عن الشعب السوري العظيم و الثورة السورية العظيمة


مازن كم الماز
الحوار المتمدن - العدد: 6220 - 2019 / 5 / 4 - 12:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية     

إذا تجاوزنا البلاغة الدارجة فإن هناك ما يشبه الإجماع على حاجة الشعب السوري "العظيم" إلى وصاية خارجية .. هذه الوصاية متحققة بالفعل في مناطق سيطرة النظام و مناطق سيطرة معارضته , ليس فقط بالمعنى العسكري و السياسي بل بالمعنى الحياتي اليومي المعاش .. من مطالبة للمجتمع الدولي بالقدوم و القضاء على النظام و داعش إلى مسؤولية المجتمع الدولي عن تحقيق الحل أو الانتقال السياسي إلى مسؤوليته عن استقبال السوريين و إطعامهم و إسكانهم الخ .. ليس هذا فقط , إذا كذب السوري أو اغتصب أو سرق أو قتل فإنه ليس مسؤولا عن أفعاله .. لا أعرف ماذا يعني هذا , هل يعني أن السوري يعامل معاملة الأطفال القصر أو المختلين عقليا .. هذا الخطاب يردده الجميع ما عدا سادة الأرض و الأمر الواقع في سوريا من جلادي النظام إلى جلادي هيئة تحرير الشام , النصرة سابقا .. لكن إذا تركنا المجتمع الدولي الذي يستحوذ على تفكيرنا و على آمالنا و عدنا إلى أنفسنا قليلا , يمكن القول أن ما نعيشه اليوم يعود إلى لحظتين فارقتين في تاريخ سوريا و ثورتها العظيمتين : وقعت الأولى عندما كان الدور على العلويين , الجماهير العلوية و المثقفين العلويين , لكي يتخلصوا من ظل النظام و شبيحته , لكي يتصرفوا كبشر لا كأفراد في القطيع , لكن صمت أغلبيتهم على جرائم النظام و شبيحته في البداية استحال صمتا أبديا , لقد أصبح مصيرهم بيد الشبيحة .. جاءت اللحظة التالية عندما جاء الدور على السوريين السنة , جماهيرا و مثقفين , كي يتصرفوا كبشر لا كقطيع , لكن قطيعيتهم و صمتهم على الدماء ترك صوتهم و مصيرهم بيد الجهاديين .. الصمت على جثة حمزة الخطيب ثم على جثة بارين كوباني ثم آلاف آلاف الجثث الأخرى أنهى أي احتمال لأي ضمير عابر للطوائف , أي شيء إنساني فوق قطيعي .. أخلاقنا المزعومة تعتمد على عدد الضحايا أو مستوى همجية الخصوم , إنسانيا لا فرق بين قتل ألف و قتل مليون , بعد رقم معين من الضحايا لا معنى لمواصلة العد .. و الصمت على تقطيع أوصال شخص ما , إنسان ما , و ما أكثر من قطعت أوصالهم في سوريا , سنيا كان أو علويا أو كرديا أو عربيا , يكفي للسقوط .. نحن اليوم محكومون بالقطيع , لكن هذا كان باختيارنا .. في تلك اللحظتين أصبحنا بالفعل عبيدا للأسد و للدواعش و خسرنا أية إمكانية لنكون أحرارا , تحولنا من قطيع إلى قطعان لكل منها أسدها و شبيحتها .. لم يبق أمامنا إلا ما يسمى بالمجتمع الدولي ليخلصنا من أنفسنا و ساداتنا و قتلتنا الذين فرضوا أنفسهم علينا بمحض اختيارنا .. كما قال القس الألماني مارتن نيمولر , في البداية جاؤوا باحثين عن الشيوعيين , لكني صمتت لأني لم أكن شيوعيا . ثم جاؤوا يريدون اعتقال النقابيين , بقيت صامتا لأني لست نقابيا .. ثم جاؤوا يريدون اليهود , فلم أتحدث , لأني لست يهوديا . و عندما جاؤوا يريدون اعتقالي , لم يبق أحد ليتحدث عني .. هذه النكتة المأساوية وقعت بتفاصيلها في سوريا , لكنه ليس وقت الضحك عليها بعد , الجميع منشغلون بترديد كلمات دريد بن الصمة " وهل أنا إلا من غزية إن غـوت غويت و إن ترشد أرشد" , بينما نتلفت حولنا و نتساءل و نبحث , هل من يخلصنا من غزية