صديقي الفلسطيني وطريق جهنم .


فريد العليبي
الحوار المتمدن - العدد: 6325 - 2019 / 8 / 19 - 15:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

صديقي الفلسطيني عبده الاسدي صحفي كتب في مجلات وجرائد فلسطينية وسورية ولبنانية والف كتبا عن الجولان وناجي العلي وتابع عمل المؤرخين الجدد في الكيان الصهيوني وتعلم اللغة العبرية ، هو رجل طيب ، دمث الأخلاق ، محب لفلسطين والعروبة وشغوف بالاشتراكية أيضا ، عرفته منذ كان طالبا ونحن على أطراف مخيم اليرموك وفيه ، وكانت لنا دوما حوارات لا تعرف نهايتها ، وكلما زرت سورية الا والتقيه ، اختلفنا كثيرا وبحدة أحيانا حول المسألة السورية ، فبينما يرى هو ان ما جرى ويجري فيها ثورة يجب دعمها حتى انه غادر سورية وعائلته ليستقر في هولندا رأيت انا فيها حربا تشنها الامبريالية مباشرة حينا و بأدوات إسلامية تكفيرية وليبرالية عميلة أحيانا .
كتبت عن صديقي الفلسطيني فيما سبق وتحرك قلمي للكتابة عنه الآن والمناسبة زيارته الكيان الصهيوني بجنسية هولندية وعبر مطار اللد ولا غيره ، تحدث الرجل عن شعوره الغامض بالفرح وحلمه الذي تحقق أخيرا فقد تهشم حلم العودة من بوابة التحرير كما ذكر وكان لابد من العودة من بوابة أخرى لا أعلمها .
يقول صديقي ان الحنين تغلب فيه على السياسة وان ما اقدم عليه ربما كان ضربا من الجنون فقد راى فلسطين من الجو فانهمرت دموعه مثل طفل ثم وطات قدماه مطار اللد وشاطئ حيفا ومدن صفد وعكا والقدس وبيت لحم ورام الله والبيرة ، هناك حيث مرابع أهله وحكاياهم وخبزهم وعرقهم وافراحهم واتراحهم فابتهج. .
لا يخفي صديقي مرارة فرحه ، مزهوا بغنائمه : تثبيت الهوية في بناته اللواتي كن رفقته وحفنة تراب من الأقصى وليمونتين من صفد ورمانتين من حيفا ، مصرا على تكرار الزيارة ، متمنيا الوصل بين فلسطيني الداخل والخارج عبر البوابة الأوربية .
ذكرتني تلك الزيارة بزيارة أخرى ربما تزامنت معها ، أداها مدون سعودي للقدس ، نزل هو الآخر في مطار اللد وما لبث ان حط به الرحال في أسواق القدس القديمة ثم قصد الأقصى للصلاة وأينما حل لاحقته اللعنات فهو لم يأت من بوابة التحرير وانما من بوابة الاستسلام والتطبيع ، وفي بلدي تونس زار فنانون الكيان المحتل فجلبوا على أنفسهم اللعنات أيضا ، ورغم أن صاحب جواز السفر التونسي لا شيء يمنعه من زيارة الكيان فإن لا أحد تقريبا يفكر في ذلك فهو يرقى الى مستوى الجريمة . والسؤال هو ما الفرق بين الفلسطيني وغيره من العرب حتى يزور الكيان بجواز سفر أوربي ؟ هل ما هو حلال لهذا حرام على ذاك ؟ ماذا لو نسج كل العرب على منوال صديقي الفلسطيني فأصبح مطار اللد وجهتم ؟ والاقصى مكانهم المحبب للصلاة كل جمعة ؟ ثم اليس من ثوابت الكفاح الفلسطيني عدم العودة الى فلسطين الا من بوابة التحرير إياها ...يبدو أنه عندما يتغلب الحنين وغيره من المشاعر والعواطف على حكمة التدبير السياسي يقترف المرء في حق نفسه ووطنه الأذية ، وقد قيل إن الطريق الى جهنم مفروشة بحسن النوايا ..