الدعم الاميركي غير المحدود ومأزق دولة اسرائيل الصهيونية العنصرية


عواد احمد صالح
الحوار المتمدن - العدد: 6194 - 2019 / 4 / 7 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     


دولة اسرائيل ومن وجهة نظر ماركسية وديمقراطية وانسانية هي دولة قومية دينية فاشية وعنصرية بكل ما لهذه الجملة من معنى فهذه الدولة الصهيونية تقتل الفلسطينيين وتشردهم وتدمر بيوتهم ومنشأتهم كل يوم وترفض الاعتراف بحقوقهم وتتدخل في سوريا وتحتل الجولان وتقصف المواقع السورية ولديها قمر صناعي يتجسس على سوريا والعراق ومصر والاردن ولبنان وياتيك اذناب اسرائيل ممن يسمون ( مثقفين) واشباه يساريين يدافعون عن حسنات الكيان الاسرائيلي اذ يقول البعض منهم ان اسرائيل (دولة ديمقراطية واكثر تحضرا ونظافة من العرب هكذا !!! ) ، كما يدافع اذناب اميركا عن احتلالها وتدميرها للعراق.. يبدو ان اللوبي الصهيوني يعيش اليوم بين ظهرانينا.. اما الانظمة العربية التي تطأطأ الرؤوس لاميركا والغرب فهي انظمة عميلة وعاجزة والقول الفصل لشعوبها .في مشروع التغيير المفترض.
ان دولة اسرائيل تعيش اليوم مازقا حياتيا وجوديا حقيقيا يتمثل في الاساس في جملة امور : انهيار عملية السلام مع الجانب الفلسطيني ورفضها حل الدولتين وتأخر التطبيع مع الانظمة العربية وتحدي السلاح الايراني وسلاح حزب الله اللبناني ورفض مجلس الامن واغلب الدول الاوربية الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وضم الضفة الغربية واخيرا الاجماع في مجلس الامن الدولي على رفض ضم الجولان السوري المحتل الى اسرائيل بموجب الوثيقة الموقعة من ترامب واغلبية الكونجرس الاميركي الذي قال عنهم الصحفي الاميركي توماس فريدمان انهم ((ترامب والكونغرس يحبون إسرائيل حتى الموت )) . ان تأييد ترامب والكونجرس غير المحدود لاسرائيل ودعمها بقرارات الالحاق والضم الاخيرة سيكرس ويؤكد بشكل واضح وامام الراي العام العالمي طبيعتها القومية العنصرية الفاشية .وسيشكل هذا الامر مازقا حقيقيا للدولة الصهيونية يؤدي بها الى شبه عزلة ورفض من المجتمع الدولي .

ان اشعال الصراعات الطائفية والمذهبية وتشغيل المنظمات الارهابية المختلفة الاسماء والالوان خلال المرحلة الممتدة من 2003 بعد احتلال العراق ، وطرح مشروع الشرق الاوسط الكبير من قبل الولايات المتحدة ثم تكوين ودعم المنظمات الارهابية بعد عام 2011 من قبل مجموعة المحور الاميركي السعودي الخليجي التركي ، كان يهدف الى تقويض كيانات الدول العربية التي تحكمها انظمة البرجوازية القومية المناهضة للإمبريالية لاستبدالها بالبرجوازية الاسلامية الطائفية المغرقة في الرجعية التي تتوافق مع اجندة الامبريالية الهادفة الى احداث الفوضى وتفتيت دول المنطقة وتحويلها الى كيانات طائفية متناحرة في مجمل منطقة الشرق الاوسط . وكان هذا المشروع الاميركي الغربي الاسرائيلي الخليجي من احد اهدافه الرئيسية تحقيق امن اسرائيل الدائم وابعاد الصراعات عنها واسدال الستار على ( الصراع العربي الاسرائيلي ) ودفن ما يسمى عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وبالتالي القضاء على فكرة حل الدولتين ويتضح مما فعله الرئيس الاميركي دونالد ترامب منذ توليه السلطة حتى اليوم بدعمه غير المحدود لدولة اسرائيل الصهيونية ان الولايات المتحدة لم تعد تفكر على الاطلاق في ادعاءاتها ومشاريعها السابقة المخادعة التي كانت تعلنها بين حين واخر حول ( احلال السلام بين الفلسطينيين واسرائيل ) وبدلا من ذلك يطرح اليوم ترامب مشروع ما يسمى (صفقة القرن ) وهي تسمية أطلقت على مشروع مقترح وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تهدف هذه الصفقة لتوطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء حق اللجوء وحق العودة الى ديارهم الاصلية في فلسطين وبالتالي انهاء فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة لصالح بقاء الهيمنة الاسرائيلية على كامل الارض الفلسطينية .
ان قادة اسرائيل العنصريين امثال نتنياهو ويهود اولمرت وغيرهما وورائهم الساسة الاميركان من مجموعة المسيحية الصهيونية يفكرون بمنطق الثأر التاريخي الديني ، بمعنى انهم يعتبرون ان الصراع مع العرب هو صراع ديني تاريخي يمتد الى ايام السبي البابلي والحروب الصليبية التي كانت حروبا دينية تستهدف اعادة احتلال فلسطين (الارض المقدسة ) للمسيحيين واليهود .
هكذا يختزل اليمين الصهيوني المسيحي الصراع بين اسرائيل والعرب ، من منظور قومي ديني عنصري واعطاءه هذه الصبغة الفاشية الرجعية بهدف التنكر بشكل مطلق لحقوق الشعب الفلسطيني حق العودة وحق اقامة دولة فلسطينية مستقلة وضمن هذا المنظور اطلاق يد الدولة الصهيونية في الشرق الاوسط وجعلها القوة الوحيدة الامرة الناهية في خدمة مشاريع الامبريالية الاميركية .
وفي التحليل الاخير فان دولة اسرائيل العنصرية من وجهة نظر تقدمية وانسانية تجسد مشروعاً استعمارياً عنصرياً في خدمة الإمبريالية وهناك تخادم مشترك في المصالح والاهداف ، لذلك فانه وفي ظل فشل مشروع الدولتين الذي قوضته اسرائيل والولايات المتحدة منذ ما بعد حرب 1967 حتى الان فان الحل المستقبلي وضمن سياق حركة ثورية اشتراكية منتصرة في المنطقة العربية والعالم فانه لابد من تفكيك الدولة الاسرائيلية القومية الدينية العنصرية واحلال دولة فلسطينية علمانية وغير قومية واشتراكية تضم العرب واليهود على قدم المساواة يظل هذا المشروع هو طرح المستقبل وعند توفر الظروف الموضوعية المؤاتية ، ورغم ذلك لا بد اليوم من تأكيد ضرورة الدعم غير المشروط للشعب الفلسطيني المكافح من اجل الحصول على حقوقه : الحق في تقرير المصير واقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على اراضي عام 1967 .من دون تدخل خارجي؛ والحق في عودة اللاجئين أو في التعويض بالنسبة لمن يرغبون في ذلك؛ الحقوق في المساواة الكاملة في المواطنة لفلسطينيي العام 1948 داخل اسرائيل .
ان مشاريع الرئيس الاميركي دونالد ترامب ودعمه غير المحدود للكيان الاسرائيلي ستؤول الى الفشل الذريع لانها تجسد موقفا امبرياليا عدائيا منحازا بالضد من ارادة الشعوب وحقها قي تقرير مصيرها وتحررها مهما طال الزمن ، ولن تنقذ الدولة الاسرائيلية العنصرية من مأزقها المزمن الحياتي والوجودي الذي تعيشه .