تونس بمناسبة مؤتمر قطاع الثانوي: معارك الغبار التي لا تنتج غير الغبار


بشير الحامدي
2019 / 4 / 4 - 16:57     

بمناسبة مؤتمر قطاع الثانوي: معارك الغبار التي لا تنتج غير الغبار

مؤتمر قطاع التعليم الثانوي الذي على الأبواب والذي تدور حرب الترشح لمكتبه التنفيذي بين مجموعاته النقابية التقليدية قوميين وطد بمختلف تسميانهم بوكت ونقابيين من اتجاهات أخرى متعددة ضعيفة التمثيلية مؤتمر سيدور في أجواء العادة التي عرفتها كل مؤتمرات القطاعات منذ عشريات وكذلك في نفس أجواء المؤتمر العام للاتحاد. لا جديد وكل ما هناك صراع محموم على التواجد في الهيكل التنفيذي وما أن ينهي المؤتمر أشغاله ويصعد من يصعد حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه وكأن شيئا لم يكن فتذوب الاختلافات ويختفي المعارضون ويصمت "المستقلون" وتندثر القائمات المنافسة ويبلع المعارضون ألسنتهم في انتظار موعد جديد للصراع على الكراسي.
الحالة هذه حولت مسألة تجديد الهياكل القطاعية ومسألة الديمقراطية والانتخابات وجوهر العمل النقابي القطاعي عموما في هذه المنظمة إلى مسائل شكلية يوظف فيها المنتسبون بوصفهم قطيع لا غير لتواصل ماكينات القطاعات اشتغالها على خطى الماكينة المركزية وبحسب توجهاتها وسياساتها وارتباطاتها.
قطاع التعليم الثانوي في الاتحاد العام التونسي للشغل قطاع لا يختلف في شيء عن غيره من القطاعات والاستثناءات التي نشهدها والخاصة ببعض مواقف مكتبه التنفيذي من حين إلى آخر حول ترتيبات الشأن النقابي القطاعي واختلافه مع المركزية البيروقراطية في ذلك مواقف لم تكن دائما إلا مواقف مؤقتة للمزايدة وللترتيب للمحافظة على الموقع ولا تؤكد إلا القاعدة وهي أن قطاع الثانوي هو أيضا قطاع واقع بين فكي بيروقراطيتين فاسدتين بيروقراطية المركز وبيروقراطية مكتبه التنفيذي وأنه قطاع شأنه شأن القطاعات الأخرى عجلة لخوض معارك الغبار التي تنتهي دائما بالإذعان للاتجاه العام لسياسة المكتب البيروقراطي المركزي.
لا أحد يمكن أن لا يؤكد من الآن أن قائمة لسعد اليعقوبي هي من ستحوز على أغلبية أصوات المؤتمرين وأن الأمر محسوم مسبقا والتوافق حولها من قبل المكتب المركزي حاصل وفي الكواليس ولا يمكن نكرانه. قائمة لسعد اليعقوبي هي قائمة المكتب المركزي ومهندسوها هم سامي الطاهري وبوعلى المباركي وسمير الشفي وهذا الأمر طبيعي ولا يمكن أن يكون محل استغراب فعبر هذا الثلاثي ومنذ مؤتمر الاتحاد الأخير كانت تسطر كل المواقف والترتيبات والسياسة النقابية ككل وتقدم للطبوبي فيقتنع بها ويلزم بها بقية أعضاء الماكينة.
بكل هذا يمكن القول أن مؤتمر قطاع التعليم الثانوي لا يمكن أن يأتي بجديد بما أن عملية التجديد هذه لا تختلف عن سابقاتها وبما ان الصراع على الموقع هو صراع لا يمكن أن يؤدي لتجذير العمل النقابي القطاعي وبعيد كل البعد عن مواجهة الإشكالات التي يوجهها الفعل النقابي داخل هذه المنظمة وعلى رأسها مسألة استقلالية القطاعات وهيمنة المكتب البيروقراطي المركزي وطرح مسألة سيادة منتسبي القطاع على قرارهم فيما يخص السياسة النقابية وطرح سبل تحقيقها تنظيميا وماليا.
...
في الحقيقة وفي كل مؤتمرات الاتحاد من النقابة الأساسية إلى المكتب المركزي لم يعرف الاتحاد وعبر كل تاريخه صراعا حول السياسة النقابية بل أن كل ما كان لم يتجاوز الصراع على المواقف لذلك لم نشهد ولو مرة واحدة مجموعة أو كتلة أو قوة نقابية ترشحت لمؤتمر ما من مؤتمرات الاتحاد ولم تفز بالموقع واصلت نشاطها النقابي من داخل الاتحاد ولكن كمجموعة أو ككتلة نقابية معارضة وحاولت من موقعها تشكيل معارضة من الداخل منظمة ومنسجمة فما أن ينهي أي مؤتمر أشغاله حتى تضمحل تلك القائمات ويذوب مكونوها وتندثر مواقفها ولا نعثر في المشهد النقابي على غير صوت الهيكل البيروقراطي والسياسة الرسمية لقيادته.
فأين القائمة التي عارضت قائمة نورالدين الطبوبي في مؤتمر الاتحاد الفارط؟؟؟
وأين القائمات التي عارضت قائمة الهواشي في مؤتمر التعليم الابتدائي الفارط؟؟؟
وأين القائمة المعارضة للقائمة التي حصلت على الأغلبية في الفرع الجهوي كذا في القطاع كذا في المؤتمر الفارط؟؟؟
وأين القائمة التي عارضت القائمة المنتخبة في المؤتمر الجهوي لاتحاد في الجهة كذا؟؟؟
هذا هو بالضبط ما نطلق عليه معارك الغبار التي لا تنتج غير الغبار ومؤتمر قطاع التعليم الثانوي ليس إلا خطوة أخرى لمزيد ترسيخ هذا التقليد البائس.
ــــــــ
بشير الحامدي
04 أفريل 2019