جنونُ الماء


محمد يعقوب الهنداوي
الحوار المتمدن - العدد: 6318 - 2019 / 8 / 12 - 15:21
المحور: الادب والفن     

مُشتمِلاً رَعشاتِ الموتِ أمدّدُ ذاكرتي
محبوساً في وجعِ الماءْ

أركضُ بين تلافيفِ الوطنِ المحروق
فيلطمُ وجهي جسدٌ طافَ غريقاً
بين الماء وحبّ الماءِ

يا منْ شفتاها الماءْ
شقّي تابوتَ ضلوعي يتدفّقُ نهرٌ
يغسلُ بالماءِ الماءَ
ليرجعَ وجهُ البحرِ نقيّا
ونعودُ لنفهمَ سرّ الماءِ منَ الماءْ

ظلّ الماءُ في الظلماءِ
ظلاً يكتبُ الأسماءَ
في تكوينهِ السرّيِّ
يَمحونا ويَكتبُنا
ويَقتلـُـنا حنينُ الأرضِ
يكوينا سَعيرُ الماءْ

يا ذا الماءِ
إنّي أحملُ الأكوانَ في قلبي
ولكنّي
رأيتُ النورَ في أسرارِك الأولى
قرأتُ السرّ في أنوارِك الأولى
وبين السرّ والسرّاء
أسْري في سكونِ الكون

كانَ الماءُ عافيَتي
وكانَ الماءُ قافيَتي
كانَ الماءُ مَرْساتي وساريَتي
وكانَ الماءُ شرياناً
يغذّي الحُزنَ في لُغتي
فصارَ الماءُ سِكّيناً
تَشُقُّ الآنَ حنجرتي
وزهرُ العمرِ أذبلـَـهُ عذابُ الماءْ

عواءُ الموتِ يزدردُ الدروبَ
كأنّه أنثى
تغالبـُـنا
ولا نقوى
ولكنـّـا
نحبّ نراك
مثلَ الماءْ

* * *