِمَتْ لنقله هذه المرّة هي تأشيرُه على بعض رموز الفساد والاستبداد في بوستٍ نُشِرَ على صفحته في الفيسبوك؛ والأداة التي اُستُخدِمَتْ لذلك هي قانون تكميم الأفواه وحماية الفاسدين والمستبدّين المعروف باسم قانون الجرائم الإلكترونيّة.

لن يتغيَّر شيء بالنسبة لمحمّد السنيد؛ فهو يعرف جيّداً طريقه إلى السجن الصغير، ويعرف كيف يتعايش معه. وبالتأكيد، فإنَّ هذا لن يكسره، بل سيزيده عزماً وثباتاً على مواقفه. أمَّا الذين دفعوا بهذه القضيّة ظانين أنَّ هذا سيؤدِّي إلى تحصين رموز الفساد والاستبداد ضدّ النقد والمطالبة بمحاسبتهم، فنقول لهم إنَّ ما قمتم به سيؤدِّي إلى العكس تماماً؛ حيث أنّه سيكون سبباً إضافيّاً لفضح هؤلاء وتشديد المطالبة بإدانتهم.

لقد ناضل محمّد السنيد سنين طويلة مِنْ أجل حقوق عمّال المياومة، وأثار الإعجاب بدأبه وصبره الكبيرين. وكلّ ما في الأمر أنَّه الآن سيواصل السير على الطريق نفسه.

نعتزّ برفيقنا الحِراكيّ والمناضل العمّاليّ الشجاع محمد السنيد، ونثق بأنَّه هو مَنْ سينتصر في النهاية في هذه المواجهة.

وطننا أخذه الاستعمار البريطانيّ مِنّا ونصَّب عليه نظاماً وظيفيّاً أوتوقراطيّاً من الخارج ليخدم مصالحه. ومنذ ذاك، اُستُبعِد شعبنا عن إدارة شؤون بلاده، واُضطُهِدَ، وحُرِمَ مِنْ حقّه في تقرير مصيره، وعومل معاملة الأيتام على مأدبة اللئام، وتمّ نهب بلادنا، وحُرِمَتْ من الاستقلال والسيادة والتنمية الوطنيّة، وبيعت ثرواتها بأبخس الأسعار واستولى اللصوص على أثمانها، وبُدِّدَت مواردها، وهي تقف الآن على حافّة هاوية سحيقة.

وها هم الذين أوصلوا البلاد إلى هذا المصير الكارثيّ، يتوسّعون في زجّ الأحرار في السجون، فكلّ يومٍ يزجّون فيها المزيد منهم. لن يفيدهم هذا؛ بل سيكون وبالاً عليهم.

(وأنا أكتب هذه السطور، أبلغني رفيقي العزيز المحامي محمد الدهيمات بأنَّه تمّ أيضاً اليوم إيداع المعلّمة «رِضا الفرّان» السجن على منشور كتبته على الفيسبوك. وقبل يومين سجنوا الرفيق المعلّم محمود مخلوف على مشاركته في المظاهرة الاحتجاجيّة التي نُظِّمَتْ قبل حوالي شهرين ضدّ مؤتمر البحرين).

رفيقي العزيز محمّد السنيد،

كلّ مصيبة تهون مع مصيبة بلادنا وشعبنا، وكلّ تضحية لن تكون غالية مِنْ أجل إنقاذ شعبنا ووطننا. وبمناسبة نقلك إلى السجن الصغير، أهديك، وأهدي جميع سجناء الرأي والكلمة الشجاعة، أقصوصتي «مشي»:

«كان رجلٌ يمشي، أدخلوه السجن، فقال:

- أربط حذائي.

ومرَّت سنوات، أنهى الرجل ربط حذائه، وبينما هو خارجٌ من
السجن، قال:

- الآن، أواصل المشي».

وإلى شباب مليح وشباب لواء ذيبان ومحافظة مادبا وكلّ الوطنيين الأحرار في بلادنا أقول:

عمِّروا خيمة محمّد السنيد، ولتكن منبراً شجاعاً وثابتاً للحرّيّة والتحرّر الوطنيّ والديمقراطيّة، وللمطالبة بإطلاق سراح جميع سجناء حرّيّة الرأي والتعبير، وفي مقدّمتهم محمد السنيد.