نجاح الاضراب خطوة مهمة لاسقاط الانقلاب العسكري


تاج السر عثمان
الحوار المتمدن - العدد: 6245 - 2019 / 5 / 30 - 04:59
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

نجاح الإضراب خطوة مهمة لاسقاط الانقلاب العسكري
بقلم : تاج السر عثمان
اكدت تجربة نجاح الإضراب العام الذي دعت له " قوى الحرية والتغيير" يومي الثلاثاء 28 مايو والأربعاء 29 مايو 2019 ، أن الجماهير ما زالت قابضة علي جمر الثورة ، والسير بها قدما حتى الاطاحة بالحكم العسكري ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي يتحقق فيه حكم القانون والحقوق والحريات الأساسية ، وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات ، وقومية الخدمة المدنية والنظامية ، ونزع سلاح المليشيات خارج القوات النظامية، واستعادة ممتلكات وأصول البلاد المنهوبة ، ومحاسبة المجرمين من رموز النظام الفاسد ، وإعادة هيكلة جهاز الأمن ليصبح لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو العرق أو النوع ، أو المعتقد السياسي والفلسفي.
إضافة لتوفير الحقوق الاجتماعية للمواطنين في التعليم والخدمات الصحية وخدمات المياه والكهرباء والعناية البيطرية ، وحق العمل والسكن ، والأمومة والطفولة ، والتنمية المتوازنة بين أقاليم السودان ، وغيرها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ، التي تقوى وتعزز الحقوق السياسية والديمقراطية، وتفتح الطريق لاستدامة النظام الديمقراطي ، بوقف الحلقة الشريرة التي عانت منها البلاد منذ الاستقلال " ديمقراطية – انقلاب – ديمقراطية..الخ" ، والتي دمرت البلاد واقتصادها وسيادتها الوطنية ، واشتدت التبعية للعالم الخارجي ، ونهب وتصدير ثروات البلاد وأموالها للخارج ، حتى أصبحت ديون السودان الخارجية حوالي 54 مليار دولار والذي كان للحكم العسكري نصيب الأسد في ذلك، والذي استغرق 52 عاما من عمر الاستقلال البالغ 63 عاما ، وتعزيز وترسيخ السيادة الوطنية ، والتعامل مع كل دول العالم والجوار علي أساس السلام والمنفعة المتبادلة، ورفض الانخراط في سياسة المحاور التي تضر بشعبنا بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا والدول الأخرى.
لقد أكدت الجماهير بخوضها تجربة الاضراب السياسي ونجاحه ، رغم تهديد ووعيد نائب رئيس المجلس بالفصل ، وفك تجميد النقابات ورموزها الفاسدة لافشال الاضراب، ومعارضة حزب الأمة للاضراب..الخ، رفضها للحكم العسكري الذي جاء امتدادا للنظام الفاسد ، وابقي علي كل رموزه في مفاصل الدولة ، وعلي جهاز الأمن ، والمليشيات وكتائب الظل خارج القوات النظامية ، وعلي سياساته الاقتصادية التي أدت لتدهور أوضاع الجماهير المعيشية ، والصرف الكبير علي الأمن والدفاع ، واستمرار ارتفاع الأسعار والتضخم ، والاعتماد علي المعونات الخارجية ، كما جاء في دعم دول " السعودية – الإمارات .." بمنحة ال 3 مليار دولار ، بدلا من التوجه للإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي لدعم موقف الصادر وتقوية العملة السودانية ، وتسليم السلطة للمدنيين.
كما ماطل المجلس العسكري في التفاوض مع" قوى الحرية والتغيير" وتعنت في الحصول علي أغلبية ورئاسة في المجلس السيادي ، وتهديده بعمل انتخابات خلال 6 شهور ، في ظل وجود كل بقايا النظام الفاسد في القضاء وجهاز الدولة والإعلام ، ووجود الأموال في يد الفاسدين ، والدعم المالي الخارجي ، وخبرة الإسلامويين الكبيرة في التزوير ، وغياب قانون انتخابات ديمقراطي، وإنجاز مهام الفترة الانتقالية التي تهئ المناخ لقيام انتخابات حرة نزيهة ، مما يعني إعادة النظام الفاسد مرة أخري.
إضافة لتفريط المجلس العسكري في السيادة الوطنية ، وربط البلاد بمحور " السعودية – الإمارات – مصر" ، وتأكيد استمرار قواتنا في اليمن.
كما فشل النظام في الحفاظ علي الأمن من خلال اطلاق يد الجماعات الإرهابية كما في ما يسمي" بتيار نصرة الشريعة" التي تهدد الأمن الداخلي وأمن المنطقة، واطلاق يد المليشيات المنفلتة في الشوارع كما حدث في المحاولات المتكررة في فض الاعتصام ، وأحداث الأثنين 13 مايو الدامي ، وما حدث أخيرا في شارع النيل الذي أدي لاستشهاد المواطنة " ميادة جون" وهي حامل وجرح أخرين، والتبرير غير المقبول بأن الجندي الذي أطلق الرصاص كان في حالة سكر !!، إضافة لتصدي حرس منزل صلاح قوش للنائب العام في أداء عمله لتفتيش المنزل ، مما أدي لاستنكار نادي" النيابة العامة " ذلك والمطالبة باقالة مدير جهاز الأمن، وهجوم المليشيات علي المضربين في بنك السودان وضرب وجرح عدد من المصرفيين ، وما حدث من عنف واعتقال لبعض المضربين في شركة الكهرباء ، مما يتطلب محاكمة الذين قاموا بتلك الجرائم ، كل تلك الأحداث يتحمل مسؤوليتها المجلس العسكري ومليشياته.
كما تساهل المجلس العسكري مع رموز النظام الفاسد ، مما ساعد في هروب بعضهم مثل " العباس شقيق البشير ، وصلاح قوش .." ، وأخيرا اطلاق عبد الغفار الشريف، مما يشير إلي أن " اللجنة الأمنية" الممثلة في المجلس العسكري ، تسير في إعادة النظام الفاسد ورموزه ، واجهاض الثورة.
كل تلك الممارسات للمجلس السابقة المناهضة للثورة ، والهادفة لمواصلة الحكم العسكري ، أدت إلي ارتفاع شدة سخط الجماهير ، وكان النجاح الكبير للاضراب ، والذي أكد أن الجماهير علي استعداد لخوض الملحمة الكبري ، في تصعيد المقاومة للديكتاتورية العسكرية بمختلف الأشكال " مواكب ، مظاهرات، وقفات احتجاجية ، حشود ضخمة في ميادين الاعتصام في العاصمة والاقاليم أيام العيد، وانتزاع النقابات ، والمجالس المجلية وتقوية لجان المقاومة وتوسيعها في المدن والأحياء والفرقان ، حتي الاضراب السياسي العام والعصيان المدني للاطاحة بالديكتاتورية العسكرية ، وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.