حول التفاؤل و التشاؤم في القرن العشرين وأشياء أخرى


ليون تروتسكي
الحوار المتمدن - العدد: 6238 - 2019 / 5 / 23 - 13:07
المحور: الارشيف الماركسي     

(نص كتبه تروتسكي سنة 1901 وهو في الحادية والعشرين من عمره، وكان حينها منفيا الى سيبيريا)

!Dum spiro spero* لو كنتُ جرماً سماوياً، لَكُنتُ نظرت بِتَجَرُّدٍ كامل لهذه الكثلة البائسة من الغبار و العفن... كنت نَثَرْت بريقي بالتساوي على الخير و الشر...لكنني إنسان.

بالنسبة إليك، أيها الملتهم البارد للعلم، بالنسبة إليك ياحامل دفاتر حساب الأبَدية، ليس تاريخ العالم غير لحظة مهملة في مر الزمان؛ لكنه، بالنسبة لي، هو كل شيء!

طالما أتنفس، سأناضل من أجل المستقبل. مستقبلٍ مشرقٍ يغذو فيه الانسان القوي البهي سيداً لمجرى حياته الخطِر يوجهه نحو آفاق لامتناهية من الجمال والفرح والسعادة!...

لقد خَيَّب القرن التاسع عشر آمال المتفائل أكثر مما أرضاها...أجبره على نقل معظم آماله الى القرن العشرين. في كل مرة، وحيال فظاعة ما،كان المتفائل يصيح: ماذا! .. أيمكن أن يحدث هذا على مشارف القرن العشرين! وحين كان يرسم لوحات عجيبة لمستقبل متناغم، كان يحدد لها موقعا ضمن القرن العشرين.

والآن، ها قد بدأ هذا القرن! فماذا حمل مع استهلاله؟

[...] الحقد والقتل والمجاعة والدم... كل شيء يتم كما لو أن القرن الجديد، هذا الوافد الجديد العظيم، حاول منذ ظهوره أن يلقي المتفائل في تشاؤم مطلق وفي نيرفانا مدنية.

- الموت للطوبى! الموت للإيمان! الموت للحب! الموت للأمل! هكذا يرعد القرن العشرون وسط فَرْقَعة الحرائق و دَويِّ المدافع.

- استسلم أيها الحالم المثير للرثاء، ها أنذا قرنك العشرون المنتظر ..." مستقبلك".

- كلا، يجيب المتفائل صافي الذهن، أنت لست سوى الحاضر.
-----
* باللاتينية في النص الاصلي وتعني"ما دمت حيا فأنا آمل"
-----
تعريب ك.د و م.م