هل تتوه الحقيقة بين معرفتنا بالأزمة وعقدة العضو المنتدب السابق بالعربى الإفريقى..؟


بشير صقر
2019 / 7 / 10 - 10:44     



اضمحلّتْ بشدة علاقتى بالبنك العربى الإفريقى وصندوق معاشاته منذ عام 2000 ، ونادرا ما كان المسئولون عن صندوق المعاشات ( إدارته المنتخبة و مديره المنتدب من البنك للعمل بالصندوق) يعيروننا أى اهتمام بشأن ما يحدث بالصندوق باستثناء مرة واحدة كسب فيها أحد زملائنا( فؤاد حسين) دعوى قضائية تخص معاشه بالدولار ، واستدعي ذلك التوصل لحل وسط مع بقية أصحاب المعاشات.

كذلك لم يوجهوا لنا الدعوة ولو مرة واحدة بشأن حضور الجمعية العمومية للصندوق بعد فصلنا من البنك عام 1997 وحتى تاريخه؛ بل ولم تصلنا أية إخطارات بريدية أو إلكترونية أو أوراق تتضمن الموضوعات المقرر مناقشتها في تلك الاجتماعات . وهو ما انسحب علي بقية زملائنا أصحاب المعاشات.

وعليه فقد كان ذهن هذه الفئة - من أعضاء الجمعية العمومية للصندوق- خاليا تماما من تفاصيل الأزمة الأخيرة أو حتى مقدماتها ، تلك الأزمة التى اندلعت بين البنك المركزى والبنك العربى الإفريقى ؛ حتى أصدر الأول قراره المؤرخ 22/5/2019 برقم 1100 ، وسربه لوسائل الإعلام.

هذا ولا يخفى علي القارئ أن قيام المركزى بحملة تفتيش بواسطة إدارة الرقابة علي البنوك بل وإصداره قرارا من مجلس إدارته بشأنها يبقى طىّ الكتمان و بعيدا عن الإعلام ، لكن تسريبه فى 29 مايو 2019 لعدد من الصحف يُعدّ شيئا مقصودا.

فى أول يونيو 2019 اتصل بى أحد الأصدقاء - لا صلة له من قريب أو بعيد بالبنك- و أبلغنى بموجز ما نشر في الصحف منسوبا للبنك المركزى بشأن ثمانية من كبار الموظفين بالبنك العربى الإفريقى منهم العضو المنتدب السابق حسن عبد الله ، ويتلخص ما نُشر فى سبعة اتهامات؛ منها الحصول علي أموال ذات صلة بصندوق المعاشات من ناحية وأموال أخرى تقاضاها بقية الثمانية دون وجه حق.

عرفنا بالخطوط العريضة للأزمة بعد اطلاعنا فى مساء 1/6/2019 علي ما نشرته صحيفة البوابة الإلكترونية فى 29/5/2019 .وباتصالنا بعدد من الزملاء السابقين أفادونا بخبر الجمعية العمومية لصندوق المعاشات التى لم تستوف نصابها القانونى وكانت معدة للتصديق علي ميزانية 2018 وحسابها الختامى وتبرئة ساحة مجلس الإدارة من الميزانية علاوة علي أخبار أخرى بشأن تعديلات مقترحة لمواد بلائحة الصندوق .

وبمرور الساعات عرفنا أن حسن عبد الله العضو المنتدب السابق تقاضى مبالغ تأمينية باهظة وأنه أعدّ لذلك ونفذه علي مدى زمنى طويل نسبيا ( حوالى 10 سنوات):
1-حيث قام بتغيير إحدى مواد لائحة النظام الأساسى للصندوق ليتسنى له ( كعضو بمجلس إدارة البنك و "رب عمل" ) الحصول على عضوية الصندوق باعتباره "عاملا بالبنك " ( وهو ما كان محرما علي أعضاء مجلس إدارة البنك طيلة 43 سنة سابقة) .

2- كما قام بشكل شبه سنوى بسد عجز الصندوق لدرجة ان مبلغ سد العجز تجاوز فى سنة 2010 ضعفىْ حصيلة المال الاحتياطى العام للصندوق في نفس السنة ، أما فى سنة 2018 فقد بلغ مقدار سد العجز 143% من مالها الاحتياطى .

3-علاوة علي أنه - تحوطا من كشف ذلك التدبير الذى امتد سنوات - لجأ حسن عبد الله لاقتراض مبالغ من الصندوق تقارب في حجمها حصيلته التأمينية ( حوالى 350 مليون جم ) التى يتوقعها عند بلوغه سن الستين ، وذلك حتى لا يمكن استرداد ما سيحصل عليه كمستحقات تأمينية مستقبلا.. إذا ما انكشف أمره.. أو تمت مقاضاته.

لذا اقترحنا ضرورة إرجاء اجتماع الجمعية العمومية للصندوق التى لم يكتمل نصابها فى 29 /5/2019 لتكون الأحد 14 يوليو 2019 بدلا من السبت 15 يونيو 2019 طالما أن هناك تحقيقات يجريها البنك المركزى مع العربى الإفريقى ذات صلة بأموال صندوق المعاشات.. للسبب الآتى:
ما الذى يدعونا للاجتماع واتخاذ قرارات بشأن ميزانية الصندوق وحساباته الختامية طالما هناك تحقيقات جارية بشأنها لم يُبت فيها ..؟!علاوة على أننا لم نقرأ الميزانية ولا الحساب الختامى - لأنهما لم تصلا لأيدينا ليس لتقصير منا ولكن لتقصير المسئولين عن عقد الاجتماع وهما مجلس إدارة الصندوق ومديره - وحتى تكون الصورة واضحة لأعضاء الجمعية العمومية فإننا نطالب بإرجاء الاجتماع حتى إعلان نتائج التحقيقات التى يجريها البنك المركزى حيث لا مبرر للعجلة. هذا ما تدخلنا فيه فقط وهو موقف لا يمكن أن يلومنا عليه أى مراقب منصف.

لكن ما لفت نظرنا ونبهنا - بأن وراء الأكمة ما وراءها أو أن " تحت القبة شيخ "- هو الرفض الصارم لإدارة الأنظمة البديلة بالتأمينات الاجتماعية ومجلس إدارة الصندوق اللذين اتضح أنهما يصران على عقد الاجتماعين العادى والطارئ للجمعية العمومية.. أولهما لرغبته فى تعديل بعض المواد في لائحة النظام الأساسى والثانى لأن صبره نفد ويود تبرئة ساحته من " الميزانية المشْكلة " ويرى ذلك طوق النجاة له من تحقيقات متوقعة أو محتملة بشأن أموال ( ليس لمن حصل عليها منهم حق فيها ) حسبما أفاد قرار المركزى رقم 1100فى 22/5/2019 .

هذا وقد اعتمد المذكور فى ذلك – ضمن ما اعتمد- علي وجود بند فى لائحة النظام الأساسى للصندوق يُلزم البنك بسد أى عجز يتحقق في الصندوق في أى من سنواته .

وتقديرنا أنه لم يكن يمكنه القيام بكل هذه الخطوات واحدة بعد أخرى في زمن قصير؛ بل ودون إغماض العين من أطراف عديدة تحتاج جهدا لترويضها [ بعضها خارج البنك - بشأن تعديل لائحة النظام الأساسى للصندوق- لتقبل في عضوية الصندوق أعضاء من مجلس إدارة البنك ؛ ودون التواطؤ الصريح من مجالس إدارات الصندوق التى عاصرت ذلك ، بل ودون " الطرمخة " علي إقراضه الملايين من مالية الصندوق ليمتنع عن سدادها إذا ما تمت مراجعته بشأن حجم حصيلته التأمينية التى تضاعفت وجرى التواطؤ علي جعلها مدة واحدة بعملة واحدة ( دولار)بعد أن كانت لوائح الصندوق تنص علي أن تكون مدتان وبعُمْلتين ( دولار ، جنيه) ].

وبمثل ما قام به في 31/12/1997 بعملية الـ2 مليون مارك ألمانى - حيث باع من حسابه الشخصى هذا المبلغ .. إلي البنك وهو ممثل البنك في نفس اللحظة في غرفة التداول التي تقوم بهذا النوع من عمليات بيع وشراء العملات- بمثل ما قام بذلك في عام 1997 .. قام بشئ مشابه له في صندوق المعاشات لكن علي مدة زمنية أطول ( 10 سنوات) .

هذا وكان البنك المركزى يعرف بكثير من تلك التطورات لكنه عجز عن وقف أهمها وهو قيام البنك بسد العجز المتحقق في الصندوق منذ عام 2010 وحتى 2018 نظرا لقانونيته حسبما تنص لائحة الصندوق ، ولم يكن في إمكانه التصدى له إلا إذا وصلت الأموال ( مستحقاته التأمينية ) إلي جيب العضو المنتدب عقب استقالته أو إقالته.

كيف اشتعل الموضوع ..؟

أما ما جرى بعد ذلك فهو يؤكد ما سبق وذكرناه في مقالات سابقة حيث انبرى عدد من زملائنا السابقين القدامى ممن اتصلوا بنا وشجعونا علي مبادرة تأسيس المجموعة الإلكترونية وعلي بشائر ما تضمنته من وجهات نظر( حيث تم الاتصال بالزميل فاروق محجوب تحديدا لهذا الغرض ) ؛ ثم عادوا وطالبونا بالكف عن الكلام والكتابة بل وإغلاق الموقع الإلكترونى ؛ كما شاركوا بفعالية في حملة واسعة وصلت جميع فروع البنك (توصى بالإحجام عن قراءة مقالاتنا ) ، وبأننا (نستهدف تقويض الصندوق) ، وقد شاركتْهم فى ذلك مجموعات بعضها من إدارة الصندوق وبعضها من " شلة حسن عبد الله " من المستفيدين والعسس.. وهو ما قابلناه بقوة مما أشعل الوضع وبلغ حرارته القصوى.

ولعلكم رأيتم كيف استعدوا لإدارة الجمعية العمومية في اجتماعيها العادى والطارئ بمجموعة من حليقي الرءوس والبوديجاردات.. في ظل غياب واضح لأصحاب المعاشات دعّم إدارة الصندوق من ناحية و أفسد- على الأقل - رغبتنا في كشف المبررات التى بسببها لم نوافق علي الميزانية وحسابها الختامى خلال اجتماع غير قانونى لا يملك أغلب الحاضرين فيه الأوراق التى تتضمن الموضوعات محل المناقشة والاقتراع من ناحية أخرى.

عقدة العضو المنتدب السابق حسن عبد الله :

تتجلي مشكلة العضو المنتدب المذكور في استعداده للاستيلاء علي ما ليس له - ليس في كل الأحوال- لكن في حالة محددة هى أن يجد نفسه أمام الأموال دون رقيب ؛ أى قادرا علي أن يتخذ قرارا باسم هيئة أخرى يعتبر ممثلا لها وهو ما حدث في واقعة الـ 2 مليون مارك ألمانى حيث توهّم أن مسئوليته عن غرفة التداول بالبنك تتيح له أن يرتكب فعلته دون أن يكتشفه أحد. إلا أن خبرته آنذاك لم تسعفه ولم يتصور أنه محاط بعدد من الزملاء الذين ينتظرون منه ذلك الخطأ ، وكان بعدها ما كان حيث قدم استقالته من البنك ثم عاد وسحبها.

أما في الحالة الأخيرة ( الصندوق) فالأمر يختلف نسبيا ؛ فقد امتلك سلطة وأدوات تتيح له أن تغمض الدوائرُ المحيطة به عيونَها عنه لا أن تتصيده ، وتشترى رضاءه لا أن تناصبه العداء ، وتخطب ودّه لعلها تحظى بجانب من الحب أو من فتات الموائد.. باختصار مهد الأرض ليجد نفسه في وضع أشبه بوضعه يوم صفقة الماركات الألمانية باستثناء أن الدوائر المحيطة به هذه المرة كانت تتستر عليه وتحميه وتدعمه.. وتستفيد منه.

لذلك أعد خطته لـ " تستوى" تلك الدوائر " على نار هادية " ( بعضها كان خارج البنك ، وبعضها داخل صندوق المعاشات ، وبعضها في مجلس إدارة البنك) ؛ وتتحول إلى جوقة تعزف نغمة واحدة وتسعى لهدف واحد هو أن يجد العضو المنتدب نفسه هو البائع والمشترى في (آن واحد) أو هو البنك والصندوق ( في لباس واحد ) أو هو رب العمل وهو العامل ( في كادر واحد) ، أو هو عضو مجلس إدارة البنك وعضو الجمعية العمومية لصندوق المعاشات في نفس اللحظة ، أو هو (البنك) القائم بسد عجز الصندوق .. وهو (الصندوق) مانح القروض له بما يقارب حصته التأمينية التى يتوقعها.. عندما يبلغ عامه الستين.

• وفى الحالتين القاعدة واحدة ( في صفقة الماركات الألمانية عام 1997 ) و( فى حالة الصندوق ) وكان عجز الصندوق يتم سدّه بيد وباليد الأخرى يتلقف مستحقاته التأمينية .

• في الحالة الأولى كانت هناك نسختان من حسن عبد الله؛ نسخة لبائع الماركات؛ ونسخة أخرى لموظف البنك المشترى.

• وفى الحالة الثانية نسخة منه ترتدى زىّ "رب العمل" ( العضو المنتدب ) تسد عجز الصندوق السنوى ، ونسخة أخرى منه تتلبّس قناع " العامل " ( عضو لصندوق ) لتستقبل قروض الصندوق بمئات الملايين التى سبق أن دخلت الصندوق لتسد عجزه وتستر عوراته.


فى الحالتين كان موجودا بمفرده ، ( هو ... وهو ) في عام 1997 ، أما في عام 2019 فكان ( هو .. وأشباهه ومعاونوه وأدواته والمستفيدون منه والمتلمّظون حول مائدته ) في 2019 .

وفى كليهما وجد نفسه بمفرده دون رقيب ، وعندما يجد نفسه بمفرده تقفز عقدته من أعماقه نحو السطح وتتألق مواهبه وتتوهج كفاءته التى يتحدثون عنها.. تلك الكفاءة التى لا يحكمها قانون أو وازع أو أخلاق أو رادع .. فيضرب ضربته متوقعا أن يفلت.
إنها عقدة الأنانية ،عقدة التملك، والسطو علي ما في يد غيره حتى ولو كانوا أطفال زملائه السابقين.
فهل في كل مرة ستفلت أو ستسلم الجرّة ..؟!
تقديرى.. ربما تفلت..

لكن الإجابة القاطعة لن يوافينا بها سوى البنك المركزى و الرقابة الإدارية .. ونحن في الانتظار.

الثلاثاء 9/7/2019 بشير صقر
نائب مدير سابق بالبنك
وعضو صندوق المعاشات