ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، مسارات واحتمالات


محمد شودان
2019 / 3 / 27 - 23:55     

ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، مسارات واحتمالات
لا أظنني بحاجة إلى تعريف الملف فهو أوضح من نار على علم، أساتذة فرض عليهم العمل في ظروف العبودية كأقل وصف، وهم يخوضون احتجاجات ضد دولة منقادة في قراراتها للمؤسسات الدائنة الدولية وللدولة العميقة التي تسير من الداخل وتضع الحكومة على الواجهة كما في المثل المضروب للخباز" وجهه للنار وظهره للعار".
دع التاريخ يتكلم؛ سنة 1965 في الثالث والعشرين من مارس، خرجت جحافل التلاميذ رافضة لقرار الحكومة القاضي بحرمان شريحة واسعة من أبناء الشعب من حقهم في التعليم، ولاقتها جحافل مسلحة بأعتى الأسلحة لتلطخ الشوارع بدم الأطفال، ويدخل النظام التاريخ كنظام سادي دكتاتوري يواجه شعبه بالقمع ويدخل الشعب من باب الإيباء، لأنه سيجسد لحظات تاريخية بطولية بعد ذلك التاريخ لعل آخرها انتفاضة الريف الأخيرة وجرادة والجنوب الشرقي.
في الحقيقة لا يهمني ــ الآن ــ التاريخ بأحداثه بقدر ما تهمني المؤشرات الموازية للأحداث، فلو تتبعنا أغلب الأحداث نجد أن الشعب غالبا ما يخرج ضد قرار حكومي لا شعبي أو من أجل بعض المكتسبات الاجتماعية البسيطة، لكن النظام لا يرى في أي حراك شعبي جوهر مطالبه، بل يرى "أن الأكتاف قد تساوت" وأن الرعاع قد تعلموا الحقوق المدنية ومن يدري فغدا أو بعده سيفتحون عيونهم على السياسة، ولعل مطالبهم ستصل إلى تغيير النظام، وبالتالي لا يجب المطالبة بالحقوق بل تسول بعض الفتات وتقبيل اليد من أجل الحديدة.
وحتى لا نطنب أكثر، فإن النظام يواجه أي حراك شعبي بخطوات تقليدية؛ لا يعيرها اهتماما في البداية، ثم يقابلها بسخرية ثانيا إن تردد الصوت عاليا، ويواجهها بالعنف في الأخير، العنف المفرط ما استطاع. لكنه قبل استعمال العنف المفرط يرسل إشارات تظهر ضعفه في احتواء الأزمة فيحاول محاصرة زعمائها واتهامهم اتهامات كما اتفق، فإن رأى أن العروة مفككة بين القيادة والقاعدة أغرق القادة في السجون، وإن رأى قوة اللحمة أقحم دباباته وأعطى الأوامر بالقتل.
بالنسبة لحراك أسرة التعليم، بعد محاولة النظام تقديم نماذج من العنف قبل 23 مارس في كل من طاطا وبوجدور وتطوان، وذلك لتخويف الأساتذة وتثبيط عزيمتهم، ولما لم ينجح في ذلك فقد واجههم بالقوة المادية في أكبر مسيرة بالعاصمة ليل نهار؛ بالهراوات والدراجات النارية وخراطيم المياه...
بعد هذا كله، وأمام تباث الأساتذة ــ على موقفهم ــ منقطع النظير والتفافهم حول إطارهم، لم يبق للوزارة إلا تذكيرهم ب"الفضل والمنة" وإخراجهم من دائرة البطالة، وأن مقابل نكران الجميل سيكون هو تعويضهم بأساتذة يتم تكوينهم بتقنية "الكوكوت مينوت" في ظرف خمسة عشر يوما، وأمام الأسئلة المتقاطرة على وزير التربية والتعليم المغربي من كل حدب وصوب انفلت لسانه بلهجة مخزنية متهما التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد بعرقلة المرفق العام لأن معاليه قد سحب منها الحق في الدعوة إلى الإضراب... وإنه لعادي جدا أن يصدر هذا من وزير في دولة تتكلف الحكومة بالدعوة إلى الإضراب والمسيرات كما حصل في المسيرة المنددة بموقف بانكيمون يوما وغيرها، فتجد حجافل من المواطنين غير عارفين حتى سبب تواجدهم.
ترى بعد هذا كله، هل سنرى موجة من الاعتقالات في صفوف قادة التنسيقية، أم سيعود المغرب إلى عهد الاختطافات والعذيب، لأن التفاف الأساتذة حول إطارهم لا تغذيه كاريزما شخصيات القيادة بقدر ما تغذيه روح الوطنية والغيرة على المدرسة العمومية والإيمان بالنضال كطريق واحد ووحيد لصيانة المكتسبات والحقوق؟؟؟.
محمد شودان