لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة لا بد من شحذ سلاح النظرية.


التيتي الحبيب
الحوار المتمدن - العدد: 6149 - 2019 / 2 / 18 - 18:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي     

من وحي الاحداث 298

لبناء الحزب المستقل للطبقة العاملة لا بد من شحذ سلاح النظرية.
لما تحولت مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة من مطمح استراتيجي لضرورته التاريخية الى مهمة مركزية تستقطب مجمل نشاط تنظيمنا في النهج الديمقراطي طفت على السطح اعتراضات محتشمة تارة او معلنة تارة أخرى.
ولان المجال المتاح ضيق فسأكتفي بالإشارة الى خلفيتين رئيسيتين قد تساعد على فهم لماذا ظهرت هذه الاعتراضات وسط بعض الماركسيين المفروض فيهم الانخراط في المهمة المركزية- مهمة بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة – ويمكن عرض الخلفيتين كما يلي:
1- في خوض النضال الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي ظهرت موجة الحركات الاجتماعية كشكل تنظيمي وكآلية لخوض النضال وحققت العديد من المكتسبات والانتصارات.استقطبت هذه الحركات الاجتماعية انتباه المفكرين والأساتذة الجامعيين والطلبة وظهر انتاج فكري غزير اصبح البعض ينظر لهذه الحركات ويستخرج بعض القواعد والمعايير لتوصيفها او لتحديدها.ومن هذه الخصائص التي يتم التأكيد عليها من اجل تفسير نجاحاتها هو كونها حركات عابرة افقيا لجميع الطبقات الاجتماعية وخاصة منها الطبقات التي تتعرض للاستغلال والتفقير او التهميش. والميزة الثانية هو كونها حركات غير مؤطرة سياسيا ولا نقابيا وبالتالي يصبح الحزب او النقابة غير ذي اهمية في مثل هذه الحركات الاجتماعية. بل ظهرت موجة شرسة وسط هذه الحركات تناصب العداء او على الاقل تبدي حساسية مفرطة من تواجد الاحزاب السياسية وسطها.
2- كان لانهيار بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وبلدان اوروبا الشرقية وانفراد الامبريالية بقيادة العالم وتشكلها كقطب وحيد تأثيرا كبيرا على الحركة الشيوعية العالمية. لقد اندحرت كل الاحزاب الشيوعية التي اعتقدت بإمكانية او استراتيجية اصلاح الرأسمالية وتحولت الى احزاب مندمجة في اللعبة الانتخابية وفقدت روحها الثورية. اثر ذلك بدوره على العديد من الماركسيين او المهتمين بالفكر الماركسي فحلت مرحلة الجزر وما يستتبعها من اليأس والإحباط ليترجم في موجة التخلي عن الفكر الماركسي وبطرق مختلفة منها الصريح ومنها ما هو تحت عنوان عريض وهو المراجعة وضرورة النقد الصريح بما فيه للمبادئ الاساسية للاشتراكية العلمية كما وضعها ماركس وانجلس. ضمن هذه المراجعات شاعت الفكرة بان عهد العولمة ليس هو عهد الرأسمالية كما عاشها وحللها القادة المؤسسون.ان الطبقة العاملة لم تعد موجودة كما كانت في ذلك العهد ولذلك وجب اعادة النظر في طبيعة الصراع الطبقي نفسه ومن هي القوى المحددة فيه وابتكار الادوات التنظيمية له.
انهما الخلفيتين الرئيسيتين اللتان تشكلان اساس الاعتراض على بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة.لكن تستدعي المتابعة الموضوعية القول ان الحالة الاولى رغم النجاحات النسبية للحركات الاجتماعية والحراكات الشعبية، لكنها لن تستطيع الانتقال الى معالجة عميقة لقضية الاستغلال والنهب الطبقيين والاستبداد ما لم يكن هناك الحزب الذي يحشدها ويشبكها ويجعل منها قوة للتغيير الاجتماعي والسياسي؛ اما الحالة الثانية فهي تعكس محاولة نكران طبيعة النظام الرأسمالي القائم على استغلال قوة العمل بتحويلها الى سلعة وانتزاع فائض القيمة رغم التغيرات المظهرية لذلك وبروز مجالات جديدة للصراع الطبقي.لذلك تبقى الطبقة العاملة هي حاملة المشروع المجتمعي الجديد وعليها تقع مهمة تحرير المجتمع بتحقيقها لتحررها هي بالذات وهو الامر الذي لن يتقدم ما لم تبني حزبها السياسي المستقل.