في الذكرى الاولى بعد المئوية الثانية لولادة كارل ماركس


سيزار ماثيوس
2019 / 5 / 9 - 03:11     

اعداد الرفيق سيزار

في يوم 5 ايار تمر علينا 201 عاما على ميلاد اعظم مفكري التاريخ وابرز من وضع فكر خلاص البشرية الفكر الشيوعي هذا الرجل الذي عاش من اجل الطبقة العاملة رغم مقدرته على التخلي عن هذه الافكار بحكم تقدمه الاكاديمي لكنه اختار ان يكون في صفوف الجماهير العمالية وكل المحرومين والكادحين.
من هو كارل ماركس
هو فيلسوف، واقتصادي، وعالم اجتماع، ومؤرخ، وصحفي واشتراكي ثوري الماني ولد (5 مايو 1818م - 14 مارس 1883م). لعبت أفكاره دورًا هامًا في تأسيس علم الاجتماع وفي تطوير الحركات الاشتراكية. واعتبر ماركس أحد أعظم الاقتصاديين في التاريخ ولد في عائلة غنية من الطبقة الوسطى في مدينة ترير في راينلاند البروسية درس ماركس في جامعة بون وجامعة برلين، حيث أصبح مهتمًا بالأفكار الفلسفية للهيجليين الشباب. كتب لصحيفة راديكالية في كولونيا، وبدأ في تطوير نظريته في المادية الجدلية .بدأ الكتابة في الصحف الراديكالية الأخرى، بعد انتقاله إلى باريس عام 1843. التقى فريدرك إنغلز في باريس، وعملا معًا على سلسلة من الكتب. ثم نفي إلى بروكسل وأصبح قيادي بارز في الحركة العمالية ، قبل أن يعود إلى كولون ويؤسس صحيفته الخاصة. في عام 1849 تم نفيه مرة أخرى وانتقل إلى لندن مع زوجته وأطفاله. في لندن، المكان الذي وصلت فيه عائلته إلى الفقر، استمر ماركس في كتابة و تطوير نظرياته في طبيعة المجتمع وكيف أعتقد أنه يمكن تطويرها، و أيضاً نظم حملة للأشتراكية – واسس مع مجموعة من الاشتراكيين والفوضويين رابطة الشغيلة الاممية. التي تعرف باسم ( الجمعية الاممية للعمال ) وهو كاتب نظامها الداخلي واهدافها وفيما بعد سميت بالاممية الاولى .
نظرياته الإجتماعية
نظريات ماركس عن المجتمع، في الاقتصاد و السياسة – تقرر بأن كل المجتمعات تتقدم خلال الصراع بين الطبقات الاجتماعية: صراع بين طبقة الملاك المتحكمين بالإنتاج و طبقة العمال الذين يعملون لإنتاج السلع. عارض ماركس بشدة النمط الاقتصادي الاجتماعي السائد، أي الرأسمالية، التي أسماها دكتاتورية "البورجوازية"، التي قال عنها أنها مسيرة من قبل الطبقات الغنية لأجل مصلحتهم البحتة، وتوقع بأن الرأسمالية كسابقاتها من النظم الاقتصادية الاجتماعية ستولد من دون شك توترات داخلية تقودها إلى التدمير الذاتي واستبدالها بنظام جديد: الاشتراكية. قدم تصورا في أن المجتمع تحت النظام الاشتراكي سوف يحكم من قبل الطبقة العاملة في ما أسماه "دكتاتورية البروليتاريا"، أو "دولة العمال" أو "ديمقراطية العمال". كان يعتقد أن الاشتراكية بدورها سوف تستبدل بمجتمع بدون دولة وبدون طبقية وهو الشيوعية.
بالإضافة إلى إيمانه بحتمية الاشتراكية والشيوعية، نشط ماركس عمليا في النضال من اجل الثورة الاشتراكية، داعيا المفكرين النظريين الاجتماعيين والجماهير المعدمة تنفيذ عمل ثوري منظم للإطاحة بالرأسمالية والقيام بتغيير اقتصادي اجتماعي.
إن وجهة نظر ماركس في التاريخ، والتي أطلق عليها لاحقا اسم المادية التاريخية توضح بشكل مؤكد تأثير هيغل بأن المرء يجب أن يرى الواقع (والتاريخ) بشكل جدلي. وعلى أية حال، نجد أن هيغل قد فكر في شروط مثالية ووضع الأفكار في الصدارة في حين سعى ماركس إلى إعادة كتابة الجدلية (الديالكتيك) بشروط مادية كما دافع عن أولوية الواقع أكثر من الفكرة. وبينما يرى هيغل أن "الروح" تقود التاريخ ، فإن ماركس يرى أن هذا أمر غامض لا حاجة له، كما أنه يحجب حقيقة الإنسانية وأفعالها المادية والتي تشكل العالم. وقد كتب أن الهيغلية قلبت الفلسفة على راسها وأنه يجب أن تقف على قدميها.
وعلى الرغم من أن الفكر الاشتراكي والإجتماعي الفرنسي هو ملهمه إلا أن ماركس أنتقد الاشتراكية الخيالية وذلك بحجة أن مجتمعاتهم الاشتراكية المفضلة ذات النطاق الصغير ستتجه إلى التهميش والفقر، وأن التغيير الكبير في النظام الاقتصادي فقط هو الذي يمكن أن يؤدي إلى تغيير حقيقي.
جاء الإسهام الآخر والمهم لمراجعة ماركس للهيغلية من كتاب إنجلز حالة الطبقة العاملة في إنجلترا في عام 1844 حيث أدت إلى أن يدرك ماركس الجدلية التاريخية بشروط الصراع الطبقي كما أدت إلى رؤية الطبقة العاملة الحديثة كقوة متقدمة من أجل الثورة. درس ماركس التاريخ والمجتمع علمياً وبين اتجاهات التاريخ والنتائج الناجمة من الصراعات الاجتماعية. واستنتج أتباع ماركس إلى أن الثورة الشيوعية ستحدث لا محالة. وعلى أية حال لقد أكد ماركس في أطروحتة الحادية عشرة ضد فويرباخ بأن "كل ما فعله الفلاسفة هو تفسير العالم بطرق مختلفة - لكن المهم هو تغييره"، ولذلك كرس نفسه محاولاً تغيير العالم.
المنظور الماركسي للصراع الطبقي
طورت الماركسية نظرية صراع الطبقات الإجتماعية على مر التاريخ مما وفر مدخلاً لبيان الحزب الشيوعي. لاقت هذه النظرية حماساً كبيراً في القرن العشرين وألهمت عدداً كبيراً من القوى السياسية والاجتماعية في مختلف البلدان
ترى الماركسية أن الطبقة المُستغَلة (البروليتاريا) ستتحرر من خلال إسقاط حُكم الطبقة المُستغلِة (البرجوازية) لتحقيق المُساواة (مجتمع لا طبقي). من خلال هذا المنظور االماركسي ، وكما ورد في ( البيان الشيوعي ) : ((إن تاريخ كل مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ الصراع بين الطبقات. الحر و العبد، النبيل و العامي، البارون و القن، المعلم و الصانع ، و بكلمة الظالمون و المظلومون،كانوا في تعارض دائم، خاضوا حربا متواصلة، تارة معلنة و طورا مستترة، حربا كانت تنتهي في كل مرة إما بتحول ثوري للمجتمع كله، إما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين ))
عكس المجتمع الرأسمالي الحديث التدرُج الطبقي في المجتمع الإقطاعي ولم يلغ التناقضات بين الطبقات الإجتماعية المُختلفة و لكن احل محلها تناقُضات اُخرى جديدة. وفي الوقت الحاضر إنقسم المجتمع الرأسمالي إلى مُعسكرين كبيرين متعادين أو إلى طبقتين متناقضتين تماماً :الطبقة البرجوازية و طبقة البروليتاريا. يميز ماركس دائماً بين الرأسماليين أو البرجوازيين وهم الطبقة الحاكمة التي لديها رأس المال والتي تمتلك وسائل الانتاج ، ويتم تشغيل العمال لبيع قوة عملهم وانتاج فائض القيمة والارباح التي يستحوذ عليها مالكي وسائل الانتاج ..و البروليتاريا او طبقة العمال هي التي تجمع الأشخاص الذين ليس لهم رأس مال والذين هم مُجبرون على بيع مجهودهم في العمل من أجل البقاء.
"البرجوازية الصغيرة " تجمع هذه الطبقة الأشخاص الذين لديهم وسائلهم الخاصة لكسب العيش كأصحاب المتاجر و المهنيين وما إلي ذلك؛ مما يمنحهم إستقلالية في مضمار العمل لكنها غير مستقرة مقارنةً بالرأسماليين. فهم لا يحتاجون إلي دفع رواتب لأنهم ليسوا أرباب عمل ولكن يجب عليهم العمل لكسب العيش
من وجهة نظر ماركس أن البرجوازية و البروليتاريا يكون لكل منهما سياسة مُستقلة ، وفي خضم الصراع بين الطبقتين تحاول كل منهما استمالة "البرجوازية الصغيرة الى جانبها في سياق الصراع الطبقي .
يدخل الصراع الطبقي كل المجالات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والايديولوجية وسيُصبح هو المحرك للتطور الاجتماعي والتاريخي. ستمُاِرس الراسمالية الضغط لتحديد حِصة الإنتاج لطبقة البروليتاريا (الطبقة العاملة)؛ مما يؤدي إلي زيادة إستغلال العُمال وإفقارهم وأيضاً إلي زيادة الرأسمال وإلي الثروة الطائلة مما يؤدي إلي صراعات أو مُنافسات بين الرأسماليين بعضهم البعض والمكاسب الإجتماعية هي حِصة رأس المال التي تُخَصَص لطبقة البروليتاريا للحفاظ على إستقرارية السلام في المجتمع، وغالباً بعد الإضربات الكُبرى التي حدثت في المجتمع مثل الإضراب العام التلقائي سنة 1936. ستتراجع البُرجوازية الصغيرة ( بتحولها من فئة المنتجين المستقلين إلي الوضع البروليتاري ) بسبب عدم قُدرتها على مُنافسة الرأسماليين .
أن صراع الطبقات الاجتماعية يُعطي معنى للتاريخ و يشرح الديناميات التي تغير المجتمعات , يقول كارل ماركس :(أنه إلي يومنا هذا و تاريخ كل المجتمعات لم يكن إلا تاريخ صراع بين الطبقات الإجتماعية) . ستتوقف هذه الصراعات في وقت ما؛ ما إن قادت ثورة البروليتاريا المجتمع أو إذا أصبحت الطبقة المُسيطرة هي الطبقة العاملة (ديكتاتورية البوليتاريا)؛ ستُلغى جميع طبقات المجتمع مما يؤدي إلي مجتمع بلا طبقات بمعنى مساواة اجتماعية. من خلال هذا المنظور إذا فازت طبقة البروليتاريا بالحكم فانها سيستطيع توظيف الثروة المنتجة لتحسين مصير الإنسانية؛ وستكون السلُطة السياسية وسيلة لخدمة المجتمع برمته وتاخذ معنى حقيقي للديمقراطية. ستمنع الثورة الشيوعية إنقسام المجتمع إلي عِدة طبقات إجتماعية. لتحقيق هذا الهدف يَعتقد الماركسيين أن طبقة البروليتاريا يجب عليها أن تكتسِب وعي طبقي ( بمعني أن تعي بما هي عليه على النحو الذي تصوره النظرية الماركسية في الإطار العام للمجتمع )؛ للوثوق بقدرتها على تنظيم المجتمع وتضامنه دون الخضوع لطبقة الرأسماليين وهناك امثلة حدثت تاريخيا تثبت دور الطبقة العاملة وقدرتها على تغيير المجتمع خصوصاً خلال كومونة باريس سنة 1871 و الثورة الروسية في 1917.
الماركسية في يومنا هذا
رغم كل النكسات والضربات التي تعرضت لها الحركة الماركسية والاشتراكية مازالت البرجوازية غير امنة بسبب ازدياد اطماعها واستغلالها المتنامي من تطور وسائل الانتاج وازدياد استغلالها للعمال وتكديسها للثروة الهائلة في حوزتها ، فهذا يجعل البرجوازية امام واقع ان عالمها غير ازلي ان الصراعات الطبقية والازمات التي تتعرض لها الراسمالية داخليا وخارجيا سوف تؤدي الى انهيار كامل لبنيتها واقامة المجتمع الاشتراكي على انقاضها ومازال هناك الكثير من الحركات الماركسية في العالم كلها رغم اختلاف طرق العمل فيما بينها لكن هي في نهاية الامر كلها تهتف بكلمة واحدة)) لترتعد الطبقات الحاكمة امام الثورة الشيوعية فليس للعمال مايخسرونه بنضالهم سوى قيودهم وما سيكسبون : عالما بأسره ."ياعمال العالم اتحدوا" )) .