الدرس السادس عشر، للسترات الصفر، -إن النضال عالمي-!!


احمد عبد الستار
2019 / 3 / 5 - 02:53     

خرج اصحاب السترات الصفر على عادتهم التقليدية بالتظاهر كل يوم سبت، في باريس ومدن فرنسية عديدة اخرى، والدعوة لهذا الاسبوع كانت للتعبئة "الحاسمة" كما سموها ضد مشروع ماكرون الذي عرف " بالحوار الوطني" الذي ستكون نهايته منتصف شهر آذار آذار، وحسب رأيهم بأن المشروع "مهزلة" وأوجزت احدى المحتجات وتدعى صوفي تيسييه قائلة: " نواصل احتجاجات السبت لأن ماكرون ببساطة لا يستجيب لمطالبنا. نريد إعادة بناء ديمقراطيتنا وتغيير النظام السياسي الحالي. تمثيل هذا النظام لم يعد صالحا على الإطلاق".
وبالإضافة الى الدعوة لتعبئة القوى داخليا وخصوصا الاستعداد للأسابيع القادمة والتأكيد على الاعتماد على "العفوية"، أي استعراض القدرات الذاتية والاصرار على المقاومة، ودعوات اخرى الى " العصيان"، دعا منظموها دول المنطقة (بلجيكا وألمانيا وإنكلترا ولوكسمبورغ وهولندا وألمانيا) إلى التظاهر في المدن الكبرى. وتؤكد رسالة الدعوة على فيس بوك التي ترجمت إلى الإنكليزية والألمانية أن "النضال عالمي".
إن انتقال الدعوة هذه من محليتها الفرنسية الى الدول المجاورة، يعني الاحساس بالبؤس المشترك الذي يقع على كاهل العمال والجماهير الكادحة في هذه الدول، نتيجة الازمة الاقتصادية العميقة التي تعاني منها هذه البلدان، من نصيب حتمي من الازمة العالمية الكبرى. الاحساس هذا وإن جاء متأخرا يشبه الى حد ما، ادراك ماركس العبقري السابق عليهم بمدة غير قليلة، بضرورة أن يتحد العمال باتحاد عالمي لمواجهة الرأسمالية العالمية، التشابه واحد، ضرورة الاتحاد وعالميته، والاختلاف.. بين العفوية والعبقرية.
تعني دعوتهم العالمية هذه، بأن جماهير العمال وكل المسحوقين من سياسات رأس المال العالمي، تتعلم من تجاربها وحياتها اليومية وتتحول الى خبرات تغني نضالها لمواجهة اعدائها الطبقيين، تعلمت هذه الجماهير ولاشك بأن الرأسمالية ما بيدها شيء لتعطيه، إنها تأخذ فقط تأخذ كل شيء وخصوصا وقت الازمات حتى إنها تمضي لتنزع لحم الاخرين عن عظامهم، والازمة دورية تعود بثقلها بشكل اشبه بالعودة الموسمية مع اكتمال كل دورة لرأس المال، ومن الظاهر بأن هذه الازمة تلوح بأنها أبدية وهل يترتب على ذلك أن يظل الاخرون يعانون الى الابد ويدفعون تكاليف هذه الازمة من معيشتهم؟.
وتعني هذه الدعوة ايضا، بأن الشيوعية (شيوعية كارل ماركس)، لا زالت بعيدة بأحزابها العمالية، وغير حاضرة في ميدان النضال الطبقي، لأننا لم نرَ حتى الان ومنذ 16 اسبوع في فرنسا على الاقل، حزبا على الطريقة البلشفية العمالية، أخذ بيد العمال والمسحوقين، وقاد نضالهم وهو من المفترض أن يكون قائدا بالأمام وحاملا لراية " إعادة بناء ديمقراطيتنا وتغيير النظام السياسي" على حد قول المتظاهرة "صوفي تيسييه".
هذه الخطوات هي بالاتجاه الصحيح كما كل الخطوات السابقة، رغم كل ما يعترض طريقها، تدل وبشكل لا لبس فيه صحة نظرية ماركس حول الصراع الطبقي وكيفية إدارته، بضرورة وجود حزب عمالي وسط النضال العمالي وتنظيم هذا النضال حتى مرساه الاخير بالقضاء على الرأسمال وازاحته عن طريق البشرية، وتدل على ضرورة حاجة الجماهير لهذا المنقذ ضرورة نتلمسها كل يوم.