لاسلام يتهاوى ... بتهاوي الاسلام السياسي


قاسم محمد حنون
الحوار المتمدن - العدد: 6147 - 2019 / 2 / 16 - 01:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

انا ادرك ان اغلب برنامج الثورين وبفترات تاريخية تقر بان الدين شخصي ومسألة خاصة وكل انسان هو حر بان يكون له دين او لايكون له اي دين.... وليس مهمة الشيوعيين الآلحاد بل تقتضي مواجهته كأداة بيد البرجوازيين واستخدامه كوسيلة لتحميق العمال والشغيلة وتنهيدة وسلوى وافيون وانه نبع بالتاريخ لأسباب شتى منها جهل الانسان البدائي بجسده وعالمه المادي وايضا الخوف والطبيعة والحاجة الى قوى معنوية تعوضه عن تلك المواجهة وتضخم وتعملق بالتاريخ وخاصة عند نشوء الدول واتخاذ الاديان كسند لها ليوهموا الفقراء ان كل شيء من السماء الرزق والحوادث والامراض والصواعق والاخلاق والعالم المادي كله مخلوق في ليلة او واحدة او اكثر من ليلة هبط وبني بشكل كامل . وليس نشوء وتناقضات ومتضادات وتحول كمي ونوعي ونفي للنفي وصيرورة. وان الملوك والأباطرة هم مسددين من الله وموكلين منه. كما يحدث الان وفي عالمنا المعاصر العلمي لقادة دول كبيرة ومهمه وخطيرة ...وهي تصنع السلاح وتطبع الكتب ولها ملاييين المواليين مثل المملكات العربية وخادمي الحرم وولاية الفقيه نيابة عن الله بعد سلسلة تاريخية من المقدسيين والانبياء والمعصوميين.
بعد شعار لاغربية ولاشرقية بل دولة اسلامية .وصعود الاسلام السياسي وبعض من حركاته بالمنطقة واخذ زمام الامور الاجتماعية من خلال الدولة وايضا من خلال التدخل الطائفي الاسلامي كما في العراق والمنطقة. وتهاوي الحركات القومية العروبية وعودتها بشكل رد فعل كبديل مؤانؤاتي خارجي امبريالي. خرجت اجيال حانقه واستلهمت من هامش الفوضى هذا التاريخ الاحادي الارثوذكسي والثيوقراطي للحركات الدينية ذات الايدلوجية الاسلامية المتغيرة بالتاريخ السياسي. لقد لفظت الجماهير بالمنطقة العربية تلك الحركات وايدلوجيتها وقوانينها ونمطها بالحياة. فمزقت النساء الحجاب وقددن السيارة وسافرن ورقصن وكتبن واكتشفن فنونهن. وايضا الشباب تبنى الفكر المعاصر وارتدى الزي المعاصر والموسيقى المعاصرة. لقد بات واصبح الناس يتبرؤن عن دينهم وذلك من خلال الجرائم المرتكبة . تلك الجرائم والقوانين المفروضة وبقوة الشريعة الاسلامية ومنفذيها من الاسلاميين: جعلت تلك الاجيال تقرء التاريخ ليس بطريقة ايمانية دوغمائية وعقائدية عاطفية وحسية. بل بانتباه وحذر واكتشفت انه وبالتاريخ والحركة ارتكب النص الذي هو حدث بالتاريخ الزمكاني اخطر وابشع التشريعات والتطبيقات وفرضها كانها عقل مطلق ماورائي يصدرها. ادرك الشباب العربي من خلال الحفر والانثربولوجيا كحركة بالتاريخ ايضا ماراتكبته تلك الحركات من جرائم وتهجير وكراهية وعدائية لقيم الجمال والفنون والحريات والتنوع والتعدد للالهه والافكار والاديان. ومن هذا المنطلق والصدمات والوعي العلمي. اتخذ مسارا اخر وفوضى بالافكار بعيدا عنه واقحم نفسه بالحقيقة المتغيرة وحب الاخر بسبب تغيره واصبح متغيرا واخر ايضا. وتفاعل مع العالم محدث ورؤيا عالمية بعيدا عن السكونية بالرؤيا والنص والحديث والخبر. غادر الشباب السحر والاساطير والخرافه. وبات يطارد العلم ويشعر انه متاخر جدا. حتى اصيب بالياس ونقد العروبة والدين. ومارس الهجرة من اجل الحياة التي حققها الانسان كحضارة. وغادر جغرافية الاسلام والمسلميين والشعارات المزيفة التي اطلقها ابطالها بالتاريخ ومزق المقدس والبطل المقدس واكتشف الخدعة الكبيرة التي وضعته في اسفل الحضارات ومنبوذ امام ذاته ووعيه. تمرد فكريا وسريا وعلنيا وعبر عن ذلك بالالحاد والموسيقى والعلمانية واليسار. مارس مختلف الفنون رغم بقايا فتاوى وقتلة تساقطوا ولكن بسقوطهم اصابو الحداثة ووجهوا نيران جهلهم على الشباب المتمدن والمفكريين والاحرار والناشطين والادباء. واختتم تلك الجرائم باغتيال المشذوب كما اغتيل العلماء بالماضي واغتيلت افكارهم وحرقت كتبهم وبمقدمتهم غاليلو ابن رشد وامتلات بحار وانهار الطبيعة بدماء وفكر هؤلاء خالقي النهضة البشرية بمختلف الفنون والاختراعات والفلسفات. هانحن نستلهم ونستذكر وننطلق من هذا الماضي العلمي لنكمل مسيرتنا العلمية نقف ضد الفاشية وقتلة الحياة والعلم والنساء. انها نهضة شجاعة واعية ولها اساس علمي ولم يكن رمزا ما ليتم اغتياله كما فرج فوده او تكفيره كما صاحب الايات الشيطانية او تكفير الشيوعية وحرق الكتب. لان الجماهير هي الرمز الان وتتبنى كل ماهو جديد بصيرورته وموضوعيته المتدرجة بالتاريخ. تحررت النساء من هذا السحر الاسود والبقية الباقية تنتظر الفرصة للتعبير والتنفيذ عن هذا التحرر كليا. بات انصار تحرر المراة كثر وتحول اليمينيون الى حداثويين ويساريين وعلمانيين. وبات الشيخ يقاتل من اجل زواج ابنته التي تريد الزواج بمن تحب وينقلها الى كليتها المختلطة. انهن يقودن السيارات ويخرجن للعمل بمساعدة اهلهن بالقى وباسوار الفقر الاقتصادي والتعليمي الى حد ما. لكن بالاطار العام هناك تحرر هائل. وهنالك طليعه تعبر عن ذلك التحرر بارادة وعفوية ايضا وهنالك علاقة جدلية بين التلقائية والارادة. ان التغييرات الفوقية بالاخلاق والقوانين والفلسفة تغيرت بشكل هائل رغم ان السلطات هي من النمط القديم وتريد ممارسة التخريف والتخويف لكناه وجدت مقاومة بالقلم والحضور والنشاطات مخالفة لما يتوقعون. لم تعد هنالك طاعة وقدسية وان لم تكن معي فلابديل لك: بل هنالك حوار وقناعات قربت بين الماضي والجديد وبرزت قوى الرفض بشكل سريع وكانها تحول ثوري اجتماعي فوقي. ان هذا التحول السريع الذي علق باذهان الجماهير كمعتقدات وعقيدة ووهم بات يتلاشى باذهان الجيل الجديد الذي هو مصدر تلك القوى الرافضة ونظريتها التقدمية. لقد اثبت التاريخ ان الحياة تتغير ليس بالادوات فقط. بل الافكار والاديان وكل ماعلق برؤس واحافير ومشاعر الناس. ان نسبة الالحاد والعبثية والمدنية باوساط الشباب هي بمثابة ثورة اجتماعية هزت اركان الكهنة واقلقت البرجوازية المدنية ايضا. اذ لاسلطة على اذهان الجماهير الشبابية وبدا كل شيء يتهاوى وياتي البديل. بديل الحب والاخاء والحوار والتنظيم على اساس التغير ومشتركات كبيرة لم تبقي مكانة للقوى القديمة ونظرتها السحرية والخرافية للحياة بمختلف المجالات الاجتماعية والعلمية. ان العلم باوساط الشباب قد سحق الميتافيزياء والوسطية وانتصر بشكل هائل حتى حصلت الثورات العربيةبقوة العمل المعرفي من العاطليين والعمال المتنوريين الذين كما يقول انجلز( برفضون الفكرة المطلقة لاثرها السلبي على الانسان: عندما يوجد الانسان صاحب الحقيقة المطلقة والاخيرة والنهائية والنهج الدقيق الوحيد, فمن الطبيعي ان يشعر باحتقار تجاه باقي البشرية الظالة والغريبة عن العلم) لذلك عندما خطف الاسلام السياسي تلك الثورات في منطقتنا بمصر والعراق وليبيا وتونس وسوريا مارس اشد انواع القمع على الحريات ما ان تموقع بالسلطة والتشريعات والبرلمانات رغم ثورة الجياع على الديكتاتوريات القديمة.ان الدين وعلى يد الاسلام السياسي ك ان يكون زفرة المظطهد وتحول الى ادة سياسية بيد الامبريالية لارهاب الشعوب والسطو على مشاعر وضمائر الجماهير. عندما كانت مقولة ماركس الدين افيون الشعب هي السبب كما روج لها البرجوازيين اعداء الطبقة العاملة والفقراء اى تقويض الفكر الماركسي واضعافه بالمنطقة العربية وتاركين حينها بعدها النظري بالتاريخ والاجتماع. بات اليوم يردده الشباب علنا ويحفظه عن قلب دون ان يعرف حتى من قالها. وادرك انه مخدر وان الانسان يثمل به كما يثمل بالخمرويلهيه ويحذره من دوره بالنظال ضد اضطهاده واستغلاله.: الانسان هو عالم الانسان, الدولة. المجتمع, وهذه الدولة وهذا المجتمع ينتجان الدين. الوعي المقلوب للعالم؛ لانهما بالذات عالم مقلوب. الدين هوالنظرية العامة لهذا العالم, منطقه في صيغته الشعبية, موضع اعتزازه الروحي,حماسته عزاؤه وتبريره الشاملان. انه التحقيق الوهمي للكائن الانساني, ويستمر ماركس حيث يقول اذن الصراع ضد الدين هو بصورة غير مباشرة صراع ضد ذاك العالم الذي يؤلف الدين نكهته الروحية. ان التعاسة الدينية هي في شطر منها تعبير عن التعاسة الواقعية, وهي من جهة اخرى احتجاج على التعاسة الواقعية. الدين زفرة المخلوق المظطهد, روح عالم لاقلب له , كما انه روح الظروف الاجتماعية التي طرد منها الروح.... انه افيون الشعب.