القرآن محاولة لقراءة مغايرة 2


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 6327 - 2019 / 8 / 21 - 10:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الـمـقـدمـة
باسم الله رب العقل والصدق والعدل والرحمة والحب والجمال
أحمد الله الرؤوف المتحنن بالملحدين، وبالإلهيين، وباللاأدريين، والمحب للإنسانيين منهم، بمقدار ما جسدوا إنسانيتهم، وبمقدار ما قرنوها بعقلانيتهم، وساروا بتينك الإنسانية والعقلانية سيرا تكامليا نقديا تصحيحيا، في طريق النسبية الإنسانية، باتجاه المطلق.
في الثامن من شباط عام 1977 أحدثت قراءتي لكتاب «القرآن .. محاولة لقراءة عصرية» لمؤلفه مصطفى محمود انعطافة حادة في مسار حياتي، حيث كانت سببا للانتقال من إلحاد دام أكثر من أربعة عشر عاما، ولاأدرية قصيرة الأمد مهدت للنقلة؛ من ذلك الإلحاد فاللاأدرية إلى الإيمان بالله، وبالإسلام، ثم بالإسلام الشيعي، لكن غير الطائفي، فالإسلام السياسي، والذي أخذ ينحو بالتدريج منحى معتدلا وعقلانيا، أثرت فيه النزعة الإنسانية، حتى انتقلت بعده إلى الإسلام الديمقراطي، فالعلمانية المتدينة، فالعلمانية غير المؤدلجة، هذا سياسيا، أما عقيديا فاعتمدت بعد عشرين عاما من انعطافة 1977 منهجا خاصا بي أسميته بـ «تأصيل مرجعية العقل»، ثم بعد عشر سنوات اعتمدت «المذهب الظني»، وما يمكن عده لونا من اللاأدرية الدينية، مرتبا الأثر بفقه توفيقي خاص بي، فـ«عقيدة التنزيه» المبنية على أساس الإيمان العقلي، والتنزيه المطلق لله، والذي يستوجب بالضرورة تنزيهه من جُلّ ما نسبت إليه الأديان كافة، بما في ذلك - أو لاسيما – الإسلام. وبعد ثلث قرن، أي ثلاثة وثلاثين عاما من انعطافتي من جراء قراءتي لـ«القرآن .. محاولة لقراءة عصرية»، فتحت ملفا على حاسوبي لمشروع كتاب باسم «القرآن .. محاولة لقراءة مغايرة». أريدها ما مكنني ربي أن تكون قراءة متفحصة متدبرة متسائلة نقدية منصفة موضوعية عقلية، تنصف القرآن ومؤلفه في تألقاتهما الرائعة، وهي - إنصافا - ليست بقليلة جدا، كما تريد أن تسلط الضوء على كل ما يستحق إثارة التساؤلات والشكوك، وهو بكل تجرد لكثير جدا، بل ولتمتلك شجاعة النقد لكل المواطن التي وجدتُ فيها - وبجلاء - التعارض الحاد الذي رفض كل التأويلات التي كنت بارعا فيها؛ التعارض مع ضرورات العقل الفلسفي والعقل الأخلاقي، مع قواعد العقلانية ومثل الإنسانية، ومع سمو وعلو الله وكماله، ذلك من موقع الإيمان ببشرية القرآن، والإيمان المطلق - أو ما يحاذيه - بالمطلق المتنزِّه فوق تنزيه كل منزِّه، تنزَّه وتعالى وتسامى، من كامل جميل، عدل رحيم، عليم حكيم.
لا أنتظر من القارئة العزيزة والقارئ العزيز أن يتفقا معي فيما أطرحه في هذه القراءة القرآنية المغايرة النقدية المتجردة، مؤمنا كان بإلهية الإسلام والقرآن، أو شاكا بذلك، أو حاسما قناعته مثلي ببشرية القرآن والإسلام، وسواء كان إلهيا لادينيا، أو كان لاإلهيا، أو مؤمنا بدين غير دين الإسلام. بل الذي أنتظره وأتمناه أن يقرأ القراء قراءتي هذه بصبر، وبدون أحكام مسبقة، وأن يقرؤوها قراءة نقدية منصفة، لتكون قراءة القراءة كنفس قراءتي للقرآن، قدر المستطاع موضوعية، عقلية، متجردة.