تفريع الأهداف ... تقزيم القضية


عدنان الصباح
الحوار المتمدن - العدد: 6199 - 2019 / 4 / 12 - 16:08
المحور: القضية الفلسطينية     

عجيبة هي التسمية الأخيرة لمسيرات العودة والتي اتخذت من كسر الحصار شعارا لها والذي يعني بالنتيجة الإبقاء على جذوة مواجهة الاحتلال كأساس لتلك المسيرات بعيدا عن التراجع عنها لصالح فتح جبهات داخلية أو جانبية كتلك التي تتحدث عن التطبيع فعلى حدود غزة وعلى ارض فلسطين لا يقف المطبعين أبدا هناك وأيا كانت مساندتهم للاحتلال وتداعياته فإنها لا تصل للحلول مكان جيش الاحتلال ومن جانب آخر جاءت إضرابات الأسرى بحالة التفكك الداخلي للحركة الأسيرة كعنوان جانبي لقضية اخرى تضع نفسها في المقدمة وبظروف انقسامية حتى بالموقف منها والى جانب ذلك جاءت قضية الرواتب والظروف المعيشية والاقتصادية في الضفة الغربية لتطرح موضوعا جديدا معقدا وحادا يطال قوت الناس قبل أرضهم مما يعني انشغالات فلسطينية متداخلة ومختلفة ومعقدة تضع المواطن الفلسطيني أمام حالة من التوهان فهو بحاجة قطعا لمسيرات العودة التي شكلت تحديا قويا للاحتلال في بداياتها في حين ينشغل المواطن الغزي منفردا بانتظار حول لقضاياه الحياتية اليومية وفي الضفة الغربية انخرط المواطنين رغما عنهم في قضية الرواتب بعد أن انتهوا قريبا من قضية صندوق الضمان وقبلها قضية المعلمين واليوم لا يدري احد ما مستقبل راتبه رغم انه ينصت جيدا لقرارات القمة اللفظية أو الورقية عن سد العجز في ميزانية السلطة وينشغل المقدسيين وحدهم بالدفاع عن المقدسات والقدس ومقاومة الاستيطان والاقتلاع اليومي الذي يتعرضون له هم وبيوتهم ومواطنتهم نفسها وفي الجليل والمثلث والنقب تتعالى الأصوات اليائسة من المؤسسة السياسية والحزبية الفلسطينية بعد تحطيم القائمة العربية الموحدة وتراجع عدد النواب من 12 إلى عشرة مقاعد ناهيك عن إيذاء الحالة الفلسطينية في العمق الفلسطيني بتكريس الانقسام من جديد بعد الشعور بتجاوزه في الانتخابات السابقة وهو ما افقد المواطن الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب ثقته بممثليه وظهر ذلك جليل بارتفاع نسبة الناخبين العرب الذين أدلوا بأصواتهم للأحزاب الصهيونية وحسب موقع عرب 48 فان " النتائج الرسمية غير النهائية، أظهرت حصول الأحزاب الصهيونية على 123 ألف صوت تقريباً في البلدات العربية، أي ما يوازي نسبة 29.7% من مجموعة الأصوات العربية الصحيحة وأوضح الموقع، أن ذلك لا يشمل المدن المختلطة يافا واللد والرملة وعكا وحيفا ومعلوت ترشيحا ونتسيرت عيليت، فيما حصلت الجبهة والطيبي على 182 ألف صوت، وتحالف الموحدة والتجمع على 138 ألف صوت تقريباً." ناهيك عن النكوص الواسع عن المشاركة في التصويت غضبا أو رفضا أو فقدان للثقة بكل الحراك السياسي الغير مجدي برأي البعض ممن لم يجدوا في المشاركة العربية في الكنيست الصهيوني أي معنى على الإطلاق.
إلى جانب كل ذلك تأتي قضية الأسرى كقضية أخرى تظهر الأحداث المرافقة للإعلان عن بدء الإضراب تراجع خطير في تأييد ذلك الإضراب ليس في الشارع الفلسطيني فقط وإنما في أوساط الأسرى الذين انقسموا أيضا على حالهم في موضوعة حقوقهم بين مؤيد أو معارض لخوض الإضراب وبعكس حالة التأييد الشعبي الواسع الذي حظي به الإضراب السابق يأتي الإضراب الحالي وكأن الشارع الفلسطيني قد أدار ظهره لمطالب الأسرى وحقوقهم ويعتقد البعض أن نتائج الإضراب السابق لم ترق لمستوى النضال الذي خاضه الأسرى وشعبهم من خلفهم وهم يخشون أيضا من تكرار تجربة للفشل من جديد علما أن الشعب الفلسطيني لم يعد قادرا على احتمال الذهاب به إلى فشل متواصل على عديد الجبهات وفي المقدمة الجبهة الداخلية وقضية الانقسام على كافة الأصعدة.
هناك معركة حقيقة تطيح بكل شيء وهي معركة شطب القضية الوطنية الفلسطينية بمؤامرة كونية أيا كان اسمها صفقة أو صفعة للعصر أو للقرن فهي في المحصلة القضية الأكبر والأبرز والانشغال عنها بأي قضية جانبية أيا كانت أهميتها لا تعني سوى العجز عن المواجهة ورفض التوحد في مواجهتا على الأرض والابتعاد حتى عن التفكير والبحث عن آليات لهذه المواجهة يصل حد الاستكانة وانتظار ما سيحدث لا مواجهته قبل حدوثه علما أن الجميع على الإطلاق يتحدث علنا عن أن تلك الصفعة يجري تنفيذها ولا نفعل شيئا سوى قراءة الأحداث والتداعيات اليومية لمثل هذا التنفيذ وما ضعف وسخافة الرد على أسرلة الجولان إلا مواصلة لسخافة ما جاء من رد على أسرلة القدس وبالتالي فان الحال الذي نحن عليه لا يبشر بأي خير على الإطلاق حين ستسعى جبهة الأعداء غدا إلى أسرلة وتمزيق أراضي الضفة الغربية والقدس في حال الترهل والفرقة الذي نعيش والذي قد يصل بنا إلى شعار كل فرد فينا أيا كان موقعه " ما دام راسي سالم " فلتخرب كل الدنيا وهو ما يحاول البعض إغلاق عينيه وإذنيه عن سماعه حاليا في الشارع الفلسطيني ولدى المواطن العادي الذي فقد ثقته بكل شيء ولا يخفى على احد على الإطلاق أن تحطيم القيمة والقدوة شخصا أو حزبا أو فكرة هي مقدمة الهزيمة الأسوأ في حياة أي شعب وهو ما نفعله حاليا بأنفسنا.