هل يمكن إلغاء الوزراء والبرلمان والكتاب العامون والمدراء الكبار...الخ؟


محمد بوجنال
الحوار المتمدن - العدد: 6299 - 2019 / 7 / 23 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

بناء الشعب يقتضي استحضار الترنسندنتال الرهانات الذي يتمثل في أربع متغيرات يحدد العلاقات بينها مستوى الصراع في التاريخ: الحقوق والقوانين والمعرفة والعمل؛ فبصدد الحقوق، لا يمكن منع الانسان من حقوقه الطبيعية كحقه في الهواء،حقه في الثروة، حقه في الأرض...الخ؛ ثانيها القوانين: الكائن البشري كائن اجتماعي ذو مصالح يمكن أن تمس بعضها البعض؛ لذا، يتم احترام الكرامة والمصالح وتلبية الحاجيات بالتأسيس لقوانين يتم الاتفاق على مشروعيتها بعد مناقشة وحوار بصددها؛ ثالثها المعرفة: فالانسان ،بالطبيعة، كائن مفكر؛ فلا يمكن منعه طبيعيا من هذه الخاصية؛ وإذا حصل ذلك فمعناه التعسف عليه إذ بالفكر يعرف ويوظف عالما من البشر الحيوان والنبات والجماد الذي هو جزء لا يتجزأ منه؛ ورابعها: العمل أو الفعالية إذ الانسان ذاك، طبيعيا، كائنا يعمل لتلبية حاجياته؛ فكل مكوناته، طبيعيا، تشتغل:القلب يشتغل، الدماغ يشتغل، اليدان تشتغلان...الخ، وكلما منعناه من الفعالية تلك كلما حرفنا حقيقتها الطبيعية.
فهذا الوجود الترنسندنتالي لهذه المتغيرات يكون له دوما شكلا إما مسلعا أو عادلا يحدده النمط السياسي في التاريخ. ففي النظام الرأسمالي حيث الهيكلة السياسية والتنظيمية التي تتمثل في الوزراء والكتاب العامون للدولة والمدراء الكبار والبرلمان...الخ، يمكن أن تكون العلاقات تلك، بفعلهم، تعسفية، ويمكن أن يتم تحريف مغزاها، ويمكن فصل بعضها عن بعض،ويمكنهم إلغاء بعضها . وبالمجمل ، نكون أمام تسليع العلاقات تلك كما أرادوها وكيفما أرادوها. وفي هذه الحالة، وهو الحاصل اليوم – كما بالأمس- خاصة في عالمنا العربي، نكون أمام كائنات شبه-حيوانية أو قل ميتة إذا استدعينا المجاز، بفعل وإرادة وهندسة وتنفيذ الوزراء والبرلمان والكتاب العامون والمدراء واللائحة طويلة. في حين ، في النمط السياسي العادل، تكون العلاقات تلك جدلية تستحضر وجود مكونات الشعب حوارا ومناقشة وصياغة ومصادقة ومتابعة ومحاسبة دون الحاجة إلى مكونات البنية التنظيمية والسياسية التعسفية من قبيل الوزراء والكتاب العامون والبرلمان.إلا أنه، عقلانيا، لا بد من الاعتراف بالصعوبات التي ستعترضه التي منها الذاتي المتعلق من الخوف من هكذا نظام، ومنها الموضوعي المتعلق بقوة النظام الرأسمالي ووكلائه" أشكال الأنظمة السلبية العربية". لذا، فالوضع هذا يستدعي مفهوم " الطليعة " لدى غرامشي شريطة إخضاعه لقوانين الجدل حيث يتم تخليصه من الجوانب التي أصبحت اليوم معيقة كالقيادة في شكل الوصاية أو الإنابة ليتم الاحتفاظ بالجوانب الإيجابية كالالتحام بالشعب مع إغناء المفهوم ليذوب فيما بعد بداخل المؤتمرات البديلة للوزراء والبرلمان؛ وبلغة أوضح، نقول أن مهام "الطليعة"،إضافة إلى مساعدة الشعب على الإلغاء الفعلي للوزراء والبرلمان والكتاب العامون وغيرهم، تتلخص ، بداية التأسيس، في مسئولية التفعيل والتنسيق لا الإملاءات والوصايةلأ ن ذلك يتناقض وفلسفة " نظام الشعب "، لتذوب بداخل الشعب عندما تكتمل الشروط.