فوقوا بقى - مائة تناقض فى القرآن من 41 إلى 60


سامى لبيب
الحوار المتمدن - العدد: 6203 - 2019 / 4 / 17 - 19:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

- مائة تناقض فى القرآن من41 إلى 60 .
- الأديان بشرية الفكر والهوى والتهافت (115) .

هذا البحث يعتنى بالتناقضات فى القرآن من تجميعاتى لسلسلة مقالاتى السابقة المعنونة "زهايمر - تناقضات فى الكتابات المقدسة" ليقتصر هذا البحث على التناقضات فى القرآن فقط ..لأمهد بهذا التجميع إلى إصداره فى كتاب إنترنتى , وكدلائل قوية على بشرية الأديان , ولكنى لا أقصره على هذه الغاية فحسب , فالمائة تناقض فى القرآن التى تضم كتاباتى السابقة فى نقد تناقضات القرآن وما سيستجد من كتابات لتكون موسوعة كاملة أهديها للمدعو بشاراة أحمد عرمان ذاك السلفى القميئ الذى يتوهم أنه يرد على كتاباتى فلا تكون ردوده سوى محاولات مستمرة من السب والإساءة والإزدراء مصحوباَ بتلفيقات ومرواغات , لتصل به البجاحة والكلاحة حداً أن يعلن عليّا صفقة بأن أتخلى عن نقد الإسلام فى سبيل الكف عن إساءاته وسبه لشخصى .!
فى الحقيقة لقد إنصرفت من فترة عن نقد الإسلام لأعتنى بمواضيعى الفلسفية ونقد فكرة الإله ليكون تطرقى للأديان فى مدى إنتهاك شرائعها وثقافتها لكرامة وحرية الإنسان فقط .. إذن هذه الموسوعة من تناقضات القرآن هى لتحدى المدعو بشاراة احمد وإيلامه وإذلاله وليعلم أنه لن يفلح بسبابه وإساءاته أن يوقفنى تاركاً له الألم والحسرة ولأدعه يضرب أخماس فى أسادس مع نصوصه المهترئة .
دعونا فى هذا البحث نعرض مشاهد من القرآن تثبت بجلاء بشرية النص عندما تعتنى الآيات بمشهد خبري إخباري وحدث وتاريخ , فهنا لن تجدى أى محاولة للإلتفاف والتلفيق والتبرير كون الحادث يُفترض أنه حدث ذو وجه واحد من الحقيقة ,هذا فيما يخص السرد الإخبارى فى القرآن كذا لا يجوز التخبط والتناقض فى سرد الإله عن يوم القيامة وماذا سيفعل فى الكافرين فهو هنا يروى من علمه المطلق ليكون التخبط والتناقض غير منطقى , ليصب فى إعلان بشرية النصوص وما إعترى مؤلفها من رؤى وأهواء وأمزجة , لذا لن نطالب هنا أن يتحلى أحد بعقلية حيادية نزيهة ولا موضوعية ولا أن يتخلص من نظرته المقدسة , فالمشاهد بما تحمله من جلاء ووضوح كفيلة ان تثقب العيون الغافلة وتصفع العقول المُخدرة بسكرة المقدس من تناقضاتها الفجة , فلن يجدى معها أى مرواغات وإلتفافات باحثة عن تبرير وتلفيق فهى لن تترك سوى الحرج الذى سيُلجم التهافت ويدفع العقل أن يتحرر قليلاً من شرنقته ليدرك بشرية الأديان .

41 - هل السيئة من الله أم من أنفسنا ؟
فى سورة النساء لدينا آيتان متتاليتان والغريب أنهما متجاورتين هذه المرة ففى النساء 78:4 ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ) ولكن فى الآية التالية لها النساء 79:4 ( مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ). !
ففى الآية الأولى تقر بشكل واضح أن الحسنه والسيئة من عند الله أما الآية الثانية تجعل الحسنه فقط من الله أما السيئة فمن البشر لتشكل هاتان الآيتان إشكالية كبيرة أدت لظهور مذهب القدرية كفصيل فكرى إسلامى ,فهل السيئة من الله أم من أنفسنا .
فى الحقيقة ان كثير من الآيات القرآنية تجعل السيئة من الله كونه يفتن ويضل مثل قوله ( قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ ) طه 20 و( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) العنكبوت 3:29.. أرى أن الآيات التى تعلن عن أن السيئة من الله جاءت لإرهاب البشر من هذا المنتقم العظيم .

42 - هم مشركون أم غير مشركين أم هى إرادة النكاح .!
من التناقضات التى تتسم بالغرابة والطرافة موقف الشرع الإسلامى من زواج المسلمين بالكتابيات , فالقرآن يُحلل هذه الزيجات ففى المائدة5:5 ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ) . لتبقى هذه الرخصة قائمة حتى اليوم كتشريع إسلامى .. ولكن علينا الإنتباه أن الإسلام حرم الزواج من المشركات ففى البقرة 221:2 ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ) . وفى النور3:24 ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة … وحرام ذلك على المؤمنين) .
وفق آية المائدة 5:5 نجد المسيحيات لسن مشركات , ولكن التناقض يطل علينا عندما يعلن القرآن صراحة فى عدة مواضع عن كفر وشرك أهل المسيحية , ففى المائدة72 ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) . وفى نفس سورة المائدة ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُم ) . ليتكرر هذا فى مواضع عدة من القرآن , ففى التوبة 9: 31 (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ). وفى المائدة 72 ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ) - كذلك قوله ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ) .
الآيات السابقة تفضح شرك وكفر المسيحيات فكيف يحل الزواج منهن ؟ فلا تنسى بأن هناك أمر إلهى ناهى بعدم نكاح المشركات ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ) . فأليس هذا تناقض يثبت أن النصوص يتم تأليفها وفق الهوى فلا تراعى الدقة والتركيز , ولتلاحظ أن هذا يدين محمد أيضا وذلك بنكاحه ماريا القبطية فهى مشركة وفق آيات سورة المائدة , فبماذا تفسر هذا ؟!
دعونا نبحث فى هذا التناقض الذى يدل أيضا على بشرية النص , فالنبى أحل الزواج من الكتابيات فى آية المائدة5:5 يحركه رؤى سياسية , فهو أراد التودد للنصارى حتى يقبلوا برسالته ويعتمدوها كإبراهيمية المنشأ , وفى نفس الوقت يعطى بحبوحة جنسية لتابعيه بالزواج من النصرانيات الجميلات من اهل رومية وقسطنطنية فى سبيل فتح المجال أمام الرغبات الجنسية أن تتحقق وتتنوع بلا قيود .! مع رؤية سياسية بأن الزواج منهن يعنى تمدد الإسلام مستقبلاً فهاتى النصرانيات أوعية للجنس والمتعة والإنجاب ستصب فى مصلحة المجتمع الإسلامى مستقبلاً بإذابتهن فيه , ولنرمى الآيات التى تصف كفرهن وشركهن وراء ظهورنا .!

43 - عروج الملائكة واليوم الإلهي .
( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )المعارج 4:70.
( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) السجده 32:5 .
لنا ملاحظات على هاتين الآيتين أولهما التناقض الواضح فى عروج الملائكة إلى الله فى يوم مقداره خمسين ألف سنه وفى مرة أخرى فى يوم مقداره ألف سنه فأيهما الصحيحة ؟! أما الأخطاء والتناقضات الأخرى فلا تقل فجاجة فهاتان الآيتان تجعلان الله المُفترض محدود و مشخصن وفى حدود الزمان والمكان , لتجعل له مكان تقطع فيه الملائكة ألف سنه أو 50 ألف سنه للوصول لقلعته , وإذا إعتبرنا الله ذو مكان فالإشكالية الأخرى أن المسافة بين الإله والأرض لن تكون خمسين ألف سنه مما تعدون بل قل ألف مليار سنه وفقا لما أدركناه عن سعة الكون .

44 - التخبط والزهايمر على أشده لينال إحصاء الملائكة .
فى غزوة بدر أرسل الله مدد من الملائكة لتشارك المسلمين القتال ولسنا بصدد السخرية من هذه الفنتازيا ولكن الزهايمر الذى إعترى هذه القصة الفنتازية , فيشير القرآن أن عدد الملائكة كان ألفاً وفى موضع ثانى صار ثلاثة آلاف وفى موضع ثالث ملاصق للموضع الثانى صار خمسة آلاف .!
فى الأنفال 9 ( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ) . وفى آل عمران 124 و125( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتتقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِم هَذَا يُمْدِدكُمْ رَبكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ منَ الْمَلَائِكَةِ مُسَومِينَ125) .!

45 - لن يفلحوا أن يأتوا بسورة أم عشرة أم كله .
ظاهرة فى القرآن هى التكرار ولا أعرف ما معنى التكرار وهل يقترب من البلاغة , ولكن دعونا من هذا فظاهرة تكرار معلومة أو سرد مشهد محدد جلب التناقض كما رأينا فى الصور السابقة ولنجد تضارب آخر فى تحدى القرآن المخالفين والكفار أن يأتوا بسورة من مثله بالرغم أن هذا التحدى غريب وغير منطقى فلن يوجد عمل بلاغى يشبه الآخر كما أن التقييم نسبى ويعتمد على تذوق وتقييم المتلقى , ولكن دعنا من هذا أيضا لنجد القرآن يختلف فى التحدى فمرة يطلب سورة وأخرى يطلب عشرة وفى مرة أخرى يطلب مثيل القرآن كله ففى البقرة:23-24 يتحدى طالباً سورة ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ،وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) , وفى هود:13 يتحدى بالإتيان بعشر سور ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سوره مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) , وفى الإسراء:88 تحدى بالإتيان بالقرآن كله ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً).!

46 - فلتقدموا صدقة وإذا زعلتوا فلا داعى .!
فى المجادلة 12( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) . أى يا ايها المسلمين عندما تترجوا لقاء الرسول فلتقدموا صدقة , ولكن هذه الآية لم تعجب المسلمين ولم تجد صدى إلا من على ابن ابى طالب , ليسارع النبى بإلغاء هذه الآية بالآية التى تليها مباشرة ! ففى المجادلة 13 ( أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيموا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ).
من تفسير ابن كثير : قال مَعْمَر، عن قتادة: "إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً إنها منسوخة: ما كانت إلا ساعة من نهار !. وهكذا روى عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن مجاهد قال علي: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وأحسبه قال: وما كانت إلا ساعة " !. وقال علي رضي الله عنه: "آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بدرهم، فنسخت ولم يعمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي ".
هذا هو المشهد كما كان والذى يُنبئ بأننا أمام نصوص بشرية يجرى تأليفها والتراجع عنها وفقا للأحوال , والغريب والطريف أن الآيتين متجاورتين أى لم تجف مداد الآية الأولى بعد حتى تم تغيير المواقف , فلو إعتبرناها إلهية فماذا يعنى هذا ؟ فألا يعرف الإله إنصراف المسلمين عن تقديم صدقة عند مناجاة محمد , وإذا إعتبرنا الآية صالحة لكل زمان ومكان فلمن تقدم الصدقة الآن ومحمد قد مات .!

47 - الأنفال لمن ؟ .
الأنفال هي المسروقات التي كان يتم نهبها في الحروب وقد قال محمد أنها من نصيبه ( يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ) ولأن هذه الآية فيها تجاوز على حقوق المقاتلين كون محمد يريد الإستحواذ على كل الغنائم فسيتبع هذا حالة من التذمر والتململ والإنصراف عنه ليضطر مكرهاً إستبدالها بآية ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وللرسول ) ليصير الخمس له والأربعة أخماس للمقاتلين , فأليس هذا تناقض وتخبط فى قرار وحكم إلهى بل يصيب الله بعدم المعرفة والإدراك , أم أن الآية الثانية جاءت من تأليف محمد كالأولى بعدما تلمس أن إستئئثاره بالغنائم سيصيب المقاتلين بالتذمر والإنصراف عنه .
ألسنا أمام نصوص بشرية تأتى مواكبة وملائمة للظرف السياسى فلا تجد غضاضة فى التغيير , ولمن يتحدثون عن صلاحية الآيات لكل زمان ومكان فهل لهم أن يحدثوننا كيف يتم تطبيق تلك الآيات والرسول غير حاضر ليأخذ الكل أو الخمس ؟! .

48 - التناقض والإختلاف فى آيتين متجاورتين وفقا للحالة العسكرية والمعنوية .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ • الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال65-66
هاتان آيتان متتاليتان فى سورة الأنفال هما 65 و66 لنشهد تناقض غريب وعجيب , فالآية 65 تذكر أن 20 مقاتلاً إسلامياً يغلبون مئتين من الكفار ومائة يغلبون ألفاً أى بنسبة 1: 10 ثم تأتى الآية الأخرى المجاورة لها والملتصقة بها تماماً لتغير النسبة وتجعلها بنسبة 1: 2 فمائة مقاتل يغلبون مئتين فلا نجد من يندهش أمام هذه النصوص ولا تتحرك آليات دماغه ليقول ماهذا التناقض الفج. ؟!
الفقهاء أحسوا بالورطة فأخرجوا الحل السحرى بالناسخ والمنسوخ , فالآية الثانية نسخت الأولى ليتصوروا أن هكذا تم حل الإشكالية , ولكن هاتين الآيتين تصف الله بعدم المعرفة والجهل والتسرع وما يؤكد هذا قوله ((الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ)) , ((وَعَلِمَ)) أن فيكم ضعفا , فمعرفة الله تمت فى حينها " الآن " والإدراك تم فى حينه " علم " أى أن علمه ومعرفته حادثة جاءت بعد الحدث فقد عرف " الآن" بينما المُفترض أن هذه المعلومة مُدركة منذ الأزل بحكم أن الله مطلق المعرفة وعالم الغيب ومُدون لها فى اللوح المحفوظ .!
بالطبع نسب الآيتان لله سيصيب فكرة الإله بالخلل الشديد فنحن أمام إله يجهل الحدث وليس لديه معرفة كلية ليصدر حكمه ثم يلغيه بعد أن شاهد التجربة أمامه أم لنا أن نرى المشهد برؤية موضوعية منطقية عقلية , فالنبى أراد شحذ نفوس مقاتليه وتوسم فيهم خيراً كثيراً وآمالاً عريضة بقدرتهم على قتال الكافرين بنسبة 1: 10 فتلى عليهم هذه الآية وعندما أثبت له الواقع والأقربون صعوبة هذا قام بتخفيض النسبة إلى 1: 2 .
ألم يفكر أحد أن تلك الآيتان تثبتان أننا أمام فكر بشرى مُتردد مُتسرع يريد تشجيع مقاتليه فنسب إلى الله فكرة أن المجاهدين يقاتلون عشرة أمثالهم وعندما وجد أن هذا مُبالغ فيه خفض النسبة إلى 1: 2 , فالأمور بسيطة لا تطلب إلا شوية وحى ولنرتب الأمور على مزاجنا وفقا لحال المقاتلين وإحباطهم ولا مانع أن نجعل الله يعلم الآن , كذلك لم يفطن أحد بأن الآيتين متلاصقتين متجاورتين لأتصور أن الآية الأولى 65 ذكرها النبى وعرضها على أصحابه ومقاتليه ليجد إحباط فالنسبة مغالٍ فيها وقد تعطى نتائج وخيمة , فيتراجع ويدخل خيمته معدلاً النسبة إلى 1: 2 ويخرج بالآية الثانية 66 ..الغريب أنه لم يجد أى غضاضة أن يغير النسبة ويحتفظ بالآية 65 كما هى , فلا مشكلة فقد نسخها أو بمعنى آخر نسخها الله ..أمور تمر بسهولة وغرابة ولكن أين العقل الذى يتوقف .! ألسنا أمام كتابات بشرية لحما ودما وإنفعالاً وهوى .

* تخبط وتناقض فى سرد مشاهد من يوم القيامة .
التناقض فى القرآن لا يكتفى بتناقض الرؤى والأفكار والتشريعات فقط بل يمتد إلى أحداث يوم القيامة التى هى بمثابة إخبار ومعرفة الإله لعالم الغيب الذى لا يشاركه أحد فى المعرفة , أى أننا أمام تناقضات غريبة عندما تتناقض الآيات التى تخبر عن يوم القيامة التى هى معرفة وإرادة إلهية محضة خالصة لا تقبل التضارب بحكم أنها خبرية ومعرفته .
49 - يوم القيامة قريب أم بعيد .
ينذر محمد الكافرين فى زمنه عذاباً "قريبا" ( إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) النبأ4 . وفى آية أخرى ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) محمد 18. ولتلاحظ "جاء أشراطها" .
ومن الأحاديث التى تعطيك دلالة قوية على قرب يوم القيامة فى زمن النبى . جاء فى صحيح البخارى – الادب ( حدثنا ‏ ‏عمرو بن عاصم ‏ ‏حدثنا ‏همام ‏عن ‏ ‏قتادة ‏‏عن ‏‏أنس ‏أن رجلا من أهل البادية أتى النبي ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال يا رسول الله متى الساعة قائمة قال ويلك وما أعددت لها قال ما أعددت لها إلا أني أحب الله ورسوله قال ‏‏إنك مع من أحببت فقلنا ونحن كذلك قال نعم ففرحنا يومئذ فرحاً شديداً فمر غلام ‏‏للمغيرة ‏‏وكان من أقراني فقال إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة ) .
أذن ماذا نسمى هذه التصريحات على لسان محمد وقد سبقه المسيح فى هذا الإعلان والتصور عن قرب يوم القيامة ..فهل نقول أنهم أخطأوا التقدير والحساب أم ماذا ؟! .
أتصور أن إدعاء الأنبياء بقرب يوم القيامة هى عملية ترهيب بكل معنى الكلمة بخلق جو من الرعب والفزع فى جموع البشر بغية إنسحاقهم وإنبطاحهم تحت نعال المشروع الدينى الأجتماعى , ولا يخلو الأمر من إستحضار روح ثقافة باسكال بمعنى إننا لن نخسر شيئا إذا صدقنا هذا النبي وتجاوبنا مع إطروحاته فلعل كلامه يكون صحيحاً ونواجه أهوال يوم القيامة حينئذ نكون جاهزين لمواجهة ويلات هذا اليوم , ولكننا سنخسر كثيرا إذا ضربنا بكلامه عرض الحائط وكان هناك مثل هذا اليوم .. أتلمس العذر لأجدادنا الذين إنسحقوا وراء خرافة يوم القيامة فمازال أحفادهم ينسحقون وراء هذا الكلام القديم ويجددوا روح باسكال على الدوام ! .

50 - هل يقدم الكافر كتابه بشماله أم وراء ظهره ؟ .
فى الانشقاق 7-12( فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب الى اهله مسرورا وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا ويصلى سعيرا ) أى أن الذى سيأتى كتابه من وراء ظهره فسيصلى بنار جهنم , ولكن فى الحاقة 19-31 ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيه إِنِّي ظَنَنتُ أَنّي مُلاقٍ حِسَابِيه فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَة وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ ) . أى من يقدم كتابه بيساره فسيصلى فى نار جهنم ولا عزاء لأصحاب اليد اليسرى .. فأيهما صحيحاً هل من يقدم كتابه من وراء ظهره أم بيساره , ولنلاحظ أن الآيتان خبريتان لمشهد فى يوم الدينونة وليس حكم شرعى أو وجهة نظر تتحمل التغيير والنسخ مع تحفظنا على قول النسخ .

51 - عُمى صُم بُكم أم يتكلمون ويرون .!
الله بحكم علمه المطلق بالغيب فهو يدرك مشهد يوم القيامة ليُفترض أن تفاصيل هذا المشهد واحدة فى كتابه ومدوناته ولكننا نصطدم بالتناقض والتخبط فى سرد هذا الحدث ليأتى بمشهدين متضاربين فما يؤكده هنا ينقضه هناك مما يدل أننا أمام كتابات بشرية تنتج أفكارها وخيالاتها وفق اللحظة .
يقول الله في قرآنه (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ) . أى أنه سيحشر المذنبين عُمى بكم صم ويؤكد هذا الإبتلاء بالعمى فى موضع آخر ( مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ,قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) .
واضح من الآيتين أن الله سيحشرهم يوم القيامة بكماً صُماً عُمياً لا يرون ولا يتكلمون ولا يسمعون , ولكن هناك آية أخرى تناقض هذه الصورة لتأتى بالنقيض والعكس ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) . لنجد الكفار يكفر بعضهم بعض ويلعن بعضهم بعض أى يتكلمون وليسوا بُكم , فإذا كان الله سيحشرهم بُكم فكيف سيتلاعنون , وإذا كانوا صُم كيف يستطيعون سماع اللعنات والشتائم , وإذا كانو عمياً فكيف سيرون بعضهم بعضا ليلعنوا بعضهم بعضاً .!

52 - هل ينطقون أم لا ينطقون .؟!
فى مشهد إخبارى آخر عما سيدور فى يوم القيامة سنجد تأكيد للمشهد السابق فالله يقول ( يوم نختم على أفواههم ) وأيضاً (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) وكذلك ( ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ) مما يدل أن الكفار فى يوم القيامة ممنوعون من الكلام حتى للدفاع عن أنفسهم .. ولكننا نجد في آية أخرى أنهم ينطقون ويتكلمون بحرية ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ ) فصلت- وفى آية أخرى (ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) الأنعام- وفي آية ثالثة فى سورة الأنعام أيضا ( وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ) .
إذن لدينا آية تقول بإخراس الكفار عن النطق فى يوم القيامة ( يوم نختم على أفواههم ) , (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون) وآيات أخرى نجدهم ينطقون ويتكلمون فما معنى هذا سوى اننا أمام تناقض وتضارب شديد لن تجد من يسعفه أو يبرره فهو يتناول مشهد إخباري من علم الله ومن هنا لن تخرج الأمور عن وصف بشري لمشهد متخيل تأثر هذا الوصف بما يعتمل في النفس من مشاعر وانفعالات لحظة التصور .

53 - يتساءلون أم لا يتساءلون .!
فى نفس هذا السياق المتضارب لمشهد يوم القيامة يقول ( فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون) كما يؤكد هذا المشهد الرهيب عن يوم القيامة بقوله ( يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه) فهو موقف لن يلتفت المرء فيه لأخيه ولا لأمه ولا لزوجته فضلاً عن أن ينشغل بباقي الناس فعبر القرآن عن هذا بالقول أنهم "لا يتساءلون" ولكننا نجد القرآن في آية أخرى يقول ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) ويقول أيضاً ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) مما يدل على أن الكفار يتساءلون ويتلاومون .فهل يتساءل الكفار يوم القيامة أم لا؟!

54 - الله سيسأل البشر يوم القيامة أم لا ؟!
بالطبع سيُسأل البشر يوم القيامة وإلا ما معنى كل هذه الجلبه والضوضاء التى أتحفنا بها القرآن , فعندما يأتى الحديث عن يوم القيامة يقول الله في القرآن ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون )الحجر92:15 كما يقول في آية أخرى (ولتُسئلن عما كنتم تعملون) . ويقول في آية ثالثة (فقفوهم إنهم مسئولون ) . وفي رابعة يقول ( فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين . وفى خامسة ( تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) النحل 16 .
لا نجد حاجة لشرح هذه الآيات فمعناها واضح ولا أحسب أن المسلم لا يعرف أن الناس مسلميهم وكافرهم سيسألون عن أعمالهم يوم القيامة.. ولكننا نجد آية أخرى تقول ( ولا يُسْئَلُ عن ذنوبهم المجرمون ) القصص28 . كما يقول (فيومئذ لا يُسئل عن ذنبه إنس ولا جان )الرحمن 55 .
فهل سيُسأل الناس يوم القيامة أم لا؟! أم أن الله لم يستقر على رأي في هذا الشأن .. يحاول أهل التأويل المراوغة بتفسير عدم سؤال المجرمين بأن الملائكة لا تسأل عنهم, لأنهم يعرفونهم بسيماهم فهكذا الأمور فى يد الملائكة تعرفهم وكأن الأشرار ذو وجوه قبيحة ولكن نسى أهل المرواغة أن السؤال لا يخص الملائكة بل الله حصراً لا شريك له فسيسأل الناس أجمعين " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون " و "فيومئذ لا يُسئل عن ذنبه إنس ولا جان" . فالكلام واضح ولم يقل سيسأل الأخيار ناهيك عن إختلال قصة العدل والمحكمة الإلهية حينما لا يُسأل الناس أجمعين .

55 - بصرهم حديد أم عُمى .
فى سورة ق 21 ( بصرك اليوم حديد ) لتعارضها الاية 44 من حم غسق ( خاشعون من الذل ينظرون من طرف خفي ) وتناقضها الاية 124 من سورة طه ( ومن أعرض عن ذكري.نحشره يوم القيامة أعمى ) .!

56 - هل شركهم بإرادتهم أم بإرادة الله ؟ .
مشهد آخر لا يخلو من التناقض الغريب بمقاييس القرآن نفسه , فالقرآن يخبرنا عن سؤاله للمشركين يوم القيامة عن سبب إشراكهم به فيقولون أن الله هو السبب في ذلك إذ لو شاء لهم عدم الشرك ما أشركوا . وهذا منطق متسق مع المنطق الإسلامى القائل بأن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء , ولكن الله يعيب عليهم هذا القول ويتهمهم بالكذب ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنَا وَلا آَبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) الانعام6: 148 . ولكن يبدو أنه نسي ما قاله في آية سابقة بنفس السورة ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ) الانعام 148 ,فهو يقر صراحة بأنه السبب في إشراكهم وفق مشيئته ويتأكد هذا الأمر فى مواضع عدة بالقرآن ( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) . وفى الأنعام 35 ( لو شاء الله لجمعهم على الهدى ) . وفى يونس 99 ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) . وفى هود : 118 (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) و(وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) .. ليطل علينا التناقض , فالله لا يريد هدايتهم ليبقوا فى الشرك ولكنه ينفى عن ذاته فى آية الانعام6: 148 إدعائهم أنه لولا مشيئة الله ما أشركوا هم ولا أباءهم ليصفهم بالكاذبين , فأين كذبهم إذا كان قد أقر فى مواضع عدة بأنها مشيئته .!

57 - عذاب الكافرين فى الآخرة أم فى الدنيا والآخرة .
مشهد عذاب الله للكافرين يعلوه الإرتباك والتناقض , فهل هو فى الآخرة فقط أم فى الدنيا والآخرة , ففى فاطر 36 ينبأ عن عذابهم فى الآخرة ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ) . ولكن فى آل عمران 56 ينبأ عن عذابهم فى الدنيا والآخرة ( فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) .

58 - ماهو طعام أهل الجحيم ؟ .
عن طعام أهل الجحيم نجد الله يخبرنا أنه الضريع حصراً وليس أى طعام آخر ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إلا مِنْ ضَرِيعٍ ) الغاشية 88 : 6 . ولكن يتناقض هذا فى الحاقة 69 ليجعله غسلين فقط ( وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ ) . وفى موضع ثالث سيجعلهم يأكلون من شجرة الزقوم ( أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلا أَمْ شَجَرَةُالزَّقُّومِ . إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ. فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) الصافات37 : 63 .. ليقول قائل أن كل هذا طعام أهل النار ولكنك لم تلاحظ الحصر بأنه الضريع ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ "إِلا" مِنْ ضَرِيعٍ ) وحصره أيضا للغسلين ( وَلا طَعَامٌ "إِلا" مِنْ غِسْلِين) !

59 - حتى الموقف من الجن متضارب .!
الموقف من أهل الجن يناله التخبط أيضا .. لنا أن نعرف أن الجِن للعبادة أيضا حسب القرآن بل منهم المؤمنون الذين لا يشركون ففى الذرايات 56 ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) وفى سورة الجن ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) . ولكن فى الأنعام 128 سيحشر الله كل الجن فى الجحيم ولتلاحظ قوله "جميعا" ( وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليم) .!

60 - التناقض والإختلاف فى نسب حضور المسلمين واليهود والنصارى فى الجنه .
نجد حضور أهل الكتاب فى الجنه أكبر من عدد المسلمين ( ثُلَّةٌ مِن الأوَّلين وقليلٌ مِن الآخِرين) سورة الواقعة 56 . "الثلة " هى الجماعة و"الأولين" هم اليهود والنصارى أما "الآخرين" فهم المسلمون .بينما فى نفس السورة (ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِريِنَ) سورة الواقعة 56: 39 و40-ولتتناقض الآيتان مع ( مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين ) آل عمران 3: 85.
فهل حضور المسلمين فى الجنه أقل من الآخرين أم متساوى الحضور ؟ وهل إحصاء الله خاطئ ؟ وما موقف هذا من قوله "من يبتغ غير الإسلام دينا فهو من الخاسرين " وأين ذهبت ثلة الأولين . ؟!
هذه الآيات واضحة محددة تختص بيوم القيامة كحدث مستقبلى يدركه الله بإعتباره كلى المعرفة ليخبر المؤمنين به أى أن الأمور لا تقبل ولا تسمح بالخلل والتضارب والتناقض , لأننا أمام مشهد إخبارى يذكر فيه الله حضور المسلمين واليهود والنصارى فى الجنه .
يمكن تفسير هذا التناقض باننا أمام كتابات بشرية وصل بها الحال أن تتغير وتتبدل وتتناقض بناء على تأثير الجمهور المتابع فنقرأ من كتب التراث تناول لهذا المشهد برواية الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : "حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت ثلة من الأولين وقليل من الآخرين شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الثاني! .

دمتم بخير وإلى لقاءات أخرى مع مائة تناقض فى القرآن .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .